القدس المحتلة-سانا

انفجارات ونار ودخان.. طيران حربي ومسير ودبابات يرافقها المئات من جنود الاحتلال الإسرائيلي.. أحياء بأكملها تصبح في طرفة عين ركاماً.. مخيمات تستحيل رماداً.. شيوخ وأطفال ورجال ونساء يركضون حفاة خائفين تحت القصف بعد أن أجبرهم الاحتلال على إخلاء أحيائهم ويتلذذ جنوده بقنصهم وقصفهم واعتقال من يشاؤون منهم.

. عشرات الرجال عراة مكبّلون معصوبو الأعين يتجمعون في حفر عميقة أحدثها القصف، ينقلهم الاحتلال بالشاحنات إلى معسكرات اعتقال تفوقت ببشاعتها على معسكرات الاعتقال النازية.

جثامين لعشرات الشهداء ملقاة في الشوارع لا يستطيع أحد الاقتراب منها.. صغار يجمعون رفات ما تبقى من جثامين عائلاتهم في أكياس.. بكاء عائلات تسمع أنين أولادها تحت الأنقاض ولا قدرة لها على انتشالهم.. جوعى يبحثون عن كسرة خبز وعطاش يرتشفون رشفة ماء.. هذه الفظاعات هي جزء من جرائم الاحتلال بحق أهالي شمال قطاع غزة منذ 23 يوماً في ظل حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من عام على القطاع.

أيام متواصلة من التجويع والمجازر والتهجير القسري عاشها أهالي شمال القطاع منذ تصعيد الاحتلال عدوانه على المنطقة التي تضم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون في الخامس من الشهر الجاري، حيث حاصرت قواته المنطقة من جميع الجهات وعزلتها عن باقي مناطق القطاع المحاصر أيضاً، ومنعت عنها الماء والغذاء والدواء والوقود وسط قصف جوي ومدفعي كثيف وتوغل للمئات من جنوده ليرتكب الاحتلال جرائم تطهير عرقي أسفرت عن استشهاد أكثر من 1000 فلسطيني وإصابة الآلاف وإجبار عشرات الآلاف على النزوح القسري على مرأى العالم الذي يقف متفرجاً مكتوف الأيدي رغم التحذيرات الأممية من خطورة الأوضاع ومن الواقع الصحي والإنساني الكارثي.

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، قال: إن “أحلك لحظات الحرب تتكشف اليوم في شمال القطاع، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي فعلياً بإخضاع السكان بأكملهم للقصف والحصار وخطر المجاعة”، محذراً من أن سياسات وممارسات “إسرائيل” في المنطقة تهدد بإفراغها من جميع الفلسطينيين”، مضيفاً: “ما نواجهه قد يرقى إلى مستوى الجرائم الفظيعة، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية”.

وحشية الاحتلال تعكس بوضوح محاولاته لإفراغ شمال القطاع من أهله الذين رفضوا الاستجابة لأوامر الإخلاء نحو الجنوب التي كان يصدرها منذ بدء الحرب وكثف منها مطلع الشهر الجاري، حيث يتعمد حرمانهم من أبسط مقومات الحياة لقتل أي أمل بالبقاء ويلجأ إلى تدمير البنى التحتية ومراكز الإيواء والمشافي، وذلك في إطار تنفيذه لما يعرف باسم “خطة الجنرالات” التي وضعها “غيورا آيلاند” القائد السابق في جيش الاحتلال وعدد من المسؤولين العسكريين السابقين ودعمتها الولايات المتحدة.

الخطة تنص على إعادة احتلال شمال القطاع عبر قطع المساعدات عنه وترويع الأهالي وإغلاق جميع سبل النجاة أمامهم بحيث لا يبقى لهم إلا الموت قصفاً أو جوعاً وعطشاً، وهي خطة تتماهى مع تصريحات مسؤولي الاحتلال منذ بداية العدوان، حيث قال وزير حربه في الأيام الأولى للعدوان: إن أهالي غزة “حيوانات بشرية” يجب قتلهم وتشريدهم وقطع المياه والكهرباء والغذاء والدواء عنهم لتتبعها تصريحات من مسؤولين آخرين تدعو إلى محوهم من الوجود وقصفهم بقنبلة نووية.

كما عقد مئات المستوطنين بمشاركة بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير ووزراء آخرين في حكومة الاحتلال وأعضاء كنيست قبل أيام مؤتمراً تحت عنوان “الاستعداد لإعادة استيطان غزة” في مستوطنة بئيري على أطراف القطاع دعوا خلاله إلى تهجير أهالي القطاع وإعادة الاستيطان ليس في الشمال فحسب بل في كل شبر من القطاع.

محمود نصار من أهالي بيت لاهيا يقول: “الاحتلال يحاول دفعنا للنزوح وترك منازلنا بكل الطرق حتى يستفرد بالأرض ويحولها مستقبلا لمستوطنات حيث بدأ حصاره بقطع إمدادات الماء والغذاء عن الشمال وكثف عمليات النسف والقصف والحرق وأخيراً دمر الخدمات الطبية والصحية في محاولة لإفراغ الشمال من أهله”.

