إدراج أسهم أوكيو للاستكشاف والإنتاج في بورصة مسقط كأكبر شركة مدرجة
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
الرؤية- سارة العبرية
احتفلت بورصة مسقط اليوم بإدراج شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج وبدء تداول أسهمها بعد الاكتتاب العام على 25 بالمائة من رأسمالها لتكون أكبر الشركات المدرجة في البورصة بقيمة سوقية تزيد عن 3 مليارات ريال عُماني، لتكون بذلك أكبر شركة مدرجة في بورصة مسقط والأولى في قطاع الاستكشاف والإنتاج التي تُدرج في البورصة؛ في إطار الجهود المبذولة لتعزيز البورصة بشركات تعكس أداء كل قطاعات الاقتصاد الوطني.
بدأ الاحتفال بقرع جرس بدء التداول تحت رعاية معالي سلطان بن سالم الحبسي، وزير المالية.
وبهذه المناسبة، قال أشرف بن حمد المعمري الرئيس التنفيذي لمجموعة أوكيو: "نحتفي في هذا اليوم التاريخي بإدراج أوكيو للاستكشاف والإنتاج في البورصة لتتحوَّل من شركة مساهمة مغلقة إلى شركة مساهمة عامة، وتعد أوكيو للاستكشاف والإنتاج ثالث شركة من مجموعة أوكيو تتحول إلى شركة مساهمة عامة بعد أبراج لخدمات الطاقة، وأوكيو لشبكات الغاز في إطار خطط جهاز الاستثمار العُماني للتخارج من بعض الأصول الحكومية دعمًا لسياسات التنويع الاقتصادي وتحقيقًا لمستهدفات رؤية عُمان 2040م. وأضاف أن هذه الخطوة تعدّ نقلة نوعيّة في مسيرة أوكيو للاستكشاف والإنتاج وتفتح آفاقًا أوسع نحو توسيع استثماراتها وأعمالها وأنشطتها في سلطنة عُمان وخارجها وتعزّز الحوكمة والشفافية التي تنتهجها.
من جانبه، قال هيثم بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط: "إنّ إدراج شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج في بورصة مسقط يعدُّ يومًا تاريخيًّا، حيث تشكّل 11.3 بالمائة من القيمة السوقيّة للشركات المدرجة، وهذا الحجم من الشركات من شأنه أن يسهم في رفع تصنيف بورصة مسقط إلى سوق ناشئة ويعزّز الثقة في الاستثمار في سلطنة عُمان، حيث أصبح لدى المستثمرين خيارات متنوعة للاستثمار في القطاعات الاقتصادية المدرجة في البورصة، فضلًا عن أن إدراج شركات كبيرة يساعد في نمو حجم القيمة السوقية لبورصة مسقط، مؤكدًا على أن هذه الخطوة تساعد كذلك في تمثيل القطاعات الاقتصادية وتطوّر أداء الاقتصاد الوطني".
وأشار المهندس أحمد بن سعيد الإزكوي الرئيس التنفيذي لشركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج: "إلى أن إدراج الشركة في بورصة مسقط يمثّل مرحلة مهمة في مسيرتها نحو النمو والتطور الذي تنشده في استثماراتها وأعمالها وأنشطتها في قطاع النفط والغاز منذ إنشائها في عام 2009م باعتبارها ذراعًا استثمارية حكومية في مجالات الاستكشاف والإنتاج، مؤكدًا على أن الشركة ستلتزم بكل النظم والمعايير الخاصة بالحوكمة والشفافية التي تتطلبها هيئة الخدمات المالية وبورصة مسقط".
وفي تصريح خاص لـ"الرؤية"، قال مصطفى بن أحمد اللواتي رئيس مجلس إدارة شركة المتحدة للأوراق المالية، "إن إدراج أسهم أوكيو في بورصة مسقط يرفع من القيمة السوقية للبورصة إلى مستويات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن هذا الإدراج يمثل فرصة مميزة لدول الخليج لوجود شركة في قطاع النفط والاستكشاف ضمن بورصات المنطقة"، مؤكدا "أن القيمة السوقية لبورصة مسقط سترتفع بشكل كبير، معتبراً ذلك أكبر إصدار بعد إدراج بنك مسقط، مما يسهم في الانتقال إلى المرحلة الثانية، والتوجه نحو إدراج البورصة في مؤشرات الأسواق الناشئة، ما سيزيد من إقبال المستثمرين".
