الأكاديمي اللبناني سعود المولى: ما يحدث حاليا هو نتاج الانقلاب على الثورات العربية
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
وخلال مشاركته في بودكاست "البلاد"، ذكر المولى أن المنطقة بدأت تتجه للإيمان بأن العنف هو الحل الوحيد في ظل هذا التوحش الإسرائيلي المدعوم أميركيا.
وأضاف أن بعض العلمانيين ممن يعرفهم أصبحوا يتحدثون عن صحة سلوك زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن تجاه هذه الطريقة في التعامل التي قضت على كل احتمالات التغيير السلمي.
ويرى المولى أن ما يجري حاليا هو نتاج الانقلاب الذي جرى خلال العقد الماضي على الثورات العربية، حتى لا يصل الإخوان المسلمون إلى الحكم في عدد من الدول. وقال إن ما يجري حاليا سيولد جماعات أكثر عنفا.
وأضاف أن ما يحدث بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية -على سبيل المثال- ليس إلا نتاجا "لفساد السلطة الفلسطينية"، وأن المأساة الإنسانية في لبنان سببها عدم استعداد الحكومة لهذا الوضع خلال عام كامل من الحرب في قطاع غزة.
أزمة النضال العربيوأشار إلى أن مشكلة النضال السياسي العربي أنه لا يضع مشاريع لما بعد التحرر أو حتى خلال خوضه معركة النضال، مشيرا إلى أن التاريخ مليء بحركات النضال التي لم تحسن العمل السياسي كما هي الحال في الجزائر بعد الاستقلال ومصر بعد انتصار أكتوبر/تشرين الأول 1973 الذي تلقى طعنة في الظهر، وكذلك في السلطة الفلسطينية التي أصبحت غالبية العاملين بها منتفعين، وفق تعبيره.
وذكر الأكاديمي اللبناني أن مدينته طرابلس تمثل حالة خاصة في التعاطف مع كل حركات التحرر العربية وغير العربية، مشيرا إلى أنها تولي قضية فلسطين أهمية خاصة.
ووفقا للمولى، فقد كانت طرابلس العاصمة في أيام الدولة العثمانية قبل الانتداب البريطاني، وقد رفضت فكرة إقامة دولة لبنانية، لأنها كانت تطالب بإقامة كيان أوسع هو بلاد الشام (سوريا، لبنان، فلسطين).
وكان القطاع الأوسع من المسلمين في لبنان عموما غير مهتمين بلبنان قدر اهتمامهم بالكيان الأكبر المتمثل في بلاد الشام، وخصوصا طرابلس التي كانت تمتلك علاقات بحماة وحمص أكبر بكثير من علاقاتها بجبل لبنان، حسب المولى.
لكن الأمور تغيرت بعد عام 1936، عندما بدأت بلاد الشام تستقل كدول منفصلة، كما يقول المولى، مشيرا إلى أن مدينة طرابلس قدمت الكثير من شبابها في انتفاضة الاستقلال عندما دهست الدبابات العديد من طلاب المرحلة الثانوية.
ومثلت نكسة 1967 لحظة تحول كبيرة في التاريخ اللبناني -كما يقول المولى- لأنها كشفت عمق الخلافات الطائفية الموجودة بالبلاد، لأن هذه الطائفية لم يكن معروفا عمقها قبل هذه الهزيمة التي هزت الأحزاب السياسية اللبنانية، ودفعتها لكثير من الانقسامات.
الانحياز للقضية الفلسطينيةكما انحازت طرابلس للقيادة الفلسطينية عندما لجأت لها بعد خروجها من لبنان 1982 حيث اصطدمت المدينة بالنظام السوري دفاعا عن القادة الفلسطينيين، مما جعلها مستباحة من جانب سلطات دمشق التي نفذت العديد من الاغتيالات بالمدينة، حسب المولى.
ووضح المولى -الذي كان عضوا في الكتيبة الطلابية- أن الساحة السياسية اللبنانية ومعها القيادة الفلسطينية عاشت خلافا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بين من يرون وحدة العرب سبيلا لتحرير فلسطين، ومن يرون أن تحرير فلسطين هو باب الوحدة العربية، لافتا إلى أنهم اكتشفوا لاحقا أن المجتمع الدولي لن يسمح بضرب إسرائيل.
