محافظ بنك بنغلاديش المركزي يتهم رجال أعمال بسرقة 17 مليار دولار
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
اتهم محافظ البنك المركزي الجديد في بنغلاديش، أحسن منصور، رجال أعمال مرتبطين بنظام الشيخة حسينة المخلوع بالعمل مع أعضاء وكالة المخابرات العسكرية القوية في البلاد لسرقة 17 مليار دولار من القطاع المصرفي خلال حكمها.
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن منصور الذي تم تعيينه محافظًا لبنك بنغلاديش بعد فرار الشيخة حسينة من البلاد في أغسطس/آب الماضي قوله إن المخابرات العسكرية ساعدت في عمليات الاستيلاء على بنوك رائدة في البلد.
وأضاف أن نحو تريليونيْ تاكا (16.7 مليار دولار) تم إخراجها من بنغلاديش بعد الاستيلاء على أموال البنوك عبر أساليب مثل القروض المقدمة لمساهميها الجدد وفواتير الاستيراد الكبيرة.
"أكبر عملية سرقة"وتابع "هذه أكبر عملية سرقة للبنوك وفقًا لأي معايير دولية.. لم يحدث ذلك على هذا النطاق في أي مكان، وكان برعاية الدولة ولم يكن ليحدث لولا أن وضع رجال الاستخبارات البنادق على رؤوس (الرؤساء التنفيذيين السابقين للبنوك)".
وقال المحافظ إن مؤسس ورئيس مجموعة "إس علم" الصناعية، محمد سيف علم وشركاءه "اختلسوا" ما لا يقل عن 10 مليارات دولار "على الأقل" من النظام المصرفي بعد السيطرة على البنوك بمساعدة الاستخبارات العسكرية، مضيفًا "كانوا يمنحون أنفسهم قروضا كل يوم".
وذكرت شركة المحاماة "كوين إيمانويل أوركهارت آند سوليفان" في بيان نيابة عن سيف علم، أن مجموعة "إس علم" أفادت بأن مزاعم منصور "لا أساس لها من الصحة".
وأضافت "الحملة المنسقة التي شنتها الحكومة المؤقتة ضد مجموعة إس علم والعديد من الشركات الرائدة الأخرى في بنغلاديش فشلت في احترام حتى المبادئ الأساسية للإجراءات القانونية الواجبة.. قوض ذلك بالفعل ثقة المستثمرين وساهم في تدهور القانون والنظام.. بالنظر إلى سجل المجموعة ومساهماتها، نجد الاتهامات التي وجهها المحافظ، مفاجئة وغير مبررة".
ولم تستجب القوات المسلحة في بنغلاديش، لطلب التعليق من فايننشال تايمز.
وكانت الشيخة حسينة قد سيطرت على السلطة لعقدين من الزمان في بنغلاديش ذات الـ170 مليون نسمة وثاني أكبر مصدر للملابس في العالم، لكن حكمها شابَته اتهامات التلاعب بالأصوات وسجن وتعذيب المعارضين والفساد المستشري، وقد فرّت رئيسة الوزراء السابقة إلى الهند في أغسطس/آب الماضي، ولا يُعرف مكان وجودها الحالي.
استعادة الأموالوتعهدت الحكومة المؤقتة برئاسة الحائز على جائزة نوبل للسلام محمد يونس، والتي تولت السلطة بعد هروب الشيخة حسينة، مرارًا وتكرارًا باستعادة الأموال التي تزعم أنها اختلسها أعضاء النظام وشركاؤهم.
وقال منصور، وهو مسؤول سابق في صندوق النقد الدولي، الشهر الماضي إنه طلب مساعدة بريطانيا للتحقيق في ثروات حلفاء الشيخة حسينة في الخارج، وإن أعضاء مجالس إدارة البنوك الرائدة كانوا مستهدفين تحت حكمها.
وحسب منصور فإن مسؤولين استخباريين اختطفوا أعضاء مجالس إدارات البنوك من منازلهم، ونقلوهم إلى أماكن أخرى منها فنادق، وأبلغوهم "تحت تهديد السلاح" ببيع جميع أسهمهم في البنوك (للسيد إس علم) والاستقالة من مناصبهم كمديرين، مضيفا "لقد فعلوا ذلك في بنك تلو الآخر".
