شمال قطاع غزة… مجازر وتجويع بهدف التهجير
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
القدس المحتلة-سانا
انفجارات ونار ودخان.. طيران حربي ومسير ودبابات يرافقها المئات من جنود الاحتلال الإسرائيلي.. أحياء بأكملها تصبح في طرفة عين ركاماً.. مخيمات تستحيل رماداً.. شيوخ وأطفال ورجال ونساء يركضون حفاة خائفين تحت القصف بعد أن أجبرهم الاحتلال على إخلاء أحيائهم ويتلذذ جنوده بقنصهم وقصفهم واعتقال من يشاؤون منهم.
جثامين لعشرات الشهداء ملقاة في الشوارع لا يستطيع أحد الاقتراب منها.. صغار يجمعون رفات ما تبقى من جثامين عائلاتهم في أكياس.. بكاء عائلات تسمع أنين أولادها تحت الأنقاض ولا قدرة لها على انتشالهم.. جوعى يبحثون عن كسرة خبز وعطاش يرتشفون رشفة ماء.. هذه الفظاعات هي جزء من جرائم الاحتلال بحق أهالي شمال قطاع غزة منذ 23 يوماً في ظل حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من عام على القطاع.
أيام متواصلة من التجويع والمجازر والتهجير القسري عاشها أهالي شمال القطاع منذ تصعيد الاحتلال عدوانه على المنطقة التي تضم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون في الخامس من الشهر الجاري، حيث حاصرت قواته المنطقة من جميع الجهات وعزلتها عن باقي مناطق القطاع المحاصر أيضاً، ومنعت عنها الماء والغذاء والدواء والوقود وسط قصف جوي ومدفعي كثيف وتوغل للمئات من جنوده ليرتكب الاحتلال جرائم تطهير عرقي أسفرت عن استشهاد أكثر من 1000 فلسطيني وإصابة الآلاف وإجبار عشرات الآلاف على النزوح القسري على مرأى العالم الذي يقف متفرجاً مكتوف الأيدي رغم التحذيرات الأممية من خطورة الأوضاع ومن الواقع الصحي والإنساني الكارثي.
مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، قال: إن “أحلك لحظات الحرب تتكشف اليوم في شمال القطاع، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي فعلياً بإخضاع السكان بأكملهم للقصف والحصار وخطر المجاعة”، محذراً من أن سياسات وممارسات “إسرائيل” في المنطقة تهدد بإفراغها من جميع الفلسطينيين”، مضيفاً: “ما نواجهه قد يرقى إلى مستوى الجرائم الفظيعة، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية”.
وحشية الاحتلال تعكس بوضوح محاولاته لإفراغ شمال القطاع من أهله الذين رفضوا الاستجابة لأوامر الإخلاء نحو الجنوب التي كان يصدرها منذ بدء الحرب وكثف منها مطلع الشهر الجاري، حيث يتعمد حرمانهم من أبسط مقومات الحياة لقتل أي أمل بالبقاء ويلجأ إلى تدمير البنى التحتية ومراكز الإيواء والمشافي، وذلك في إطار تنفيذه لما يعرف باسم “خطة الجنرالات” التي وضعها “غيورا آيلاند” القائد السابق في جيش الاحتلال وعدد من المسؤولين العسكريين السابقين ودعمتها الولايات المتحدة.
الخطة تنص على إعادة احتلال شمال القطاع عبر قطع المساعدات عنه وترويع الأهالي وإغلاق جميع سبل النجاة أمامهم بحيث لا يبقى لهم إلا الموت قصفاً أو جوعاً وعطشاً، وهي خطة تتماهى مع تصريحات مسؤولي الاحتلال منذ بداية العدوان، حيث قال وزير حربه في الأيام الأولى للعدوان: إن أهالي غزة “حيوانات بشرية” يجب قتلهم وتشريدهم وقطع المياه والكهرباء والغذاء والدواء عنهم لتتبعها تصريحات من مسؤولين آخرين تدعو إلى محوهم من الوجود وقصفهم بقنبلة نووية.
كما عقد مئات المستوطنين بمشاركة بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير ووزراء آخرين في حكومة الاحتلال وأعضاء كنيست قبل أيام مؤتمراً تحت عنوان “الاستعداد لإعادة استيطان غزة” في مستوطنة بئيري على أطراف القطاع دعوا خلاله إلى تهجير أهالي القطاع وإعادة الاستيطان ليس في الشمال فحسب بل في كل شبر من القطاع.
