جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-01@11:31:47 GMT

"طوفان الأقصى" يؤكد مقولة ماركس

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

'طوفان الأقصى' يؤكد مقولة ماركس

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

 

"كارل هانريش ماركس، فيلسوف وناقد للاقتصاد السياسي ومؤرخ وعالم اجتماع ومُنظِّر سياسي وصحفي وثوري اشتراكي ألماني، درس القانون والفلسفة في جامعتي بون وبرلين، وتزوج عام 1843م من الناقدة المسرحية والناشطة السياسية الألمانية جيني فون ويستفالين. وُلد في 5 مايو 1818م، في ترير بألمانيا، وتوفي يوم 14 مارس 1883م، في لندن،  بالمملكة المتحدة".

(ويكيبيديا)

لا شك أنَّ كارل ماركس شخصية غنية عن التعريف، ويحتاج للحديث عن شخصه فقط عددًا من المقالات، ناهيك عن نتاجه الفكري الغزير في شتى صنوف المعرفة الإنسانية التي اكتسبها بالتعليم النظامي والتعلم الشخصي عبر القراءات والتأمل والتدبر كغيره من رجال الفلسفة والفكر، ولكن ما يُهمنا هنا هو التركيز على مقولته الشهيرة الشائعة والمنسوبة إليه "الدين أفيون الشعوب"، غير أنَّ المقولة الحقيقية المُكتملة "الدين أفيون الشعوب، وارتقاء التاريخ"، وعلاقة عبارته الأخيرة والحقيقية بتفاصيل طوفان الأقصى اليوم.

قصد ماركس أنَّ الدين بعمومه سلاح ذو حدين؛ فحين يُوظَّف الدين بقيمه وعمق مقاصده لاستنهاض المُجتمعات والشعوب يمكنه تحقيق ما يُشبه المُعجزات، وفي المُقابل حين يُوظَّف الدين بشقه الشعائري المنزوع من المقاصد والقيم يتحول إلى أفيون حقيقي، ويستمرئ مُعتنقيه كل ذلٍ وهوانٍ تحت عنوان "القضاء والقدر"! وفي التاريخ الإنساني الكثير من القصص والتجارب لشعوب مختلفة، بعضها تسلح بقيم الدين ومقاصده الحقيقية فارتقى، وبعضها تسلح بقشور الدين فخدَّر عقله وقلبه.

ومن ضمن أفضال "طوفان الأقصى" اليوم- التي لا تُحصى- هو فرزه بين فئة تسلَّحت بأصول الدين ووعد الحق- تبارك وتعالى- فانتصرت، وفئة تستَّرت بالدين ونقَّبت في سيرته عن كل مثلبة ونشاز وسوَّقت له لتخدير أتباعها بالدين، وجعلت من الدين أفيونًا حقيقيًا للشعوب. ومن جزَّأ مقولة كارل ماركس واختزلها في شطرها الأول "الدين أفيون الشعوب"، أرادَ النيل من الدين بعمومه ومحاربة التديُّن أيًا كان شكله وهويته، كمَّن جزَّأ آية "ويلٌ للمصلين"، بينما من خذل فلسطين والحق العربي التاريخي فيها وبرَّر للعدو احتلاله وتنكيله وجرائمه، طبَّق على الأرض الشطر المبتور من مقولة ماركس، وحقق على الأرض مقاصد أعداء الدين.

لم تكتفِ "اللينينية" بتسويق الشطر المبتور من مقولة ماركس، والتي هوَّلها الغرب لاحقًا في فصول ما عُرفت بـ"الحرب الباردة" بين المعسكرين الشرقي الاشتراكي والغربي الرأسمالي؛ بل غلَّفَت نفسها بالكثير من نظريات ماركس حتى أفقدته العلمية والاعتدال والعقلانية في الكثير من طرحه ونتاجه الفكري، خاصة عند شريحة ممن يقرأون بأسماعهم.

