واشنطن بوست:المنطقة بأكملها على وشك الانفجار واليمن قد تكون نقطة اشعال الحرب الإقليمية
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
تساءلت صحيفة "واشنطن بوست" ما إن سيكون اليمن نقطة اشتعال محتملة لحرب إقليمية في المنطقة عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران صبيحة السبت الماضي.
وذكرت الصحيفة في تحليل للباحث ماكس بوت إنه بعد أن كانت إسرائيل وإيران تكتفيان في السابق بشن الحرب عبر وكلائهما، أصبحتا الآن تتبادلان الضربات المباشرة. متابعة "والواقع أن خطر اندلاع حرب إقليمية شديد للغاية".
وقالت "قبل عام، كان من غير المعقول أن تهاجم إسرائيل وإيران أراضي بعضهما البعض بشكل مباشر. فقد خاضت الدولتان حربًا خفية لسنوات، حيث استهدفت إسرائيل العلماء النوويين الإيرانيين وقوافل الإمدادات الإيرانية في سوريا وما شابه ذلك، بينما رعت إيران هجمات بالوكالة على إسرائيل من قبل حماس وحزب الله، من بين جماعات مسلحة أخرى. لكن الدولتين امتنعتا عن قصف بعضهما البعض بشكل مباشر. والآن، أصبح ما كان لا يمكن تصوره، للأسف، أمرًا روتينيًا".
وأضافت "تجاوزت إيران خطًا أحمر في 13 أبريل عندما أطلقت حوالي 300 طائرة بدون طيار وصاروخ على إسرائيل ردًا على غارة جوية إسرائيلية في دمشق استهدفت مجمع السفارة الإيرانية وقتلت سبعة ضباط من الحرس الثوري الإسلامي. ولم يتم اعتراض القصف الإيراني بواسطة أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية فحسب، بل وأيضًا أنظمة الدفاع الجوي للولايات المتحدة والأردن ودول أخرى في المنطقة. لقد سمح ذلك لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإرضاء نفسه بضربة جوية على إيران في 19 أبريل.
وتابعت "ثم تكرر النمط نفسه: في الأول من أكتوبر، شنت إيران ضربة صاروخية أخرى ضد إسرائيل، هذه المرة ردا على الهجمات الإسرائيلية على حزب الله وحماس، بما في ذلك الاغتيال المحرج لزعيم حماس إسماعيل هنية في طهران.
وأردف بوت في تحليله بالقول "كان العالم يحبس أنفاسه ليرى كيف سترد إسرائيل. ومرة أخرى، ضغط الرئيس جو بايدن على نتنياهو للحد من الرد، حتى أنه أرسل إلى إسرائيل بطارية دفاع صاروخي من طراز ثاد، يعمل بها 100 فرد من أفراد الخدمة الأمريكية، كتحلية. الرسالة الضمنية: ستحمي الولايات المتحدة إسرائيل، لكن إسرائيل بدورها ملزمة بعدم توسيع الصراع الإقليمي".
واستدرك "في ليلة الجمعة في الولايات المتحدة (في الصباح الباكر من يوم السبت في الشرق الأوسط)، أطلقت إسرائيل أخيرًا هجومها المضاد الذي طال انتظاره. وفي سيناريو كان من الممكن أن يأتي مباشرة من مسلسل "طهران" على قناة آبل، اخترقت طائرات مقاتلة إسرائيلية المجال الجوي الإيراني بنجاح، مستهدفة على ما يبدو الدفاعات الجوية الإيرانية ومواقع إنتاج الصواريخ. واستجابة لضغوط إدارة بايدن، لم يستهدف نتنياهو منشآت النفط الإيرانية أو المواقع النووية - وهو القرار الذي ينتقده المتشددون بالفعل في إسرائيل. خلف الكواليس، حثت كل من إسرائيل والولايات المتحدة إيران على التراجع وإنهاء الجولة الحالية من الأعمال العدائية المتبادلة".
وتوقع بوت أن المنطقة بأكملها على وشك الانفجار. وقال "ربما كنا لنتجنب ثورانًا هائلاً مرة أخرى - لكن الإعفاء لا يمكن أن يكون إلا مؤقتًا".
وزاد "الحرب الأوسع في الشرق الأوسط، التي يخشاها الكثيرون، موجودة بالفعل. الشيء الوحيد الذي يبقى أن يتحدد هو شدتها ونطاقها. ومن خلال استهداف مواقع الدفاع الجوي الإيرانية، جعلت إسرائيل إيران أكثر عرضة للضربات الجوية الإسرائيلية في المستقبل إذا هاجمت إيران إسرائيل مرة أخرى - أو إذا خضعت حكومة نتنياهو للضغوط اليمينية لتوجيه ضربة أكثر حسماً".
