تطوير السياحة.. لنتعلم من تجارب الآخرين
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
مرفت بنت عبدالعزيز العريمية
دعت رابطة السفر التركية قبل أيام إلى تخفيض الأسعار للسماح لمزيد من المُواطنين بالسفر والتمتع بالسياحة المحلية، وذلك لأن ارتفاع أسعار التذاكر والفنادق لا يحد من سفر المواطنين الأتراك الذين يجدون بدائل أفضل بالسفر إلى الدول مجاورة فقط؛ بل إن قطاع السياحة برمته مُهددٌ، وقد يخسر الكثير من الموظفين والعمال وظائفهم بسبب تدني نسبة الإشغال بالفنادق إلى ما يقارب 60%، كما طالبت الرابطة بوضع ضوابط للأسعار حتى لا يتسبب الارتفاع في مشكلات اقتصادية في ظل الأزمات الاقتصادية الراهنة.
فاجأني هذا الخبر، لا سيما وأن تركيا من الدول السياحية التي استطاعت أن تجذب السيّاح طوال العام، ولم تعتمد على السياحة الموسمية قط، ونشّطت قطاع السياحة بكافة أفرعه وقدّمت أسعارًا منافسة عبر خطوطها الجوية وعروض فنادقها وتسهيلات أخرى كثيرة، حتى باتت من الوجهات السياحية النشطة طوال العام. ومع ذلك لم تغفل أهمية جذب المُواطنين للسياحة الداخلية عبر مؤسساتها المختلفة لأنهم يشكلون سوقًا مُهمًا.
تركيا ليست الوحيدة في هذا الشأن؛ فالكثير من الدول تحذو نفس المنحى لدعم السياحة الداخلية، من خلال تقديم أسعار خاصة للمواطنين الأفراد والمؤسسات، عبر الترويج لسياحة العطل المدرسية وإجازات نهاية الأسبوع وللأنشطة الاجتماعية للمؤسسات وإقامة الفعاليات في المواقع السياحية والفنادق والنزل الفندقية.
منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي، بدأت ماليزيا تخطو خطوات واسعة في تطوير قطاع السياحة والطيران والفضاء وقد حققت خلال ستة أعوام دخلًا يقارب ملياري دولار أمريكي، وأصبحت قادرة على تصنيع وإنتاج مكونات الطائرات ونظمها الإلكترونية. إلى جانب تفعيل جملة من البرامج المشتركة مع قطاعات الدولة المختلفة العامة منها والخاصة في تنظيم تظاهرات ومعارض خاصة بتنمية قطاع الطيران والسياحة، وقدمت لها الدعم التسويقي والتدريبي وتخفيضًا خاصًا في الضرائب حتى تشارك في برامج السياحة الطوعية. وتنظم ماليزيا سنويًا معرضًا للسفر والسياحة تروج من خلاله حزم سياحية للمواطنين بأسعار خاصة تصل إلى النصف أحيانًا، كما تمنح المواطنين والطلبة أسعارًا مخفضة لحجز الفنادق والرحلات الجوية والنقل إضافة إلى برامج كثيرة لجذب السياح الدوليين.
أما الهند، فقد قامت بفتح شركات طيران جديدة مما ساعد على إنعاش السفر والسياحة محليا. وفي الصين، عكفت الحكومة على دمج الشركات الصغيرة مع أخرى كبيرة لإنعاش القطاع. ومؤخرًا أعلنت بعض دول الخليج عن فتح شركات طيران تقدم خدمات جديدة وبأسعار منافسة كما فعلت السعودية، كل ذلك يصب في صالح تنشيط الاقتصاد ونموه نظرًا لما يحققه هذا القطاع من عوائد مادية وسياحية وثقافية كثيرة.
وأطلقت بعض شركات الطيران برامج سياحية للرحلات القصيرة والعائلية لدعم الحركة السياحية في البلاد من خلال تنظيم رحلات للسياحة الداخلية بالتنسيق مع مكاتب السفر والسياحة محليًا ودوليًا لجذب أكبر عدد من السياح.
وتؤدي شركات الطيران دورًا مُهمًا في تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية في أي دولة؛ لذلك تولي الدول اهتمامًا خاصًا بتطوير قطاع الطيران المدني؛ حيث يُعد من القطاعات المهمة والواعدة والإستراتيجية لبناء اقتصاد ما بعد النفط وتنويع مصادر الدخل وتعزيز الناتج المحلي؛ لذلك نرى اهتمامًا واسعًا حول العالم بتطوير قطاع الطيران والمطارات والقيام بأعمال التوسعة للمطارات الدولية وإنشاء مطارات وتخصيص المزيد من الاستثمارات لدعم هذا المجال.
وتطوير قطاع الطيران يعني تدفق المسافرين وتنشيط الحركة الاقتصادية وتوفير فرص عمل للمواطنين في التخصصات المختلفة.