العقيدة القتالية الصلبة لدى فصائل المقاومة اليوم والتي أذهلت العدو ورعاته في جميع المُنازلات، تحوَّلت إلى خانة الضد النوعي للكيان الغاصب وسردياته البالية بأحقيته التاريخية في فلسطين، وتستره خلف التوراة والدين، رغم أنَّ الصهيونية في حقيقتها حركة وضعية دنيوية ناكرة للدين، تشكَّلت من غُلاة المسيحيين الإنجيليين وغُلاة اليهود، والديانتان منهم براء.

وفي سياق غير مُنفصل للحديث عن ماركس، يُحكى أنَّ أحدهم عاتب عبدالخالق محجوب زعيم الحزب الشيوعي السوداني عتابًا قاسيًا على "اتِّباعه" فكر ماركس وهو ابن زاوية صوفية؛ حيث ردَّ عليه محجوب بكل ثقة وهدوء وبلكنة سودانية عميقة: "أنا ما ماركسي، ماركس هو اللي مُسلم".

قبل اللقاء.. يقاتلوننا بالتوراة المُحرَّفة والصهيونية الجامِحة، ونُقاتلهم بالذكر الحصين الذي لا يأتيه الباطل، فيتحقق الوعد الصادق. والله غالب على أمره...

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لماذا طورت إسرائيل هجماتها على سوريا بعد طوفان الأقصى؟

أطلقت إسرائيل منذ عام 2013 سلسلة من الهجمات الجوية على الأراضي السورية تحت شعار "استهداف الوجود الإيراني" الذي توسع بالفعل وأصبح علنيا، نتيجة ظروف المواجهة بين النظام السوري الذي استعان بدعم طهران، وفصائل المعارضة السورية التي تلقت دعما دوليا هي الأخرى.

ومن خلال متابعة الخط البياني للغارات الإسرائيلية على سوريا يظهر بوضوح أنها تشهد صعودا وهبوطا، ويختلف حجمها من عام لآخر تبعا للتطورات الميدانية، والظروف السياسية.

فقد بلغت هذه الغارات مستوى متدنيا في عام 2022 بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع مستوى التنسيق بين موسكو وتل أبيب بسبب الخلافات حول موقف الأخيرة من الحرب، في حين ازداد حجم الغارات منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تبعه من اندلاع الحرب في غزة، وتوسعها إلى لبنان، والتصعيد المتبادل بين إيران وإسرائيل الذي امتد إلى الأراضي السورية أيضا.

إسرائيل تبرر هجماتها بنشاط الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية (رويترز) النهج الإسرائيلي قبل 7 أكتوبر

تزعم إسرائيل أن هجماتها -قبل وبعد طوفان الأقصى- يأتي جراء نشاط الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية، وبما تقول إنها عمليات نقل للأسلحة من إيران إلى حزب الله اللبناني.

كما أشارت مصادر أمنية وإعلامية إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية استهدفت في الغالب شحنات أسلحة وصلت إلى سوريا، أو مختبرات تعتقد إسرائيل أنه يتم استخدامها لتطوير صواريخ لصالح حزب الله، مثل مركزي البحوث العلمية في جمرايا بريف دمشق ومصياف في ريف حماة.

ومنذ عام 2013، ازدادت التحذيرات التي أطلقها خبراء أمنيون إسرائيليون، ومنهم اللواء المتقاعد يعكوف عميدرور مستشار الأمن القومي الأسبق لرئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي شغل أيضا منصب رئيس مجلس الأمن القومي، إذ طالب تل أبيب بمنع وصول الأسلحة إلى حزب الله، ومنع إيران من تشكيل قاعدة لعملياتها على الأراضي السورية تتيح لها شن هجمات على إسرائيل.

وعبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سبتمبر/أيلول 2015 عن مخاوفه المتعلقة بسوريا صراحة، حيث أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين احتجاجه على استخدام إيران للأراضي السورية لتزويد حزب الله بأسلحة وعتاد متطور، بالإضافة إلى اعتراضه على الوجود العسكري الإيراني الكثيف في سوريا، محذرا من ارتفاع التصعيد على جبهة الجولان.

