هل تزعزع الانتخابات القادمة الثقة في الديمقراطية الأمريكية؟
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
مع تبقي أقل من أسبوعين عن موعد الانتخابات الرئاسية فـي الولايات المتحدة تشير استطلاعات الرأي العام إلى تقلُّص الفجوة بين هاريس وترامب خصوصا فـي الولايات المتأرجحة والتي ستُحسم فـيها نتيجة الانتخابات. ويدور تنافس شرس مع سعي الحملتين الانتخابيتين للجمهوريين والديمقراطيين إلى رفع معدل مشاركة من يحق لهم الانتخاب فـي التصويت.
العديد من الأمريكيين متشائمون من قدرة الديمقراطية على تحقيق نتيجة انتخابية موثوقة. فثلاثة أرباع الناخبين الجمهوريين ما زالوا يعتقدون بأن انتخابات 2020 سرقت من دونالد ترامب. وفـي نظر العديدين من هؤلاء ربما أثبت تنصيب بايدن ضعفا وليس قوة ديمقراطية الولايات المتحدة. ساهمت هذه الأجواء فـي توقع واسع النطاق بنشوب نزاع فـي نتائج الانتخابات القادمة وفـي الاستعداد لاحتمال تأجيل إعلانها. ففـي ظل التضليل السياسي والاستقطاب الحاد حول أمريكا يمكن أن يقود الفوز بفارق ضئيل إلى المزيد من التحديات القانونية وبل حتى إلى عنف سياسي. لقد تم تصنيف السادس من يناير «حدثا وطنيا» يتطلب ترتيبات أمنية خاصة. إنه اليوم الذي يصادف ذكرى الاعتداء على مبنى الكابيتول (البرلمان) الأمريكي ويصادق فـيه الكونجرس على نتائج المجمع الانتخابي. قضية مدى سرعة وموثوقية المصادقة على الأصوات الانتخابية أصبحت ميدانا للسجال. فـي الانتخابات النصفـية عام 2022 صوَّت مسؤولو 22 مقاطعة فـي ولايات مفتاحية لتأجيل المصادقة على الأصوات الانتخابية. ولاحظ الديمقراطيون فـي قلق أن حوالي 70 من أنصار ترامب الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة ضد ترامب فـي الانتخابات السابقة تم تعيينهم هذا العام فـي مواقع تمكنهم من مراجعة نتائج التصويت فـي الولايات المتأرجحة. وأولئك الذين يخشون من احتمال إبطال الفوز بهامش ضئيل سينتظرون لكي يروا إذا كان فـي مقدور الجمهوريين المحافظة على أغلبيتهم فـي مجلس النواب أو تعزيزها نظرا إلى أن المجلس المنتخب حديثا سيقرر من الذي سيتولى رئاسة الجلسة المشتركة للكونجرس عندما تنعقد للمصادقة على نتيجة الانتخابات الرئاسية. فسيطرة الجمهوريين على مجلس النواب يمكنها أن تمنح الرئيس السابق (ترامب) المزيد من القدرة على التأثير على هذا التصويت. لكن يجب أن يكون هنالك مجال للتفاؤل. فالديمقراطية فـي أمريكا ظلت مرنة على نحو لافت. فـي عام 2016 قبل الديمقراطيون بنتيجة الانتخابات وفوز دونالد ترامب على الرغم من انتشار الإشاعات بتدخل روسيا فـي العملية الانتخابية. بعد أربعة أعوام لاحقا كان الاستقطاب أشد إلى حد بعيد فـي الولايات المتحدة وتراجعت الثقة فـي المؤسسات. وعكست ذلك التحدياتُ التي واجهت نتيجة الانتخابات. فحملة ترامب تقدمت بأكثر من 60 شكوى قضائية فـي تسع ولايات تطعن فـي الإجراءات الانتخابية وفـي المصادقة على أصوات الناخبين. فـي كل قضية من هذه القضايا أكدت المحكمة صحة النتائج وبعد تمرد 6 يناير فـي مبنى الكابيتول اجتمع الكونجرس وفـي نفس اليوم صادق على النتائج الانتخابية. وإذا تحققت المخاوف من نشوب نزاع آخر حول نتائج الانتخابات القادمة ستكون تلك هي المرة الثالثة فـي التاريخ الحديث التي تصارع فـيها الولايات المتحدة للمصادقة على نتيجة انتخابية. ففـي عام 2000 تدخلت المحكمة العليا لاتخاذ قرار حول إعادة فرز الأصوات فـي ولاية فلوريدا وفعليا منحت الفوز لجورج دبليو بوش. تلك واقعة يساهم تذكرها إلى جانب أعمال الشغب فـي مبنى الكابيتول يوم 6 يناير فـي القلق الذي ينتاب أمريكا قبل يوم التصويت. شركاء الولايات المتحدة ومنافسوها ربما غير مستعدين للتعامل مع