بعد مرور أكثر من عقد على بداية الربيع العربي وعام على معركة طوفان الأقصى، لا تزال المنطقة العربية تعيش تداعيات تلك الثورات التي وعدت بتغيير الأنظمة السياسية والاجتماعية، لكنها في معظم الحالات تعثرت لأسباب عديدة ليس مقامها هنا الآن. وكان من تجليات التعثر حالة الصمت الواضح ضد ما يحدث لأهلنا في غزة، نعم هناك جهود مقدرة تبذل ولكنها كانت دون مستوى المعركة، وهو ما فتح شهية الاحتلال للعربدة في عدة دول عربية دون رادع أو خوف، فالعديد من الأنظمة الاستبدادية استعادت قوتها، والشعوب أُعيدت إلى حالة من الإحباط.



والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد الشعوب على استعادة دورها الفعّال في مواجهة تلك الأنظمة؟ في هذا المقال نطرح بعض الأفكار في هذه المجال، وهي استكمال للسلسلة التي بدأناها بمقال "في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى.. لماذا تقاعسنا وكيف ننصرهم؟"، ثم تتالت المقالات بعد ذلك وهذا رابعهم.

1- استغلال وسائل الإعلام الجديد والرقمنة

لا يكفي أن توجَه الدعوات للتظاهر السلمي أو لأي أنشطة عبر منصات التواصل، ولكن لا بد من وجود خطة واضحة وتوحيد وتركيز للجهود ووجود لخبراء متخصصين في هذا المجال الذي يتطور بسرعة هائلة مع دخول الذكاء الصناعي وقواعد البيانات الكبيرة في الموضوع، فضلا عن الهندسة المجتمعية والاجتماعية ونحو ذلك من العلوم. نعم توجد وسائل إعلامية لديها خبر متزايدة في هذا المجال وهو أمر جيد، لكنها تُنشر بهدف الوصول للجمهور وليس الهدف "الحشد والتعبئة".

عندما يكون الحشد والتعبئة هو الهدف المقصود تختلف السياسات جذريا في هذه الحالة؛ لأنه حينها سيكون الإطار الضابط لكل الجهود على منصات التواصل الاجتماعي، وللتدليل على أهمية منصات التواصل في تشكيل الوعي والحشد والتعبئة تكاد غالبية الشعوب العربية تعلم جيدا قصة "الذباب الإلكتروني"
عندما يكون الحشد والتعبئة هو الهدف المقصود تختلف السياسات جذريا في هذه الحالة؛ لأنه حينها سيكون الإطار الضابط لكل الجهود على منصات التواصل الاجتماعي، وللتدليل على أهمية منصات التواصل في تشكيل الوعي والحشد والتعبئة تكاد غالبية الشعوب العربية تعلم جيدا قصة "الذباب الإلكتروني"، والذي هو عبارة عن جيوش من الموظفين الحكوميين المتفرغين في دول الخليج كالسعودية والإمارات ومصر وربما دول أخرى؛ لتوجيه الرأي العام أو إثارة البلبلة أو تحويل اهتمام الناس بعيدا عن قضية مركزية إلى قضية هامشية تافهة.

لذلك يجب أن نعي أن كثير من دعوات التظاهر أو التضامن لم تنجح بسبب غياب الاستراتيجيات الفاعلة في هذا المجال، فضلا عن توحيد وتنسيق الجهود بين كافة الجهات الفاعلة.

أيضا للتدليل على أهمية هذا الجانب، نذكر بأنه خلال "الربيع العربي" كانت وسائل التواصل الاجتماعي عاملا محوريا في تحفيز الجماهير وتوحيد صفوفها واستدعائها إلى الواجهة والنزول والاعتصام في الشوارع، ومواقع مثل تويتر وفيسبوك ساعدت الناشطين على تنظيم الاحتجاجات وجذب انتباه العالم إلى قضاياهم، والثورة المصرية (25 يناير) كانت المثال الأبرز على ذلك، حيث انطلقت من دعوات على منصات التواصل.