اصطلحت المؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية على هجماتها في سوريا مصطلح "المعركة بين الحروب"، إذ بات هذا المصطلح يرمز إلى إستراتيجية عسكرية وأمنية وقائية إسرائيلية حيال النفوذ الإيراني.

وفسر معهد واشنطن للدراسات هذه الإستراتيجية بأنها عمليات دفاعية تهدف إلى إبطال التهديدات دون أن ترقى إلى مستوى الحرب، وتتضمن شن هجمات استباقية بموجب معلومات استخباراتية عالية الدقة، بهدف تأخير نشوب الحرب، وإضعاف قوة الخصوم لردعهم، بالإضافة إلى توفير ظروف مثالية لتفوق الجيش الإسرائيلي حال نشبت حرب حقيقية مع إيران.

في أبريل/نيسان 2022، صرح الجيش الإسرائيلي عن تنفيذه 400 غارة جوية على سوريا منذ عام 2017 وحتى تاريخ صدور التصريح، في حين تشير التقديرات إلى أن معدل الغارات بين عامي 2013 و2017 يتراوح بين 5 إلى 10 غارات سنويا لا أكثر.

ويعكس ذلك ارتفاع الهجمات بالتوازي مع توسع انتشار النظام السوري والفصائل المدعومة إيرانيا على الجغرافية السورية بالتوازي مع تقلص سيطرة المعارضة التي أخذ انتشارها بالانحسار منذ نهاية عام 2016 عندما خسرت السيطرة على أحياء مدينة حلب الشرقية، ثم تبعها مغادرة مقاتليها لريف دمشق، ودخول قوات النظام السوري والفصائل العراقية وحزب الله إلى جنوب البلاد تحت غطاء روسي.

وتمثلت الأهداف المفضلة للهجمات الإسرائيلية بشحنات الصواريخ التي كانت تصل إلى سوريا عبر مطاري دمشق وحلب، اللذين خرجا مرارا عن الخدمة، بالإضافة إلى استهداف شاحنات محملة بالصواريخ بعد دخولها من شمال شرق سوريا عبر الحدود العراقية وتوجهها إلى ريف حمص أو ريف دمشق، إلى جانب مطار التيفور.

وبالإضافة إلى مراكز بحوث علمية متفرقة؛ أبرزها مركز البحوث العلمية في مصياف بريف حماة وسط سوريا، دخل الطريق الذي يربط بين سوريا ولبنان ضمن قائمة الأهداف الإسرائيلية، حيث نفذ الطيران هجمات عديدة على هذا الطريق في أكتوبر/تشرين الأول 2024 خاصة قرب نقطة المصنع ومنقطة جوسية.

واللافت أن الهجمات بقيت حتى أواخر عام 2023 لا تستهدف إيقاع خسائر بشرية إلا في حالات قليلة جدا عمدت إسرائيل من خلالها إلى تصفية شخصيات محددة، مثل عملية اغتيال الأسير المحرر من السجون الإسرائيلية سمير القنطار أواخر عام 2015، بدعوى تعاونه مع حزب الله جنوب سوريا.

متغيرات بعد طوفان الأقصى

اتسع التصعيد في المنطقة بعد عملية طوفان الأقصى، ووصل إلى مستوى الصدامات المباشرة بين إسرائيل وإيران، تارة داخل البلدين، وتارة في سوريا التي تنشط فيها طهران بشكل واضح، وبناء عليه اختلف حجم وطبيعة الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2024 كشف النظام السوري عن تنفيذ إسرائيل أكثر من 100 هجوم على الأراضي السورية خلال عام واحد، تحديدا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

المتغيرات التي طرأت على الغارات الإسرائيلية لم تقتصر على الكم، بل أصبحت نوعية أكثر، فوصلت إلى مناطق غير مسبوقة مثل المربع الأمني في العاصمة دمشق، بعد أن كانت تستهدف ضواحي العاصمة سابقا حيث توجد مستودعات أسلحة فقط، كما أن الهجمات الإسرائيلية باتت تتعمد بشكل واضح تحقيق خسائر بشرية، خاصة في صفوف الخبراء العسكريين الإيرانيين التابعين للحرس الثوري الإيراني.