ولفت نصار إلى توقف مركبات الإسعاف عن انتشال المصابين والشهداء جراء قصف الاحتلال، مبيناً أن هذه المهمة باتت ملقاة على عاتق الأهالي، وأن مناطق بيت لاهيا ومخيم جباليا وتل الزعتر والعلمي في الشمال ما زالت مكتظة، وأن آلاف الفلسطينيين صامدون حتى اللحظة ويرفضون النزوح إلى أي مكان آخر، وأنهم بحاجة حقيقية إلى خدمات طبية وإسعافية على مدار الساعة، مطالباً الصليب الأحمر ومؤسسات الإغاثة بالتدخل العاجل لوقف المذبحة التي يرتكبها الاحتلال.

محمد حلاوة من جباليا أوضح أن الصور والفيديوهات التي تصل العالم من شمال القطاع لا تكشف إلا جزءاً يسيراً من المعاناة حيث تستفرد آلة الإجرام الصهيونية بنحو 400 ألف فلسطيني تقصفهم بالطائرات وتدوسهم بجنازير الدبابات وتسوي أجسادهم بالتراب أينما وجدوا في المنازل والخيام والمشافي، كما أن الوضع يسوء كل لحظة حيث يقصف الاحتلال كل جسم متحرك ويمنع دخول إمدادات المياه والطعام والدواء فضلا عن أنه يمنع الطواقم الطبية والدفاع المدني من الدخول ويهدد الصحفيين بالقتل لمنعهم من نقل ما يرتكبه من فظائع.

المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني في غزة محمود بصل قال: إنهم توقفوا عن تقديم الخدمة بشكل كامل في شمال القطاع منذ مساء الأربعاء الماضي بعدما اعتقل جيش الاحتلال 5 من عناصره وقصف مقر الإسعاف في بيت لاهيا وأصاب عددا من الكوادر وأحرق سيارة الإطفاء الوحيدة التي تعمل في الشمال، مشيراً إلى أن الاحتلال يهدد باستهداف أي سيارة تتحرك في المنطقة ويمنعهم من الحركة ما يعني أن أي فلسطيني يصاب برصاص الاحتلال أو شظايا صواريخه سيبقى ينزف حتى الموت لعدم وجود أي جهة تنقذه.

حركة المقاومة الفلسطينية حماس طالبت المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف جريمة التهجير القسري والتطهير العرقي والمذابح التي ينفذها الاحتلال في إطار مخططه الإجرامي المعروف بـ “خطة الجنرالات” في شمال القطاع، مبينة أن ما تشهده جباليا ومخيمها وبيت لاهيا وعموم المناطق من مجازر يومية وتدمير شامل وعمليات تهجير قسري وتطهير عرقي هو انتهاك صارخ لكل القوانين والشرائع والأعراف لم يكن ليمر لولا تواطؤ الإدارة الأمريكية مع العدو وحالة الصمت والتخاذل التي تعتري المنظومة الدولية.

عاليا عيسى وجمعة الجاسم

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: شمال القطاع

إقرأ أيضاً:

سفير فلسطين بالقاهرة: مصر بذلت جهودا كبيرة في دعم القضية ورفض التهجير

تفقد اللواء دكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، اليوم، ودياب اللوح، السفير الفلسطيني بالقاهرة، الجرحى والمرضى الفلسطينيين في مستشفى العريش العام.

وحرص المحافظ والسفير الفلسطيني الاطمئنان على الخدمات الطبية المُقدمة للجرحى والمرضى الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج في المستشفى.

توزيع المصابين على المستشفيات داخل وخارج سيناء

واستعرض المُحافظ الجهود المبذولة في استقبال الجرحى والمرضى الفلسطينيين، وتوزيعهم على مختلف المستشفيات داخل وخارج المحافظة.

وثمن السفير الفلسطيني جهود مصر في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني، ورفض مُخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، ودور مصر الريادي في المنطقة.

محافظ شمال سيناء يتابع المصابين الفلسطينيين والمرافقين

قال اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء، إن المصابين الفلسطينيين يحصلون على رعاية طبية فائقة في المستشفيات المصرية.

وأضاف المحافظ، أنه يتابع بشكل يومي الحالات التي تصل المستشفيات في شمال سيناء، ويقدم كامل الدعم للمٌصابين والمرافقين الفلسطينيين، بالتنسيق مع مديرية الصحة والتضامن الاجتماعي، ومكتب خدمة المواطنين، ومجالس المدن، ومديرية الشباب بالمحافظة

مقالات مشابهة

  • ترامب يتساءل: كيف انسحبت إسرائيل من غزة ؟
  • باحث سياسي: مصر تصدت لمخططات التهجير منذ اليوم الأول للحرب على غزة
  • من التهجير إلى التأجير.. ماذا تعرف عن خطط الاحتلال الإسرائيلي في التعامل مع سيناء؟
  • سفير فلسطين بالقاهرة: مصر بذلت جهودا كبيرة في دعم القضية ورفض التهجير
  • الكشف عن عدد الجثامين التي تحتجزها إسرائيل
  • أستاذ بجامعة القدس لـ"البوابة نيوز": الاحتلال تهرب من تنفيذ بعض بنود الهدنة.. والموقف المصري بشأن تهجير الفلسطينيين "متقدم"
  • حماس: جيش الاحتلال قتل أسراه بقصف أماكن احتجازهم وحكومته النازية تتحمل المسؤولية
  • “غزة ليست للبيع”.. أوروبا تنتفض ضد خطة التهجير التي يتبناها ترامب
  • قتلتهم طائرات الاحتلال.. تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية بعد قليل
  • إعلام فلسطيني: استعدادات لتسليم جثامين أربعة محتجزين إسرائيليين في قطاع غزة