رغم أن الأنظمة استجابت بزيادة الرقابة الإلكترونية وحجب المواقع، إلا أن هناك فرصا جديدة لاستغلال وسائل الإعلام الرقمي من خلال استخدام أدوات مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) لتجنب الرقابة، إلى جانب بناء منصات إعلامية مستقلة، واستخدام الذكاء الاصطناعي كما أسلفنا والكثير من التقنيات والاستراتيجيات التي يعلمها أهل هذا المجال.

2- التحالفات الشعبية العابرة للحدود
"الربيع العربي" أظهر أن التحركات الجماهيرية في دولة واحدة يمكن أن تؤثر في دول أخرى؛ ولكن من المهم تحويل هذه الموجات المتتالية إلى تحالفات منظمة
لا يمكن لأي حركة شعبية مواجهة الأنظمة القمعية بمعزل عن محيطها الإقليمي أو الدولي. "الربيع العربي" أظهر أن التحركات الجماهيرية في دولة واحدة يمكن أن تؤثر في دول أخرى؛ ولكن من المهم تحويل هذه الموجات المتتالية إلى تحالفات منظمة وهو ما أسميته في مقال سابق بأقلمة الثورة أو تثوير الإقليم.

لذلك من المهم بناء تحالفات عابرة للحدود بين الناشطين لتبادل الأفكار والخبرات في آليات واستراتيجيات النضال السلمي الضاغط، خاصة في ظل توفر وسائل التواصل الاجتماعي التي تسهل عملية. ويمكن استلهام الكثير من الدروس من التاريخ الحديث، فحركة مناهضة الفاشية في أوروبا تشكلت في أعقاب الحرب العالمية الأولى وامتدت عبر عدة قارات لمواجهة صعود الأنظمة الفاشية وضمت الحركة: منظمات عمالية وأحزاب اشتراكية وشيوعية وفوضوية وقوى ليبرالية وديمقراطية ونسقت بشكل كبير فيما بينها لتحقيق أهدافها، كذلك تجربة مناهضة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والتحالفات العالمية الشعبية التي تشكلت لتحقيق ذلك.

هذه النماذج وغيرها قد تُستلهم في المنطقة العربية من خلال تشكيل تحالفات تنسيقية بين الحركات الشعبية والسياسية من أجل مواجهة الأنظمة الاستبدادية التي تعيق نصرة غزة، بل تساهم في الإبادة، وخلق صوت موحد من المحيط للخليج داعم للقضية وللتحرر الوطني.

3- استدامة الحركة من خلال الاقتصاد الذاتي

أحد العوامل الرئيسية في إضعاف الحركات الشعبية هو اعتمادها على التمويل الخارجي، مما يجعلها عرضة للضغوط السياسية، في هذا السياق، تظهر أهمية الاقتصاد الذاتي كوسيلة لتحقيق استقلالية الحركات. الحركات الشعبية التي تعتمد على مواردها الذاتية تكون أقل عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية، سواء كانت تلك الموارد مالية أو بشرية، ولتخفيض تكاليف العمل، يبرز التنسيق وتوحيد الجهود وتوزيع الأدوار كاستراتيجية فاعلة وناجعة لتخفيف الضغوط والاستغلال الأمثل للموارد المالية والبشرية، ويبرز الوقف الإسلامي بثقافته وتاريخه كحل مثالي لمن يحسن فهمه.

كما أن الاقتصاد الذاتي يعتمد كذلك على فكرة المقاطعة الإيجابية والتي لا تكتفي بمقاطعة البضائع الصهيونية، ولكنها توفر بديلا محليا وتشجعه وربما تروج له مقابل جزء من الأرباح يعود لصالح مشاريع دعم القضية.

ومن الأمثلة التاريخية الناجحة على ذلك، تجربة الحركات المناهضة للاستعمار في الهند بقيادة المهاتما غاندي. غاندي شجع على مبدأ "السوادشي" أو الاعتماد على المنتجات المحلية لمقاومة الهيمنة البريطانية الاقتصادية، وهذا ساعد في تمويل الحركات الشعبية والاستمرار في مواجهة الاستعمار.

