"طوفان الأقصى" يؤكد مقولة ماركس
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
"كارل هانريش ماركس، فيلسوف وناقد للاقتصاد السياسي ومؤرخ وعالم اجتماع ومُنظِّر سياسي وصحفي وثوري اشتراكي ألماني، درس القانون والفلسفة في جامعتي بون وبرلين، وتزوج عام 1843م من الناقدة المسرحية والناشطة السياسية الألمانية جيني فون ويستفالين. وُلد في 5 مايو 1818م، في ترير بألمانيا، وتوفي يوم 14 مارس 1883م، في لندن، بالمملكة المتحدة".
لا شك أنَّ كارل ماركس شخصية غنية عن التعريف، ويحتاج للحديث عن شخصه فقط عددًا من المقالات، ناهيك عن نتاجه الفكري الغزير في شتى صنوف المعرفة الإنسانية التي اكتسبها بالتعليم النظامي والتعلم الشخصي عبر القراءات والتأمل والتدبر كغيره من رجال الفلسفة والفكر، ولكن ما يُهمنا هنا هو التركيز على مقولته الشهيرة الشائعة والمنسوبة إليه "الدين أفيون الشعوب"، غير أنَّ المقولة الحقيقية المُكتملة "الدين أفيون الشعوب، وارتقاء التاريخ"، وعلاقة عبارته الأخيرة والحقيقية بتفاصيل طوفان الأقصى اليوم.
قصد ماركس أنَّ الدين بعمومه سلاح ذو حدين؛ فحين يُوظَّف الدين بقيمه وعمق مقاصده لاستنهاض المُجتمعات والشعوب يمكنه تحقيق ما يُشبه المُعجزات، وفي المُقابل حين يُوظَّف الدين بشقه الشعائري المنزوع من المقاصد والقيم يتحول إلى أفيون حقيقي، ويستمرئ مُعتنقيه كل ذلٍ وهوانٍ تحت عنوان "القضاء والقدر"! وفي التاريخ الإنساني الكثير من القصص والتجارب لشعوب مختلفة، بعضها تسلح بقيم الدين ومقاصده الحقيقية فارتقى، وبعضها تسلح بقشور الدين فخدَّر عقله وقلبه.
ومن ضمن أفضال "طوفان الأقصى" اليوم- التي لا تُحصى- هو فرزه بين فئة تسلَّحت بأصول الدين ووعد الحق- تبارك وتعالى- فانتصرت، وفئة تستَّرت بالدين ونقَّبت في سيرته عن كل مثلبة ونشاز وسوَّقت له لتخدير أتباعها بالدين، وجعلت من الدين أفيونًا حقيقيًا للشعوب. ومن جزَّأ مقولة كارل ماركس واختزلها في شطرها الأول "الدين أفيون الشعوب"، أرادَ النيل من الدين بعمومه ومحاربة التديُّن أيًا كان شكله وهويته، كمَّن جزَّأ آية "ويلٌ للمصلين"، بينما من خذل فلسطين والحق العربي التاريخي فيها وبرَّر للعدو احتلاله وتنكيله وجرائمه، طبَّق على الأرض الشطر المبتور من مقولة ماركس، وحقق على الأرض مقاصد أعداء الدين.
لم تكتفِ "اللينينية" بتسويق الشطر المبتور من مقولة ماركس، والتي هوَّلها الغرب لاحقًا في فصول ما عُرفت بـ"الحرب الباردة" بين المعسكرين الشرقي الاشتراكي والغربي الرأسمالي؛ بل غلَّفَت نفسها بالكثير من نظريات ماركس حتى أفقدته العلمية والاعتدال والعقلانية في الكثير من طرحه ونتاجه الفكري، خاصة عند شريحة ممن يقرأون بأسماعهم.
العقيدة القتالية الصلبة لدى فصائل المقاومة اليوم والتي أذهلت العدو ورعاته في جميع المُنازلات، تحوَّلت إلى خانة الضد النوعي للكيان الغاصب وسردياته البالية بأحقيته التاريخية في فلسطين، وتستره خلف التوراة والدين، رغم أنَّ الصهيونية في حقيقتها حركة وضعية دنيوية ناكرة للدين، تشكَّلت من غُلاة المسيحيين الإنجيليين وغُلاة اليهود، والديانتان منهم براء.
وفي سياق غير مُنفصل للحديث عن ماركس، يُحكى أنَّ أحدهم عاتب عبدالخالق محجوب زعيم الحزب الشيوعي السوداني عتابًا قاسيًا على "اتِّباعه" فكر ماركس وهو ابن زاوية صوفية؛ حيث ردَّ عليه محجوب بكل ثقة وهدوء وبلكنة سودانية عميقة: "أنا ما ماركسي، ماركس هو اللي مُسلم".
قبل اللقاء.. يقاتلوننا بالتوراة المُحرَّفة والصهيونية الجامِحة، ونُقاتلهم بالذكر الحصين الذي لا يأتيه الباطل، فيتحقق الوعد الصادق. والله غالب على أمره...
