هذا هو ثمن مؤازرة الحرب والدعوة لمواصلتها !!
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
هذا هو ثمن مواصلة الحرب..إزهاق مئات الأرواح في خلال ساعات ونزوح الآلاف وتشريد النساء والأطفال وانتقال الحرب إلى ساحات جديدة، مع ولوغ البرهان والكيزان في إثارة النعرات العنصرية والقبلية.. بينما يعلن جيش الانقلاب رفع يده عن حماية المواطنين والاكتفاء بالدعوة لتسليح بعض القبائل ضد أخرى..! كل ذلك من اجل إعلان هروب شخص واحد من معسكر مليشيا الدعم السريع والانضمام إلى مليشيا البراء وكرتي والبرهان.
هذه حرب رديئة يديرها ويناصرها أشخاص رديئون..! إنها ليست رديئة فقط بل هي حرب فاجرة بلغت في الفجور والرداءة والدناءة والخسّة والوضاعة والقذارة والنتانة واللؤم والرذالة والسفه والعُهر مبلغاً متسفلاً لا يحفظ كرامة ولا حرمة لبشر أو حجر...!
إنها حرب لا تستثني أطفالا ولا نساء ولا مرضى أو عجزة..ولا تعرف حدوداً ولا أسوار....ولا تبالي بمباحات أو محظورات..! فهي حرب تهتك الأعراض وتنتهك الأعراف وتكشف خدور العذارى والأبكار وتبقر الحوامل والمرضعات وتستقوي على المشلولين والمعاقين وتجري على أجساد الصبايا والصبيات..فكيف بالله يدعو بعضنا إلى مواصلتها وهم يعلمون كل ذلك..وأكثر منه...؟!
موقفٌ غريب وأمر محيّر تعجز عن وصفه مقامات الشاهنامة وكل قواميس الدنيا وتقويمات البلدان وتتقاصر عن تفسيره المعاجم والأطالس وأخبار المسالك والممالك وعجائب الأمم والأمصار..!
بعد كل جرائم الكيزان ومذابحهم المروعة وسفكهم لدماء السودان واضعاتهم لكرامة الوطن وتمزيق أوصاله وشرشحة نسيجة الاجتماعي وإهدار موارده وتدمير مرافقه وفسادهم الذي اجمع الناس على انه (طاعون العصر) الذي لم تشهد بلاد الدنيا مثيلاً له في الاستباحة الشاملة وسرقاتهم التي شملت الثاغية والراغية والسائل والجامد والحار والبارد تجد بعض إخوتنا (المثقفاتية والنشطنجية) يقفون في صف الحرب مع الكيزان وفي حذاء الطابور كتفاً بكتف مع كتائب الظل وكتائب البراء وطمبور ومناي وجبريل وكيكل ونيكل..ويقولون أن هؤلاء أفضل من القوى المدنية المناهضة للحرب..أفضل بايش وليش..؟ لا تعرف.. فماذا تقول لهم..؟!
احدهم وهو مثقف جهبوز قال كلاماً عجيباً في تأييده لحرب الكيزان والمليشيات لا تدري هل تبكي منه..؟ أم تولول..؟! أم تضحك في زمن الموت والجثث التي تتحلل خارج اللحود.. (أمور يضحك السفهاء منها/ ويبكي من عواقبها اللبيب)..!
تحدث هذا الأخ عن الوعي والجهل وعن المشكلة والمعضلة وأكد مناصرته لصف الفلول والإرهابيين ضد "منافسيه المدنيين" (الذين يغار منهم ويغار عليهم)..! ثم وصف دعاة إيقاف الحرب بأنهم يتميزون بالغباء الاستراتيجي.!!
ماذا تقول غير أن تلعن الإستراتيجية ومعها كل مصطلحات القرون المتأخرة.. وتتمني من كل قلبك أن تتسلط على هذه المصطلحات دواب الأرض فتأكلها كلها ولا تبقي منها على إستراتيجية ولا تكتيك..وتقضي عليها حتى آخر مثيولوجيا وبيداغوجيا ..!
بهذه المناسبة كان الصحفي الكبير (بتاع الشرق الأوسط) قد قال في مقاله الأخير حرفياً إن احد بعض قادة تقدّم دعوا إلى تدخل دولي وإرسال قوات أممية إلى السودان، وأن بعضهم أعلن تأييده لوضع السودان تحت الفصل السابع..!
نعم تقدم وقادتها يقتلون الناس الآن في تمبول والجزيرة والفاشر وبقصفونهم بالطائرات..ويدعون إلى تسليح السودانيين ضد بعضهم..!