4- التعليم السياسي ومعركة الوعي

التعليم السياسي المنهجي هو أحد العوامل الأساسية التي تحتاجها الشعوب لاستعادة قوتها في مواجهة الأنظمة، هناك جهود معتبرة في هذا المجال نظرا لتوفر عناصره وأدواته، ولكنه يظل عشوائيا بين العاملين فيه، لا توجد خطط مثلا بين أهم قنوات البرودكاست على يوتيوب للتركيز على قضايا بعينها من زوايا مختلفة وبقوالب بصرية مختلفة، لا توجد روابط تنسيقية للمؤثرين على منصات التواصل للعمل وفق أولويات محددة في معركة الوعي عموما وبناء الوعي السياسي خصوصا.

الوعي الصحيح ليس فقط مفتاحا لفهم الشعوب لحقوقها، بل هو أيضا وسيلة لتنظيم حركات أكثر فعالية. خلال "الربيع العربي"، كانت هناك فجوة كبيرة بين القاعدة الشعبية والقيادات السياسية المعارضة ولا تزال، حيث لم تكن غالبية الشعوب على دراية كافية بالآليات السياسية اللازمة لتحقيق مطالبهم ولا قيادات المعارضة قادرة على التواصل الفاعل البنّاء مع شعوبهم.

تُعد تجربة جنوب أفريقيا في مكافحة نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) مثالا على أهمية التعليم السياسي. فنيلسون مانديلا كان من الذين عززوا الوعي الشعبي حول أهمية النضال السلمي والمقاطعة الاقتصادية لتحقيق التغيير. من خلال التعليم السياسي المكثف، استطاعوا توحيد المجتمع وتحقيق انتصار ضد النظام العنصري.

5- دور الجاليات العربية والإسلامية والضغوط الدولية

الجاليات العربية والإسلامية تشكل قوة كبيرة في الخارج، خاصة مع تزايد أعداد العرب المهاجرين والمغتربين بعد الثورات والحروب. هؤلاء المهاجرون والمغتربون يمكن أن يلعبوا دورا محوريا في دعم القضايا الوطنية لبلدانهم من خلال تشكيل جماعات ضغط (لوبي) في الدول التي يقيمون فيها.

التاريخ يظهر أن الحركات الاحتجاجية السلمية، رغم أنها قد تبدو أبطأ في تحقيق التغيير، تكون أكثر استدامة على المدى الطويل
دعني أخبرك بمعلومة صادمة نشرتها جامعة إنديانا الأمريكية عن حجم أموال الزكاة التي أخرجها المسلمون في الولايات المتحدة في عام 2021 وفقا للجامعة، فقد بلغت 1.8 مليار دولار في عام واحد!!

على الجانب الآخر ميزانية اللوبي الصهيوني الرسمية نحو 50 مليون دولار أمريكي ومصاريف الدورة الانتخابية لعام 2021-2022، أنفقت AIPAC ما يقارب 30 مليون دولار على الحملات الانتخابية عبر صندوق العمل السياسي التابع لها، والمصاريف من مصادر غير مباشرة لا تتجاوز في معظم السنوات حاجز المئة مليون دولار!!

أي أن حجم أموال الزكاة للمسلمون في أمريكا المنفقة سنويا تكفي لبناء لوبي قوته المالية تعادل قوة اللوبي الصهيوني عشرين ضعفا!! ولنا أن نتخيل حجم التقصير الحاصل من قبلنا في هذا الجانب وكم الدماء التي كان يمكن حقنها، ولو تم استغلال هذه الموارد بالشكل الأمثل في دعم قضايانا داخل المؤسسات الأمريكية وكله وفقا للقانون.

كما يجب الاستفادة من تجربة الشتات الفلسطيني والتي تعد نموذجا ناجحا لاستغلال القوة الناعمة في الخارج. الفلسطينيون المقيمون في أوروبا وأمريكا الشمالية ساهموا في تشكيل جماعات ضغط سياسية وثقافية لدعم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي. لذلك، يمكن استخدام نفس الاستراتيجية من قبل شعوب المنطقة العربية الأخرى لبناء دعم دولي لقضاياهم الوطنية والضغط على الأنظمة الاستبدادية.

