التحول في خطاب مناصري الجيش السوداني على منصة "كلوب هاوس" من تأييد العمليات القتالية إلى شعار "لا للحرب" يعكس تحولاً استراتيجياً قد يكون مرتبطاً بمتغيرات ميدانية أو سياسية ضاغطة. هذا الطرح يتقارب مع موقف القوى المدنية التي طالبت بإنهاء القتال منذ البداية، لكن صياغته بصيغة "لا للحرب ونعم للاستسلام" يثير التساؤلات حول دوافعه الحقيقية وأهدافه بعيدة المدى.



تحليل هذا التحول
ملامح التأثر بتوجهات القوى المدنية

قد يكون المناصرون قد أدركوا أن الدعم الشعبي للجيش يتراجع نتيجةً للخسائر البشرية والمادية، مما يجعلهم يميلون نحو خطاب يعزز السلام كقيمة أساسية وينأى عن المطالبات بالمزيد من القتال.
بالتقارب مع القوى المدنية، يسعى هؤلاء لكسب شرعية أخلاقية وموقف موحد، مما قد يسهل تبرير خطوات مثل الدعوة لوقف إطلاق النار والبحث عن حلول تفاوضية.
الضغط الدولي والإقليمي

الدعوات المتزايدة من المجتمع الدولي لوقف الحرب قد تكون قد دفعتهم لإعادة تقييم موقفهم، إذ أن الاستمرار في الحرب قد يعرض السودان لعقوبات أو تضييق دبلوماسي أكبر.
يُمكن أن يكون لهذا التحول تأثير إيجابي على صورتهم الخارجية، مما يجعل موقفهم يبدو أكثر اعتدالاً وتوافقًا مع معايير حقوق الإنسان الدولية.
محاولة لحفظ ماء الوجه والتراجع بشكل محسوب:

يشير شعار "نعم للاستسلام" بشكل ضمني إلى الاعتراف بفقدان بعض السيطرة على الوضع الميداني أو عدم جدوى استمرار الحرب، مما قد يكون أسلوبًا للتراجع التدريجي دون إعلان صريح للهزيمة.
قد يساعد هذا الخطاب في تهدئة الأوضاع وإعداد أنصار الجيش لاحتمال التفاوض أو قبول حل وسط مع الخصوم.
مستقبل هذا الخط الجديد
الانتقال إلى عملية تفاوضية إذا استمر المناصرون في الدفع بهذا الخط، قد يصبح التركيز على التفاوض وتفعيل الوساطات الإقليمية والدولية أكثر وضوحًا، بما يسمح بإيجاد حلول سياسية وتجنب المزيد من النزيف.
تعزيز موقف الجيش كضامن للأمن وليس كقوة قتال مستمرة: قد يستفيد الجيش من هذا الخطاب ليعيد تقديم نفسه كجهة مؤهلة لحفظ السلام والأمن عند الوصول إلى هدنة.
مزيد من الانقسام بين مناصري الجيش: قد يواجه هذا التحول مقاومة من بعض العناصر الأكثر تشددًا، مما قد يُعقد المشهد الداخلي لمؤيدي الجيش، ويدفع باتجاه ظهور تيارات جديدة تطالب بعودة التصعيد.
بالمجمل، هذا التحول قد يشير إلى إرهاصات نهاية النزاع المسلح المباشر، لكنه يعتمد على مدى قبول الأطراف الأخرى بهذا التوجه ومدى استعدادهم للتخلي عن مطالبهم الحصرية لصالح حل سياسي يحقق بعض التوازنات. و
الذين يسوقون هذا الخطاب، وللأسف، يفتقرون إلى تاريخ ناصع في الطرح الفكري أو السياسي، مما يجعل من السهل التكهن بأن هذا التحول ليس نابعًا من قناعات ذاتية، بل قد يكون نتيجة توجيه حزبي أو استخباراتي. فمن المحتمل أن الهدف من هذا الخطاب هو توجيه الرأي العام نحو الضغط على الطرف الآخر للاستسلام، خصوصًا بعد الإخفاقات المتكررة والهزائم الميدانية. لكن السؤال الأهم: هل يفتقر الطرف الآخر إلى الأدوات التي تمكنه من تفكيك وتحليل هذا الخطاب الجديد؟
بكل تأكيد، يمتلك الطرف الآخر الوسائل اللازمة لفهم هذا الخطاب واستخلاص المضامين التي يحملها. إذ أن دراسة طبيعة هذا التحول في المواقف، وربطه بالهزائم الميدانية، يكشف أن الدعوة الحالية لوقف الحرب والسلام ربما تخفي رغبة في التراجع دون خسائر إضافية، دون إعلان اعتراف مباشر بفقدان القدرة على الحسم.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذا التحول هذا الخطاب قد یکون

إقرأ أيضاً:

تحليل: توجهات اقتصادية تظهر انخفاضا ملموسا للتضخم في 2025

قبل يومين من انعقاد أول اجتماع لمجلس بنك المغرب لسنة 2025، يظهر توافق بين مختلف التحليلات لصالح الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي عند مستواه الراهن.

بعد الإقدام على خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2,50 في المائة خلال اجتماعه الرابع في سنة 2024، قد يقرر مجلس بنك المغرب هذه المرة الحفاظ على استقراره.

ويبدو أن هذا القرار مدعوم بتطور معدل التضخم، الذي لا يزال متماشيا مع هدف استقرار الأسعار، بالموازاة مع استمرار الشكوك المحيطة بالآفاق الاقتصادية متوسطة المدى، لا سيما على الصعيد الدولي.