وعلى الرغم من التشاؤم الذي أطلقه البعض بسبب ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري، فإن نمو هذا القطاع مستمر؛ بل حتى إن الكثير من الشركات حققت تعافيًا هذا العام من الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا والإغلاقات، منها شركات خليجية فيما عدا الطيران العماني الذي لم يتعافَ، وقد عزا المختصون ذلك إلى غياب استراتيجيات المنافسة مع الشركات الطيران الأخرى، وعدم وجود خطط واضحة للشركة لرفد الاقتصاد المحلي.
ويعد قطاع الطيران المدني من القطاعات التي شهدت التعمين مبكرًا، فمنذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي، انخرط الكثير من الشباب العماني في قطاع الطيران بتخصصاته المختلفة، البعض كان يعمل بالخليج واكتسب خبرات واسعة، ثم عاد إلى الوطن وشارك في عملية البناء والتطوير.
نحن نملك من الكوادر الفنية والإدارية والهندسية وطواقم الطائرات من يمكنهم النهوض بهذا القطاع، لكن ما ينقصنا فقط خطط للاستفادة من إمكانيات الكوادر الخبيرة والسابقة لتأهيل الأجيال الحالية، فلا ننسى أن برامج تأهيل وتدريب موظفي هذا القطاع من البرامج المكلفة التي كلفت الدولة الملايين وقبل أن نستعين بخبرات أجنبية بعقود علينا أن نبحث بين ملفات قطاع الطيران المدني وشركاته عن الكوادر الوطنية القادرة على العطاء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مليون ريال مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي
سجل قطاع السياحة ممثلا في أنشطة الإقامة والخدمات الغذائية مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 503 ملايين ريال عماني خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024، وانخفض نمو القطاع بنسبة 6.6 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من عام 2023، كما تراجع عدد زوار سلطنة عمان خلال العام الماضي إلى 3.9 مليون زائر منخفضًا نحو 100 ألف زائر وبنسبة 2.4 بالمائة مقارنة مع عام 2023 وفق الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، وعلى الرغم من تعافي قطاع السياحة بشكل جيد وتدريجي من التبعات الحادة لتفشي الجائحة التي أثرت كثيرا على القطاع لسنوات عديدة، ما زالت مؤشرات نمو القطاع تظهر تحديات تؤثر على نمو السياحة في سلطنة عمان ومساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ودوره في توفير فرص العمل، على الرغم من التنافسية العالية في مقومات الطبيعة والفنادق والمنشآت والتطور الكبير في جهود الترويج. وتشير تقارير الأداء المالي والتشغيلي لشركات الضيافة والفنادق في سلطنة عمان إلى أن التقدم ملحوظ في تطوير البنية الأساسية لقطاع السياحة وجهود التسويق الدولية لسلطنة عمان، لكن تحديات عديدة تحد من قدرة القطاع على استمرار النمو، وعلى النطاق العالمي يعد أهم التحديات التي تواجه القطاع هي ارتفاع التضخم خلال السنوات الماضية والذي أدى للتأثير على مستويات المعيشة في غالبية الدول وزيادة أسعار السفر الدولي، فيما يعد أبرز التحديات المحلية هو ضعف حركة السياحة الداخلية واعتماد النشاط السياحي على مواسم الذروة خلال فصل الشتاء وينعكس ذلك في انخفاض متوسط معدلات الإشغال الفندقي التي تبلغ نحو 50 بالمائة فقط من الغرف الفندقية المتاحة في فئة الفنادق من 3-5 نجمات خلال عام 2024.
وفي تقريرها السنوي حول أدائها التشغيلي وتطورات قطاع السياحة خلال عام 2024، أشارت شركة أوبار للفنادق والمنتجعات إلى أن قطاع السياحة في سلطنة عمان يعد ركيزة مهمة لاستراتيجية التنويع الاقتصادي للبلاد من خلال تنفيذ "رؤية عمان 2040"، وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في تطوير البنية الأساسية وجهود التسويق الدولية، إلا أن قطاع السياحة يواجه تحديات في تحقيق نمو ثابت، ومع الانتعاش التدريجي في عدد السياح الوافدين لسلطنة عمان منذ الجائحة ظل نمو عدد السياح الوافدين أبطأ مما هو عليه في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وبينما يتزايد عدد الغرف الفندقية في مسقط وغيرها من المناطق، وتتمتع صناعة الفنادق في عمان بقدرة تنافسية عالية، لكن نمو السياحة الداخلية بطيء للغاية، وتبقى السياحة في سلطنة عمان موسمية إلى حد كبير، حيث تتركز فترات الذروة