6- الثورات القائمة على اللاعنف

التاريخ يظهر أن الحركات الاحتجاجية السلمية، رغم أنها قد تبدو أبطأ في تحقيق التغيير، تكون أكثر استدامة على المدى الطويل؛ الثورة التونسية والمصرية ونموذج الهند بقيادة غاندي، ونموذج جنوب أفريقيا بقيادة مانديلا.. تثبت أن المقاومة السلمية يمكن أن تكون فعّالة جدا في مواجهة الأنظمة القمعية. اللاعنف يمنح الحركات الشعبية الشرعية الدولية، ويجذب الدعم من المجتمع الدولي، خصوصا مع الاختلال الكبير والهائل في موازين القوى بين الأنظمة والشعوب.

لا يمكن إغفال دور الديناميات الدولية في دعم أو إعاقة الحركات الشعبية. الأنظمة القمعية في العالم العربي تحصل على دعم من قوى دولية -مصر نموذجا- سواء من خلال المساعدات العسكرية أو الاقتصادية، لذلك يجب على الحركات الشعبية أن تكون واعية بأهمية كسب الدعم الدولي أو على الأقل تحييد تأثير القوى الداعمة للأنظمة
في مقال سابق من هذه السلسة تكلمت بالتفصيل عن حرب اللاعنف وأهميتها في المرحلة الحالية والقادمة، وأرجو ألا تدفعنا إحباطات مالات ثورات الربيع العربي الحالية إلى اليأس، فتاريخ الثورات ممتلئ عن آخره بموجات متعددة من الارتفاع والهبوط بفواصل زمنية سنوات وأحيانا عشرات السنوات، حتى تستقر الأوضاع ويتحقق التخلص الكامل من النظام القديم وتستقر الأمور للنظام الجديد المنشود، وأحسب أن طوفان الأقصى كان بمثابة المسرّع لهذه النقلة المنتظرة لشعوبنا، فالوقت أحسبه يقاس حاليا بالشهور وليس السنين الطوال.

7- الديناميات الدولية ودورها في التغيير

لا يمكن إغفال دور الديناميات الدولية في دعم أو إعاقة الحركات الشعبية. الأنظمة القمعية في العالم العربي تحصل على دعم من قوى دولية -مصر نموذجا- سواء من خلال المساعدات العسكرية أو الاقتصادية، لذلك يجب على الحركات الشعبية أن تكون واعية بأهمية كسب الدعم الدولي أو على الأقل تحييد تأثير القوى الداعمة للأنظمة.

نموذج الثورة الإيرانية في 1979 يظهر كيف يمكن أن تتغير موازين القوى العالمية عندما تضعف علاقات الأنظمة مع حلفائها الدوليين. عند فقدان الشاه دعم الغرب، أصبح النظام الإيراني عرضة للسقوط. تحتاج الشعوب العربية اليوم إلى فهم أعمق للعلاقات الدولية وكيف يمكن استغلالها لتحقيق مطالبهم.

إعادة إحياء الحركات الشعبية في العالم العربي لنصرة فلسطين والتخلص من الأنظمة الاستبدادية يتطلب استراتيجيات جديدة ومتكاملة وفق خطة واضحة ونخبة ممتازة قادرة على قيادة التغيير والشعوب، وأنوّه في النهاية أن فهم الإطار العام الجامع للفكرة لا يمكن أن يكون مكتملا أو ناضجا إلا بقراءة السلسلة كاملة وما تلاها من مقالات كما أوضحنا في بداية المقال، وهي محاولة متواضعة لتفكيك التساؤل الأهم لدى الجميع، ما العمل لنصرة غزة وفلسطين؟ فهل نكون على مستوى المسئولية؟

* للنقاش حول المقال:
x.com/Mamdouh_Almonir
t.me/Mamdouh_Almoner
facebook.com/@Mamdouh.Almonir

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الثورة المقاومة غزة الثورة المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأنظمة الاستبدادیة التواصل الاجتماعی على منصات التواصل التعلیم السیاسی الربیع العربی فی هذا المجال على أهمیة فی مواجهة لا یمکن یمکن أن من خلال فی دول فی دعم

إقرأ أيضاً:

في رمضان تختلف قصص الشعوب وعاداتهم.. تعرف على أبرزها

منذ الإعلان عن بدء شهر رمضان المبارك تبدأ العادات المختلفة التي يُستقبل بها الشهر الفضيل، وتختلف الممارسات من دولة لأخرى ومن مدينة لمدينة باختلاف الثقافات ولكنها تجتمع في فرحتها بحلوله.

