ما دلالات اختيار أسماء تقليدية لبرامج الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
يبدو لافتا أن عددا كبيرا من واجهات الذكاء الاصطناعي التوليدي تحمل أسماء قديمة تذكّر بالماضي، على غرار ألبرت ومنى وكلود وجورج، وهو ما يرى فيه خبراء طريقة للطَمْأنة في ظل ما تثيره هذه التكنولوجيا غير المسبوقة من مخاوف تُحدِث اهتزازات في المجتمعات، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
عندما كان رشيد بلعزيز -مثلا- يبحث عن اسم لأداته القائمة على الذكاء التوليدي والمتخصصة بالمساعدة في إنشاء الشركات، استشار فريقه التسويقي، وسرعان ما توافق معه على اسم جورج.
ويوضح رجل الأعمال المتحدر من مقاطعة جيرس في جنوب غربي فرنسا لوكالة فرانس برس أن هذا الاسم يوحي "بشخص هادئ" و"ذي خبرة"، ويرتبط بمفهوم "التقاليد والقيم".
ويضيف بلعزيز "ثمة حاجة إلى الهدوء لأن الناس غالبا ما يشعرون بالحماسة الزائدة عندما يريدون إطلاق أعمالهم التجارية".
ويتيح روبوت المحادثة (chatbot) "جورج" للمستخدمين التناقش في مشروعهم لإنتاج خطة عمل في بضع دقائق، في مهمة قد تستغرق عادة ما بين أسبوعين إلى ثلاثة.
ويقول بلعزيز إن هذه البرمجية موجودة "لوضع إطار عمل، بما يشبه دور المعلّم إلى حد ما".
كان أولريش تان، من المديرية الرقمية المشتركة بين الوزارات (دينوم) الذي طور "ألبير"، وهو مساعد بالذكاء الاصطناعي مستخدم في الإدارات الفرنسية، يبحث عن اسم "يُحفر في الذاكرة"، من دون أن يكون في شكل اختصار لعبارة أطول.
وقال "يعرف مسؤولون حكوميون اليوم (برنامج) الذكاء الاصطناعي هذا لأنه ليس الاسم الذي اعتدنا سماعه في أي مكان آخر، وبدرجة أقل في العالم الرقمي".
من المساعدة في البحث عن المعلومات، إلى تلخيص المستندات، مرورا حتى بالحصول على ردود على مراجعات المستخدمين؛ يستخدم حاليا ما يقرب من 200 موظف حكومي نظام "ألبير" الذي أُطلق في يناير/كانون الثاني في كثير من إدارات الدولة الفرنسية.
أما شركة "أنثروبيك" الناشئة في كاليفورنيا فأطلقت اسم "كلود" على نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بها، تكريما لعالم الرياضيات الأميركي كلود شانون الذي أتاحت نظرياته حول اللغة الثنائية المطبقة على الدوائر الكهربائية ظهور شبكات الاتصال الجماهيري الحديثة.
"كلود هنا لمساعدتك"… عبارة منشورة على الموقع الإلكتروني للشركة الناشئة التي كشفت عن نسختها الأولى من هذا البرنامج في مارس/آذار 2023.
مثل منافسه "شات جي بي تي" الذي أنشأته "أوبن إيه آي" وأثار طرحه في أواخر عام 2022 ثورة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، يستطيع "كلود" إنتاج جميع أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط باللغة اليومية، ويسمح بالتفاعل للمستخدمين مع برنامج آلي بشكل غير مسبوق.
ويحمل كل ذلك اسما "دافئا ومحبوبا"، وفق ما أوضحت ناطقة باسم "أنثروبيك" لوكالة فرانس برس.
وعلى المنوال نفسه، تقدم الشركة الفرنسية الناشئة "أسك منى" (Ask Mona) روبوت دردشة يتحدث مع مستخدمي الإنترنت لمدّهم بتوصيات تتلاءم مع تفضيلاتهم الشخصية، بينها مثلا رحلات ثقافية مجانية.
يرتبط هذا الاختيار للأسماء الأولى قبل كل شيء "بإستراتيجية طمأنة" في مواجهة التكنولوجيا "المخيفة"، وفق المتخصصة في السيميولوجيا غاييل بينيدا.
ودخلت أنظمة الذكاء التوليدي حياتنا قبل مدة وجيزة، سواء من خلال اختصار نصوص معقدة، أو إنتاج قصائد في ثوانٍ، أو اجتياز اختبارات طبية. لكنّ هذه الوثبة التقنية تبعث آمالا بقدر ما تثير مخاوف على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمجتمعي.
وتقول عالمة علم السيميولوجيا إيلودي ميلكاريك -لوكالة فرانس برس- إن الذكاء الاصطناعي يثير مخاوف مرتبطة "بمستقبل بائس، بما يشبه (روايات جورج) أورويل أو قصة تيرمينيتور".
وتؤكد أن "أفضل طريقة لدرء هذا الخوف" تتمثل في إعطاء برمجيات الذكاء الاصطناعي "عمقا تاريخيا"، يتجلى خصوصا عبر منحها أسماء أولى تقليدية.
وتقول ميلكاريك "نتخيل (لدى سماع أسماء مثل) كلود أو جورج أنهم لأناس من جيل قديم، ومن ثم استطاعوا أن يختزنوا حكمة معينة لها طابع إنساني".
ويرغب فريق "أنثروبيك" في أن يكوّن مستخدمو الإنترنت انطباعا عن روبوت الدردشة "كلود" بأنه "شخص نقصده لطلب النصيحة"، كما يفعل الناس مع أجدادهم.
يرى أولريش تان، من جانبه، أن الاتجاه نحو الأسماء القديمة وسيلة لتذكيرنا "بأنه كان هناك تقدم تكنولوجي في الماضي، وسيكون هناك تقدم في المستقبل".
ويختتم قائلا "اليوم، العمل على تقنية حديثة يعني في نهاية المطاف مواصلة هذا الزخم"، بما يشبه إقامة حلقة وصل بين الماضي والمستقبل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی التولیدی
إقرأ أيضاً:
الإمارات تحافظ على مكانتها مركزاً للاستثمار في الذكاء الاصطناعي
أبوظبي (الاتحاد)
تسهم الأساسيات الاقتصادية القوية لدولة الإمارات، والتركيز الاستراتيجي على الابتكار، ومكانة الدولة مركزاً للاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في التغلب على التقلبات المرتبطة بالتغيرات الجذرية في قطاع التي شهدها العالم مؤخراً، حسب دراسة صدرت عن شركة «فوركس دوت كوم». وتوقعت الدراسة أن تحافظ الإمارات على قدرتها على الجذب طويل الأجل للمستثمرين، والحفاظ على زخم نمو قطاع الذكاء الاصطناعي، على الرغم من الاضطرابات الأخيرة، مشيرة إلى أن التغييرات الحادثة في قطاع الذكاء الاصطناعي، أثارت التساؤلات حول تقييم سوق الذكاء الاصطناعي، باعتباره القطاع الذي أصبح مفتاحاً للاستراتيجيات الاقتصادية العالمية وخطط الابتكار المستقبلية.
وقالت الدراسة: إن الإمارات، تعتمد بشكل كبير على قطاع التكنولوجيا للبنيّة التحتيّة للبيانات، وكجزء من خطة تنويع الاستثمار بعيداً عن النفط، تمّ تخصيص أموال كبيرة للذكاء الاصطناعي والبيانات والابتكار. وأضافت أنه التطورات الخاصة بـ DeepSeek تسببت بزعزعة ثقة المستثمرين عالمياً، ما دفعهم إلى إعادة تقييم تخصيصات المحافظ وإعادة التفكير في وضع قطاع التكنولوجيا ملاذاً آمناً مع حلول عام 2025، حيث بدأ المستثمرون في المؤسسات والقطاع الخاص بالتحوّل نحو نهج أكثر حذراً مع التركيز على الأساسيّات الراسخة بدلاً من تقيّيمات الذكاء الاصطناعي المتضاربة، مؤكدة أنه رغم ذلك، ولكن يمكن القول إن قطاع الذكاء الاصطناعي سيظل جزءاً رئيساً من الاقتصادات العالمية، وبينما يظل الاتجاه طويل الأجل سارياً، فقد تتباطأ وتيرة نموه المتسارع، ما يؤدي إلى حركة أكثر استقراراً واستدامة للقطاع.
وأفادت رزان هلال، معدة الدراسة، ومحلّلة السوق لدى FOREX.com «بأن المنافسة في قطاع الذكاء الاصطناعي، احتدمت بعد طرح الصين حلولاً فعالة من حيث التكلفة، ما شكل تحدياً لبرنامج ChatGPT التابع لشركة OpenAI، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من استثمار Oracle وSoftBank وOpenAI بقيمة 500 مليار دولار في توسيع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، ما عزز مكاسب السوق». وأوضحت: «ورغم ذلك لم يدم انتعاش السوق طويلاً، حيث واجهت المؤشرات العالمية، بما في ذلك«ناسداك» و«ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» و«داكس»، تراجعات قوية، لافتة إلى أنه في الوقت نفسه، لم يشهد مؤشر MSCI الإماراتي سوى تصحيح طفيف، حيث ظل فوق أعلى مستوى له، والذي تحقق آخر مرة في أغسطس 2022، بعد تسجيل ارتفاع بنسبة 18% بين أكتوبر 2024 ويناير 2025، متجاوزاً نطاق الأسعار بين مارس 2023 إلى أغسطس 2024.
وذكرت هلال، أنه خلال الأسبوع الماضي، جاءت أرباح الشركات الكبرى عن الربع الرابع بنتائج متباينة، ما مهد الطريق للتحديّات في الأرباع القادمة، حيث جاء DeepSeek بمثابة جرس إنذار لتقيّيمات قطاع الذكاء الاصطناعي، مستنتجة من ذلك أن يكون المستثمرون أكثر حذراً مع الأسهم ذات القيمة العالية طوال عام 2025، خاصة مع سياسات«ترامب» الحازمة التي زادت التوتر في السوق.