في ذكرى وفاة طه حسين.. الصحافة سلاح عميد الأدب العربي لتشكيل الوعي
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
لم يكن طه حسين مجرد أديب، بل كان مفكرًا استخدم قلمه كسلاح لتغيير المجتمع، ومن أهم أدواته في هذا الصراع كان الصحافة، إذ رأى طه حسين -الذي تحل ذكرى وفاته اليوم- في الصحافة منصةً مثالية لنشر أفكاره وتوجيه النقد البناء للمجتمع، فمن خلال مقالاته الجريئة، تناول قضايا شائكة مثل إصلاح التعليم، وتحرير المرأة، والعدالة الاجتماعية، ولم يتردد في انتقاد التقاليد الجامدة.
كان للصحافة أهمية كبيرة في بروز اسم طه حسين وتشكيل جزءا حيويا من مسيرته الفكرية والإبداعية، إذ بدأ حياته الصحفية في عشرينيات القرن الماضي، حينما انضم إلى تحرير جريدة «السياسة»، إذ كان يُحرر قسم الأدب، وسرعان ما ذاع صيته ككاتب له أسلوب فريد ورؤية نقدية عميقة.
استعمال حسين الصحافة كمنبرعمل طه حسين على استعمال الصحافة كوسيلة لنقل أفكاره التحررية والتنويرية إلى الجمهور العريض، وذلك من خلال مقالاته في الصحف والمجلات، وطرح قضايا جريئة ولم تكن رائجة في ذلك الوقت، مثل ضرورة إصلاح التعليم، وتحرير المرأة، وقضايا العدالة الاجتماعية، فظهر من خلال هذه المواضيع أنه لم يكن يخشى توجيه النقد للحكومة أو التقاليد الاجتماعية، مما جعله عرضة للجدل والهجوم من بعض الأطراف، لكن لم يكن هذا عائقا مسيرته.
كما ساهمت الصحافة أيضًا في بروز طه حسين كناقد أدبي، إذ نشر العديد من مقالاته النقدية، التي تناولت أعمال أدباء عرب وغربيين، مكرسًا أسلوبًا نقديًا غير مألوف آنذاك، مما أثر هذا النشاط على تطور النقد الأدبي في العالم العربي وأسهم في ظهور تيارات فكرية وأدبية جديدة.
علاقة طه حسين بالصحافةلم تتوقف علاقة طه حسين بالصحافة عند الكتابة فقط، بل شغل أيضًا مناصب تحريرية في بعض المجلات الثقافية، مثل «الكاتب المصري»، مؤكدًا دور الصحافة كمنبر للتنوير ونشر الثقافة، وعلى ذلك، تعد الصحافة جزءًا لا يتجزأ من إرث طه حسين الفكري والنقدي، ومسارًا ترك فيه بصمته العميقة على الأدب والمجتمع العربي.
وكان لـ طه حسين العديد من المقالات والأعمال التي أثارت جدلاً واسعًا وأثرت في المجتمع المصري والعربي بشكل عميق، لعل من أبرز هذه الأعمال التي فجرت أزمات كبيرة كتاب «في الشعر الجاهلي» (1926)، إذ يُعتبر هذا الكتاب من أبرز الأعمال التي أثارت الجدل حول طه حسين، ففي هذا الكتاب، شكك طه حسين في صحة الشعر الجاهلي، معتبراً أن بعضه ربما قد وُضع بعد الإسلام لأهداف سياسية ودينية، مما أدى إلى موجة غضب واسعة بين المثقفين والأدباء والشيوخ، واعتُبر هجومًا على التراث العربي والإسلامي، ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقط بل تعرض حسين للمحاكمة بسبب الكتاب، ومن جانبه نفى حسين نيته المساس بالدين، وأعاد صياغة الكتاب لاحقًا تحت عنوان «في الأدب الجاهلي».
إصلاح التعليم وتحرير المرأةومن المقالات التي أحدثت نهضة نوعية في المجتمع المصري، وأثارت غضب بعض الفئات مقالاته حول التعليم، ذ كتب طه حسين مقالات نقدية تدعو إلى إصلاح التعليم في مصر، بما في ذلك مطلبه بضرورة «مجانية التعليم» واعتباره «حقاً كالماء والهواء»، وأثارت هذه المقالات غضب بعض الطبقات الميسورة وأصحاب النفوذ الذين رأوا فيها تحديًا لنظام التعليم التقليدي.