انتخابات مُتنازَع حول نتائجها. فإذا ادعى ترامب أو هاريس أو كلاهما الفوز قبل أن يتضح على نحو قاطع سيلزم قادة العالم أن يقرروا كيف يتصرفون. قد يُملِي البروتوكول الدبلوماسي على القادة الانتظار حتى تؤكد الولايات المتحدة نتيجة الانتخابات عبر القنوات الرسمية. لكن هنالك مخاوف من عدم التزام كل أحد بهذه القواعد. يخشى البعض فـي أوروبا على سبيل المثال من أن يميل رئيس وزراء المجر فـيكتور أوربن إلى القبول بإعلان فوز ترامب قبل تأكيده تماما. وبالنظر إلى أن المجر تتولى حاليا الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي يمكن أن يشيع هذا القبول بلبلة خارجيا. كما يمكن أيضا أن يوجد صراعا داخل الاتحاد الأوروبي ويفرض مقايضة بين اتحاد أوروبي منقسم أو اعتراف استباقي وجماعي بترامب رئيسا للولايات المتحدة. ربما يشعر القادة ليس فـي أوروبا فقط ولكن فـي أمريكا اللاتينية أيضا أنهم يواجهون خيارا صعبا بالنظر إلى أن تأجيل الاعتراف بالفائز قد يقود إلى انتكاسة فـي العلاقات مع رئيسٍ (أمريكي) يُثمِّن الولاء ويعاقب على التردُّد وعدم الوضوح فـي الموقف إزاءه. تأخير قرار تحديد المرشح الفائز يمكن أيضا أن يوجد مجالا للانتهازية السياسية بل حتى العسكرية من جانب خصوم الولايات المتحدة فـي فترة خطيرة وغير واضحة فـي الشؤون الدولية. صدقية التزام الولايات المتحدة بسياسة «الردع المزدوج» ضد إسرائيل وإيران أو الصين وتايوان أصبحت أمرا مشكوكا فـيه. وتأجيل انتقال سلطة الرئاسة يمكن أن يضعف أكثر صدقية الردع الأمريكي (ثَنْيِ الخصوم عن القيام بأعمال عدائية من وجهة نظر الولايات المتحدة- المترجم) وذلك إلى أن يتم تأكيد الرئيس القادم. قدرة أمريكا على إجراء انتخابات حرة ونزيهة مهمة للسلم والأمن الدوليين، كما أنها رمزيّا مهمة أيضا للثقة فـي قيادة الولايات المتحدة وللمستقبل العالمي للديمقراطية. الانتخابات هي المؤشر الأكثر وضوحا لعافـية الديمقراطية. هذا هو خيار أمريكا ولكنه أيضا فرصتها لكي تُظهر أن ديمقراطيتها حتى فـي مجتمعٍ شديد الانقسام يمكنها أن تحقق مرة أخرى الغرض منها، خصوصا عندما يكون ذلك على مرأى من باقي العالم. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: نتیجة الانتخابات الولایات المتحدة فـی الولایات إلى أن
إقرأ أيضاً:
عاطف سعداوي: نتيجة الانتخابات الأمريكية ستلعب دورا كبيرا بتحديد شكل السياسة الأمريكية تجاه العالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور عاطف سعداوي، خبير الشؤون الأمريكية، إن نتيجة الانتخابات الأمريكية ستلعب دورًا في تحديد شكل السياسية الأمريكية تجاه العالم والمنطقة، خاصة وأن المنافسة خرجت عن كونها بين الحزب الديمقراطي والجمهوري والقوالب السياسية المعروفة لدى الحزبين.
وأضاف «سعدواي» خلال تصريحات مع الإعلامية أميمة تمام، عبر قناة القاهرة الإخبارية، أن دونالد ترامب في تلك الانتخابات مرشح أن يكون رئيسا وهو صاحب سياسات خارجية مختلفة عن السياسة الخارجية التقليدية حتى للحزب الجمهوري وتجاوز كثيرًا من الخطوط الحمراء ولديه رؤية متكاملة تجاه مناطق كثير في العالم لا سيما الشرق الأوسط.
وتابع، أنه نفذ في حملته الانتخابية الأولى نفذ كل الوعود التي قطعها على نفسه خلال الحملة حين وصل للبيت الأبيض وتولي مقاليد الحكم في عام 2017 حتى 2021، مشيرًا إلى أن تلك الوعود كان تبدو ضربا من ضروب الخيال وشكك كثيرون فيها وكان تُصف على أنها مجرد وعود انتخابية، ولكنه نفذها بما في ذلك الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، ولعب دور كبير في الوصول إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، وقاد محاولات كثيرة للتطبيع بين دول عربية وإسرائيل.