لندن – تشهد منطقة الشرق الأوسط توترا متزايدا مع الهجوم الجوي الإسرائيلي الأخير على إيران، الذي وضع القيادة الإيرانية أمام خيارين مصيريين: إما الرد العسكري وإما التريث، مما سيحدد ما إذا كانت المنطقة ستنزلق إلى حرب شاملة أم ستبقى على مستوى العنف المدمر والمزعزع للاستقرار الحالي.

وبحسب سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس بلندن، فإن إيران قد تتجنب التصعيد العسكري بسبب القيود العسكرية والاقتصادية المفروضة عليها، فضلا عن الغموض المحيط بالانتخابات الأميركية المقبلة وتأثيرها على السياسة الأميركية.

وقالت فاكيل إن القيادة الإيرانية قد تكون “محصورة” بهذه القيود، خاصة وأن مثل هذا الرد قد يكشف عن نقاط ضعف لديها.

وأكد الجيش الإيراني في بيان أهمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، مما اعتبره البعض إشارة على نية طهران عدم التصعيد في الوقت الحالي. وكان المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي متحفظا في أول تصريح له بعد الهجوم، إذ أكد على ضرورة التوازن وعدم الاستعجال في اتخاذ أي إجراء.

واستهدفت الهجمات الإسرائيلية يوم السبت الماضي بطاريات الدفاع الجوي ومنشآت إنتاج الصواريخ الإيرانية، وفقا للجيش الإسرائيلي. وتشير صور الأقمار الصناعية -بحسب وكالة أسوشيتد برس- إلى أن الضربات تسببت في أضرار في قاعدة بارشين العسكرية جنوب شرق طهران، المعروفة بارتباطها ببرنامج إيران النووي سابقا، وفي قاعدة أخرى تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي أكد عبر منصة “إكس” أن المواقع النووية الإيرانية لا تزال سليمة.

وقال يوئيل جوزانسكي، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن اختيار إسرائيل لأهدافها يعكس جزئيا قدراتها، إذ من غير المرجح أن تكون قادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية بمفردها دون مساعدة الولايات المتحدة.

ورجح توماس جونو أستاذ الشؤون الإيرانية في جامعة أوتاوا أن إيران قد تتجنب التصعيد، وأن ردها سيكون محدودا. وأوضح أن الإعلام الإيراني قلل في البداية من شأن الهجمات، في إشارة إلى رغبة طهران في عدم الاندفاع نحو مزيد من التصعيد.

ووفقا لجونو، تواجه إيران معضلة صعبة، إما الرد الذي قد يزيد من خسائرها، وإما عدم الرد الذي سيظهرها بموقف ضعيف أمام شعبها وحلفائها.

كما توقع مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز أن “أي محاولة إيرانية للرد ستضطرها للتعامل مع حقيقة أن حزب الله، حليفها الأهم ضد إسرائيل، قد تم إضعافه بشكل كبير، وأن أنظمة أسلحته التقليدية تم صدها إلى حد كبير مرتين”.

وأضاف فايز أن كلا الجانبين قام بقياس خطوات التصعيد بعناية، لكنهما الآن في منطقة جديدة تماما، حيث أصبحت الحدود المرسومة حديثا غير واضحة مع تلاشي الخطوط الحمراء السابقة إلى حد كبير.

وتتفق فاكيل على أن رد إيران سيكون محدودا، وأن الضربات الإسرائيلية كانت مصممة لتقليل احتمالات التصعيد، “لقد أظهرت إسرائيل مرة أخرى أن دقتها وقدراتها العسكرية تتفوق على قدرات إيران”.

ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي شرعت إسرائيل في تصعيد نوعي ضد عناصر حركة الفصائل اللبنانية وبنيتها التحتية، بدءا من تفجيرات أجهزة البيجر والراديو، إلى اغتيال بعض قادة الخط الأول في الحركة، ثم اغتيال الأمين العام  حسن نصر الله نفسه، مرورا باستهداف الضاحية الجنوبية بالقصف والتدمير، وأخيرا محاولات الاجتياح البري المستمرة حتى الآن.

المصدر : أسوشيتد برس

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

في بكين.. قمة ثلاثية لبحث الملف النووي الإيراني

أفاد التليفزيون الصيني الرسمي بأن دبلوماسيين بارزين من إيران وروسيا والصين بدأوا، اليوم الجمعة، اجتماعات في العاصمة الصينية بكين لمناقشة القضايا النووية الإيرانية، وذلك في ظل تصاعد التوترات بين طهران وواشنطن، ورفض إيران الدخول في مفاوضات تحت الضغط الأمريكي.