ونقلت الصحيفة البريطانية عن أحد الرؤساء التنفيذيين السابقين لأحد البنوك قوله إنه أُجبر على الاستقالة من منصبه كجزء من عملية استحواذ قسرية. وقال محمد عبد المنان، الرئيس التنفيذي السابق لبنك إسلامي بنغلاديش، أحد أكبر البنوك في البلاد، إنه تعرض لضغوط من "أشخاص مرتبطين بالحكومة آنذاك" منذ عام 2013.
وشمل ذلك الضغط لتجنيد أعضاء مجلس الإدارة بناء على اقتراح من مكتب رئيسة الوزراء وتفتيش من قبل "أشخاص مرتبطين بوكالات حكومية" لغرفة فندق يستخدمها أحد المديرين الأجانب للبنك.
ثمة اتهامات للمخابرات العسكرية بالمشاركة في سيطرة رجال أعمال على أموال البنوك (رويترز) تنازل قسريوقال عبد المنان إنه أثناء توجهه إلى اجتماع مجلس إدارة في يناير/كانون الثاني 2017، تم اقتياده لمقابلة مسؤول دفاعي كبير، ثم تم احتجازه ليوم عمل كامل لإجباره على الاستقالة.
وقال عبد المنان الذي تم تعيينه رئيسًا لبنك فيرست سيكيورتي إسلامي من قبل البنك المركزي في سبتمبر/أيلول: "لقد أعدوا خطابات بنكية على أوراق مزيفة. كان علي أن أوقع على خطاب استقالة".
وتنوعت أنشطة مجموعة إس علم في مجال الخدمات المصرفية على مدى العقد الماضي، ويقول موقع المجموعة على الإنترنت إنها تمتلك "استثمارات كبيرة" في 7 بنوك، بما في ذلك بنك إسلامي بنغلاديش وبنك فيرست سيكيورتي الإسلامي.
وقال منصور إن بنغلاديش تهدف إلى استعادة الأموال المسروقة بعد الانتهاء من مراجعة حسابات نحو 12 بنكا مفلسا في الغالب تم الاستيلاء عليها خلال فترة حكم الشيخة حسينة.
وقال المحافظ "نريد استخدام هذه المراجعة كدليل في محكمة القانون على المستوى الدولي والمحلي".
وتحركت الحكومة المؤقتة في بنغلاديش لمنع بيع الأسهم في البنوك بعد انهيار نظام الشيخة حسينة، وقال منصور إن السلطات تخطط الآن لبيع حصص في البنوك إلى "مستثمرين إستراتيجيين وطنيين أو دوليين جيدين"، من أجل إعادة تمويلها، كما يعتزم البنك المركزي إنشاء شركة لإدارة الأصول، لإدارة أو التخلص من الأصول المتعثرة للبنوك.
وقال إن بنغلاديش ستسعى، كذلك، إلى استعادة الأموال التي أُخرجت من البلاد من خلال توظيف شركات محاماة دولية لمحاولة حجز الأصول التي يحتفظ بها مساهمو البنوك في دبي أو سنغافورة أو بريطانيا أو أي مكان آخر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الشیخة حسینة فی بنغلادیش
إقرأ أيضاً:
دعاهم لـحرب تحرير.. هل يستجيب رجال أعمال تونس لطلب سعيّد بخفض الأسعار؟
"حرب التحرير"، هكذا سمى الرئيس التونسي قيس سعيد خطته لـ"مواجهة اللوبيات" الاقتصادية بغرض خفض الأسعار، والتي جدد يوم أدائه اليمين الدستورية رئيسا لولاية جديدة، يوم 21 أكتوبر الجاري، تعهده بمواصلتها.
ولم ينتظر سعيد طويلا ليدعو، الثلاثاء، سمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وهي منظمة لرجال الأعمال بتونس، إلى ما قال إنه "انخراط كامل في معركة التحرير الوطني بالتخفيض في الأسعار"، وفق ما جاء في بلاغ للرئاسة التونسية.