محمود نصار من أهالي بيت لاهيا يقول: “الاحتلال يحاول دفعنا للنزوح وترك منازلنا بكل الطرق حتى يستفرد بالأرض ويحولها مستقبلا لمستوطنات حيث بدأ حصاره بقطع إمدادات الماء والغذاء عن الشمال وكثف عمليات النسف والقصف والحرق وأخيراً دمر الخدمات الطبية والصحية في محاولة لإفراغ الشمال من أهله”.
ولفت نصار إلى توقف مركبات الإسعاف عن انتشال المصابين والشهداء جراء قصف الاحتلال، مبيناً أن هذه المهمة باتت ملقاة على عاتق الأهالي، وأن مناطق بيت لاهيا ومخيم جباليا وتل الزعتر والعلمي في الشمال ما زالت مكتظة، وأن آلاف الفلسطينيين صامدون حتى اللحظة ويرفضون النزوح إلى أي مكان آخر، وأنهم بحاجة حقيقية إلى خدمات طبية وإسعافية على مدار الساعة، مطالباً الصليب الأحمر ومؤسسات الإغاثة بالتدخل العاجل لوقف المذبحة التي يرتكبها الاحتلال.
محمد حلاوة من جباليا أوضح أن الصور والفيديوهات التي تصل العالم من شمال القطاع لا تكشف إلا جزءاً يسيراً من المعاناة حيث تستفرد آلة الإجرام الصهيونية بنحو 400 ألف فلسطيني تقصفهم بالطائرات وتدوسهم بجنازير الدبابات وتسوي أجسادهم بالتراب أينما وجدوا في المنازل والخيام والمشافي، كما أن الوضع يسوء كل لحظة حيث يقصف الاحتلال كل جسم متحرك ويمنع دخول إمدادات المياه والطعام والدواء فضلا عن أنه يمنع الطواقم الطبية والدفاع المدني من الدخول ويهدد الصحفيين بالقتل لمنعهم من نقل ما يرتكبه من فظائع.
المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني في غزة محمود بصل قال: إنهم توقفوا عن تقديم الخدمة بشكل كامل في شمال القطاع منذ مساء الأربعاء الماضي بعدما اعتقل جيش الاحتلال 5 من عناصره وقصف مقر الإسعاف في بيت لاهيا وأصاب عددا من الكوادر وأحرق سيارة الإطفاء الوحيدة التي تعمل في الشمال، مشيراً إلى أن الاحتلال يهدد باستهداف أي سيارة تتحرك في المنطقة ويمنعهم من الحركة ما يعني أن أي فلسطيني يصاب برصاص الاحتلال أو شظايا صواريخه سيبقى ينزف حتى الموت لعدم وجود أي جهة تنقذه.
حركة المقاومة الفلسطينية حماس طالبت المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف جريمة التهجير القسري والتطهير العرقي والمذابح التي ينفذها الاحتلال في إطار مخططه الإجرامي المعروف بـ “خطة الجنرالات” في شمال القطاع، مبينة أن ما تشهده جباليا ومخيمها وبيت لاهيا وعموم المناطق من مجازر يومية وتدمير شامل وعمليات تهجير قسري وتطهير عرقي هو انتهاك صارخ لكل القوانين والشرائع والأعراف لم يكن ليمر لولا تواطؤ الإدارة الأمريكية مع العدو وحالة الصمت والتخاذل التي تعتري المنظومة الدولية.
عاليا عيسى وجمعة الجاسم
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: شمال القطاع
إقرأ أيضاً:
17 شهيدا في قصف على بيت لاهيا والشيخ رضوان وشاطئ غزة
استُشهد 17 مواطنا وأصيب آخرون بجروح، اليوم الأربعاء 30 أكتوبر 2024، جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مواطنين في حي السلاطين بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة ، ومحيط سوق الشيخ رضوان غرب مدينة غزة.
وأفادت مصادر طبية، باستشهاد 8 مواطنين وأصيب آخرون بجروح، جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مواطنين في حي السلاطين بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
كما استشهد 5 مواطنين وأصيب نحو 20 آخرين معظمهم أطفال في قصف الاحتلال محيط سوق الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، كما انتشلت الطواقم الطبية، 3 شهداء إثر قصف الاحتلال مجموعة من المواطنين على شاطئ بحر غزة في منطقة السودانية شمال غرب المدينة، بينما أصيب عدد من المواطنين بجروح، إثر قصف مدفعية الاحتلال مجموعة من المواطنين شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة.
وأشارت مصادر طبية، إلى أن أكثر من 1250 استشهدوا في عدوان الاحتلال المستمر شمال قطاع غزة منذ 25 يوما.
وتواصل قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 43,061 مواطنا، وإصابة 101,223 آخرين، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وسط تدهور الوضع الإنساني في القطاع المحاصر.
المصدر : وكالة سوا