سياحة التأمل فـي ظفار «5» محمية الإبل فـي حمران
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
شاهدت عشرات المركبات تركن بالقرب من المسيلة البيضاء الواقعة بين المعمورة غربًا وسهل حمران شرقًا؛ يترجل منها أعداد كبيرة من الناس رجالًا ونساء وأطفالًا قدِموا من دول عديدة لمشاهدة أعداد كبيرة من الإبل وهي تعبر الشارع. يتزاحم الناس لالتقاط الصور وهم يتأملون هذه النوق العجيبة التي تحرك مشاعر الإعجاب والانبهار لدى الناس من مواطنين ووافدين وتُعِيد من يراها إلى قصة ناقة النبي صالح عليه السلام التي تحدَّى الله بها جبابرة قوم عاد.
أوقفت سيارتي وأنا أتأمل مع الناس هذا المشهد الذي يتكرر أمامي كلَّ يوم ويثيرني ويشدُّ انتباهي، كان المشهد رائعًا من هذا المكان تسير أعداد غفيرة من الإبل متجهة إلى السواحل المحاذية للبحر ترعى وتتجنب وعورة الجبال والسفوح خلال فصل الخريف، وعندما يحين المساء تقفل راجعة إلى أحواشها المتناثرة على امتداد السهل من خور صولي إلى ساقية رزات غربًا، هذه المنطقة تعرف كمحمية طبيعية للحياة الفطرية وخصوصًا الإبل.
تدور أسئلة كثيرة في عقول المارَّة والسيَّارة، منذ حوالي 42 عامًا وتحديدًا في شهر مارس 1981م تقدَّم عدد من سكَّان سهل حمران بطلب إلى السُّلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ استلم جلالته رسالتهم ولم يمكثوا طويلًا حتى جاءهم المرحوم جمعان ديوان يزف إليهم نبأً سارًّا بأنَّ جلالته أمَرَ بأن تبقى المنطقة التي تمتدُّ من طاقة إلى سهل رزات محمية طبيعية للإبل في جميع المواسم، وصارت توجيهات جلالته ـ رحمه الله ـ عرفًا يحترمه المسؤولون والمواطنون على حدٍّ سواء، وغدت تلك المحمية الواسعة وعاء بيئيًّا يحفظ التوازن البيئي ويتيح تنوُّع المُكوِّنات البيئية من حيوانات أليفة وحيوانات بَرِّية وطيور وأشجار، وقد أتاح ذلك نمو أعداد الإبل التي صارت مَعلمًا جميلًا من مَعالم محافظة ظفار.
ويتيح هذا العدد الهائل من الإبل مجالًا واسعًا للسياحة الريفية التي من شأنها استقطاب المهتمين بهذا النَّوع من السياحة لبناء التقارب مع الإبل للتأمل فيها والتعافي بحليبها والتخلص من التوتر وأسباب الضغوط من خلال مداعبتها وركبوها.
ويستطيع السكَّان المحليون من رعاة الإبل إقامة مخيَّمات سياحية على امتداد سهل حمران والسهول المحاذية من الشرق والغرب، فضلًا عن سلسلة جبال ناشب التي تشرئب في شموخ وتتخللها الكهوف والأشجار والحيوانات البَرِّية المختلفة، وعلى امتداد السهول الواسعة لهذه المحمية البيئية المتميزة تتوزع معالم أثرية غير قابلة للحصر. وتتيح تلك الآثار مجالات استثمارية عملية على مستوى الأفراد والأُسر والتجمُّعات السكَّانية، ومن سهل حمران تحديدًا يستطيع القائمون على السياحة تنظيم رحلات إلى تلك الأماكن والمواقع الأثرية عبر ركوب الجِمال والتواصل مع الثقافة المحلية بمختلف أنواعها.
وستبقى حمران متحفًا طبيعيًّا فاعلًا ينبض بالثقافة التقليدية ويحافظ على الذاكرة الشَّعبية والعادات والحكايات المرتبطة بهذه الحياة، ويتيح للسكَّان المحليين فرصًا عديدة لتحويل مواردهم الطبيعية إلى مشروعات فردية وجماعية.
د. أحمد بن علي المعشني ✱
✱ رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعًا جديدًا من الخفافيش في المملكة
أعلنت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية اكتشاف نوع جديد من الخفافيش يُعرف باسم " Vansonia rueppellii" (خفاش روبيل)، ليُضاف إلى قائمة الخفافيش في المملكة.
وتُعد الخفافيش من الأنواع البيئية الأساسية، إذ تلعب دورًا محوريًا في التلقيح ومكافحة الحشرات، وبالتعاون مع المنارة للتطوير في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست).
وسجل الباحثون وجود هذا النوع لأول مرة في المملكة في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية في أكتوبر 2023، ونُشر هذا الاكتشاف في الدورية العلمية Zoology in the Middle East في نوفمبر 2024.
ويُعرف هذا الخفاش بوجوده سابقًا في مصر والسودان واليمن والعراق، لكنه لم يُسجل في المملكة من قبل. وأوضح الرئيس التنفيذي للمحمية، أندرو زالوميس أن "إضافة خفاش روبيل إلى التنوع الحيوي الغني لمحمية الأمير محمد بن سلمان الملكية يُعد إنجازًا علميًا مميزًا، إذ تضم المحمية الآن 18 نوعًا من إجمالي 32 نوعًا من أنواع الخفافيش في المملكة، أي بنسبة 56%.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعًا جديدًا من الخفافيش في المملكة - واس
وتعد صحة وتنوع تعداد الخفافيش مؤشرًا صحيًا يعكس نجاح عمليات استعادة الأنظمة البيئية في المحمية.
وأضاف زالوميس: من خلال عملنا العلمي وشراكاتنا في مجال الحفظ، نفخر بالإسهام في إثراء المعرفة العلمية في المملكة، ومشاركة أبحاثنا مع المجتمع العالمي للحفاظ على البيئة.
وقال المدير الأول المساعد للبيئة في المنارة للتطوير ديفيد ويلز: تُبرز هذه الدراسة أهمية التعاون المتعدد التخصصات في تحقيق أهداف الحفظ الخاصة بالمحمية ومبادرة السعودية الخضراء ورؤية المملكة 2030.
وتابع: أسهم العمل الميداني في زيادة معرفتنا بتنوع الخفافيش في المملكة، وأثبت الفائدة العظيمة لمثل هذه الدراسات الاستقصائية.
وتستهلك الخفافيش ما يصل إلى 40% من وزنها من الحشرات يوميًا، بما في ذلك البعوض، ما يجعلها أداة طبيعية فعالة لمكافحة الآفات ومنع انتشار الأمراض، وتلعب الخفافيش التي تتغذى على الفواكه دورًا رئيسيًا في تلقيح النباتات ونثر البذور، ما يجعلها حليفًا مهمًا في مشاريع استعادة الحياة الفطرية بالمملكة.
وتُعد محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية واحدة من 8 محميات ملكية، وتمتد على مساحة 24,500 كيلومتر مربع، بدءًا من سهول الحرات البركانية حتى أعماق البحر الأحمر في الغرب، إذ تربط بين نيوم ومشروع البحر الأحمر والعلا.
«صائدو الفيروسات» يطاردون #الخفافيش لمنع تكرار جائحة #كورونا https://t.co/uug3FFwn6V pic.twitter.com/LuEnwsA0mY— صحيفة اليوم (@alyaum) March 23, 2021
وتستضيف المحمية مشاريع ضخمة مثل مشروع "وادي الديسة" التابع لصندوق الاستثمارات العامة، ومشروع "أمالا" التابع لشركة البحر الأحمر العالمية.
وتضم المحمية 15 نظامًا بيئيًا متنوعا، وتُغطي 1% من مساحة المملكة البرية و1.8% من بيئتها البحرية، ولكنها تحتوي على أكثر من 50% من الأنواع الفطرية في المملكة، ما يجعلها واحدة من أغنى المناطق بالتنوع البيئي في الشرق الأوسط.
وتلتزم المحمية بإعادة تأهيل البيئة الطبيعية والثقافية، بما في ذلك إعادة توطين 23 نوعًا من الأنواع المحلية التي انقرضت تاريخيًا، مثل النمر العربي والفهد والمها العربي والنسور.