ألقى الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، صباح اليوم، محاضرةً علميةً لعدد من دعاة دولة ماليزيا، بأكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى، حول خطورة الإلحاد وتأثيره على تماسك المجتمعات.

أمين البحوث الإسلامية: العمل الدعوي واجب دِيني ووطني أمين البحوث الإسلامية يجتمع بمسئولي شئون المناطق

وقال الدكتور الجندي: إنَّ الإلحاد مرضٌ عُضال يصيب نسيج المجتمع؛ فهو يفتِّت الروابط الدِّينية التي تجمعنا، ويقوِّض الثوابت الأخلاقية التي تحفظ كِياننا، فكما أنَّ الجسد لا يستطيع أن يعيش دون روح، فإن المجتمع لا يستطيع أن يزدهر دون إيمان يوحِّد أفراده ويربطهم ببعضهم بعضًا.

وأوضح الأمين العام أنَّ الإلحاد يسلب الفرد هُويَّته ويشعره بالضياع، فبدلًا من أن يكون جزءًا من منظومة قيم ومعتقدات راسخة، يجد نفسه وحيدًا في عالَم بارد لا يقدم له أي معنًى للحياة، مؤكِّدًا أن الإيمان هو بوصلة الإنسان التي توجِّهه نحو الخير والصلاح.

واستعرض الأمين العام العديد من الحُجَج والبراهين العقلية التي تدلُّ على وجود الخالق سبحانه وتعالى، مشيرًا إلى أنَّ عظمة الخَلْق شاهدة على وجود الخالق؛ فعندما نتأمَّل عظمة الكون وبديع صُنعه، لا يسعنا إلا أن نؤمن بوجود خالق عظيم، فالنظام الدقيق الذي يحكم الكون، والتنوُّع الهائل في الكائنات الحيَّة وغيرها؛ كلها دلائل قاطعة على وجود قوَّة عُليا خلقت وأبدعت، فالكون كتاب مفتوح يروي قصة الخَلْق، وكل شيء فيه يشير إلى وجود خالق حكيم، ومَن يقرأ هذا الكتاب بعناية وتركيز، لا يمكن إلا أن يؤمن بوجود الله تعالى.

واختتم الدكتور محمد الجندي بأنَّ الحوار سبيلٌ إلى القلوب، مشدِّدًا على أنَّ الحوار مع الملحِد يجب أن يكون قائمًا على الحكمة واللين، بعيدًا عن الجدل العقيم والسخرية، فهدفنا ليس إهانة الآخر أو إثبات صحَّة رأينا بالقوَّة، بل هو توصيل الحقيقة بأسلوب حضاري يفتح القلوب والعقول.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: امين البحوث الإسلامية البحوث الإسلامية الأزهر محمد الجندي الدكتور محمد الجندي البحوث الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

بين عبد الله زروق وجيمس ماريوت

في ذات ندوة من الندوات، علَّق الوزير عبد الباسط سبدرات منتقدًا كثرة استشهادنا بأقوال (الخوّاجات من الإنجليز والفرنسيين والأمريكان)، مع تجاهلنا التام لما يقوله العرب والسودانيون.
تذكرت هذا وأنا أقرأ مقالا عن الإيمان والإلحاد للكاتب جيمس ماريوت في صحيفة التايمز نشره يوم أمس الاثنين 28 أبريل 2025، والمقال مكتوب بمناسبة موت البابا واختيار بديل له، وحمل عنوان: يأتي الإيمان إلينا بسهولة لسبب وجيه.

وقفز إلى الذهن وأنا أوغل في قراءة المقال فصل مهم عن الإلحاد والإيمان للأستاذ الدكتور عبد الله حسن زروق (رئيس قسم الفلسفة بجامعة الخرطوم سابقا وبكلية علوم الوحي بماليزيا)، الذي ناقش هذه الأفكار باستفاضة وعمق في كتابه (مدخل إلى الفلسفة) الصادر في 2020.
يستهل كاتب التايمز ماريوت بفقرة مهمة يقول فيها: “إن اليقظة الدينية اليوم تتماشى مع تطور البشرية، ولعلّ نمو الإلحاد بعد الحرب العالمية الثانية كان مجرد خلل مؤقت”.
ويشير إلى أن حركة “الإلحاد الجديد”، التي ازدهرت في بداية هذا القرن، يعدُّ انحرافًا في السياق الأوسع للتاريخ البشري.

الكاتب يصف نفسه بأنه غير متدين وبأن لديه آراء سلبية عن الدين، لكنه مع ذلك يعترف بأنه لم يوجد مجتمع بشري قط دون دين ورجال دين، وأن تبجيل ما وراء الطبيعة هو سمة جنسنا البشري. الإيمان هو أساسنا، وهو حالة طبيعية قد نعود إليها. في المملكة المتحدة وفرنسا، ارتفع مؤخرًا عدد رواد الكنائس – بما في ذلك تضاعف عدد البريطانيين الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا بمقدار أربعة أضعاف. أما في أمريكا، حيث اللامبالاة العامة تجاه الدين في وقت ما، فقد توقف تراجع المسيحية.

ويمضي الكاتب إلى القول: ربما يكون الشعور الغربي المنحرف بأن العلمانية هي المعيار هو ما يجعل مظاهر العودة إلى الإيمان تبدو مفاجئة. قد ننظر إلى فترة العلمانية في أواخر القرن العشرين على أنها شذوذ تاريخي وجغرافي.