في أشهر الشتاء من شهر أكتوبر إلى مارس، وأوضحت الشركة أنه كما هو الحال في السنوات السابقة، كان عام 2024 أيضًا تحديًا كبيرًا بالنسبة لصناعة الضيافة والسفر، واستمر ارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء العالم، وزيادة أسعار تذاكر الطيران، وعلى الرغم من التحديات العديدة، فقد أظهرت الشركة تحسنا في الإيرادات على مدى السنوات الثلاث الماضية، وسجلت الشركة متوسط نمو بنحو 11 بالمائة على أساس سنوي بين عامي 2020 و2023، وكان تحسن الإيرادات أفضل أيضا خلال الربع الأخير من 2024 لكنه لا يغطي خسارة الإيرادات المتكبدة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، وقد تم بذل كل الجهود للحفاظ على استقرار الشركة وضمان استمرارية عملها. ومن الناحية الإيجابية، أدى تجديد المنشآت إلى تحسن ملحوظ في نقاط الجودة والتقييمات عبر الإنترنت والإيرادات في الربع الأخير من 2024 مما يضع أساسًا قويًا للثقة في تحقيق النمو في المستقبل، وحققت المجموعة مبيعات بقيمة 2.5 مليون ﷼ عماني، وهو أقل بنسبة 7 بالمائة من مبيعات عام 2023 وبلغت نسبة الإشغال الإجمالية 51 بالمائة مستقرة عند نفس مستويات عام 2023. ويأتي 48 بالمائة من إجمالي الإيرادات من قطاع الغرف، و22 بالمائة من قطاع الطعام، و20 بالمائة من قطاع المشروبات، و10 بالمائة من القطاعات الأخرى. وفي نظرتها المستقبلية، أشارت إلى أنه يمكن لصناعة السياحة في عُمان أن تقدم إمكانيات نمو طويلة الأمد نظرًا لتنوع المعالم والمقومات السياحية، والاستثمارات الحكومية واسعة النطاق في قطاع السياحة، وجهود ترويج الإمكانيات السياحية المتاحة داخل البلاد، كما من المتوقع أن تشهد عُمان نموًا اقتصاديًا في مختلف قطاعاتها وأن ستستمر في أن تكون وجهة مرغوبة بين المسافرين.
وقالت شركة فنادق الخليج: إنها سجلت إجمالي إيرادات 7.6 مليون ﷼ عماني في السنة المالية 2024، وشهد الفندق زيادة بنسبة 2.28 بالمائة في الإيرادات الإجمالية وبنسبة 30.54 بالمائة في صافي الربح بعد الضريبة مقارنة بالعام الماضي، ويرجع ذلك أساسًا إلى تحسين التحكم في المصروفات التشغيلية، وانخفاض الاستهلاك، وتكاليف التمويل، وأشارت إلى أن أسعار الغرف في فنادق محافظة مسقط تقع تحت ضغط بسبب المنافسة السوقية من الفنادق الجديدة التي تم افتتاحها مؤخرًا، كما أن منافسة منافذ الطعام والشراب في الفندق تتزايد بسبب افتتاح العديد من المطاعم ذات العلامات التجارية الجديدة في مسقط، وأوضحت الشركة العالمية للفنادق أنها حققت إيرادات بلغت 7.862 مليون ﷼ عماني في عام 2024 بارتفاع بنسبة 4 بالمائة مقارنة مع عام 2023، وبالرغم من زيادة المنافسة من قبل فنادق جديدة تمكنت من الاحتفاظ بحصتها السوقية، وتظهر الحجوزات المؤكدة للفترة القادمة نتائج إيجابية خاصة في بداية العام، بالرغم من أن وتيرة الأعمال لم تستعد عافيتها بالكامل لسابق عهدها ما قبل جائحة كورونا، وتركز الشركة على تطوير الخدمات الخاصة بالأطعمة والمشروبات لتواكب التطورات في الأسواق الإقليمية والعالمية، والتوسع في التسويق في أسواق كانت تعتبر ثانوية سابقًا، مع تبني نهج جديد خلال 2025 حيث سيتم التعاون مع شركاء تسويق عالميين ومكاتب ترويج رائدة في الأسواق الرئيسية وتعزيز الترويج في الأسواق الإقليمية، وبالتعاون مع وزارة التراث والسياحة سيتم التركيز على التسويق في الأسواق العالمية وذلك من خلال المشاركة مع الوزارة في المعارض المختلفة والعمل مع وكالات التسويق والترويج العالمية، وقالت شركة ظفار للسياحة: إنها تواصل هيكلة أعمالها وتنفيذ مبادرة إستراتيجية لتحويل الشركة إلى كيان مربح بعد مواجهة صعوبات مالية كبيرة منذ عام 2018 وحتى عام 2022، وتتعاون الشركة بشكل وثيق مع وزارة التراث والسياحة للارتقاء بقطاع السياحة في عُمان خاصة في ظفار، كما تعمل الشركة مع بلدية مرباط ومحافظة ظفار لضمان أن تتمتع مرباط بنشاط سياحي مرموق خلال المواسم السياحية الثلاثة الشتاء والخريف والصرب. مشيرة إلى أن موسمي الخريف والصرب كانا نشطين في عام 2024 وزادت نسب الإشغال خلال هذه الفترة إلى نسبة 73 بالمائة مقارنة مع 40 بالمائة في عام 2023، بينما بلغ متوسط إجمالي الإشغال خلال عام 2024 نسبة 44 بالمائة مقارنة مع 30 بالمائة في عام 2023 .