"ربما تفادينا رصاصة رمزية هذه المرة، لكننا دخلنا أيضًا منطقة مختلفة"، كتب الدبلوماسي الأمريكي المخضرم آرون ديفيد ميلر على موقع X. "لقد اتسعت قدرة كل من إسرائيل وإيران على تحمل المخاطر. والآن يرى كل منهما أنه من الممكن تجنب الحرب الشاملة حتى بعد الضربات المباشرة على أراضي الآخر. وهذه منطقة خطرة".
يضيف بوت "لقد جاء الضغط الرئيسي لتجنب المزيد من التصعيد من إدارة بايدن، التي تدرك تمام الإدراك أن إيران يمكنها إغلاق مضيق هرمز، مؤقتًا على الأقل، واستهداف القوات الأمريكية في المنطقة إلى جانب منشآت النفط في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول عربية معتدلة أخرى. وإذا فعلت إيران ذلك، فإنها ستوجه ضربة كبيرة للاقتصاد العالمي. هذا هو آخر شيء يريد بايدن رؤيته، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
وقال "لكن بعد الانتخابات، مهما حدث، سيكون بايدن بطة عرجاء. وستقل قدرته على الضغط على إسرائيل".
يرى أنه في حال فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، فمن المتوقع أن تستمر في الضغط من أجل الحد من التوترات. وقال "لكن ماذا يحدث إذا كان المنتصر هو الرئيس السابق دونالد ترامب؟ ذكرت صحيفة واشنطن بوست أنه خلال إحدى محادثاته الأخيرة مع نتنياهو، قال ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، في إشارة إلى حروب إسرائيل ضد حماس وحزب الله: "افعل ما يجب عليك فعله".
واستطرد "خلال فترة رئاسته، كان ترامب حريصًا على تجنب الصراع المباشر مع إيران. في خريف عام 2019، ألغى فجأة غارة جوية أمريكية مخططة على إيران ردًا على إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار، ولم يرد على هجوم منسق إيرانيًا على منشآت النفط السعودية والذي عطل مؤقتًا نصف إنتاج المملكة من النفط. لكن ترامب قد يشعر بشكل مختلف الآن وسط تقارير عن تهديدات إيرانية محتملة باغتياله. إذا عاد إلى منصبه مرة أخرى، فقد يعطي ترامب نتنياهو بسهولة الضوء الأخضر لتوسيع الحرب مع إيران - وبالتالي جر الولايات المتحدة إلى الصراع".
وبحسب التحليل فإن اليمن سيكون نقطة اشتعال محتملة أخرى، منذ العام الماضي، استهدف الحوثيون المدعومون من إيران الشحن في مضيق باب المندب الذي يفصل البحر الأحمر عن المحيط الهندي، مما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية وجذب القوات الأمريكية إلى المعركة لحماية الشحن. أرسلت الولايات المتحدة للتو قاذفات الشبح B-2 لضرب مواقع تخزين الأسلحة الحوثية. ومع ذلك، تستمر هجمات الحوثيين، وتفيد صحيفة وول ستريت جورنال أن روسيا كانت تدعمهم ببيانات الاستهداف.
وخلص الباحث ماكس بوت في تحلليه إلى القول "نحن، باختصار، في لحظة بالغة الخطورة في الشرق الأوسط. كانت حماس تأمل أن يؤدي مهاجمة إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 إلى إشعال حرب أوسع نطاقًا تؤدي إلى تدمير الدولة اليهودية. إسرائيل بعيدة كل البعد عن الدمار - في الواقع، تبدو أقوى من أي وقت مضى من منظور عسكري. لكن الحرب الأوسع هنا، وسوف يتطلب الأمر جهودًا جبارة من جميع الأطراف لمنعها من الخروج عن السيطرة.
وأفاد بأن أفضل طريقة لبدء عملية خفض التصعيد هي أن تتفق إسرائيل وحماس أخيرا على وقف إطلاق النار في غزة - ولكن على الرغم من وفاة زعيم حماس يحيى السنوار، فإن هذا الاحتمال يبدو بعيدا أكثر من أي وقت مضى.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
ترامب ومخطط التهجير والتحدي الفلسطيني
المتابع لقرارات وتصريحات الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية رونالد ترامب، يدرك أن هناك تسونامي سياسيا يجتاح العالم في جهات الأرض الأربع تطال كندا والدنمارك والمكسيك وآخرها كولومبيا وقبلها أوروبا كلها، ويبدو أن عاصفة ترامبية هوجاء تهب على منطقتنا العربية خاصة على أهل غزة المنكوبين بشرا وحجرا وشجرا.
