هل أجر كفالة اللقيط مثل اليتيم؟.. حكمها وثوابها في الإسلام
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
هل أجر كفالة اللقيط مثل كفالة اليتيم ؟، سؤال نجيب عنه بموجب ما ذكرته دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، حيث سائل يقول: ما ثواب كفالة مجهول النسب ورعايته؟ وهل ورد في الشرع الشريف الحث على كفالة اليتيم والإحسان إليه ورعايته وشموله بالحنان والحب، وهل يدخل اللقيط ومجهول النسب في هذا الحكم؟
هل أجر كفالة اللقيط مثل كفالة اليتيم؟اليتيم في معيار الشرع الشريف: هو من كان دون البلوغ وقد مات عنه أبوه، ويشمل ذلك ما لو كان أبوه مفقودًا غير معلومة حياته؛ لحصول المعنى الشرعي وهو: الفقد الحسي للأب الذي يُحدِث خَلَلا لا يُنكَر في حياة الولد ونشأته.
وهذا بعينه وأشد منه يكون في اللقيط؛ حيث يفقد أباه وأمه وكل أقاربه من الطرفين: الأم والأب، فيكون قد تحقق فيه اليُتم -وهو الفقد الحسي للأب دون بلوغ الولد- وزيادة.
وعليه: فالنصوص الشرعية في حق اليتيم تتوجه إلى اللقيط من باب أولى، ورعايةُ اللقيط وكفالته وتدبير أموره وشمولُه بالحنان والحب ودفء المشاعر أولى وأكثر ثوابًا من أمثال ذلك في اليتيم.
ما حكم كفالة مجهولي النسب؟قالت الإفتاء إن كفالة مجهولِي النَّسَب مُرَغَّبٌ فيها شرعًا، ومن فعلها يُرجَى له ثواب كافل اليتيم، بل إن زيادة حرمانه من أقاربه أدعى لزيادة ثواب كافله. موضحة أنه إذا تكفلت أسرة بتربية طفل يتيم معلوم النسب لا وصيَّ له أو طفل مجهول النَّسَب؛ لينشأ بين أفرادها، ويتمتع برعايتها وإنفاق عائلها عليه كفردٍ من أفرادها، عِوَضًا عمَّا فقده من جوٍّ أسريٍّ، فإن هذا يُعَدُّ عَمَلًا خَيْرِيًّا عَظِيمًا يَهْدفُ إلى توفير بِيئَةٍ صَالِحَةٍ للأطفال الذين فقدوا عوائلهم؛ صيانة لهم من الضَّياع، وعملًا على أن يكونوا أفرادًا صالحين في مجتمعاتهم نافعين لها.
وقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم في "صحيحه" والترمذي في "سننه" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» وأشار بإصبعيه السبَّابَة والوُسْطَى.
واليتيم هو الذي مات أَبوه ولم يبلغ الحلم، فهو يَتيمٌ حتى يبلغَ، فإِذا بلغ زال عنه اسمُ اليُتْم.
ما التصرف الشرعي لمن كان على جنابة وتعذر وجود الماء للطهارة؟|الإفتاء تجيب هل يجوز إظهار جزء من الشعر خارج الحجاب؟.. الإفتاء تحسم الجدلوالعلة في الحض على كفالة اليتيم كونه محرومًا من أبيه؛ وقد ذكر الأصوليون عند كلامهم على مسلك الإيماء من مسالك العلة: أنَّ من أنواع الإيماء اقتران الحكم بوصف مناسب؛ كـ(أكرِمِ العلماءَ، وأَهِنِ الجُهّالَ)؛ فإن الإكرام مناسب للعلم، والإهانة مناسبة للجهل، والمعلوم من تصرفات العقلاء ترتيب الأحكام على الأمور المناسبة، والشرع لا يخرج عن تصرفات العقلاء، ولأنه قد أُلِفَ من الشارع اعتبار المناسبات دون إلغائها، فإذا قَرَنَ بالحكم في لفظه وصفًا مناسبًا غلب على الظن اعتباره. ينظر "شرح الكوكب المُنِير" للعلامة الفتوحي (ص: 515، ط. السنة المحمدية).
إذا تقرَّر هذا فنقول: إذا كانت العِلَّةُ في فضيلة كفالة اليتيم حِرْمانَه من أبيه فهذه العلة مُتَحَقِّقَة في مجهول النسب بصورة أشد تأثيرًا في النفس وفي أمور الحياة التي تحتاج إلى مزيدٍ من العناية؛ لكون اليتيم معلومَ الأب، لا يلحقه عارٌ بموت أبيه، كما أنَّ له عائلةً ينتمي إليها، وأقاربَ قد يصلونه في يوم من الأيام، أما هذا فبسبب جهالة نسبه فإنه عُرضةٌ لأَنْ يَنبِذه المجتمع، مع كونه لا أب له ولا أقارب يُنتَظر وصلُهم له أو سؤالُهم عنه، وليست له عائلة ينتمي إليها، فقد تحقَّق فيه أصلُ معنى اليُتْم اللغوي الأعم وهو التفرد الشاملُ للمعنى الخاصِّ المنقولِ لليُتم في الإنسان وهو الحرمان من الأب والزائدُ عليه بالحرمان من الأهل والأقارب والعائلة، فصَدق عليه أنه يتيم بالمعنى الوضعي الْمَعْنِيِّ في الشرع بفضيلة كفالته نظرًا لحرمانه من أبيه وزيادة، فلما تحققت فيه عِلَّة الحكم وزادت في وصفها شَمله الحكمُ من باب أولى، وتأكَّدت في حَقِّه فضيلة الكفالة التي رغَّب فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورتَّب عليها الأجر العظيم.
وعليه: فإنَّ كفالة مجهولِي النَّسَب مُرَغَّبٌ فيها شرعًا، ومن فعلها يُرجَى له ثواب كافل اليتيم، بل إن زيادة حرمانه من أقاربه أدعى لزيادة ثواب كافله.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اليتيم كفالة اليتيم دار الإفتاء کفالة الیتیم
إقرأ أيضاً:
قصة فيديو قبل أربع سنوات
ذكرني أصدقائي من الجمهوريين في أمريكا من حملة ترمب بمقطع فيديو كنت قد شاركت فيه قبل أكثر من أربع سنوات حول النقاش المتعلق بأحداث العنف التي تلت مقتل جورج فلويد. كنت واضحًا وصريحًا ضد استغلال الديمقراطيين والليبراليين لمقتل فلويد في استهداف ترامب في معركة انتخابية تخص الليبراليين، ولا يستفيد منها السود ولا المهاجرون ولا الأقليات. قلت إنني حزين لسماع كلمات فلويد “لا أستطيع التنفس”، ولكن لو بقي في حياتي “نفس واحد” لن أدعم الليبراليين في استخدامهم أرواح السود في معركتهم ضد المحافظين، ثم لا يجني السود أي فائدة. ولم أكتف بذلك، بل قلت أيضًا إنني لا أدعم الهجوم على ترامب بسبب أنه قال يومًا ما “الإسلام يكرهنا”، لأن هذه العبارة ليست من تأليف ترامب، بل هي تعبير عن سوء تفاهم واسع النطاق widespread misunderstanding. وأنا أشكر ترامب لأنه قالها وتحمّل مسؤولية المواجهة، التي تفرض علي مناقشته والحوار لإزالة سوء التفاهم، بدلاً من أن يتم استغلالي ضده من قبل الذين يرغبون في تغيير الإسلام وتشويهه، وطمس أخلاق المسلمين وضرب قيم الأسرة والفطرة السليمة ونشر الشذوذ الجنسي بالإرهاب الفكري. المحافظون ينتقدون الإسلام ولكن لا يطالبوننا بتركه، بينما الليبراليون يفسدون الإسلام وكل الأديان، ويدفعون كل المتدينين لترك الدين في أهم مبادئه وهي قيم الأسرة.
علاقتي بالمجتمع الأمريكي ليست محصورة بالمحافظين، وتحديدًا اليمين الجمهوري والذي افتخر باصدقائي فيه. أنا لست مواطنًا أمريكيًا لأنتمي إلي الحزب الجمهوري أو الديموقراطي؛ أنا مسلم وسوداني وأفريقي، ولا أرغب البتة في التحول إلى مهاجر أو طالب لجوء. أزور الدول الغربية، وعملت في أمريكا ممثلاً لبلدي، ثم عدت إلى وطني مستفيدًا مما تعلمته من خير في أمريكا، وحذرًا مما رأيته من شر، لأن واجبي هو الاستفادة من التجربة الأمريكية وغيرها لصالح بلدي، وليس للحصول على جنسية أو جواز سفر.
أي دبلوماسية وطنية هذه التي تنتهي بلجوء سياسي وهجرة غير شرعية؟ هذه خيانة لبلدك ومهنتك ومخالفة للقانون في البلد الذي تقيم فيه.
لست منغلقا فقط على المحافظين، علاقتي بالديمقراطيين تشمل الأفارقة الأمريكان أيضًا، وأنا ضيف ثابت في تجمعاتهم، وبالتحديد المسلمين السود، وهذا طبيعي جدًا، لأنني مسلم وأفريقي، ولدي مسؤولية تجاههم لأنهم يقبلون مني ما لا يقبلون من غيري. كنت أذهب إلى مسجد محمد في واشنطن دي سي، وأجلس مع الإمام طالب، رئيس المركز هناك، وأتحدث عن قضايا العالم الإسلامي وكيف يمكن تجنيب المسلمين داء الإرهاب والتشويه الليبرالي في وقت واحد، لأن الضغط على المسلمين واضطهادهم يولد الإرهاب، ولكن أيضًا محاولات الحفاظ على حقوق المسلمين يقودها الليبراليون في أمريكا والغرب عموما، إلا أنهم يستخدمون هذا الدور في تحريضهم على المحافظين وضرب قيم الأسرة. أناقش هذه المعادلة المعقدة باستمرار وأعتقد أن الحوار مع الأفارقة الأمريكان من الديمقراطيين مهم أيضا لتحصين الإسلام من التطرف لجهة الارهاب أو الأجندة الليبرالية المزيفة، كلاهما خطر على الدين والإنسانية.
أنا سعيد للغاية بفوز ترامب، وسعيد لأن المسلمين والسود استخدموا التصويت العقابي ضد الأجندة الليبرالية المزيفة، وكسروا الحاجز ودشنوا (مسلمون من أجل ترمب).
مهما كان الخلاف مع ترمب؛ فقد وضع حدًا للتزييف والاختطاف في قضايا الأفارقة والمسلمين. غالبًا سيذكر أصدقائي الجمهوريون ستيف بانون وآخرين بمقطع الفيديو وسنعاود الحوار الذي إنقطع، ولعل ستيف نفسه يتذكر رأيي الذي اتفقت واختلفت معه حول قوله “غير صحيح أن معنى الإسلام هو السلام؛ المعنى هو الاستسلام”. لقد قلت بوضوح إن “ستيف على حق”، لأن تزوير المعاني لا يخدم الإسلام؛ فالترجمة الصحيحة لكلمة الإسلام هي “الاستسلام لله بسلام”، لكنها لا تعني السلام بصورة مباشرة. بل يجب تأسيس هذا المعنى على آيات وأحاديث أخرى، بدلاً من الكذب واستخدام تقارب الحروف في اللغة العربية بين كلمتي الإسلام والسلام.
أتمنى مواصلة الحوار، وأهم شيء هو إيقاف النفاق السياسي واستغلال الأقليات ومظالم المتدينين ضد الدين نفسه.
الفيديو:
مكي المغربي