#مصطلحات_اسلامية: #الفتن
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
مقال الإثنين: 28 /10 /2024
الفتنة مصطلح آخر من جملة مفاهيم كثيرة جاء بها الاسلام، وهي تعني الابتلاء من الله للمرء أو الجماعة المؤمنة بتغيير الحال مؤقتا الى حالة مفرحة أو حالة مؤلمة، بقصد الامتحان والتمحيص، وهي مفهوم مختلف تماما عن المعنى اللغوي للفتنة الذي يعني الإيقاع بين اثنين أو أكثر بقصد تأليبهم على بعض وانشاء عداوة بينهم.
ورد هذا الموضوع في بيان كثير من الأمم السابقة، لكي يعلم المؤمنون أنها سنة كونية في كل زمان ومكان، وبين تعالى علتها بقوله: ” أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ” [البقرة:214]، كما ذكر قصص من ابتلاهم بالنعماء ولم يؤدوا حقها فجازاهم على ذلك في الدنيا والآخرة، مثل قارون وكنوزه، وثمود وقوتها، وفرعون وملكه..الخ.
ورأينا ان عظم الابتلاءات مرتبط بعلو المنزلة، فموسى عليه السلام كليم الله، كانت فتونه هي الأكبر: “وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا” [طه:40].
لذلك فالاعتقاد أن منح الله خير للانسان مكافأة، ومسه بسوء هو عقاب: “فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ . وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ” [الفجر:15-16]، هو اعتقاد خاطئ، بدليل قوله تعالى في الآيات التي تليها: “كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ..”.
لقد أراد الله من الدين تنظيم حياة الناس، لكي يؤدوا الوظيفة التي أناطها بهم وهي إعمار الأرض، والمحافظة على التوازن الحيوي والبيئي الذي أوجده لدوام الحياة عليها، فأنزل بالدين تشريعات عادلة تمنع الظلم والتعدي، وجعل الإيمان به وبيوم الحساب ضابطا للتقوى المبني على اتباع الدين، والتقوى دافعه الترغيب بجزاء الله (الجنة) للمستقيمين على منهجه، والترهيب من عقابه (جهنم) للمخالفين.
وجعل استحقاق الجنة متوقفا على تفوق أعماله الصالحة على السيئة منها، لذلك قرن تعالى دائما بين الإيمان به وعمل الصالحات.
ولما كان الظالمون والمتجبرون هم أكثر الناس تضررا من الصلاح المبني على العدالة والمساواة التي يحققها اتباع منهج الله المستقيم، لذلك ناصبوا منهج الله العداء، فصدوا عنه من ناحية، وبدلوا في أحكامه وحرّفوا كتب الله من ناحية أخرى.
أهم التحريفات في العقيدة نالت مبدأ التوحيد، فجعلوا لله أندادا وشركاء وابناء، وأما تحريفات الشرائع فكانت بإلغاء العمل الصالح كشرط لنوال الجنة.
فأتباع شريعة موسى عليه السلام ادعوا أنهم شعب الله وأحباؤه، وبالتالي فهم من سيحظى بالجنة، ولن ينالها سواهم.
وأتباع المسيح عليه السلام، أوهمهم المحرفون من أحبارهم ورهبانهم، أن المتطلب الوحيد لدخول الجنة هو الإيمان بالمسيح، لذلك فمن تعمّد باسمه فلا يسأل عن أعماله.
وأتباع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد ادعى المحرفون من بينهم ان اتباع آل البيت واعطائهم الولاية هي المتطلب الأساسي لدخول الجنة.
بالطبع فكل هؤلاء ضالون مضلون، فسلعة الله (الجنة) سلعة غالية، لأنها نعيم أبدي، فلا يمنعها تعالى إلا لمن استحقها وعمل بإخلاص للتؤهل لها.
فلا يكفي المرء أنه شهد لله بالوحدانية وصدق بما أنزله على رسوله، فذلك قول باللسان هين، قد يكون فيه المرء صادقا أو يقوله نفاقا وتقية، فلا يثبت مصداقيته إلا اتباعه الصراط المستقيم (منهج الله)، عملا وتطبيقا.
ولا يثبت ذلك غير مداومته عليه، مهما كانت الظروف وتغيرت الأحوال، وهذا لا يصدق به غير الابتلاء، بالصمود في وجه الفتن.