واستنادا إلى معطيات المندوبية السامية للتخطيط فقد سجل الرقم الاستدلالي للا ثمان عند الاستهلاك في يناير 2025 ارتفاعا بنسبة 2 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من السنة السابقة. وأفادت المذكرة الإخبارية الأخيرة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول الرقم الاستدلالي للا ثمان عند الاستهلاك، أن هذا التغير يعزى بشكل رئيسي إلى ارتفاع مؤشر أسعار المنتجات الغذائية (زائد 3,3 في المائة) ومؤشر أسعار المنتجات غير الغذائية (زائد 1,1 في المائة).

وبالتوازي مع ذلك، أكد بنك المغرب أن نمو القروض البنكية الممنوحة للقطاع غير المالي، تسارع ليبلغ 3,3 في المائة في يناير 2025 مقابل 2,6 في المائة في الشهر السابق. ويعكس هذا التسارع زيادة في القروض الممنوحة لكل من الشركات غير المالية والأسر.

وقد سجلت القروض الموجهة للشركات الخاصة ارتفاعا بنسبة 1,2 في المائة بعد 0,6 في المائة، بينما نمت القروض الموجهة للشركات العامة بنسبة 8,6 في المائة مقابل 7,3 في المائة في دجنبر 2024، أما القروض الممنوحة للأسر فقد تسارعت إلى 2 في المائة بعد أن سجلت 1,7 في المائة في الشهر السابق. شبه إجماع من المستثمرين على الإبقاء على الوضع الراهن

يرى الخبير الاقتصادي والمتخصص في سياسة الصرف، عمر باكو، أن بنك المغرب يجب أن يبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، مفضلا بذلك الحفاظ على الوضع الراهن فيما يخص السياسة النقدية.

وبالنسبة للمحلل الاقتصادب، فإن هذا القرار قد يبرر بغياب الضغوط التضخمية وتحسن الآفاق الاقتصادية.

وأوضح باكو ،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن « توقعات التضخم لسنة 2025 تظهر توجها نحو الانخفاض، لا سيما بفضل التساقطات المطرية الأخيرة التي تعزز توقعات الإنتاج الفلاحي، ومن شأن زيادة العرض أن تسهم في انخفاض أسعار المنتجات الفلاحية، وبالتالي تغطية التضخم ».

من جهة أخرى، أضاف باكو أن آفاق النمو الاقتصادي تبدو واعدة، كما تؤكد ذلك توقعات صندوق النقد الدولي، والمندوبية السامية للتخطيط، والتقرير الاقتصادي والمالي المرافق لقانون المالية، وفي هذا السياق، لن يكون بنك المغرب مضطرا لخفض سعر الفائدة من أجل دعم النشاط الاقتصادي.

كما أبرز الخبير أن « الحذر » النقدي يدعم خيار الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي مستقرا ، إذ إن التعديلات المتكررة قد تربك توقعات الأسواق وتشوش على رؤية الفاعلين الاقتصاديين، مما يستدعي اتباع نهج محافظ من خلال الإبقاء على سعره عند 2,5 في المائة.

وفي السياق ذاته، أشار مركز التجاري غلوبال ريسيرش (AGR) في تقريره « Research Report-Strategy » إلى وجود « شبه إجماع » بين المستثمرين في المغرب على إبقاء سعر الفائدة الرئيسي لبنك المغرب عند مستواه الراهن.

وبذلك، وعلى أساس نتائج الاستطلاع الذي أجرته وحدة الأبحاث التابعة لمجموعة التجاري وفا بنك، والذي شمل عينة من 35 مستثمرا من بين الأكثر تأثيرا في السوق المالية المغربية، فإن احتمال الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي يبلغ 94 في المائة، مقابل 6 في المائة لاحتمال خفضه بمقدار 25 نقطة أساس، بينما لا يوجد احتمال لرفعه. وحسب فئة المستثمرين، تكشف تحليلات التفاعلات أن « المؤسسات المحلية » تقدر احتمال الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير بنسبة 91 في المائة، مقابل 9 في المائة لخفضه بمقدار 25 نقطة أساس.

أما « الفاعلون المرجعيون »، فقد منحوا احتمالا بلغ 93 في المائة للإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي، مقابل 7 في المائة لخفضه بمقدار 25 نقطة أساس، في حين أن « المستثمرين الأجانب » و »الأشخاص الذاتيين » متفقون بالإجماع على خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس. ومع اقتراب موعد أول اجتماع لمجلس بنك المغرب لهذه السنة، يبدو أن استقرار سعر الفائدة الرئيسي متوقع بشكل واسع من قبل المستثمرين. ولكن، هل يمكن للبنك المركزي، في ظل بيئة اقتصادية عالمية متسمة بعدم اليقين، أن يتخذ قرارا غير متوقع؟ لا شك أن الأمر سيحسم خلال المجلس القادم.

كلمات دلالية الاسعار التساقطات المطرية التضخم انخفاض بنك المغرب سعر الفائدة

مقالات مشابهة

  • ما قدمه الجيش السوداني درس عظيم، ولكن ما قدمه الشعب السوداني درس أعظم
  • رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
  • خرج القحاتة وفي إطار الحرب النفسية لصالح المليشيا بالدعوة إلي استسلام الجيش السوداني كما استسلمت اليابان
  • الدولار يتراجع أمام الجنيه بعد التحولات الجديدة «محليا وعالميا»
  • ‏قراءة في خطاب “حميدتي”
  • تحليل: توجهات اقتصادية تظهر انخفاضا ملموسا للتضخم في 2025
  • السودان.. الجيش يسيطر علي مباني ومواقع استراتيجية في الخرطوم
  • قائد في الجيش السوداني: لا جديد بخطاب حميدتي غير ربطة “الكدمول
  • بالفيديو.. الاستسلام للسرديّات
  • الحرب ستشتعل في الضعين؛ قراءة في المشهد القادم!