وتُعاني تونس، التي تُحصي نحو 12 مليون شخص، من ارتفاع معدل التضخم الذي بلغ 6.7 بالمئة في سبتمبر الفائت، وارتفاع أسعار المواد الغذائية ومعدلات البطالة التي تبلغ 16 بالمئة حاليا، بينما يعيش نحو 4 ملايين من سكان هذا البلد المغاربي تحت خط الفقر، وفق تصريحات لوزير الشؤون الاجتماعية السابق، مالك الزاهي.
"استيراد الحبوب يقارب 100 في المئة".. هل يعمق الجفاف أزمات الاقتصاد التونسي؟ يضاعف الجفاف متاعب تونس الاقتصادية والاجتماعية، إذ تجد البلاد نفسها مضطرة لاستيراد كل احتياجاتها من الحبوب هذا العام، وفق مسؤول تونسي، ما يعمق الأزمة المستمرة في البلاد.كما عاشت تونس خلال السنوات الفائتة مواسم جفاف ألقت بظلالها على القطاع الزراعي الحيوي في اقتصاد تونس.
قرار سياسيالدعوة الرئاسية الموجهة إلى قيادة أكبر منظمة لرجال الأعمال في هذا البلد المغاربي لقيت ترحيبا على منصات التواصل الاجتماعي، لكن أثارت أسئلة بشأن ما إذا ما كان خفض أسعار المواد الأساسية ممكنا بقرار سياسي أم أن للإجراء أبعادا أخرى، وهل يسهل على الفاعلين الاقتصاديين خفض الأسعار دون أن يدفعوا كلفة القرار.
إجابة على ذلك، يقول الخبير الاقتصادي التونسي وجدي بن رجب، في تصريح لموقع "الحرة"، إن "خفض الأسعار بقرار سياسي ممكن في المؤسسات والشركات الحكومية التي لا تضع رهانا كبيرا في سياساتها على الربح والخسارة".
وتملك تونس شبكة كبيرة من الشركات الحكومية الناشطة في قطاعات حيوية كالنقل، إضافة إلى الخدمات والبنوك والفسفاط.
أما في يتعلق بالقطاع الخاص، فيشير بن رجب إلى أن خفض الأسعار "يتطلب حتما ثلاثة شروط وهي تقليص هامش الربح أو خفض التكلفة أو الحد من الضرائب على المنتجات".
الواقع والمؤامرةأما بالنسبة أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، فإن ارتفاع الأسعار "لا يدخل ضمن المؤامرات" التي يتحدث عنها الرئيس التونسي في خطاباته، بقدر ما هو "نتيجة لسياسات الدولة التونسية" كارتفاع الضغط الضريبي الذي ارتفع من 20 بالمئة قبل اندلاع ثورة 2011 إلى 25 بالمئة حاليا.
ويوضح في تصريح لموقع "الحرة" أن التوجهات المالية لتونس في قانون الميزانية الجديد لن تقود إلى خفض للأسعار ،خاصة مع تواصل تراجع قيمة الدينار وارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة من الخارج.
في عهدته الثانية.. "ملفات ملتهبة" على طاولة الرئيس التونسي فاز الرئيس التونسي، قيس سعيد، بعهدة ثانية مدتها خمس سنوات بعد فوز كاسح، على الرغم من أن الانتخابات شهدت واحدة من أدنى نسب المشاركة في تاريخ البلاد التي تعاني من أزمة اقتصادية مستمرة وتتصاعد فيها الانتقادات بشأن واقع الحريات.ولحد الساعة، ومن الناحية العملية، ما اتخذه سعيد لخفض الأسعار اقتصر على توجيه دعوة بذلك لرئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية التي صارت استجابتها من عدمها حاسمة.
ومن هذا المنطلق، يستبعد المحلل السياسي التونسي، خالد كرونة، استجابة أصحاب المؤسسات الاقتصادية للدعوة الرئاسية، خاصة بعد "انحسار" دور المنظمة التي يقودها سمير ماجول وانضمام العديد من الشركات إلى هيئات أخرى.
ومن وجهة نظر المتحدث ذاته فإن الدعوة الرئاسية "تنسجم مع مطالب الناس، لكنها ستظل معلقة لتتحول إلى مجرد خطاب معد للاستهلاك الإعلامي".