جريدة الوطن:
2024-12-25@14:18:46 GMT
سياحة التأمل فـي ظفار «5» محمية الإبل فـي حمران
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
شاهدت عشرات المركبات تركن بالقرب من المسيلة البيضاء الواقعة بين المعمورة غربًا وسهل حمران شرقًا؛ يترجل منها أعداد كبيرة من الناس رجالًا ونساء وأطفالًا قدِموا من دول عديدة لمشاهدة أعداد كبيرة من الإبل وهي تعبر الشارع. يتزاحم الناس لالتقاط الصور وهم يتأملون هذه النوق العجيبة التي تحرك مشاعر الإعجاب والانبهار لدى الناس من مواطنين ووافدين وتُعِيد من يراها إلى قصة ناقة النبي صالح عليه السلام التي تحدَّى الله بها جبابرة قوم عاد.
أوقفت سيارتي وأنا أتأمل مع الناس هذا المشهد الذي يتكرر أمامي كلَّ يوم ويثيرني ويشدُّ انتباهي، كان المشهد رائعًا من هذا المكان تسير أعداد غفيرة من الإبل متجهة إلى السواحل المحاذية للبحر ترعى وتتجنب وعورة الجبال والسفوح خلال فصل الخريف، وعندما يحين المساء تقفل راجعة إلى أحواشها المتناثرة على امتداد السهل من خور صولي إلى ساقية رزات غربًا، هذه المنطقة تعرف كمحمية طبيعية للحياة الفطرية وخصوصًا الإبل.
تدور أسئلة كثيرة في عقول المارَّة والسيَّارة، منذ حوالي 42 عامًا وتحديدًا في شهر مارس 1981م تقدَّم عدد من سكَّان سهل حمران بطلب إلى السُّلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ استلم جلالته رسالتهم ولم يمكثوا طويلًا حتى جاءهم المرحوم جمعان ديوان يزف إليهم نبأً سارًّا بأنَّ جلالته أمَرَ بأن تبقى المنطقة التي تمتدُّ من طاقة إلى سهل رزات محمية طبيعية للإبل في جميع المواسم، وصارت توجيهات جلالته ـ رحمه الله ـ عرفًا يحترمه المسؤولون والمواطنون على حدٍّ سواء، وغدت تلك المحمية الواسعة وعاء بيئيًّا يحفظ التوازن البيئي ويتيح تنوُّع المُكوِّنات البيئية من حيوانات أليفة وحيوانات بَرِّية وطيور وأشجار، وقد أتاح ذلك نمو أعداد الإبل التي صارت مَعلمًا جميلًا من مَعالم محافظة ظفار.
ويتيح هذا العدد الهائل من الإبل مجالًا واسعًا للسياحة الريفية التي من شأنها استقطاب المهتمين بهذا النَّوع من السياحة لبناء التقارب مع الإبل للتأمل فيها والتعافي بحليبها والتخلص من التوتر وأسباب الضغوط من خلال مداعبتها وركبوها.
ويستطيع السكَّان المحليون من رعاة الإبل إقامة مخيَّمات سياحية على امتداد سهل حمران والسهول المحاذية من الشرق والغرب، فضلًا عن سلسلة جبال ناشب التي تشرئب في شموخ وتتخللها الكهوف والأشجار والحيوانات البَرِّية المختلفة، وعلى امتداد السهول الواسعة لهذه المحمية البيئية المتميزة تتوزع معالم أثرية غير قابلة للحصر. وتتيح تلك الآثار مجالات استثمارية عملية على مستوى الأفراد والأُسر والتجمُّعات السكَّانية، ومن سهل حمران تحديدًا يستطيع القائمون على السياحة تنظيم رحلات إلى تلك الأماكن والمواقع الأثرية عبر ركوب الجِمال والتواصل مع الثقافة المحلية بمختلف أنواعها.
وستبقى حمران متحفًا طبيعيًّا فاعلًا ينبض بالثقافة التقليدية ويحافظ على الذاكرة الشَّعبية والعادات والحكايات المرتبطة بهذه الحياة، ويتيح للسكَّان المحليين فرصًا عديدة لتحويل مواردهم الطبيعية إلى مشروعات فردية وجماعية.
د. أحمد بن علي المعشني ✱
✱ رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
حذيفة عبد الله: سوف تسقط قريباً الدعاوي “الزائفة” التي تسوق خطاب حكومة المنفى
قال حذيفة عبد الله الناطق باسم التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية إنه سوف تسقط قريباً الدعاوي “الزائفة” التي تسوق خطاب حكومة المنفى.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب