عربي21:
2024-11-01@06:40:57 GMT

سندريلا في أنفاق غزة!

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

وجدت تعبير الرجل السندريلا، أول ما وجدت، في فيلم هيرو (داستن هوفمان وآندي جارسيا)، وقد عُرض في المملكة المتحدة بعنوان "بطل بالمصادفة"، وهو من أفلامي المفضلة التي أنصح بمشاهدتها لفهم العقل الأمريكي العجيب، وسبب إعجابي بالفيلم هو تفسيره لمعنى البطولة في أمريكا، وهو علاوة على ذلك مشوق وماتع. وثمة أفلام أخرى عن الرجل السندريلا أقل جودة، لكن هذا الفلم يدلل على شرف النعل في الثقافة الغربية.

النعل في الغرب هو العقل. وهو تاج أيضا، المرء تاجه نعله، دليلي: السرعة، الغرب يعشق السرعة. يقول المسيري في مذاكرته إنه رسب في أول امتحان أمريكي، وقال لمعلميه في الجامعة: أنتم تختبرون سرعة الطالب لا عقله فأجروا له اختبارا ثانيا، "فداس بنزين" وفاز بالسرعة أيضا.

أما النعل في الثقافة العربية فمركوب ليس غير. لن تجد سوى الحكاية الطريفة عن أبي القاسم الطنبوري ونعله المشؤوم. وثمة مثال عربي آخر هو حُنين الذي ضرب به المثل في الخسران والحبط، فقيل فيه؛ عاد بخفي حنين، تعبيرا عن شدة الكّلّب وقلة السَلَب، أو في قول الزير: بؤ (ارجع) بشسع نعل كليب.

أصل حكاية السندريلا أنَّ صبية يتيمة عانت من زوجة أبيها وأختيها، وإنها حلمت بحضور حفلة الأمير التي سيختار فيها عروسه، فخرجت لها ساحرة أخذتها إلى الحفلة فرقصت مع الأمير فأحبها، فنسيت فردة نعلها فيها، فأصحبت أميرة القصر بفضل تلك الفردة.

السندريلا هي حكاية امرأة بلغت السعادة والمجد بفضل نعلها، أما سندريلا السينما العربية فهي سعاد حسني وليس في سيرتها وترجمتها نعال سوى خاتمتها فقد قضت قتلا، ولكنها راقصة جيدة، وإنّ فاتن حمامة أولى باللقب خاصة في فيلم "أفواه وأرانب"، عندما مثلت دور نعمت وهي امرأة ذات عقل ورأي، وإن جميع السندريلات العربيات هن سندريلات بيان وفصاحة ورأي، ليسن بينهن واحدة خلب نعلها أو رقصها قلب الأمير ولبّه.

نذكر على سبيل المثال السندريلا اعتماد الرميكية. يروي الرواة أن المعتمد كان يتنزه مع وزيره ابن عمار، على ضفاف نهر، فأنشد قائلا: نثر الجو على الأرض برد وسأل وزيره ابن عمار، الشاعر، أن يجيزه، فأرتج عليه، وكانت على شاطئ النهر جوارٍ، أجازته إحداهن، وقد سمعت قوله، فقالت: أيُّ درٍ لنحور لو جمد، فأعجب المعتمد بذكائها وجمالها، فاشتراها من سيدها وأعتقها ثم تزوجها، وجعلها سيدة الأندلس.

السندريلا حسب القافّة والنسابين، امرأة صينية، فالصينيون يعشقون المرأة صغيرة القدم، واليابانيون يحبون ذات السيقان المقوسة، أما العرب فيحبون التي "تدفي الضجيع وتروي الرضيع". وفي أسطورة طروادة كان مقتل أخيل في قدمه. وفي بريطانيا يقيسون المسافة بالقدم، أما العرب فيقيسونها بآلات القياس المعروفة؛ المتر والذراع والشبر وسواها، العرب أهل عقل ويد لا أهل نعل وقدم.

القدم من أهون الأعضاء عند العرب، ويستخدمون النعل للشتم والإهانة، ومن أقوالهم السائرة "َأدْنَأُ مِنَ الشِّسْعِ‏". ونذكر قدم أوديب في الأسطورة الإغريقية الشهيرة. وهناك مبنى في برلين رصّعت واجهته بمئات النعال. ومن أخبار الأحذية أنّ الفنانة اليابانية سلين دون حسدت زوجة الرئيس الفلبيني السابق املدا ماركوس على نعالها وكان لها ثلاثة آلاف نعل، فاحتازت 500 نعل استباقا لها!

وما أكثر اللوحات الغربية عن الحذاء؛ إن أشهر لوحة للفنان الألماني فان غوغ هي لوحة "حذاء فلاح"، وأصبحت حجّة للتأمّل الفلسفي عند هايدغر، في كتابه "أصل العمل الفني"، نجد نصا يشبه القصيدة! نذكر جائزة القدم الذهبية وهي جائزة كرة قدم، تقدّم في كل سنة لهدّاف أوروبي بعد أن صارت كرة القدم ديانة العصر، فاختُصر اللاعب إلى قدم. ونذكر سليم بركات أنه قبل ثلاثة عقود كتب مقالا ساخرا بعنوان "محاضرة بالقدمين"، يسخر فيها من حديث لماردونا "ذي القدم المقدسة"، كانت بلاغته في قدمه!

المرء عند العرب بأصغريه لسانه وقلبه، وقديما قال زهير بن أبي سلمى:

لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُـؤَادُهُ   فَلَمْ يَبْـقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالـدَّمِ

اشتق العرب من القدم الإقدام، ونجد نوادر وملحا في الأخبار العربية منها أن امرئ القيس مدح امرأته فوصفها بأنها: هَضيمَ الكَشحِ رَيّا الْمُخلخَلِ، أي كثيرة لحم الساقين، فلم ينزل.

وقالت العرب "زَلَّةُ الرَّأُيِ تُنْسيِ زَلَّةَ القَدَمِ"، يُضرب في السَّقْطَةِ تحصل من العاقل الحازم. وقالوا: "عَثَرَةُ القَدَمِ أسْلَمُ مِنْ عَثْرَةِ الِّلسانِ"، وقالوا: وفي الخَيْرِ لَهُ قَدَمٌ". ونجد صورا كوميدية في الأفلام العربية عن النعال، مثل جمع بسام كوسا لنعال حبيبته في فلم "كمبارس" فهل كان تروح حافية إلى البيت؟

هذه ديباجة للقول إنَّ باحثا غربيا قال: إن المدرسة العربية تخرّج عقولا في الطب والهندسة والاقتصاد يصيرون جميعا خدما لأغبى الطلاب وأكسلهم، يلبس جزمة العسكر فيركعون لها ويقولون طاعة!

وشهير مديح ترامب لنعل الرئيس "المكسيسي"، وحسده له على حذائه، ولا أظنه كان يقصد إهانته، كما فعل منتظر الزيدي مع بوش فقذفه بالجزمة، فصار بطلا مشهورا مبرورا، حتى أخذه وزير السوري الإعلام بالأحضان، وكان قد وفد إلى دمشق بطائرة خاصة!

يمكن الحديث عن الدول السندريلا، دول الجزمة: وهي بالعشرات، ومنها دول عربية نضرب عنها صفحا، ونذكر أخرى مثل: إسرائيل، سنغافورة، وهي دول تحرس بوابات البحر والمضائق المائية. أما سبب تذكرنا للسندريلا فهي أن القوم لم يجدوا ما يعيبون به الشهيد السنوار وزوجته سوى أن يتهموه بحيازة مبلغ قدره ثلاثة مليون دولار، يسرقه أقل رئيس بلدية شأنا، في دولة عربية، في بناء جسر ساقط، وزعموا أن أم إبراهيم التي فرت من الاحتلال كما فرّ أصحاب الرقيم بدينهم إلى الكهف، كانت ترتدي حذاء فاخرا، لتختال به في الأنفاق المظلمة على عمق خمسين مترا تحت الأرض.

أولاد ستين جزمة، إن يقولون إلا كذبا.

x.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السندريلا الثقافة الحكاية غزة الثقافة حكاية سندريلا مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الصهاينة العرب والطعن في نساء غزة!!

لم يعد خافيا أن الصهاينة لا يعتمدون فقط على أسلحتهم الشخصية، بل أصبح واضحا ومكشوفا أن لديهم طابور من المدافعين عنهم، ليسوا على مستوى الحكام والأنظمة فقط، بل على مستوى الكتاب والإعلاميين، ولا تتوقف سفاهة وبذاءة ما يخرج من ألسنة وأقلام المتهصينين العرب عند حد، فالهدف واحد، وهو: الطعن في المقاومة بأي شكل كان، فما لا يؤتي ثماره مباشرة، يتحول لمسار آخر، ولو كان بالدخول في مساحات تأباها المروءة العربية، والفطرة الإنسانية.

من آخر ما تم استخدامه وألقت به ألسنة هؤلاء، ما صدر من كاتب كويتي، ادعى فجرا وكذبا، بأن هناك من حدثه بأن الحرب في غزة، اضطرت بعض النساء للعمل بالدعارة، لأجل لقمة العيش! وقد لفظ هذا الكاتب كل الشرفاء في الكويت، فمنهم من رد عليه بإهانته بما يستحق، ومنهم من رفع دعوى ضده لدى النائب العام الكويتي.

وإذا كنا نرى مدخلية متصهينة، تتمسح بلباس مشايخ الدين، فهناك مداخلة مدنيون بلا لحى وجلاليب مشايخ، فالهدف واحد، ومصدر تلقي الأوامر واحد، والقلب الخبيث أيضا واحد، ومن يتأمل تاريخ النفاق والعمالة في عالم الدين والسياسة، سيجد أن الخوض في أعراض الشرفاء من المناضلين، وأهل المبادئ والقيم، ينشط دوما في وقت الحرب، أو وقت مقاومة الظلمة والظلم.

فمن رجع لعهد النبوة، سيجد أن حديث الإفك، والذي تم فيه الخوض في عرض السيدة عائشة رضي الله عنها، كان في غزوة بني المصطلق، أي: في وقت الحرب، لا السلم، فقد بدأت شرارة الخوض في عرض النبي صلى الله عليه وسلم في أتون الحرب، على يد رأس النفاق ابن سلول، راميا بكلامه الخبيث في المجتمع البريء، ليجعل الفرية تنطلق بين المؤمنين المخدوعين بكلامه، والذين سلبهم الشيطان بوسوسته.

لا تزال غزة وأحداثها تكشف كل خبيث ومريض في أوطاننا، وإن تسموا بأسمائنا، وتزيوا بأزيائنا، وتكلموا بلغتنا، لكن القلب والعقل والهوى صهيوني، ينضح بذلك لسانهم، وفلتات ألسنهم، بل انتقل الوضع من فلتات الألسن، إلى التبجح بما كان يخفونه من قبل، يظهرونه اليوم، لأن هناك أنظمة صارت تدعم هذه الأقلام والألسن، بل صارت تعقد ميزان الولاء منها، بمدى عدائك للمقاومة، واقترابك من الصهاينة ومشاريعهم.ولو انتقلنا لواقعنا المعيش، لا يفرق كثيرا، فبينما كان المعتصمون في ميدان رابعة العدوية، والخيام كلها ممتلئة بمن يقيمون الليل، ويصومون بالنهار، وقد كان الاعتصام في شهر رمضان، تخرج فرية من الإعلام المصري، من إعلاميين لم يتحلوا بذرة من شرف الخصومة، ليتكلموا عما سمي: بجهاد النكاح، علما بأن معظم المعتصمين، كان يروح ويجئ من بيته إلى الاعتصام!!

وقد كان منشأ الفرية والكذبة عندما أطلقت على ثوار سوريا، حتى يشوهوا نضالهم، فخرج إعلام بشار بهذه الكذبة، والتي مقصود بها تشويه أعراض المعارضين والثوار على الأنظمة. بل إن أحد الكتاب المصريين، راح يكتب قصة في منتهى الكذب والافتراء، عن سيدة ذهبت لأهلها تشكو أن زوجها اصطحبها مجبرة للاعتصام، لجهاد النكاح!!

من نفس معين الكذب والفجور، خرج الكاتب الكويتي المغمور، ليطلق فريته على نساء غزة الطاهرات، والكذب يفوح من كل حرف يقوله، ففي الوقت الذي لا يجد فيه المواطن الغزاوي ـ رجلا كان أم امرأة ـ مكانا لقضاء حاجته، ولا للاغتسال، وقد كانت في بداية الحرب يشكو عدد من النساء، من انعدام الفوط الصحية، لمن تأتيها الدورة الشهرية.

فإذا وصل الحال بالناس إلى غياب أدوات النظافة الضرورية، بفعل الحرب، وفعل المضيقين عليهم من الجيران، ممن لا تنقطع جسورهم لإمداد الكيان الصهيوني، بينما تمنع عن أهل غزة ضرورات الحياة، فمجتمع لا يجد خيمة تؤويه، ولو وجدها فالخيمة الواحدة تقبع فيها عائلة بأكلمها بكل درجات القرابة، وهي لا تحمي من حر الصيف، ولا برودة الشتاء، وقد خرجت للناس صور الأطفال ينامون في مياه الأمطار التي تسربت للخيام، يفترشونها، فخيمة مبتلة خير من صواريخ الاحتلال، إذا أمنوها لفترة.

في هذا الواقع البائس الذي يشاهده العالم، أنى لزوج أن يمارس حقه الطبيعي في الحلال؟! فلا مكان، ولا أمان، ولا حياة، ولا خلوة، فإذا جنبنا عنصر الإيمان والفضيلة والعفة، فهل مجتمع بهذا الشكل، يمكنه الإتيان بهذا الفعل حلالا كان أم حراما؟!

لكنه الكذب الممجوج، والذي أراد قائله أن يغلفه بأن ناقل الكفر ليس بكافر، فهو مجرد ناقل لكلام بالخوض في أعراض الطاهرات، لا بل هنا ناقل القذف قاذف في الشرع، وعقوبته في الشرع هي حد القذف شرعا، عن طريق السلطة القضائية والتنفيذية، ولا تقبل له شهادة أبدا، كما نص القرآن الكريم، فهو ساقط الشخصية والاعتبار بهذا الفعل، فضلا عن أنه يدخل تحت قوله تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ‌ٱلۡفَٰحِشَةُ ‌فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ) النور: 20.

إنه الكذب، وانعدام الشرف، والمستهدف من ذلك كله، ما ختم به الجمل الأخيرة في الكلام، أن حماس هي السبب وراء ذلك، فالمطلوب تشويه شرف المقاومة، بالخوض في شرف نساء غزة، فلا تزال غزة وأحداثها تكشف كل خبيث ومريض في أوطاننا، وإن تسموا بأسمائنا، وتزيوا بأزيائنا، وتكلموا بلغتنا، لكن القلب والعقل والهوى صهيوني، ينضح بذلك لسانهم، وفلتات ألسنهم، بل انتقل الوضع من فلتات الألسن، إلى التبجح بما كان يخفونه من قبل، يظهرونه اليوم، لأن هناك أنظمة صارت تدعم هذه الأقلام والألسن، بل صارت تعقد ميزان الولاء منها، بمدى عدائك للمقاومة، واقترابك من الصهاينة ومشاريعهم.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • الصهاينة العرب والطعن في نساء غزة!!
  • فستان سندريلا.. مايان السيد تشعل السوشيال ميديا
  • هكذا يتحالف بعض العرب مع عدو أمتهم
  • لماذا عاشت السندريلا سعاد حسني حياة تعيسة؟.. حسن يوسف يكشف السر قبل وفاته
  • زواج السندريلا والعندليب؟..المحكمة تُبرئ شقيقة سُعاد حُسني
  • بالخارطة.. توزيع العرب الأميركيين حسب الولايات
  • EFP ومركز السينما العربية يعلنان عن الفيلم فائز بـ جائزة النقاد العرب للأفلام الأوروبيةفي نسختها السادسة
  • نادي المقاولون العرب يهنئ الأهلي ببطولة القارات الثلاث
  • زعيم الأندية العربية.. تعليق مفاجئ من خالد الغندور بعد فوز الأهلي على العين
  • حسن يوسف.. «جاك ليمون العرب»