وأضاف اللواتي "أن أي ارتفاع في قيمة سهم أوكيو سيعزز من القيمة السوقية لبورصة مسقط بشكل أكبر؛حيث وصلت اليوم إلى 27 مليار ريال عُماني، وهو مستوى قياسي مقارنة ببقية البورصات الخليجية".
وأعرب عن ثقته بأن هذا الإدراج سيشكل نقلة نوعية، ويجذب عدداً من المستثمرين الأجانب، مشيراً إلى أن التوقعات المستقبلية تدعم جاذبية البورصة رغم الظروف الحالية وأسعار التداول. وأعرب عن أمله في إصدارات أكبر تدعم القيمة السوقية لبورصة مسقط بشكل أكبر.
ويُعد الطرح العام الأولي لأوكيو للاستكشاف والإنتاج الأكبر من نوعه في عُمان وأحد أكبر الطروحات في المنطقة هذا العام، حيث تم طرح 2,000,000,000 سهم تمثل 25 بالمائة من رأس مال الشركة، وتم تغطية الاكتتاب بمعدل 2.7 مرة، بإجمالي عائدات بلغت حوالي 780 مليون ريال عُماني، مع تحديد سعر السهم عند 390 بيسة، مما يعكس ثقة قوية من المستثمرين المحليين والدوليين في الشركة المصدرة وسوق رأس المال العُماني، والجاذبية الأوسع للاقتصاد الوطني.
أوكيو للاستكشاف والإنتاج
أوكيو للاستكشاف والإنتاج هي واحدة من أكبر الشركات المتخصصة كليًا في مجال الاستكشاف وإنتاج النفط والغاز، وهي المشغل الوحيد المملوك للحكومة بالكامل في أعمال الشق العلوي في سلطنة عمُان. وتعتبر جزءًا حيويًا من أصول مجموعة أوكيو الرائدة عالميًا في قطاع الطاقة. منذ أن تأسّست الشركة في عام 2009، يركز موظفوها البالغ عددهم 655 موظف، كما في 30 يونيو 2024] على أعمال استكشاف وحفر واستخراج النفط والغاز في سلطنة عُمان، إلى جانب سجل إنجازاتها الحافل في زيادة النمو؛ حيث نجحت في مضاعفة إنتاجها بما يعادل 14 مرة منذ تأسسها وحتى عام 2023، وحرصت على بناء علاقات ثابتة ومستدامة قائمة على التعاون المشترك مع شركات الطاقة الدولية الرائدة. كما تتماشى عمليات الشركة مع رؤية عُمان 2040، كما يتضح في حرصها على دفع النمو الاقتصادي العُماني من خلال تعظيم الاستفادة مما تمتلكه السلطنة من موارد طبيعية. وبالتالي، يمكن القول إن استراتيجية الشركة ونهجها في إدارة مشاريعها الجديد تستند إلى قواعد ريادة الأعمال ومعايير الاستدامة البيئية والمجتمع والحوكمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
العشاء الذي أسهم في إنقاذ أوروبا
في عام 1979، خلال الزيارة الأولى ليوحنا بول الثاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تربعه على كرسي البابوية الكاثوليكية، التقى بول الثاني بالرئيس جيمي كارتر في البيت الأبيض. ولم يمض وقت طويل على ذلك، حتى وجه البابا دعوة إلى زبجنيو بريجينسكي، مستشار الأمن الوطني للرئيس كارتر، لحضور عشاء في سفارة الفاتيكان بواشنطن. كان كارتر قد رغب خلال مناقشته مع البابا حديث الانتخاب في تناول مسألة انحدار الأخلاق بجانب الشؤون العالمية، أما بريجينسكي فكانت في ذهنه مواضيع أكثر نزوعا إلى العملية.