وأكثر صمود يتحقق عند الاستجابة لدعوة الجهاد، فذلك تصديق أكيد بما عاهد المؤمن الله عليه: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ” [أل عمران:142].
هكذا نتوصل الى أن ابتلاء المؤمن بالفتن هي وسيلة دقيقة لبيان صدق الإيمان، ولذلك جعلها الله تعالى سنة دائمة في أمته المؤمنة لتمييز المؤمنين عن المنافقين: “أوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ”.
في هذا العصر منحها النفط ليرى هل ينفقون على تقوية الأمة أم على البذخ والتعالي في البنيان.
وابتلاها بالكيان اللقيط ليرى من سيجاهدون في سبيله ومن يستسلمون لعدوهم بالتطبيع معه.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الفتن هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق
الاستغفار في الإسلام، الاستغفار هو عبادة عظيمة في الإسلام، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتوبة والتقوى.
هو وسيلة للتطهر من الذنوب والسيئات، ورجوع إلى الله سبحانه وتعالى بصدق.
ورغم أن الإنسان قد يخطئ ويقصر في حق الله، فإن الاستغفار يفتح له باب التوبة ويمنحه فرصة جديدة لتصحيح مساره.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، مما يدل على أن الاستغفار هو الطريق إلى المغفرة والرحمة.
فضل الاستغفار في الإسلام1. غفران الذنوب:
الاستغفار هو من أعظم الأسباب التي تمنح الإنسان المغفرة من الله سبحانه وتعالى، وتُذهب عنه ذنوبه مهما كانت كثرتها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من استغفر الله غفر له" (صحيح مسلم).
الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق2. زيادة الرزق:
الاستغفار هو سبب لجلب الرزق وزيادة النعم، يقول الله تعالى في سورة نوح: "فَقُلتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" (نوح: 10-12).
3. رفع البلاء:
الاستغفار يُزيل البلاء ويُخفف المصائب، ويُعتبر من الوسائل التي ترفع غضب الله وتدفع الأذى عن العبد.
4. تنقية القلوب من السيئات:
الاستغفار هو وسيلة لتطهير القلب من الذنوب، وتحريره من الشوائب التي قد تؤثر في علاقة المسلم بربه.
كيفية الاستغفار الصحيحة1. الإخلاص والصدق:
الاستغفار يجب أن يكون نابعًا من القلب، مع إقرار بالذنب والعزم على عدم العودة إليه.
2. الإكثار من الاستغفار:
الاستغفار ليس محددًا بوقت معين، بل ينبغي على المسلم أن يكثر من قول "أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه".
3. الاعتراف بالذنب:
الاعتراف بالخطأ والتوبة الصادقة هي الأساس في الاستغفار.
عاجل - دعاء المطر والبرد منافع الاستغفار
1. الطمأنينة النفسية:
الاستغفار يمنح العبد راحة نفسية، ويساهم في تهدئة قلبه.
2. تحقيق الراحة الروحية:
بإزالة المعاصي من القلب، يحقق الاستغفار الراحة الروحية، ويقوي العلاقة بالله.
3. دفع الفتن والشرور:
الاستغفار هو حماية للعبد من الوقوع في المعاصي، ويبعد عنه الشرور.
الاستغفار في أوقات مختلفة
1. عند القيام من النوم:
"اللهم اغفر لي ذنوبي كلها دقها وجلها، أولها وآخرها، علانيتها وسرها."
2. عند نزول المطر:
كما في الأحاديث النبوية التي ورد فيها الدعاء أثناء المطر، حيث الاستغفار في تلك اللحظات يعد فرصة عظيمة للتوبة.
3. قبل الصلاة:
استغفار العبد قبل الصلاة يجعل قلبه أكثر تقوى ويزيد من خشوعه.
دعاء المطر: أوقات مباركة لطلب الخير والاستجابةالاستغفار هو نعمة عظيمة من نعم الله تعالى، فهو يمنح الإنسان فرصة لتطهير نفسه من الذنوب والعودة إلى الله سبحانه وتعالى.
كما أن الاستغفار لا يقتصر على مجرد كلمات، بل يجب أن يكون نابعًا من القلب بصدق وإخلاص.
فلنحرص على الإكثار من الاستغفار في كل وقت، لنجني ثماره الطيبة من مغفرة، ورزق، وراحة نفسية، ونجاة من البلاء.