فكيف يُستقبل رمضان وما الأناشيد التي يستقبل فيها المسلمون رمضان؟ في قطر تعتبر "رمضان جانا" من أشهر الأغاني التي يستقبل فيها، وهي أيقونة من الأيقونات في الشهر الفضيل، قام بغنائها محمد عبد المطلب لأول مرة عام 1362 هجري الموافق 1943 ميلادي ومازالت تتردد عند ثبوت رؤية هلاله.

"وحوي يا وحوي" تنتشر بخاصة في المقاهي والمحال التجارية بمصر، وعلى شاشة التلفاز أو عبر موجات الأثير بالإذاعة. وبمجرد الإعلان عن ثبوت هلال رمضان بالمغرب، يظهر على التلفزيون العمومي عازف بجلبابه التقليدي وطربوشه الأحمر وهو يعزف بآلة نفخ نحاسية حادة الصوت موسيقى مقتبسة من ابتهالات مغربية ترتبط بصلاة الفجر تسمى "تهلالت".

ارتبطت أغنية "سألتك لله" للفنان محمود الإدريسي في أذهان السعوديين بشهر رمضان المبارك لفترة طويلة منذ بداية الثمانينيات.

????كل عام وأنتم بألف خير، أعاده الله عليكم بالخير واليُمن والبركات

???? #في_بلدك فقرة تتفاعل معكم خلال شهر رمضان، شاركونا في التعليقات وأخبرونا من أين تتابعون الجزيرة #ثقافة pic.twitter.com/LH5idQcjQp

— الجزيرة نت | ثقافة (@AJA_culture) February 28, 2025

شهر الرحمة

تكثر المسميات لوصف الشهر الفضيل، ويعتبر "رمضان" الاسم الأكثر شيوعا ويُستخدم في معظم الدول العربية والإسلامية. و"رمضان المبارك" يستخدم إضافة لتأكيد الطابع المقدس لهذه المناسبة.

إعلان

"شهر الصوم" يُشير إلى وظيفة الشهر الأساسية وهي الصيام، "شهر الرحمة" يُستخدم للدلالة على الرحمة والمغفرة التي يحملها، "شهر الغفران" يُعبر عن فرصة العباد لمغفرة الذنوب. وشهر البركة يُلمّح إلى البركات التي يتم الحصول عليها. و"الشهر الفضيل" يُشير إلى فضل رمضان وأهميته الروحية.

صلاة التراويح

تزداد المساجد والمصليات التي تقيم صلاة التراويح والقيام في العالم الإسلامي، وتشتهر كل دولة بمسجد يأتي إليه المصلون من مختلف المناطق، ففي قطر مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب أشهر وأكبر المساجد ويستقطب أعدادا كبيرة من المصلين خلال رمضان.

ويعتبر مسجد الدولة الكبير من أهم المساجد لصلاة التراويح في الكويت، ويتميز بتصميمه المعماري وسعته الكبيرة وكذلك تقام فيه فعاليات دينية طوال الشهر.

وتجهز مصليات في المساحات الخارجية بالمغرب وتحضر مكبرات الصوت وتفرش بالسجادات لتتسع للأعداد الكبيرة التي تتوافد عليها، وعلى سبيل المثال: مصلى مدينة سلا يتوافد عليه الآلاف من مختلف المدن المجاورة.

وفي الأردن يعتبر مسجد الملك عبد الله الأول الذي يتميز بقبته الزرقاء الكبيرة من أبرز المساجد، وهو مكان للصلاة والفعاليات الإسلامية.