وعن طريقة التعامل مع هذا الوضع المعقد، بيّن عالم الاجتماع اللبناني أن الوحدة الشعبية هي الأساس الذي يجب البناء عليه لمواجهة أزمة الخلافات المذهبية أو الطائفية أو السياسية التي هي جزء من الواقع العربي المتأزم.
وأشار إلى أن هذه الوحدة يعاد بناؤها من جديد لكن بصعوبة شديدة بسبب ما يمارسه الاحتلال من توحش في ظل تراجع الدور الحكومي العربي.
فساد الأنظمةوقال المولى إن ما يحدث بحق الفلسطينيين في الضفة على سبيل المثال ليس إلا نتاجا "لفساد السلطة الفلسطينية"، وإن المأساة الإنسانية في لبنان سببها عدم استعداد الحكومة لهذا الوضع خلال عام كامل من الحرب في غزة.
وعن زعيم حزب الله الرحل حسن نصر الله، ذكر المولى أنه كان محكوما بمعادلات أوصلت لبنان إلى أزمته الحالية لأن الحزب بدأ يفقد وهجه -الذي حصل عليه عام 2006 من مختلف الأطياف العربية- بسبب انخراطه إلى جانب بشار الأسد ضد شعبه بدلا من أن يستغل سمعته وماضيه وعلاقاته بالأسد والمرشد الإيراني لعمل مصالحة في سوريا بدلا من إشعال الحرب.
وأعرب عن اعتقاده بأن هذا الانخراط في الأزمة السورية كانت سببا في انكشاف حزب الله مخابراتيا للولايات المتحدة ومن ثم لإسرائيل، معربا عن اعتقاده بأن هذه الاغتيالات التي وصلت لرأس الحزب لا يمكن أن تكون قائمة على التقنيات فقط دون وجود تدخل بشري لتقديم معلومات.
وخلص المولى إلى ضرورة أن تبحث الدول العربية في اللحظة الحالية عن مصير وشكل المنطقة بعد حرب غزة، مؤكدا أن كل ما جرى من حوارات "إسلامية-إسلامية" أو "إسلامية-مسيحية" خلال العقود الماضية لم تكن جادة أبدا.
28/10/2024المزيد من نفس البرنامجقصص مروعة لعائلات عربية سحب منها أطفالها في السويد وألمانياتابع الجزيرة نت على:
facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وفاة أيقونة المسرح اللبناني أنطوان كرباج في بيروت عن 89 عاما
توفي الممثل والمسرحي اللبناني أنطوان كرباج، الأحد، في بيروت عن 89 عاما إثر معاناة مع مرض ألزهايمر أرغمته على الغياب عن الساحة الفنية في السنوات الأخيرة، بعد مسيرة تمثيلية طويلة شكّل خلالها أحد أبرز أركان المسرح والتلفزيون في لبنان.
وفارق كرباج الحياة مساء الأحد في "بيت القديس جاورجيوس" حيث كان يعيش منذ سنوات بفعل إصابته بمرض ألزهايمر، وفق ما أفادت مصادر في دار المسنين هذه التابعة لمطرانية بيروت للروم الأرثوذكس.
وكانت عائلة كرباج أوضحت أنّ الممثل الذي لاحقته مرارا شائعات الوفاة في السنوات الأخيرة، انتقل للعيش في مركز لرعاية المسنين في شباط/ فبراير 2020 نظرا لحاجته إلى عناية طبية ومراقبة متخصصة باستمرار نتيجة إصابته بالزهايمر.
ظهرت موهبته التمثيلية في سنوات حياته المبكرة، وبدأ كرباج المولود في قرية زبوغا بمنطقة المتن الشمالي في أيلول/ سبتمبر سنة 1935، التمثيل على خشبة مسرح الجامعة في أواخر خمسينات القرن العشرين.
والتحق كرباج بعدها بمعهد المسرح الحديث التابع للجنة مهرجانات بعلبك الدولية بإدارة منير أبو دبس، وساهم في إنشاء فرقة المسرح الحديث التي أدت دورا رائدا في الحركة المسرحية في لبنان والعالم العربي.
ولاحظ زميله وصديقه الممثل والمسرحي رفعت طربيه في تصريح لوكالة "فرانس برس" أن أنطوان كرباج "أبدع في المسرح الإغريقي في "أوديب ملكا" ومسرحيات شكسبير كـ"ماكبث" التي بدأ بها حياته المسرحية".
لكن التعاون الأبرز مسرحيا في مسيرة الممثل كان مع الأخوين عاصي ومنصور الرحباني منذ نهاية الستينات، إذ قدّم على مدى سنوات أدوارا لا تزال محفورة في ذاكرة الجمهور اللبناني، بينها الطاغية "فاتك المتسلط" في مسرحية "جبال الصوان" (1969)، و"المهرب" في "يعيش يعيش"(1970)، و"الوالي" في "صح النوم" (1971)، و"الملك غيبون" في "ناطورة المفاتيح" (1972)، والقائد الروماني في "بترا" (1977).
"ممثل عالمي"
وأشار الصحفي الذي رافق الحركة الثقافية منذ سبعينات القرن العشرين ميشال معيكي إلى أن كرباج "كان الصوت الهادر في مسرح الأخوين رحباني، بحضوره وصوته وأدائه" و"من أبرز القامات المسرحية في لبنان".
وأضاف: "كان (...) سريع النكتة وحاضر الذهن، وهذا ما لفت انتباه عاصي الرحباني فاختاره ليتولى بطولة مسرحياته".
أما طربيه فقال إن كرباج "كان يتمتع بقلب طفل في التعامل وكان عظيما على المسرح بحضوره الهائل وصوته الرائع". ورأى فيه "ممثلا عالميا من طينة الممثلين الذين نفتقر إليهم ليس فقط في لبنان بل في العالم".
ومع أن كرباج "كان من كبار الأسماء على صعيد التمثيل"، إلا أنه بحسب معيكي "لم يكتب نصوصا مسرحية ولم يخض الإخراج. بل برز على الخشبة كممثل كبير وقدير وفي التلفزيون".
وبعد انقطاع سنوات، عاد كرباج إلى المسرح الرحباني مع مسرحية "حكم الرعيان" سنة 2004، من تأليف منصور الرحباني وإخراج مروان الرحباني، ثم شارك في "زنوبيا" (2007) و"عودة الفينيق" (2008).
وعلى التلفزيون، قدّم أنطوان كرباج عشرات الأدوار التي أثرت المكتبة الفنية اللبنانية، بدءا بمشاركته في مسلسل "من يوم ليوم" للأخوين الرحباني في مطلع السبعينات، ثم بأدائه شخصية "جان فالجان" في مسلسل "البؤساء" عن قصة الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو (1974)، ودور "المفتش" في مسلسل "لمن تغني الطيور" (1976)، وأيضا دور "بربر آغا" في المسلسل الشهير الذي حمل اسم الشخصية سنة 1979.
كما كان لكرباج في سنوات مسيرته الطويلة مشاركات في أعمال سينمائية، خصوصا في ثمانينات القرن العشرين، مع المخرج سمير الغصيني في فيلمي "نساء في خطر" (1982)، و"الصفقة" (1984)، وفي "امرأة في بيت عملاق" للمخرج زيناردي حبيس (1985).
"صرح" مسرحي
وقد غاب أنطوان كرباج عن الساحة الفنية في الأعوام الأخيرة، واقتصرت إطلالاته على بعض الأدوار الصغيرة في مسلسلات لبنانية في سنوات مطلع القرن الحالي، قبل أن يغيب تدريجا بسبب تدهور وضعه الصحي.
وقال معيكي: "كان أهم ما فيه ذاكرته ويا للأسف أصابه المرض في ذاكرته. كان يكتفي بقراءة المسرحية مرة أو مرتين فيحفظها من دون أن يضطر إلى مراجعة دوره".
وإثر الإعلان عن نبأ وفاة كرباج، حفلت صفحات الشبكات الاجتماعية في لبنان برسائل تعزية من مشاهير ومستخدمين آخرين أشادوا بالممثل الراحل بوصفه أحد رواد المسرح في لبنان ومن أهم وجوه "الزمن الجميل" في الفن اللبناني.
ووصف وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة كرباج في منشور على منصة "إكس" بأنه "كان صرحا (...) من صروح المسرح اللبناني في عصره الذهبي".