إذا قال هذا الكلام (أي حمبرّة) في سوق الزلعة لوجدنا له العذر..ولم نلاحقه بسؤال أو تفسير..ولكن أن يلقى صحفي كان نائباً لرئيس تحرير صحيفة دولية الكلام هكذا جزافاً في أمور غاية في الدقة والحساسة السياسية بلا أسانيد..فهنا لا بد أن يقف حمار الشيخ في العقبة..ويسأل هذا الصحفي الكبير: أعطنا أسماء طالما قمت بإسناد تصريح بعينه للشخص بعينه في تنظيم سياسي بعينه معلوم للكافة..من الذي صرح من قادة تقدم بأنه يؤيد تطبيق البند السابع.. أعطنا أسماء فأنت تعلم كيف تتم كتابة الأخبار وكيف تنسب الاقوال الى مصادرها الحقيقية (أعطنا أسماء) أنت تسجل ما تقول في صحيفة رسمية وعليك إثبات ما تقول فأنت لا تتحدث داخل (دكان حلّاق)..!
ثمن ما هي المشكلة ما المشكلة إذا دعا كادر سياسي إلى تدخل قوات من الأمم المتحدة من اجل إيقاف آلة القتل والفظائع في بلاده وحماية أعناق المدنيين من الذبح الذي يدور من كلا طرفي الحرب..؟! أنت بنفسك ذكرت في ذات مقالك هذا أن عدة دول شهدت حتم فيها استقدام قوات أممية للفصل بين المتحاربين، وذكرت بالاسم التجارب الدولية السابقة في لبنان وقوات اليونيفيل، وبعثة الأمم المتحدة في مالي (اينوسما) وقوات فرض السلام في البوسنة وفي كوسوفو، وتدخل الاتحاد الإفريقي بقوات في الصومال عبر بعثة اميسوم، فلماذا ترى أن حالة السودان خاصة..؟!
هل لأن الكيزان يريدون استمرار الحرب ويخافون من الرقابة الدولية على المجازر ويخافون من نبش جرائمهم في دارفور..؟!
أم أنك ترى أن وتيرة القتل في السودان تحتاج إلى عدد اكبر من القتلى والمصابين والمشردين واللاجئين والنازحين..فجماعة البرهان والبراء وياسر العطا وكرتي يرون أن موت الناس في السودان (مش مشكلة كبيرة) تستحق الاهتمام..!
هروب عسكر البرهان وكيكل من تمبول كان ثمنه مقتل المئات وتشريد الآلاف من أبناء المنطقة ونسائها وأطفالها وشبابها في الجزيرة والبطانة وانتقال الحرب إلى ساحات جديدة وإثارة النعرات التي تعجّل بالحرب الأهلية الشاملة...ومع ذلك يدقون الطبول احتفالاً بعودة (الابن الضال) كيكل من التمرد إلى رفقة الإرهاب والانقلاب والكباب.. ماذا يساوي كيكل في موازين الدنيا..؟! وما قيمته حتى تنصب له السرادق وتعزف له الطبول..الله لا كسّبكم دنيا وأخرى..!
مرتضى الغالي
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
التكايا موروث تاريخي لمجابهة أزمات السودان
الخرطوم- بتعب بادٍ على محياها، تتحدث السودانية "زينب" (اسم مستعار) عن اعتمادها على تكية الحي الذي تقيم فيه بأم درمان لإطعام أطفالها التسعة.
وتقول السيدة للجزيرة نت إنها منذ أشهر لم تطبخ الطعام في المنزل، لأنها لا تملك ما تعد به الوجبات، لذلك تأتي للتكية يوميا وتأخذ وجبتَي الفطور والغداء، وبفضلها لا تجوع هي ولا أبناؤها.
ومع طول أمد حرب السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، وتحذيرات منظمات أممية من أن نحو 97% من السكان يواجهون "مستويات خطيرة من الجوع، ونحو 25 مليون شخص يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي"، برز دور التكايا في عدد من المناطق، خاصة التي تشهد معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ملاذباتت التكايا ملاذا لبعض المواطنين والنازحين موفرة العلاج والطعام، حيث تقدم وجبات مختلفة كالفول المصري والعدس والأرز.
وفي مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم كانت تكية "مسيد شيخ الأمين" في حي بيت المال، الذي لم يغادر سكانه مع اندلاع الحرب، وظل المسيد (المصلى وخلوات تحفيظ القرآن الكريم والضيافة) ملاذا يقدم الطعام والدواء.