ولا يمكن أن ننسى مقالاته ودعوته لتحرير المرأة، إذ كان كان طه حسين من الداعمين لحقوق المرأة، ودعا من خلال مقالاته إلى تحرير المرأة ومنحها حق التعليم والعمل، وهو ما أثار استياء المحافظين آنذاك الذين رأوا في ذلك تهديداً للبنية التقليدية للمجتمع.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: طه حسين الأدب العربي ذكرى وفاة طه حسين إصلاح التعلیم طه حسین من خلال
إقرأ أيضاً:
عدة المرأة التي توفى عنها زوجها قبل الدخول
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين جاء مضمونه، ما حكم عدة المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول؟ فقد عقد رجل على امرأة، ومات عنها قبل الدخول بها، وقبل حصول خلوة شرعية معتبرة، فهل يجب عليها أن تعتد؟ وكيف تكون عدتها؟.
الإفتاء: الواجبُ على المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول بها هو أن تعتد أربعة أشهر وعشرةوقالت الإفتاء إن الواجبُ على المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول بها هو أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام بالتاريخ الهجري؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234]، وتبدأ في حساب هذه العدة من يوم وفاة زوجها، والحكمة من ذلك أن تظهر الحزن بفوت نعمة النكاح.
تابعت الإفتاء: الأصل في عقد النكاح أنْ يُعقد للعُمر، فإذا انتهى عمر أحد الزوجين بالموت، انتهى معه عقد النكاح، والشيء إذا انتهى تقررت أحكامه، كتقرُّر أحكام الصيام بدخول الليل، وأحكام الإجارة بانقضائها، والعدَّةُ من أحكام عقد النكاح فتتقرَّر بانتهائه، ويقصد بها: المدة التي تتربص فيها المرأة عند حصول أحد أسباب زوال النكاح، سواء كان السبب طلاقًا، أو فسخًا، أو موتًا. ينظر: "المبسوط" للعلامة السرخسي (6/ 30، ط.
وأضاف: أوجب الشرع الشريف على المرأة التي توفي عنها زوجها إن كانت من غير ذوات الحمل أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، يستوي في ذلك المدخول بها وغير المدخول، والصغيرة والكبيرة، ومن تحيض ومن لا تحيض، فكلهنَّ داخلات في عموم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234].
قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 183، ط. دار الكتب المصرية) عند قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾: [عدة الوفاة تلزم الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والتي لم تبلغ المحيض، والتي حاضت واليائسة من المحيض والكتابية دخل بها أو لم يدخل بها إذا كانت غير حامل، وعدة جميعهن إلا الأمة أربعة أشهر وعشرة أيام، لعموم الآية في قوله تعالى: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾] اهـ.
وقد ثبت حكم العدة أيضًا بالسُّنَّة المطهرة، ففي حديث زينب بنت أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» متفقٌ عليه.
وعلى ذلك تواردت نصوص فقهاء المذاهب الأربعة، وحُكي إجماعًا. ينظر: "المبسوط" للعلَّامة السرخسي الحنفي (6/ 30)، و"مِنَح الجليل" للعلَّامة عليش المالكي (4/ 311، ط. دار الفكر)، و"منهاج الطالبين" للعلَّامة النووي الشَّافعي (ص: 255، ط. دار الفكر)، و"المغني" للعلَّامة ابن قُدامة الحنبلي (8/ 115)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلَّامة ابن القطان (2/ 44، ط.
وأوضحت الإفتاء أن الفقهاء اتفقوا على أن المغلب في عدة المتوفى عنها زوجها عمومًا: التعبد، وفي عدة المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها زوجها خصوصًا: التعبد المحض.
قال العلامة ابنُ عابدين في حاشيته على "البحر الرائق" (4/ 146، ط. دار الكتاب الإسلامي) في خصوص معتدة الوفاة: [لا يُعقل تأثير كون المرأة متوفى عنها زوجها في تربُّصها أربعة أشهر وعشرًا، وإنما هو تعبُّدي] اهـ.
وقال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (11/ 163، ط. دار الكتب العلمية): [.. وإن كانت في غير مدخول بها من وفاة كانت تعبدًا محضًا] اهـ.
وقال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (2/ 815، ط. دار السلام) عند ذكره لأقسام العدد: [الثاني: تعبد محض، وهي عدة المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها] اهـ.
وقال الشيخ محمد عليش المالكي في "منح الجليل" (1/ 174): [وأما عدة الوفاة فتحسب من يوم الموت] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 256): [وعدة الوفاة: من الموت] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (8/ 106) في عدة الوفاة: [فصل: وتحسب العدة من الساعة التي فارقها زوجها فيها، فلو فارقها نصف الليل، أو نصف النهار، اعتدت من ذلك الوقت إلى مثله، في قول أكثر أهل العلم] اهـ.