إن النفوذ الاجتماعي أو الأدبي الذي حازه الإلحاد في بدايات القرن العشرين يعود إلى عصر الاستنارة في أوروبا التي رفضت ممارسات دينية غير مقبولة، واضطهاد الكنيسة للعلماء.
وعلى الرغم من ظهور الحركة الإلحادية الجديدة على يدي دانيال دينيت في 2006 وآخرين، فإن العالم يشهد إحياءً للدين، يتمثل في مظاهر كثيرة منها ظهور اتجاهات تدعو للتعددية واحترام الثقافات والأديان. وهذا ناشئ من اضمحلال الوضعية المنطقية وظهور الكثير من الاكتشافات العلمية المؤيدة للإيمان والدين مثل نظرية الانفجار العظيم، فضلا عن الشعور المتنامي لدى قطاعات كبيرة أن الدين يمنحهم الراحة النفسية والسلوى والرضا عكس القيم المادية المجردة التي تفقد الإنسان الإحساس بالمعنى والخيال والإيمان بالغيب.
رأيت تشابهًا بين الدكتور زروق وكاتب التايمز في أن كليهما ينظران إلى الدين بوصفه جزءًا لا يتجزأ من هويتنا وأن الإيمان جزءٌ لا يتجزأ من ماهية الإنسان. والاثنان يتناولان دانيال دينيت مؤسس الحركة الإلحادية الجديدة.

وكلا الرجلين ينظران إلى الإلحاد على أنه نوع من الزيغ، بل ينقل ماريوت عن عالم الدين الإسلامي تيموثي وينتر قوله إن الإلحاد مرض نفسي، قائلا: “هي فكرة تخطر ببالي كلما قرأتُ عن حكماء العصر الفيكتوري أمثال جون راسكين وتوماس كارليل. بالنسبة لهم، كان فقدان الإيمان كارثةً مصيريةً دفعت بعض أقرانهم إلى حافة الانتحار. لقد اعتدنا العيش دون إيمان لدرجة أننا نميل إلى نسيان مدى الصدمة التي مر بها العديد من أسلافنا الذين افتقدوا الإيمان، وهو أمرٌ جديرٌ بالتذكر عندما نبحث عن جذور أزمة الصحة النفسية”.

تيموثي وينتر المذكور هنا هو تيموثي جُون وِينْتَر‏ الذي سمى نفسه بعد اسلامه عبد الحكيم مراد، وهو باحث وكاتب وأكاديمي بريطاني مختص في الدين الإسلامي والعلاقات الإسلامية المسيحية، عميد كلية كامبريدج الإسلامية.

وإذا كان من وجه شبه آخر بين ما كتبه زروق وما جاء في مقال التايمز، فهو أن زروق اعتنى بتفسير ظاهرة انتشار الإلحاد خاصة وسط تيارات من الشباب العربي، فذكر من بين الأسباب أن بعض النظم الحاكمة التي رفعت شعار الإسلام لم تكن مُرضِية ونظر البعض إلى الجماعة الحاكمة باسم الإسلام على أنها هي الممثلة للدين، ومن عادة الناس ـ وهي عادة غير منطقية ـ أنهم إذا اعتبروا شخصا أو جماعة ممثلة للدين، ولم يكن سلوك ذلك الشخص أو تلك الجماعة مرضية، فإنهم يرفضون ما يمثله ويدعو إليه.

ويرى كاتب التايمز أن مما يجذب البعض للإيمان هو أن المجتمعات العلمانية فاشلة تمامًا في إعادة إنتاج نفسها. وفي المقابل تحقق الجماعات الدينية – وخاصةً الأصولية الدينية – قصة نجاحٍ عظيمة في مجال الخصوبة في عصرٍ يشهد انخفاضًا في معدلات المواليد. في أمريكا، تضاعف عدد السكان لطائفة الأميش خلال العشرين عامًا الماضية. وقد حُسب أنه إذا استقرأنا الاتجاهات الديموغرافية الحالية (وهذا ليس بالضرورة أمرًا علميًا دقيقًا)، فقد يُشكل الأميش غالبية السكان الأمريكيين خلال مئتي عام.

ونختم بمقارنة غير متكافئة بين زروق وجيمس ماريوت، هي أن الأخير قد يجد من يستشهد بكلامه من المسلمين والعرب، مع أن ما كتبه مجرد مقال في جريدة… أليس هو (خوّاجا)؟ في حين أن قلة من القراء قد يعثرون على كتاب مدخل إلى الفلسفة في موقع zaroug.net وأرجو أن يهتموا بتصفحه، فهو حصيلة أربعين عامًا من الحياة العلمية ما بين جامعة لندن وجامعات الخرطوم وكوالالمبور وقطر والملك سعود.

كتب ـ د. عثمان أبوزيد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الأمين المساعد للبحوث الإسلامية: "كل جرم بحق طفل هو جرم لحق المجتمع بأكمله"
  • الأمين العام للأمم المتحدة: حرية الصحافة ركيزة الشعوب ودعامة العدالة
  • مع استمرار الهجمات المميتة على الفاشر، الأمين العام يحث المجتمع الدولي على التحرك لوضع حد للمعاناة
  • بين عبد الله زروق وجيمس ماريوت
  • سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية .. هذه مهام الأمين العام
  • رئيس وزراء باكستان يكرم الأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي
  • البحوث الإسلامية يعقد اختبارات الواعظات المرشحات لتوعية الحجاج
  • البحوث الإسلامية ينظم الأسبوع الدعوي السابع بجامعة الإسكندرية السبت المقبل
  • الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لدعم جهود سوريا نحو الاستقرار والتعافي
  • الأمين العام لمجلس الشورى يشارك في اجتماع الأمناء العامين للمجالس الأعضاء في منتدى حوار جنوب – جنوب