أبرز هجوم إسرائيلي خلال العام الأخير تمثل بقصف مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، الذي أودى بحياة قيادات في الحرس الثوري الإيراني على رأسهم العميد محمد رضا زاهدي، إذ مثل هذا الهجوم نقطة تحول مهمة، تبعه بعدها موجة من الهجمات الصاروخية المضادة بين طهران وتل أبيب.

في سبتمبر/أيلول 2024 نفذت إسرائيل هجوما نوعيا آخر وغير مسبوق على الأراضي السورية، تمثل في استهداف مركز البحوث العلمية في مصياف بريف حماة، الذي تعتقد تل أبيب أنه منشأة تابعة للحرس الثوري الإيراني وتستخدم لتطوير صواريخ لحزب الله، حيث كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن أن الهجوم تضمن قيام قوة خاصة إسرائيلية بعملية إنزال جوي، حيث استولت على مواد من المنشأة المخصصة لصناعة الصواريخ، بالإضافة طبعا لقصف مركز البحوث الذي يتعرض بالأصل لهجمات متكررة.

ودمرت الغارات الإسرائيلية مطلع أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري مستودع أسلحة يتبع لحزب الله على بعد كيلومترات فقط من قاعدة حميميم الجوية الروسية بريف اللاذقية السورية، لتكون هي المرة الأولى التي يتم فيها قصف أهداف على مقربة من نقاط عسكرية روسية.

وتكررت عمليات الاغتيال الدقيقة التي نفذتها إسرائيل ضمن منطقة المزة داخل مدينة دمشق، واستهدفت في الغالب قيادات من حزب الله مقيمين في هذه المنطقة بعد أن أصبحت ضواحي العاصمة غير آمنة لإقامتهم، أبرزهم مسؤول التسليح، ومسؤول تحويل الأموال في الحزب، اللذين استهدفتهما غارة في 21 أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري.

التصعيد من طرف تل أبيب في سوريا ازداد بشكل واضح قبيل إطلاق حملتها العسكرية على جنوب لبنان، وبالتوازي مع الحملة أيضا، مما يشير إلى أنه مرتبط بالاعتبارات العسكرية والأمنية المتعلقة بالمواجهة التي امتدت إلى جنوب لبنان، خاصة أن الجيش الإسرائيلي نفذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2024 توغلا بريا محدودا في مناطق جنوب سوريا متاخمة لمنطقة البقاع اللبنانية.

يأتي ذلك في ظل تزايد التقارير عن استمرار وصول الأسلحة إلى حزب الله من سوريا عبر البقاع، والنتيجة الواضحة أن إسرائيل طورت هجماتها الجوية تبعا لحاجتها العسكرية، وانتقلت من عمليات ردع إلى هجمات أكثر تأثيرا خدمة لمسرح عملياتها جنوب لبنان.

مقالات مشابهة

  • لماذا طورت إسرائيل هجماتها على سوريا بعد طوفان الأقصى؟
  • تطورات اليوم الـ392 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ391 من "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ391 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ390 من "طوفان الأقصى"
  • شخصنة الحدث.. مثال طوفان الأقصى
  • من طوفان الأقصى إلى العدوان الصهيوني على لبنان: معركة كيّ الوعي
  • تطورات اليوم الـ390 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • الضالع: تخرج دفعة جديدة من دورات طوفان الأقصى
  • أكثر من 11 ألف و500 حالة اعتقال بالضفة والقدس منذ طوفان الأقصى