يأتي هذا الاجتماع بعد أيام قليلة من رفض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ما وصفه بـ"الأوامر الأمريكية" لاستئناف الحوار حول برنامج بلاده النووي، مؤكدًا أن إيران لن تخضع للضغوط الأمريكية ولن تدخل في مفاوضات قسرية.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي أنه وجه رسالة إلى القيادة الإيرانية يقترح فيها إجراء محادثات، وسط مخاوف غربية من أن إيران تقترب بسرعة من امتلاك قدرات تمكنها من صنع أسلحة نووية.

 المفاوضات غير المباشرة

في هذا السياق، صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن طهران لا تستبعد إمكانية إجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة، ولكنها ترفض الدخول في أي حوار في ظل سياسة "الضغط الأقصى" التي تمارسها واشنطن.

وأوضح عراقجي، في مقابلة مع صحيفة "إيران" الحكومية، أن المفاوضات يجب أن تتم في ظروف متكافئة لضمان تحقيق نتائج فعالة، مضيفًا: "إذا دخلنا في مفاوضات بينما الطرف الآخر يمارس الضغط الأقصى، فإننا سنتفاوض من موقع ضعف ولن نحقق أي مكاسب. هذه ليست مسألة عناد أو تشبث بالمبادئ، بل مسألة فنية بحتة".

إيران: لن ندخل بمفاوضات مباشرة مع أمريكا إلا من موقع متكافئبسبب الاتفاق النووي.. أمريكا تدعو مجلس الأمن لإدانة سلوك إيرانبريطانيا تلوح بإعادة فرض عقوبات أممية على إيرانإيران: أي محاولة لإجبارنا على التوصل لاتفاق جائر مصيرها الفشلرسالة من ترامب إلى إيران يسلمها مسئول عربيحقيقة منع دخول الكويتيين إلى طهران.. بيان مهم من سفارة إيران

وأشار إلى أن إيران تعمل على تعزيز دعم الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي، مؤكدًا أن المشاورات بين طهران وروسيا والصين والترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) تشهد تكثيفًا لضمان موقف أقوى في مواجهة الضغوط الأمريكية.

خطة جديدة  

من ناحية أخرى، كشف عراقجي عن مقترح جديد لحل المشاكل العالقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشددًا على ضرورة تبني استراتيجية تفاوضية تتسم بالمرونة والعدالة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على بلاده.

وأضاف أن إيران وضعت خطة تفاوضية محكمة، وأن أي مفاوضات مع واشنطن تتم بشكل غير مباشر عبر قناة تضم ثلاث دول أوروبية، وهو ما يعكس إصرار طهران على الحفاظ على موقفها التفاوضي المستقل.

العودة إلى الاتفاق النووي 

يذكر أن إيران كانت قد توصلت إلى اتفاق نووي عام 2015 مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، حيث وافقت على تقييد برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية. لكن في عام 2018، انسحب الرئيس ترامب من الاتفاق خلال ولايته الأولى، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، وإعادة فرض عقوبات صارمة على الاقتصاد الإيراني.

مقالات مشابهة

  • مسوغات المواجهة بين برلمان وحكومة إيران واحتمالات التصعيد
  • حماس تحذر من التصعيد الإسرائيلي في الأقصى وتدعو للنفير العام
  • في بكين.. قمة ثلاثية لبحث الملف النووي الإيراني
  • الخارجية الإيرانية: التعليق على رسالة أمريكا قيد الدراسة
  • منظمة بدر الإيرانية: واشنطن تفرض قيودًا تمنع العراق من استيراد الغاز الإيراني” المقدس”
  • الصين تدعو إلى حل "دبلوماسي" لمسألة النووي الإيراني
  • التصعيد اليمني يفاقم القلق الإسرائيلي والتخبط الأمريكي
  • التوازنات العسكرية والإستراتيجية تستعرض عضلاتها في المياة الإيرانية... رسائل مناورات إيران وروسيا والصين..
  • الرئيس الإيراني يرفض التفاوض مع ترامب تحت التهديد.. افعل ما تريد
  • الرئيس الإيراني: لن أتفاوض مع ترامب تحت التهديد