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وضع الأوطان مرآة لحكامها وليس لشعوبها!!!
بينما أقلب في جهازي اليوم وجدت مقال سابق لي لم أتوفق في إرساله للصحف في زحمة الحياة اليومية ،ولذلك أرسله اليوم لأنه يظل يرد على مواقف بعض الكتاب "الرمادية" في الأمس واليوم ولربما الغد!
قرأت مقال للزميلة باتحاد الصحفيين والكتاب العرب فوزية رشيد بتاريخ 24 ديسمبر 2024 بعنوان" الأوطان مرآة شعوبها!"، وقد استفزني المقال لأنني شعرت فيه باتهام مبطن لبعض الشعوب بأنها سيئة ولذلك فهي تدمر بلادها، و وبرغم جودة المقال والجراءة الظاهرة فيه، ولكنه يستدعي الرد والنقاش حول ما جاء فيه، بدأت الزميلة بالقول )الأوطان في فعل عكسها لما يجري فيها، تشير إلى حقيقة شعوبها، ....... ! فهي الأوطان التي تعكس ما وصلت إليه شعوبها من رقي وحضارة وثقافة وقيم أو تخلف وتأخر وجهل !(
ومن هنا نجدها تبدأ بالهجوم على الشعوب متهمة إياها بالتخلف والتأخر والجهل دون إيضاح أسباب ذلك التخلف وهل لحكام تلك الشعوب دور فيه ام لا!!! وخاصة قادة الأنظمة الاستبدادية الحاكمة فيه عسكرية كانت ام مدنية!!!
ثم تستميت في الهجوم على الشعوب مع غض النظر عن استبدادية حكامها فنجدها تكتب ..) ما يهمنا أننا نرى أوطاناً عربية تمتلك كل الإمكانيات وتمتلك ثروات مختلفة، لكنها وبيد أبنائها تمزقت وتخلفت واضطربت، بعد أن استجابت بفئات فيها إلى مسارات الفوضى المرسومة لها، والمخططات التي تعبث بمصائرها، ( !
وهنا نجدها تخاف ان توجه الاتهام للحكام صراحة وتوجه الى "فئات فيها"
!!! ثم تستمر في الهجوم على الشعوب وتمايز بينها بأن )هناك شعوب بالفطرة تغلب عليها وعلى سلوكياتها الرؤية الوطنية، فتفدي أوطانها بالغالي( !!! ثم تعود لاتهام الأوطان بأنها دمرت نفسها بنفسها وفي ذلك تبرئة واضحة للحكام فتقول )بينما أوطان عربية سلمت نفسها وعلى يد بعض أبنائها إلى الخراب والدمار، ولم تفهم في لغة الوطن إلا مصالحها الأنانية، بل دمرت شعوبها، ومارست القتل فيهم بناء على اختلافات مذهبية أو إيديولوجية،(
أجد الخلط الواضح في المقال بين الشعوب والاوطان والحكام، فحين تريد التجريم تتهم الشعوب او تذكر الأوطان ولكأني بأن تلك الشعوب هب الفاعل الحقيقي والمالك للقوة العسكرية والأمنية التي يمكن من خلالها فرض قرارها السياسي وخياراتها، في حين ان الزميلة العزيزة تعلم علم اليقين بأن تلك الشعوب ترضخ تحت حكم القهر والاستبداد وبالحديد والنار!!!
وكأني بها قد أستحت في نهاية المقال فحاولت بقدر الإمكان الإشارة من طرف خفي لجرم الحكام فكتبت ) رأينا .... كيف تبيع أنظمة دول أبناءها للحفاظ على بقائها، وكيف تمارس أبشع الجرائم في حق مواطنيها، … والخلاصة أن كل من يفعل ذلك، لا يفهم معنى الوطن، ولا قيمة الإنسان، ولا يدرك معنى الإخلاص للوطن ولشعبه، ولا يرى نفسه قط في مرآة الوطن ومرآة التاريخ !(
ان الحقيقة الثابتة هي انه ليست هناك شعوب لها سلوك وطني وأخرى لا تملك ذلك السلوك، ولكن هناك شعوب تصر الأنظمة العالمية على ضرورة ان تظل تحت الحكم الاستبدادي مع حاكم "عميل" حتى يتسنى لها سرقة موارد تلك الشعوب بثمن بخس، فتعمل تلك الأنظمة العالمية على دعم وتقوية النظام العميل، ويقوم هذا الأخير وأصحاب المصالح حوله بإحكام قبضتهم الأمنية على الوطن وجعله سجنا كبيرا، غالبا سجنا مليء بالتعذيب والسحل والقتل وأحيانا سجنا ناعما!!!
ان قهر الشعوب يتم أحيانا من خلال تلك الأقلام التي تريد ان تشعره بعقدة الذنب وانه سبب تخلفه وفي نفس الوقت تقوم بتبرئة الحكام بصورة ناعمة. والحقيقة التي تخاف الكاتبة عن البوح بها هي أن الأوطان مرآة لحكامها، او لشعوبها المقهورة .
abdelgadir@hotmail.com