كان الهاجس المشترك الذي يسيطر على البابا والمستشار هو الاتحاد السوفييتي. وفيما يتناولان عشاء بسيطا في السفارة البابوية للكرسي الرسولي، استكشفا السبل التي يستطيعان بها معا إضعاف قبضة موسكو على الأمم الواقعة في أسرها. أصيب بريجينسكي بالذهول من فرط معرفة البابا بالشؤون الجيوسياسية وسعة اطلاعه عليها. فقال مازحا: إن كارتر أقرب إلى زعيم روحي بينما البابا أشبه برجل دولة دنيوي. فإذا بالزعيم اليسوعي يؤكد المزحة بضحكة ارتج لها بطنه حسبما كتب بريجينسكي في يومياته الخاصة التي حصلت عليها بصفة حصرية.
ابتداء بذلك العشاء، جمع تحالفا وثيقا بين الرجلين بولنديي المولد، اللذين كان أحدهما أول بابا للكنيسة الكاثوليكية من خارج إيطاليا منذ أربعمائة وخمسة وخمسين عاما وكان الثاني أول أمريكي بولندي الأصل يتولى منصبا استراتيجيا رفيع المستوى (ولعله الوحيد إلى الآن).
وتبين في أواخر عام 1980 أن تلك العلاقة وليدة الصدفة شديدة الأهمية، وذلك عند إثناء السوفييت عن غزو بولندا التي كانت (حركة التضامن) قد ظهرت فيها للتو بوصفها تحديا جسيما للحكم الشيوعي. ودامت الشراكة من خلال التحاور في زيارات بريجينسكي للفاتيكان، وفي مراسلات مطولة بخط اليد، واتصالات عبر الهاتف. حتى أن هاتف بريجينسكي في البيت الأبيض كان فيه زر للاتصال السريع عليه حرف الباء من كلمة البابا.
علاقة البابا يوحنا بول مع بريجينسكي مثال ناصع لنجاح الدبلوماسية عند توافر الثقة المتبادلة. وقد يندر التوافق الغريزي، لكنه يكون عظيم الأثر عند توافره. والحوار الدائم سواء بين الأصدقاء أو بين الخصوم أمر شديد الأهمية في عالمنا المتقلب اليوم. والقدرة في لحظة التوتر على تناول الهاتف مع العلم بإمكانية الوثوق في الطرف الآخر أمر لا يتحقق إلا نتاجا لعمل وجهد مستمرين.
غير أن صعوبة تخصيص الوقت اللازم لذلك أمر يزداد صعوبة. كما أن التكنولوجيا تتيح وجود المبعوثين الرئاسيين على مقربة من البيت الأبيض ليستجيبوا لسيل الطلبات المتنافسة. والعالم بات أشد تعقيدا مما كان عليه الحال قبل أربعين سنة، ولم يتدن وضع الدبلوماسيين في الولايات المتحدة قط بقدر ما هو اليوم. والرصد الإعلامي المستمر على مدار الساعات الأربع والعشرين يجعل الخصوصية والسرية أمرا شديد الصعوبة. فزيارة كزيارة هنري كيسنجر السرية إلى بكين سنة 1971 لتمهيد التقارب مع ماو تسيتونج أمر يصعب تصوره اليوم.
كما أن كيسنجر أقام علاقات قوية مع نظرائه السوفييت (في حين كان بريجينسكي مكروها هناك، فأبقاه الرئيس كارتر بعيدا عنهم). وحتى مع قيام الرئيس ريتشارد نيسكون بإغواء الصين لتبتعد عن كتلة الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة، كان كيسنجر يتودد إلى وزير الخارجية السوفييتي المتزمت أندريه جروميكو، ويتناول العشاء بين الحين والآخر مع أناتولي دوبرينين السفير السوفييتي القديم في واشنطن. فاستطاعت الولايات المتحدة إبعاد الصين عن الاتحاد السوفييتي مع ترسيخ الوفاق مع موسكو فكان ذلك مأثرة للدبلوماسية. وكان أيضا ثمرة لاستثمار الوقت في تمتين العلاقات الشخصية.