إن تصريح ترامب في سعيه لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن ينطوي على مخاطر عديدة:
أولها، أن هذه الخطوة قد تدخل المنطقة في أتون صراع إقليمي يشمل المنطقة برمتها، خاصة أنها تنقل الأزمة إلى بلدان تنعم نوعا ما باستقرار وسلام. وثانيها، تأتي هذه الخطوة عقب إجراءات استيطانية عديدة اتخذتها حكومة نتنياهو بتوسيع البناء الاستيطاني، وزيادة أعداد البؤر الاستيطانية وأعداد المستوطنين والذين كانوا قبل اتفاقات أوسلو يقدرون بنحو 250 ألفا وأصبحوا الآن أكثر من 750 ألفا؛ وهذا يؤكد حقيقة الكيان الاحتلالي الاستيطاني الإجلائي الاستعماري. ثالث الخطورة، إن خطة ترامب هذه تكشف عن تماهي أهداف الإدارة الأمريكية السابقة والحالية مع مصالح وأهداف حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وهذا ما يعبر عن شراكة استراتيجية بين المسيحية الإنجيلية والتيار التوراتي المحافظ. فهذه الحكومة شنت حربها تحت هذا الهدف؛ وهو تهجير الفلسطينيين القسري بعد القيام بعمليات الإبادة الجماعية المتعددة الأشكال، وهذا ما يشير بقوة إلى الشراكة الوثيقة في الجرائم التي ارتكبت بحق الغزاويين على مدى 15 شهرا.
ترامب يؤكد بخطته هذه سقوط أي مبادرة أو حل يعتمد حل الدولتين أو أي مبادرة تفضي إلى حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وتعريض المنطقة إلى مزيد من الحروب والصراعات التي قد تهدد الأمن والاستقرار العالمي
ورابع المخاطر، إن ترامب يؤكد بخطته هذه سقوط أي مبادرة أو حل يعتمد حل الدولتين أو أي مبادرة تفضي إلى حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وتعريض المنطقة إلى مزيد من الحروب والصراعات التي قد تهدد الأمن والاستقرار العالمي. أما خامس هذه المخاطر فيتمثل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف الحرب مجددا، مما يأتي على كل الجهود المضنية التي بذلها الوسطاء للوصول إلى هذا الاتفاق، ويعرض حياة آلاف الأطفال والنساء الى الخطر مجددا بما فيهم الأسرى الإسرائيليين، كما يضع إدارة ترامب أمام مسؤولياتها. وسادس هذه المخاطر، إنها تُعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية؛ لأنها تعني تطهير عرقي بحق السكان الآمنين كما نصت على ذلك بنود القانون الدولي الإنساني.
في سياق متصل، إن ما أقدم عليه ترامب يتناقض مع ما كان قد أعلنه سابقا من أنه سينهي الحروب، وأنه سيكون صانع سلام، وأنه سيجلب الاستقرار والازدهار إلى المنطقة والعالم. والسؤال هنا: هل تهجير الفلسطينيين من أرضهم وإبعادهم عن وطنهم وتحويلهم إلى لاجئين في بلدان أخرى سيجلب الاستقرار الذي تحدث عنه؟ أم أنه سيؤدي إلى اندلاع حرب لا هوادة فيها؟ وهل هذه هي وعود ترامب الانتخابية للجاليات العربية والمسلمة واللاتينية مقابل التصويت لصالحه؟
إن مخطط ترامب هذا يعدو كونه فكرة جديدة، بل إنه استكمال للاتفاقات الإبراهيمية، وهو الجزء الثاني منها وقد آن الأوان لتنفيذه، وقد سبق لترامب أن راعه صغر "مساحة إسرائيل"، فقال "يجب أن تُوسّع أراضي إسرائيل". ومهّد أركان إدارته المتصهينين مرارا وتكرارا لضم الضفة الغربية، وأنكروا وجود شعب يسمى شعب فلسطين. وفيما بعد تحدث ترامب عن غزة قائلا: "إنها مكانٌ مثير ولها موقعٌ رائع ومناخٌ جميل، يجب إعادة بناؤها بطريقة مختلفة". إن كل هذه المقدمات والتصريحات تعبّر عن تقاطع خطة ترامب مع أهداف اليمين الإسرائيلي المتطرف المتمثل بإيتمار بن غفير وسموتريتش، وتبنّاها نتنياهو.