مدفع الإفطار

يعد مدفع الإفطار من أبرز ملامح رمضان بالكثير من الدول، وتبدأ مراسم الاحتفال برمضان عن طريق إطلاق مدفع الإفطار أو الإمساك في القاهرة قبل نحو 600 عام، ثم انتقلت إلى الدول العربية واحدة تلو الأخرى. ورغم اندثارها في بعض المدن، فإنها ما تزال جزءا لا يتجزأ من الفولكلور الشعبي في العديد من الدول العربية، خاصة دول الخليج.

وقد تعددت الروايات عن بداية استخدام المدفع الرمضاني في مصر، إلا أن الآراء انحصرت في ثلاث:

تعود الرواية الأولى إلى عهد الوالي المملوكي خوش قدم، حيث بدأ المدفع عمله سنة 869 هـ، فسمع المصريون دوي طلقة المدفع فظنوا أنها إيذانا لهم بالإفطار، فاستحسنوا هذا التقليد الجديد، وصار عادة شعبية.

إعلان

أما الرواية الثانية تعود إلى عصر محمد علي باشا حيث بدأت عام 1811، وحين امتلك جيشه مدافع حديثة الصُنع، وفي أحد أيام رمضان انطلقت من المدفع طلقة مع أذان المغرب، فظن الناس أنها كانت وسيلة لإعلامهم بموعد الإفطار وابتهجوا لذلك، ومنذ هذا الحين أمر الوالي بإطلاق المدفعية وقت الإفطار والإمساك.

أما الرواية الثالثة فتعود إلى عصر الخديوي إسماعيل، حيث كان جنوده يُنظفون المدافع الحربية الموجودة بالقلعة، فانطلقت بالخطأ قذيفة من المدفع وقت غروب الشمس في رمضان، فاعتقد الشعب أنه تقليد حكومي جديد واستحسنوه.

المشروب الرئيسي

لا تخلو مائدة إفطار الصائمين في دول الخليج العربي من مشروب مركز الفواكه "فيمتو" الذي يلقى رواجا موسميا يرتبط بالشهر الكريم، ويعد المشروب الشعبي في هذه الفترة مقارنة بأي مشروب آخر.

يعتبر "العرقسوس" أحد أشهر المشروبات المصرية، والرمضانية بالتحديد، وتعد شخصية بائع العرقسوس أحد الفولكلوريات المصرية بزيه المميز.

و"قمر الدين" أشهر المشروبات الرمضانية في العالم العربي، ويصنع من شرائح فاكهة المشمش عن طريق تجفيف عصير تلك الثمار، وتشتهر سوريا بإنتاج وتصدير قمر الدين.

"الجلاب" شراب سكري ينتشر في بلاد الشام، خاصة لبنان، ويعرف بفوائده الصحية الكثيرة لتعويض الجسم عما فقده من أملاح، وإمداده بالفيتامينات والمعادن. ويكثر احتساؤه في رمضان لأنه يبدد الشعور بالعطش أثناء الحر الشديد.

ويعد "السوبيا" أحد أشهر المشروبات الرمضانية التي يحرص عليها السعوديون وخاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة لما له من نكهة خاصة، ويصنع من الشعير، أو الخبز الناشف، أو الشوفان، أو الزبيب أو التمر الهندي، ويضاف لها السكر وحب الهيل والقرفة، بالإضافة إلى مواد ملونة.

ذكريات المسحر

المسحراتي

يتولى المسحر أو المسحراتي مهمة إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر، فكان يجوب شوارع وأزقة الحارات حاملا ين يديه طبلته الصغيرة، وكان الأطفال ينتظرونه ليرافقوه مرددين معه الأناشيد قبل مطلع الفجر.

وتعود مهنة المسحراتي إلى عهد النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) وكان الصحابي بلال بن رباح أول من قام بهذه المهمة ومعه عبد الله بن مكتوم رضي الله عنهما.

إعلان

أما المسحراتي في الشام كان يمر على البيوت ويلقي الأناشيد الدينية الخاصة برمضان، وفي اليمن كان يقرع الأبواب، وفي المغرب كان يعزف المزمار.

وفي القرن الـ19، تطور المسحراتي في مصر والسودان، فكان يجول الشوارع والأزقة ومعه طفل يحمل فانوسا لينير له الطريق.