من الأمثلة القليلة الحديثة على الحوار الدائم بين الخصوم مثال جيك سوليفان ـ مستشار الأمن الوطني للرئيس جو بايدن ـ ووانج جواي كبير الدبلوماسيين الصينيين. ففي النصف الثاني من ولاية بايدن، التقى الرجلان في فيينا، ومالطا، وبانكوك، وبكين، وواشنطن لإجراء محادثات وصلت إلى خمسين ساعة بحسب ما قال سوليفان. غير أن سعي جيك سوليفان إلى إضفاء طابع الاستقرار على العلاقات الأمريكية الصينية انتهى فجأة بانتصار دونالد ترامب في نوفمبر الماضي. ولم يستجب الرئيس ترامب حتى الآن لطلب الصين منه تعيين مبعوث خاص.
بدون الثقة التي تنجم عن صلابة العلاقة بين المسؤولين، تزداد كثيرا خطورة أن يقع بالصدفة حادث عسكري ناجم عن سوء التواصل أو الجهل. فيجب في المقام الأول ألا توجد مفاجآت. والحديث المسهب يوضح نوايا الجانب الآخر ويقلل فرص حسابات خاطئة قد تكون مهلكة. وحتى بدون أولويات الرئيس ترامب المتغيرة التي لا يمكن التنبؤ بها، فإن عالمنا اليوم أشد صعوبة على أي رئيس أمريكي من مناورة الانقسام بين القطبين في أثناء الحرب الباردة.
لم يكن دأب المناورات السياسية الأمريكية قط أن تتوقف عند حدود البلد. لكن السياسة الخارجية لم تكن مسيَّسة خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بقدر ما هي اليوم.
فلقد بلغ الخطر على بولندا سنة 1980 نقطة الذروة بعد أن خسر كارتر الانتخابات أمام رونالد ريجان. ففي السادس من ديسمبر، حذر رئيس المخابرات الأمريكية ستانسفيلد تيرنر الرئيس الأمريكي من احتمال قيام الاتحاد السوفييتي بغزو بولندا في غضون ثمان وأربعين ساعة. وكان للسوفييت قرابة خمس عشرة كتيبة على حدود بولندا. وكان بريجينسكي والبابا يوحنا بول يعملان معا منذ أسابيع عبر الهاتف لتحذير حركة التضامن وزعيمها الكاريزمي ليخ فاونسا من أجل كبح الخطاب المعادي للسوفييت. إذ قالا له إنه لا ينبغي إعطاء السوفييت ذريعة لعبور الحدود.
في الوقت نفسه، أوضحت واشنطن وزعماء الأمم المتحالفة والفاتيكان للسوفييت أن بولندا أمر غير قابل للهضم. فخلافا لغزو السوفييت للمجر سنة 1956 ولتشيكوسلوفاكيا سنة 1968، سوف يقابل الجيش الأحمر مقاومة ثقيلة من العمال المنتمين إلى نقابة فاونسا العمالية الجماهيرية، ومن الكنيسة الكاثوليكية، بل ومن عناصر في الجيش البولندي. وفي أثناء ذلك، كان بريجينسكي يطلع فريق الرئيس التالي على المستجدات. ووافق مستشار الأمن الوطني القادم ريتشارد ألن على تأكيد تحذيرات كارتر لموسكو.
لم يقتصر انتفاع علاقة بريجينسكي بالبابا يوحنا بول على أصولهما البولندية فقط، وإنما انتفعت أيضا من التوقيت: فقد انتخب كاروف فويتيلا لمنصب البابوية سنة 1978. وعندما أعلن الفاتيكان النتيجة، أمر يوري أندروبوف ـ رئيس جهاز كيه جي بي ـ بإعداد تقرير عن الانتخابات، فكشف التقرير عن مؤامرة بريجينسكي لتزوير اجتماع الكرادلة. لم يكن من أساس لذلك الزعم. ولكن علاقة البابا وبريجينسكي جاءت تعويضا لجنون موسكو. وبسبب التنسيق بينهما في التكتيكات، وهو التنسيق القائم على الثقة والصداقة، ساعدا في الحيلولة دون وقوع غزو كان يمكن أن يغير
مسار التاريخ.
إدوارد لوس صحفي إنجليزي يعمل محررا للشؤون الأمريكية وكاتب عمود في فايننشال تايمز.
** خدمة نيويورك تايمز