إن ما فَشِلَ نتنياهو في تحقيقه عسكريا من خلال حرب الإبادة على غزة؛ نتيجة لصمود المقاومة وثبات أهل غزة وتجذرهم بأرضهم ووطنهم؛ يريد ترامب أن يحققه بالضغط السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، وهكذا لا يبدو ترامب أنه يحمل مسؤولية العالم، بل إنه مطور عقاري ومستثمر يعمل لصالح دولة الكيان الصهيوني.
من جهة أخرى، وفيما فشلت في تحقيقه حرب الإبادة الفاشية الصهيو- أمريكية بكل أشكالها من قتل ونسفٍ للمربعات والأحياء السكنية، وتدمير ممنهج للبنى التحتية ومختلف جوانب الحياة ونشر الأوبئة والأمراض والتجويع والتعطيش، وقتل نحو 50 ألفا جلهم من الأطفال والنساء، وحوالي 112 ألف مصاب، وأكثر من 10 ألاف مفقود وآلاف المعتقلين المدنيين بهدف التهجير القسري، فإن الخطة الترامبية الجديدة ستفشل حتما وإن تعددت سيناريوهات هذه الخطة ومقدماتها وممهداتها؛ من عرقلة إكمال صفقة التبادل، تمهيدا لاستئناف حرب الإبادة، أو إعاقة إعادة إعمار غزة، وممارسة الضغط على نظامي الأردن ومصر، وغيرها من المعوقات والعراقيل.
اعتاد الغزيون المشهد، فلا خطة تهجير توقف عودتهم ولا حرب تهزم إرادتهم، هم فرحون وأعداؤهم غاضبون لرؤيتهم عائدين بينما تعلو وجوههم المغبرة ابتسامة التحدي والعنفوان، وعيونهم يملؤها الأمل والإصرار على حياة يستحقونها على هذه الأرض
من ناحية أخرى، إن تصرح وزير خارجية الأردن بقوله: "إن الحل للقضية الفلسطينية هو حل فلسطيني وإن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين"، ورفض الخارجية المصرية "المساس بحقوق الشعب الفلسطيني ورفض تهجيره"، إنما يشكل ردا رسميا عربيا على خطة ترامب. أما الرد الشعبي الحقيقي كان عودة مئات الآلاف من النازحين بزحفٍ هادرٍ لم يسبق له مثيل من الجنوب إلى شمال غزة عبر شارع الرشيد مشيا على الأقدام، والإصرار للوصول إلى أماكنهم المدمرة وشوارعهم التي تملؤها الحفر والركام، وإلى المرافق التي تغيرت معالمها؛ يسارعون الخطى إلى أنقاض منازلهم وبعضهم يشدو مزهوا حاملا خيمته لينصبها فوق أنقاض منزله المدمر، والكثير من الصبية والنسوة يحملن "بقجة" العودة، والبعض الآخر اختار سقف بيته المنهار ليأوي عائلته تحته، وآخر يبحث عن ألواح من خشب وأغصان شجر ليرمم ما تبقى له من بيت، وآخرون يعيدون إعمار أجزاء من بيوتهم من بقايا الركام والأنقاض والأثاث.
لقد اعتاد الغزيون المشهد، فلا خطة تهجير توقف عودتهم ولا حرب تهزم إرادتهم، هم فرحون وأعداؤهم غاضبون لرؤيتهم عائدين بينما تعلو وجوههم المغبرة ابتسامة التحدي والعنفوان، وعيونهم يملؤها الأمل والإصرار على حياة يستحقونها على هذه الأرض.
هذا هو تحديهم وردّهم على مخططات التهجير قديمها وجديدها، وخطة الجنرالات وحروب النازية والإبادات كلها، وعاهدوا في أحاديثهم وحواراتهم تحت علم الوطن، لن تكون هناك نكبة أخرى، وما هذه إلا عودة صغرى بانتظار العودة الكبرى وتحرير كل فلسطين، وأقسموا أن لن يغادروا رمال غزة، ويتركوا شهداءها ودمارها وركامها وأنقاضها وشاطئها ومناخها الجميل؛ هو لهم ولأبنائهم ولأحفادهم من بعدهم.
[email protected]