محبو آل البيت يستعدون لإحياء الليلة الختامية من مولد الحسين.. أجواء روحانية
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
مولد الإمام الحسين من أهم المناسبات الدينية التي تحتفل بها مصر، إذ تتجلى فيه أجواء روحانية مميزة، خاصة في الليلة الختامية، التي تشهد تجمعات ضخمة من محبي آل البيت من مختلف أنحاء البلاد.
الاحتفال بمولد الإمام الحسين يقام في مسجد الحسين بالقاهرة، إذ ينسب إليه رأس الحسين بن علي حفيد النبي محمد، ويقصده الناس بغرض إحياء الذكرى، والتزود من الأجواء الروحانية الخاصة.
ومن المقرر أن تبدأ احتفالات المريدين بـ الليلة الختامية لمولد الحسين غدا الثلاثاء، وهي ذروة الاحتفال، وفيها يكتظ المسجد وساحته بآلاف الزوار الذين يأتون للمشاركة في هذه المناسبة الدينية، وتكون المنطقة المحيطة بالمسجد مزينة بالأضواء والزينة، ما يضفي طابعًا احتفاليًا مميزًا، كما يجرى إعداد الخيم الصوفية التي تُنصب على مقربة من المسجد، إذ يقدم مشايخ الطرق الصوفية وفرق الإنشاد الديني عروضهم، وينشدون قصائد في مدح النبي وآل بيته، ما يُضفي أجواء روحانية قوية تشجع الزائرين على التأمل والتقرب إلى الله.
الليلة الختاميةوأضاف الحاج عبد الله عبد العظيم، أحد رواد المسجد والقائمين على تنظيم الخيام في ساحة الحسين، في تصريح لـ«الوطن»، أن الليلة الختامية تتطلب استعدادات خاصة حيث يتم توفير إجراءات أمنية مكثفة لتنظيم حركة الحشود الكبيرة، وتوفير وسائل الأمان لضمان سلامة الجميع، كما يجرى تجهيز المسجد وساحاته لاستقبال الآلاف من الزوار، وتخصص أماكن للنساء والأطفال لضمان راحتهم، ويحمل الاحتفال بمولد الحسين جانبًا اجتماعيًا، حيث يلتقي الناس من مختلف الطبقات والأعمار، ما يعزز الترابط الاجتماعي والمحبة بين المسلمين.
ويعتبر مولد الإمام الحسين فرصة للناس للتعبير عن حبهم لآل البيت والتذكير بمواقفهم العظيمة وتضحياتهم في سبيل الإسلام، ويغدو الاحتفال بهم مناسبة لتقوية الروحانية ونشر السلام.
وأضاف مصطفى حسن، أحد المريدين، أنه جاء وأسرته وأصدقائه من محافظة أسيوط للقاهرة قبل الليلة الختامية بيوم ليجد لنفسه مكانا داخل مسجد الحسين، ويحضر احتفالات الليلة الختامية لمولد الحسين كاملة، متابعا: «بننتظر اليوم ده من السنة للسنة وفيه بنشعر براحة نفسيه بعد زياراتنا لآل البيت، وخدمة آل البيت شرف كبير نتمنى أن ينعم الله علينا بها».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مولد الحسين احتفالات مولد الحسين مولد الإمام الحسين اللیلة الختامیة
إقرأ أيضاً:
مقامات الشحي وتأملاته الصوفية
وأنا أقف عند عتبة عنوان ديوان الشاعر محمد بن عبدالكريم الشحي الجديد (مقامات لام وضمّة ميم - من تأملات شاكر حسن آل سعيد ومذكراته)، استحضرت مقولة اليوناني سيمونيدس (450 ق.م) «الشعر رسم ناطق والرسم شعر صامت»، حيث اشتهر الفنان شاكر حسن آل سعيد بالحروفـيات التي يعتبرها الدكتور حاتم الصكر من التقنيات الشعرية التي تقدّم «مقترحها الأبرز» فـي لقاء «الرسم والشعر، وانفتاح النصوص البصرية والكتابية وإيقاعاتها»، ففـي هذا الديوان، الذي صدر عن مؤسسة بيت الزبير ويمتد على 175 صفحة، عمّق الشحّي علاقة الشعري بالتشكيلي، فقدّم قراءة شعرية لتجربة الفنان العراقي شاكر حسن آل سعيد (1925-2004)، فتجلّت حروفه بها، وتماهى معها، فـي ديوان يتألف من خمسة أقسام أطلق عليها تسمية مقامات، وهي تعني لدى المتصوفة المراتب التي يبلغها العبد فـي تجلياته وهو يقف بين يدي الرب، من خلال الانقطاع لعباداته، وهي: التوبة، والورع، والزهد، والفقر، والصبر، والتوكل على الله، لتحقيق منزلة عليا لديه، وجعل الشحّي لكلّ قسم من الأقسام الخمسة عنوانا، فالأول عنوانه (مقام الأحافـير والأحجار والجدران)، وضمّ (13) نصا، أما الثاني، فعنوانه (مقام الأنوار والأزمنة والنداءات)، وضم 9 نصوص، أما المقام الثالث فحمل عنوان (مقام النقطة)، وضمّ 13 نصا، أما المقام الرابع، فعنوانه (مقام الأشجار والخضرة والينوع)، وضمّ 11 نصا، وخامس المقامات وآخرها هو (مقام البعد الواحد)، وهو المصطلح الذي أطلقه الفنان على مرحلة من مراحل نضج تجربته الصوفـية ويعني به «البعد الواحد الذي يصل الإنسان بالله» كما ينقل عن جبرا إبراهيم جبرا، وضم نصّا طويلًا وفـي كلّ مقام من هذه المقامات، تتجلّى حروفه، وهو يلقي إضاءات شعرية على تجارب شاكر حسن آل سعيد الفنية والروحية، ففـي نص (مديح الماء فـي نوم الغزالة)، وهو أطول نصوص الديوان، يستعير رمز الغزالة من أدبيات المتصوفة، فـيتساءل:
«قل لهم: ماذا تبقى من حروف؟
فالحروف لها حتوف
ماذا يقابل حرفك الباقي
من التأويل حين تغادر اللغة الجريحة برجها
وتصير رمزا فـي كراريس العدد»
فـي هذا الإصدار، لم يكتب الشحّيّ ديوانا شعريا، فحسب، بل وضع بحثا شعريّا فـي تجربة شاكر حسن آل سعيد، دوّن فـيه تأمّلاته فـي عوالمه الصوفـيّة، فكتب نصًا موازيًا، لأعماله وطروحاته، وقدّم تجربة فريدة تندرج ضمن ما يسمّى بالقصيدة- الديوان، فنرى فـي ديوان الشحّي وحدة الموضوع، ليس عبر قصيدة واحدة طويلة، بل عدّة قصائد تندرج ضمن موضوع واحد هو مغامرة الفنان شاكر حسن آل سعيد التشكيلية، فقام باستلهام واستحضار تجربته الصوفـية، حتى أنه ثبّت فـي الصفحة (175) المصادر والمراجع التي تمت الإشارة إليها والاقتباس منها، ومن ضمنها كتب الفنان، مع كتاب لكل من: جبرا إبراهيم جبرا، ورباح آل جعفر، ونزار شقرون وكتابين لشربل داغر الأول قراءة فـي تجربته والثاني حوارات أجراها معه، بالإضافة إلى كتاب عبدالغني النابلسي ( كشف السر الغامض شرح ديوان ابن الفارض)، فقد تماهى «الشحي» معه وأهدى ديوانه لروحه، كما أنه افتتح ديوانه بعتبتين استلّهما من مذكراته، وكتاباته، وقدّم قراءة شعرية فـي أعمال الفنان الذي كان يجنح فـي حروفـياته، وأعماله إلى التصوف، ملامسًا الجوانب الروحية مستكشفًا تلك العوالم عبر قصائد تمزج بين شعر التفعيلة والنثر، ساعيًا إلى كتابة نص مجاور، له قوّة تأثير الصورة، التي ترتفع إلى مصاف الرموز الدينية، وقد تحدّث عبدالقاهر الجرجاني فـي كتابه (أسرار البلاغة) عن هذا التأثير قائلا «الشعر فـيما يصنعه من الصور ويشكله من البدع ويوقعه فـي النفوس من المعاني التي يتوهم بها الجماد الصامت فـي صورة الحي الناطق؟»، وفـي نصوص الشحّي تقف البلاغة «حافـية» تسير على صخور صلدة، يقول فـي المقطع (ذ) من نصّه (مخطوطة أحجار الريح):
لدواعي الإنصاف
يمكنك الآن تعريف العالم بأنه:
«بلاغة حافـية
تجرب السير
على صخور المعاني الحادة»
وهذا النص مؤلف من تسعة مقاطع قصيرة، يستغني به عن الأرقام، ويكتفـي بالحروف، وقام باستدعاء الرموز التي أثّرت فـي تجربة آل سعيد ومن بينها يحيى بن محمود الواسطي، والغزالي، وجواد سليم، وجبرا إبراهيم جبرا، فقد تلبّس شخصه، ونطق بلسان حاله، ففـي قصيدة أهداها إلى النحّات جواد سليم (1919-1961) يقول:
أنت قمرنا البعيد يا جواد
أشعلت الشمعة من طرفـيها
وغادرتنا باكرا لتسبقنا
لثمرة الخلود
ننظر للجدارية الوشم
لنصب الحرية
وكم كنت أتمنى أن يكلّل هذا الجهد الإبداعي بلوحات من أعمال الفنان، فقد غابت لأمور تتعلق بحقوق النشر، وشمل هذا الغياب صورة غلاف الديوان الذي صمّمه الكاتب هلال البادي، لكن روح الفنان تجلت فـي كتاباته ذات المنحى الصوفـي، التي هضمها الشحّي فخرج بتجربة شعريّة مغايرة لما هو سائد، معزّزة خطّا شعريّا نهجه الشحّي منذ سنوات بعيدة، وها هي ثماره تنضج فنيّا، وفكريا، وروحيّا.