وقال الشيخ الصوفي الأمين عمر الأمين -للجزيرة نت- إن تكية المسيد من أوائل التكايا المستمرة منذ عام، وتقدم 3 وجبات إلى جانب العلاج وصرف الدواء مجانا عبر أطباء وصيادلة، لنحو 5 آلاف شخص.
وأضاف أنه منذ نشأة المسيد عام 1992 زاوية صغيرة، كانت بها تكية، ولكن ليست بسعتها الحالية بعد الحرب، وأنهم بدؤوا بتقديم مائدة رمضان وتوسعت خدمات تقديم الوجبات مع توافد أعداد المتأثرين بالحرب.
ويعمل القائمون على التكايا في ظروف بالغة التعقيد، لا سيما في المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ويواجه العالقون فيها شحا في الغذاء والدواء مع انتشار الأوبئة وانقطاع خدمات الاتصال والكهرباء والمياه، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، مما أدى إلى توقف عدد من التكايا بالخرطوم، خاصة في مناطق "جنوب الحزام".
غرف طوارئوفي وقت سابق، قالت غرفة طوارئ الجريف -للجزيرة نت- إنها تدعم 18 مطبخا توقف معظمها "لضعف التمويل والنهب المستمر من الدعم السريع"، مما يهدد الأمن الغذائي لنحو 7 آلاف أسرة تعتمد على تكية المنطقة. ويعتمد معظم العاملون في التكايا على جمع التبرعات من الخيرين.
ومن شمالي أم درمان، تبرز تكية "فكة ريق" بمسارات مختلفة لتقديم العون للنازحين والمتضررين من الحرب.
ويقول عثمان الجندي -للجزيرة نت- إن التكية تقدم الغذاء والكساء والدواء، وتدعم النساء الناشطات اقتصاديا بتمويل مشاريعهن الإنتاجية وتسويقها في مناطق سكنهن لمساعدتهن على الخروج من دائرة الفقر.
ووفق الجندي، تقدم تكية "فكة ريق" وجبات متنوعة لأكثر من 300 عائلة بمعدل 5 أشخاص في الأسرة الواحدة، وتتضمن الفول والعدس والأرز والمعكرونة، وذلك بدعم من الجهات الرسمية والخيرين في الداخل والخارج.
لم تكن التكايا وليدة تداعيات الحرب، ووفق الشيخ الأمين عمر، فإن تاريخها ضارب في القِدم منذ دخول الإسلام السودان وبدأت عبر الطرق الصوفية، وهي إرث صوفي، وأي "مسيد" يجب أن تنشأ معه التكية. وارتبطت بـ"الزعماء الدينيين" وشيوخ هذه الطرق وخلوات تحفيظ القرآن الكريم.
سودانيات من مطابخ مجتمعية يديرها متطوعون محليون يعددن الطعام للمتضررين من الحرب في أم درمان (رويترز) تكافل مجتمعيمن جانبه، وصف الكاتب الصحفي محمد مصطفى جامع -للجزيرة نت- التكايا بأنها أحد مظاهر التكافل المجتمعي الذي اشتهر به السودان على مدى التاريخ، وبعد الحرب صارت مصدر إعاشة رئيسيا لآلاف الأسر التي تقطعت بها السبل في مناطق الحرب في الخرطوم ودور الإيواء.
وأضاف أن معظم الناس في مناطق الحرب فقدوا مصادر دخلهم بفعل النهب الممنهج وهجمات الدعم السريع على الولايات الآمنة، الأمر الذي تسبب في ازدياد حجم المحتاجين للمساعدات الإنسانية.
ومع اتساع رقعة تقدم الجيش، يقول وزير الرعاية والتنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم صديق فريني إن أرقام التكايا في تزايد مع ارتفاع عدد المستفيدين من خدماتها، وإن طبيعة الصراع جعلت الولاية تفكر في جعل التكية النموذج المعتمد للعون الغذائي.
وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن عدد التكايا النموذجية في العاصمة 7 والخيرية 314، وأن عددها متغير، "وتحظى جميعها باهتمام والي الخرطوم عبر تقديم الدعم العيني والمالي". وبرأيه، فإن تجربة التكايا تعبير دقيق عن تقدّم المجتمع على الدولة في المبادرة، وأثبتت قدمه في إغاثة الملهوف وإطعام الجائع، وهي نموذج متقدم في العون الإنساني.
ووفقا لفريني، بلغ عدد المتلقين للوجبات الجاهزة من التكايا حتى الأسبوع الماضي 75 ألفا. و"بعد اعتداءات الدعم السريع على قرى شرق ولاية الجزيرة، زاد عدد المترددين عليها بمعدل 10 آلاف، يجري حصرهم والترتيب لاستيفاء احتياجاتهم".