وعام 1964 اتخذت مهنة المسحراتي بعدا فنيا على يد الشاعر فؤاد حداد والموسيقار سيد مكاوي، حيث انطلق مسحراتي الإذاعة، ومع انتشار التلفزيون أبدع مكاوي في مزج فن التسحير بالوعظ والإنشاد في حب الوطن.

أما اليوم فصوت المسحراتي بات يخبو ومهمته بدأت تندثر مع التطور التكنولوجي وقيام المنبه والهاتف بدوره، لكن رغم ذلك لا صوت يمكن أن يضاهي صوت المسحراتي وتعابيره ودقات طبلته عند ساعات الفجر الأولى.

عادات غريبة

في إندونيسيا وفي إحدى المقاطعات، يسبح المسلمون في النهر، وأخذ حمام بالماء والليمون قبل حلول رمضان اعتقادًا بتنظيف الجسد واستعدادًا لصيام الشهر الفضيل.

وفي أفغانستان يرجئ الاحتفال لنهاية شهر رمضان، إذ يجتمع الآلاف لأداء رقصة "الأتان" التقليدية احتفالا بنهاية شهر الصوم واستقبالا لعيد الفطر.

ومن أغرب عادات الشعوب في رمضان على الإطلاق تلك التي تقوم بها مدينة بيشاور الباكستانية التي تشتهر بإقامتها لحفل عرس تجمع فيه كل الأطفال الذين يقومون بالصوم لأول مرة، لتشجيعهم على أداء هذه الفريضة الدينية.

وربما يمتلك شعب موريتانيا العادة الأغرب، إذ يحلق الرجال رؤوسهم قبل الشهر الفضيل بأيام، حتى يتزامن نمو الشعر الجديد مع نهاية الشهر، وتسمى "زغبة رمضان" أو "شعر رمضان" وهي عادة تمزج بين الثقافتين العربية والأفريقية.

ويتميز شعب جزر القمر بواحدة من أجمل العادات الخاصة بشهر رمضان، ففي الليلة الأولى يخرج السكان حاملين المشاعل ويتوجهون إلى السواحل، إذ ينعكس نور المشاعل على المياه، ويقرعون الطبول إعلانًا بقدوم شهر الصوم.

إعلان

وفي أوزبكستان يتم التحضير فيها لحفلات إفطار جماعية حيث يدعى الأهل والأصدقاء والجيران، ولا بد من أن يُذبح خروف على الإفطار وتقدم مع أرغفة الخبز كبيرة الحجم.

مقالات مشابهة

  • السودان واليونسكو يؤكدان أهمية التنسيق الإقليمي لمواجهة تحديات التعليم العالي لفترة ما بعد الحرب
  • وزارة الإعلام: ننوه إلى وسائل الإعلام العربية والغربية التعامل بدقة ومصداقية مع الأحداث الجارية وعدم الوقوع في فخاخ الشائعات التي يتم ضخها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متصاعد وممنهج
  • رجل بيغ بن حامل علم فلسطين يثير جدلا بمنصات التواصل
  • في رمضان تختلف قصص الشعوب وعاداتهم.. تعرف على أبرزها
  • المتحدث باسم وزارة الدفاع: ‏بعد استعادة الأمن والاستقرار في مدن الساحل.. البدء في المرحلة الثانية التي تهدف إلى ملاحقة فلول وضباط نظام الأسد البائد في الأرياف والجبال
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تشيد بقرار السيد القائد إمهال العدو الصهيوني 4 أيام
  • البرلمان العربي ينوه بالإسهامات التي حققتها المرأة العربية على كافة الأصعدة
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تشيد بقرار السيد القائد إمهال الاحتلال أربعة أيام لإدخال المساعدات لغزة
  • مصدر بوزارة الدفاع لـ سانا: بعد استعادة السيطرة على معظم المناطق التي عاثت فيها فلول النظام البائد فساداً وإجراماً؛ تعلن وزارة الدفاع بالتنسيق مع إدارة الأمن العام إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل، وذلك لضبط المخالفات ومنع التجاوزات وعودة الاستقرار تد
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون