(نجـــــــوم في الحــــرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمــد جمــال قنـــدول
وزير الثقافة والإعلام جراهام عبد القادر لـ(الكرامة):
منزلي من طيـــــــــن وهذا ما خسرناه (…..)
نتوقع عودة الآثار ولكـــــــن (…..)؟!
مؤسسات الإعلام توقفت تمامًا وخرج الناس دون (كاميرا أو ميكروفون)..
منذ دخول مــــــروي كانت نذر الحرب واضحةً
جميع الولايات تتحدث الآن خطابًـــــا واحـــدًا هو (….

.)
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو وزير الثقافة والإعلام جراهام عبد القادر، فماذا قال:
أول يوم الحرب، أين كنت؟
كنت في أم درمان وخرجت باكرًا وكان يوم سبت، لمراجعة المؤسسات التابعة للوزارة، وقد درجت على ذلك دومًا.
لحظة اندلاع الحرب، ماذا كان شعورك؟
تتوقف المشاعر في هذه اللحظات والإحساس، ويتجه العقل لتدبر الأمر بما تمليه عليك المسؤولية، ولذلك كان شعوري المسؤولية تجاه الوطن.
كم مكثت في الخرطوم؟
شهرًا وبضعة أيامٍ، وذلك لأنّ موقع وجودي في أم درمان شبه محاصر منذ الأيام الأولى بالمنطقة الجنوبية لأم درمان.
كيف خرجت من الخرطوم؟
بالتأكيد عندما يهتز المسرح يعرف الممثل كيف يتدبر الأمر ويخرج من المسرح وهو مدرك لكيفية هذا الخروج.
هل كنت تتوقع الحرب؟
نذر الحرب كانت واضحة، ولكن كنت أعتقد بأنّه خلافٌ حاد يمكن أن يتم تداركه، ولكن المؤشرات كانت بائنة في مروي وغيرها وكان واضحًا حتى للمواطن بأنّ هذه الأزمة قد تتطور لحرب وتتم معالجتها.
ماذا خسرت في الحرب؟
السودانيون جميعهم خسروا، وقد خسرنا خلال فترة الحرب وطنًا هادئًا وكنا نتوقع فيه أن نقفز إلى الأمام وبناء الدولة التي تحقق الطمأنينة لكل السودانيين، وخسرنا هدوء تلاميذ المدراس وهم يذهبون لمدارسهم والطلاب لجامعاتهم، وخسرت سعادة المرضى وهم بعيدين عن المشافي يتلقون العلاج، والعاملون وهم ذاهبون وعائدون إلى منازلهم من كافة القطاعات الإنتاجية، وخسرنا كل هذا في الحرب، على مستوى الخسارة الشخصية لا أعتقد بأنّها تذكر إذا ما قارناها بالخسارة العامة ومنزلي من طين.
هل لهذه التجربة فوائد للسودانيين؟
أعتقد بأنّ الأصل في الأشياء هو السلام، ولكن إذا جاءت الحرب استثناءًا على الناس أن يتعلموا الدروس والعبر والوحدة الوطنية والتراضي بين السودانيين على أن يكون هذا الوطن متماسكًا وهذا هو الدرس الأهم من هذه التجربة المريرة.
كيف تقرأ المشهد العام للحرب؟
هو مشهدٌ بالفعل يتطلب أن نقرأه بشكل واسع، سياسيًا واقتصاديًا كافة قوى الدولة الشاملة يجب أن تتم قراءته، وما نود أن نكون عليه بعد تجاوز هذا الظرف وانتصارات القوات المسلحة وجهود كل المستنفرين، وما نود أن نكون عليه بعد تجاوز الحرب، خاصةً وأنّ المشهد به كثير من الانكسارات في مجالات التنمية الزراعية والصناعية والتعليم والصحة ومؤسسات الإعلام المختلفة والمراكز الثقافية المختلفة من تراث وتاريخ السودان، وهذا المشهد ليس من العادة أن نرى حروبًا تبدأ داخل وطن وينجرف فيها من الناس للتخريب من دواعي وادعاءات ليست منطقية وعلى الأقل لماذا ندمر مؤسسات التنمية التي هي ملك للشعب السوداني؟، والانجراف والانجرار في تدمير كثير مما صنعه عامة الشعب وشركاء المجتمع السوداني، وأنا أعتقد أنّ قوات الدعم السريع المتمردة من حيث قصدت أن تدمر البنية التحتية للبلاد فهذا أمر جر على أهل السودان كثيرًا، وبالتالي لن يجد أي إسنادٍ شعبي، وهو من الأدوات التي تجعل هذه الميليشيا تكون مجردةً من أي تبعية والقيم السودانية.
أين وصلت الجهود لاستعادة الآثار التي نهبتها الميليشيا وعبرت بعضها لدول الجوار؟
هذا جهدٌ كبيرٌ جدًا وفيه عمل استقصائي كبير، والنيابة العامة تقوم بجهودها، وهنالك شرطة المباحث والسياحة والجمارك والهيئة العامة للآثار والمتاحف، وهنالك لجنة برئاسة وزير الثقافة ومتابعة ما يستجد هنا وهناك، وتتعامل مع المنظمات الدولية اليونيسكو، وعلى المستوى الإفريقي وعالميًا هنالك قوانين ومواثيق دولية تمنع أي متحف من استلام هذه الآثار، ولذلك هذه الجهود مستمرة وإن شاء الله نتوقع الوصول بنتائج إيجابية ولكن ليس بالسرعة المتوقعة من الناس، لأنّها لا بد من الإحراز والمتابعة والتأكد ثم الاستعادة.
كيف تقيم الأداء الإعلامي في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد؟
الناس يدركون بعد اندلاع الحرب أنّ كافة مؤسسات الإعلام المركزية توقفت تمامًا وخرج الناس دون أن يحملوا كاميرا أو ميكروفون، ولكن الحمد لله تمكنا من تجاوز هذه الظروف وأصبح لدينا مؤسسة إعلامية تقف على أرجلها سواءً في الإذاعة والتلفزيون و(سونا)، وهذه المؤسسات تقوم بمهامها بصورة إيجابية، والمتابعون يشاهدون ويستمعون ويقرأون الخطاب الرسمي للدولة سواءً كان على مستوى الدولة أو الولايات أو المستوى الشعبي للاستنفار ومتابعة جهود الدولة بما يمكن تقديمه للمواطنين، وأعتقد بأنّ الجهد الإعلامي تجاوز كل الصعاب وكافة العقبات، وتمكنا من أن يكون لدينا كميات كافية من المعدات الإعلامية.
هنالك اضطراب بين الإعلام القومي والولائي، هل هنالك ترتيبات ومعالجات لهذا الخلل؟
هنالك مؤتمر والناس يعلمون أنّ وسائل الإعلام الولائية كانت تتبع للسادة ولاة الولايات، ولكن مؤتمر القضارف الذي شرفه نائب رئيس مجلس السيادة والمقترحات التي تقدمنا بها في ذلك المؤتمر الآن صدر القرار بمعالجة أمر الولايات، ولكن كان هنالك خطابات للسادة الولاة بجعل الخطاب الإعلامي موحدًا وهذا ما تمّ، والآن التقارير نستلمها من الولايات المختلفة وجميعها الآن تتحدث خطابًا واحدًا ولغةً واحدة هي لغة السودان والتضامن مع القوات المسلحة والعمل المشترك، وعادةً الأخبار تكون مشتركة خاصة الرئيسة التي تأتي من الإذاعة القومية والتلفزيون لكل هذه الأجهزة الولائية، وبالتالي لا يوجد تعارض في الخطاب، وأيضًا عادةً ما يضع الناس في الاعتبار التنافس ما بين الخطاب الرسمي للدولة والخطاب التقليدي الذي يخرج من وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكد أنّ وسائط التواصل الاجتماعي يتحدث بها ملايين الناس ولذلك أسرع في الوصول للملايين، والخطاب الرسمي هو الخطاب الرصين الذي يقوم على الحقائق والثوابت، وبالتالي لا مقارنة ما بين خطاب التضليل الإعلامي والخطاب الثابت الذي يستطيع أن يأخذ مساحةً قويةً في قلوب الناس وأذهانهم ولا يؤخذ بخطاب التضليل كوثيقة.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: وزیر الثقافة أعتقد بأن

إقرأ أيضاً:

المرتزقة في جيش إسرائيل أعدادهم والمنظمات التي تجندهم

يستعين الجيش الإسرائيلي بآلاف المرتزقة الأجانب سنويا، الذين يُجندون للقتال في الحروب، وتنفيذ عمليات استخباراتية وأمنية داخل إسرائيل وخارجها، مدفوعين بالرغبة في الحصول على مميزات مادية وأجور مجزية.

ويخدم المرتزقة في وحدات الجيش الإسرائيلي المختلفة، ويشاركون في العمليات القتالية والدعم اللوجستي وتدريب القوات المحلية، فضلا عن المساهمة في تأمين المستوطنات ومشاركة المستوطنين في أعمال العنف والعمليات العدائية ضد المدنيين الفلسطينيين، واغتيال ناشطي المقاومة.

وتجنيد المرتزقة ظاهرة قديمة منذ إعلان قيام إسرائيل، وأسهمت في تأسيسها وبناء جيشها عام 1948، وأخذت بعد ذلك وضعا مؤسسيا، ووُضعت أطر مالية واجتماعية وقانونية لاحتواء المرتزقة في المجتمع الإسرائيلي، وجعلهم رافدا مستديما للوحدات العسكرية والأمنية.

وتروج إسرائيل لظاهرة الارتزاق على أنها قائمة على التطوع والإيمان، وتستخدم مصطلح "المتطوعين" للإشارة إلى المرتزقة، للتمويه بأنهم ينحدرون من أصول يهودية، ويحاربون لدوافع دينية، على الرغم من أن العنصر اليهودي لا يتجاوز 20% من المجموع الكلي لمرتزقة الجيش الإسرائيلي.

الجذور

ظاهرة تجنيد المرتزقة جزء من عقيدة بناء إسرائيل، فهي سابقة على قيامها وتأسيس جيشها، وتعود جذورها إلى مطلع أربعينيات القرن الـ20، حين جندت العصابات الصهيونية مرتزقة من أنحاء العالم، عبر منظمة "ماحل" (المتطوعون من الخارج)، للقتال إلى جانب الإسرائيليين ودعم مخططاتهم للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتهجير أهلها وإقامة دولة إسرائيل.

إعلان

وفي الفترة بين عامي 1947 و1949، استطاعت ماحل استقطاب أكثر من 4400 من المرتزقة من 56 دولة مختلفة، كان معظمهم من الجنود الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، لذلك تميزوا بامتلاكهم خبرة عسكرية وقدرات قتالية عالية.

وشارك الجنود المرتزقة في حرب النكبة والمعارك التي سبقتها، وتركز معظم نشاطهم العسكري ضمن سلاحي الجو والبحرية، وكان من بينهم طيارون قادوا القصف الجوي أثناء الحرب، ودربوا طيارين يهودا على العمليات الجوية الحربية، وكذلك شاركوا في عمليات التطهير العرقي، وارتكبوا جرائم ومجازر بحق الفلسطينيين.

ولقاء خدماتهم في الحرب تلقوا مبالغ ضخمة، وكرّم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن غوريون عشرات الجنود منهم، تقديرا لجهودهم في الحرب، ومنحهم أوسمة رفيعة، إضافة إلى الجنسية الإسرائيلية.

ركيزة أساسية

في أعقاب إعلان قيام إسرائيل عام 1948، أصبحت العصابات الصهيونية نواة الجيش الإسرائيلي، وغدا المرتزقة ركيزة أساسية فيه، لا سيما في سلاحي الجو والبحرية، وانضم بعضهم للعمل في جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد).

واستمر استخدام المرتزقة في دعم الجيش الإسرائيلي، وخُصصت لهم ميزانيات ضخمة لرفع كفاءتهم، وصُرفت لهم أجور عالية ومخصصات نهاية خدمة، وقدمت لهم ولأسرهم امتيازات تساعدهم على الاندماج داخل المجتمع الإسرائيلي.

وعلى الرغم من رجوع العديد منهم إلى بلادهم بعد انتهاء الحرب، فإن العقيدة العسكرية التي أرساها بن غوريون، كانت تؤكد على الاستعانة الدائمة بغير اليهود في المواجهات العسكرية، للحفاظ على الكثافة البشرية من العنصر اليهودي في البلاد، وتقليل الخسائر في صفوفه.

لذلك، استمر الجيش الإسرائيلي باستقطاب المرتزقة وتجنيدهم، ولم يعد الاستقطاب مقتصرا على اليهود، بل ضم الجيش عناصر من ديانات أخرى، وأصبح وجودهم دائما فيه، وشاركوا في جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد العرب في الأعوام 1956 و1967 و1973، ثم في العمليات التي شنتها على لبنان وغزة والضفة الغربية، وشاركوا في حراسة المستوطنات، وقمع المدنيين الفلسطينيين ومداهمة بيوتهم واغتيال المقاومين.

إعلان

وقبل الانضمام إلى الجيش، يتلقى المجندون الجدد دورة تحضيرية، تشرف عليها وزارة الدفاع الإسرائيلية، تتضمن إعدادا جسديا ونفسيا للتجنيد العسكري، وتشمل تدريبات بدنية، والمشي على الأقدام مسافات طويلة، واجتماعات مع ضباط من الجيش الإسرائيلي.

وفي إطار دمجهم داخل المجتمع الإسرائيلي، تُنَظم لهم رحلات إلى أنحاء مختلفة من البلاد، وزيارات إلى مواقع "التراث الإسرائيلي" وجولات في المتاحف، إضافة إلى تطوير لغتهم العبرية، وتنظيم لقاءات بإسرائيليين من مختلف أطياف المجتمع.

شركات ومنظمات التجنيد

تستعين سلطات الاحتلال بشركات عسكرية متخصصة لاستقطاب الجنود المرتزقة وإقناعهم بالانضمام للجيش الإسرائيلي، مقابل أجور عالية، من أبرزها شركة "غلوبال سي إس تي" وشركة "ريفن" وشركة "بلاك ووتر".

إضافة إلى ذلك، تتبنى منظمات إسرائيلية مهمةَ تجنيد مرتزقة من خارج إسرائيل، وتنظم مشاريع وحملات تدعو للخدمة في جيش الاحتلال، وخصوصا ضمن البيئات اليهودية والمسيحية اليمينية، ومن أبرز تلك المنظمات:

منظمة ماحل

تأسست في أربعينيات القرن العشرين، وعملت على مدى عقود في تنظيم حملات إعلامية في مناطق واسعة حول العالم، لتجنيد الشباب للخدمة في الجيش الإسرائيلي.

وفي أعقاب إعلان الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمكنت من تجنيد آلاف الشباب من الجنسين، من نحو 40 دولة، معظمهم أوروبيون، وإرسالهم للقتال إلى جانب إسرائيل في الحرب، بعد إخضاعهم لدورة تدريب عسكري تمتد 18 شهرا.

حركة كاخ

وهي حركة يمينية متطرفة، تمتد أذرعها في بلدان عديدة حول العالم، لا سيما في الدول الأوروبية، وتعمل على تجنيد المرتزقة في أوساط المتدينين المؤمنين بالفكر الصهيوني، للالتحاق بجيش الاحتلال.

ويعمل ذراعها في فرنسا، من خلال "رابطة الدفاع اليهودية الفرنسية"، على تجنيد المئات من المرتزقة، من ذوي الخبرة القتالية والعسكرية في أنحاء أوروبا، للقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي، وتعمل جماعة منهم في مساندة المستوطنين في أعمال العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

إعلان منظمة سار إيل

تأسست عام 1983، ولها فروع في 30 دولة، ولها ارتباط بالسفارات الإسرائيلية في بلدان العالم المختلفة، وهي إحدى المنظمات الأكثر نشاطا في هذا المجال.

وتنشط المنظمة عبر مواقعها الإلكترونية، من أجل الترويج للمزايا التي يحصل عليها المرتزقة الذين يلتحقون بالجيش الإسرائيلي، وتستهدف بشكل أكبر اليمين الإنجيلي المتصهين.

منظمة غارين تزابار

تأسست عام 1991، ولها فروع في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وبريطانيا، وتوفر نظام دعم متكاملا للراغبين بالانضمام للجيش الإسرائيلي، ضمن برنامج الجنود المنفردين.

منظمة آيش مالاش

تشجع على تجنيد اليهود من غير الإسرائيليين، للخدمة في الجيش الإسرائيلي، لا سيما في الولايات المتحدة.

برامج التجنيد

يعمل الجيش الإسرائيلي على تجنيد المرتزقة الراغبين بالانضمام إليه بشكل دائم أو مؤقت في إطار مشاريع، أبرزها مشروعا "الجندي الوحيد" و"الجنود مزدوجي الجنسية".

مشروع الجندي الوحيد

يعمل على تجنيد مرتزقة من الجنسين، ويُفضل هذا البرنامج أن يكون المستقطَبون يهودا، لكن ذلك ليس شرطا، فمن بين 7 آلاف من الجنود الوحيدين الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، لا تزيد نسبة العنصر اليهودي عن 20%، مقابل 80% من الأجانب.

ويضم المشروع فئتين من المجندين:

مجندون من داخل إسرائيل، وليس للهم عائلات أصلا، لكونهم أيتاما أو من أسر مفككة. مجندون من الخارج، ولهم عائلات لكنها ليست في إسرائيل.

ويُقدم جيش الاحتلال للجنود المنفردين أجورا عالية مقارنة بالجنود العاديين، ومزايا مادية متنوعة، مثل: منحة الزواج ومنح الطرود الغذائية، وتمويل زيارة العائلة بالخارج والمساعدة في الإيجار وصيانة الشقة، والإعفاء من الضرائب، إضافة إلى السماح لهم ممارسة أعمال خاصة، وتوفير بيئة اجتماعية داعمة بديلا عن العائلة.

ويتلقى المرتزقة الوحيدون تدريبات عسكرية عالية، ويتميزون بالشراسة والخطورة في القتال، ويشتهرون بارتكابهم أعمال عنف وجرائم حرب.

إعلان مشروع الجنود مزدوجي الجنسية

يضم الجيش الإسرائيلي الآلاف من الجنود الذين يحملون جنسية مزدوجة، فهم يعدون مواطنين لدول، مثل: روسيا وأوكرانيا وبريطانيا وأميركا وفرنسا، وفي الوقت نفسه، يحملون الجنسية الإسرائيلية، لذا ينضمون للجيش الإسرائيلي في إطار الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.

وفي أعقاب الحرب على غزة عام 2023، انضم للجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من المهاجرين الروس والفرنسيين وغيرهم من أصحاب الجنسية المزدوجة، الذين شاركوا في حرب الإبادة في قطاع غزة.

دول الاستقطاب

يمتد استقطاب المرتزقة للخدمة في الجيش الإسرائيلي إلى مجموعة واسعة من دول العالم، تُعد بالعشرات، أبرزها: الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا والمملكة المتحدة وروسيا.

وفي عام 2016، بلغ عدد المرتزقة في الجيش الإسرائيلي 5 آلاف مجند، ينتمون إلى 21 دولة، وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن فرنسا تصدرت قائمة الدول التي قدم منها "المتطوعين" في ذلك العام، بنسبة بلغت 45% من مجموع "المتطوعون"، واحتلت الولايات المتحدة المركز الثاني، بنسبة 29%، في حين بلغت نسبة البريطانيين 5%.

وتدعم بعض الدول المصدرة للمرتزقة هذه الظاهرة، في حين تتغاضى دول أخرى عن اتخاذ تدابير تحول دون عملية التجنيد.

وتساند فرنسا هذه الظاهرة منذ عام 1948، فقد ضمت العاصمة باريس النشاط الأول لتجنيد المرتزقة، وكانت المقر الرئيسي لمنظمة ماحل، ولاحقا أصبحت مركز العديد من المنظمات الأخرى العاملة في هذا المجال، مثل جمعية موريشيت، التي تجند في إطار برنامج "خدمة إسرائيل"، الذي يزود منذ تأسيسه عام 1983 الجيش الإسرائيلي بنحو 1000 مرتزق فرنسي سنويا.

وكان للسلطات الرسمية الفرنسية دور محوري في توسيع ظاهرة تجنيد المرتزقة إلى إسرائيل، إذ سمحت الحكومات الفرنسية المتعاقبة بإقامة معسكرات تدريب المرتزقة على أراضيها، وسهلت انتقالهم إلى فلسطين المحتلة، وجعلت خدمة مواطنيها في الجيش الإسرائيلي أمرا قانونيا، عبر اتفاقية ثنائية مع إسرائيل.

إعلان

ويخدم ما يزيد على 1000 من المرتزقة الأميركيين في الجيش الإسرائيلي سنويا، ويشاركون في الحروب والعمليات العسكرية، ويتم تجنيد المئات من بلدان أوروبا، مثل: إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا وأوكرانيا وهولندا، وغالبا ما يتم غض الطرف عن تجنيد المرتزقة في هذه البلدان.

وتعد روسيا من الدول البارزة في تجنيد المرتزقة، وقد انتقل إلى إسرائيل أعداد كبيرة من المجندين بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لا سيما في العامين 1991 و1992، وضمت تلك الموجة مجموعات تنتمي لعصابات المافيا الروسية.

وتُذكر جنوب أفريقيا ضمن الدول التي تورد مرتزقة إلى إسرائيل، على الرغم من المعارضة الرسمية لظاهرة تجنيد المرتزقة، والتهديد بالملاحقة القضائية.

الحرب على غزة 2023

زادت الحاجة إلى مضاعفة أعداد المرتزقة في الجيش الإسرائيلي مع شن إسرائيل حربا على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ لا تبدي إسرائيل على المستويين الرسمي والشعبي استعدادا لتقبل خسائر بشرية كبيرة، لذلك كان خيار السلطات الإسرائيلية منذ بداية الحرب استقطاب المزيد من المرتزقة.

وبعد حرب طويلة الأمد تجاوزت عاما، رفض نحو ربع جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الاستجابة لاستدعاء الخدمة، وتعرض الاحتلال لخسائر اقتصادية فادحة، بسبب التعبئة العامة للاحتياط، مما دفع السلطات الإسرائيلية إلى تعزيز خيار المرتزقة، ودفع أموال طائلة لاستجلابهم.

وقد كشفت وسائل إعلام إسبانية، عبر مقابلات مع مرتزقة إسبان، أن إسرائيل تدفع للمرتزقة راتبا يبلغ أكثر من 4 آلاف دولار في الأسبوع.

وتعد أميركا الرافد الأكبر للمرتزقة في الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب، وشكل المجندون الأميركيون ثلث مجموع المجندين الأجانب، وقد قُدر عددهم بأكثر من 23 ألف جندي، معظمهم يقاتلون على جبهة غزة، والآخرون توزعوا بين جبهة لبنان والضفة الغربية.

إعلان

وانضم آلاف الفرنسيين للقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي، وتقُدر بعض التقارير عددهم بأكثر من 4 آلاف جندي، معظمهم يحملون الجنسية الفرنسية والإسرائيلية، وشاركوا في الحرب على غزة، وارتكب بعضهم جرائم حرب.

وشكل هؤلاء المجندون ثاني أكبر مجموعة من المجندين الأجانب بعد الولايات المتحدة، وكانت الحكومة الفرنسية قد أسهمت في تسهيل وصول المجندين إلى إسرائيل ومنحتهم أولوية السفر.

وخدم في الجيش الإسرائيلي أثناء حرب 2023 ألف مواطن من إيطاليا ومثلهم من أستراليا و400 من الهند، إضافة إلى العديد من الدول الأخرى، التي شارك مواطنوها في الحرب، مثل: ألمانيا وكندا وفنلندا وجنوب أفريقيا.

وكشفت مصادر إعلامية عالمية وإسرائيلية محلية، أن العديد من المرتزقة الذين قاتلوا في أوكرانيا ضد الجيش الروسي، وآلاف المهاجرين من أوكرانيا وروسيا، انتقلوا إلى إسرائيل، للقتال إلى جانبها في الحرب على غزة.

ولتعويض النقص في عدد الجنود، لجأت إسرائيل للضغط على المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة، الذين يقدر عددهم بنحو 30 ألفا، غالبيتهم من إريتريا والسودان وإثيوبيا، للقتال في الحرب على غزة، مقابل منحهم الإقامة وتسوية معاملاتهم القانونية، وهو ما استجاب له بعضهم بالفعل.

ونشطت منظمة "الحارث" في إثيوبيا، لتجنيد اليهود الإثيوبيين، عن طريق وعدهم بالجنسية وفرص العمل والإقامة في إسرائيل بعد الحرب، وبحسب التقديرات تم تجنيد أكثر من 17 ألفا من الفلاشا حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024.

ظاهرة محظورة دوليا

ظاهرة الارتزاق محرمة دوليا، إذ يحظر القانون الدولي استخدام المرتزقة في النزاعات المسلحة، ويعتبرها جريمة دولية وفقا للاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، والتي اعتُمدت من الأمم المتحدة عام 1989.

وجرمت الاتفاقية كل مرتزق وكل من يقوم بتجنيد أو استخدام أو تمويل المرتزقة، كما حظرت على الدول تجنيدهم واستخدامهم، إذ لا يتمتع المرتزق بوضع المقاتل أو أسير الحرب.

إعلان

وفضلا عن كون الارتزاق عملا محظورا دوليا، فإن العديد من المجندين يرجح ارتكابهم أعمال عنف بحق فلسطينيين تصنف جرائم حرب.

وكشف تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، صادر عام 2013، وفقا لشهادات مرتزقة سابقين، أن أكثر من 5 آلاف من المرتزقة الأوروبيين قاتلوا في وحدات خاصة ضمن الجيش الإسرائيلي، وأنهم ارتكبوا عمدا جرائم قتل في حق مدنيين فلسطينيين، كان من بينهم أطفال.

وأثبتت صور ومقاطع فيديو أن بعض المجندين المرتزقة، قد قاموا بأعمال عدائية ضد الفلسطينيين أثناء حرب غزة عام 2023 تصنف جرائم حرب، ومع ذلك، لم تحرك الدول الغربية أي ملاحقات قضائية ضد مواطنيها الذين انضموا مرتزقة إلى الجيش الإسرائيلي، ولا التحقيق بالجرائم التي يُعتقد أنهم ارتكبوها.

وتعمل منظمات أوروبية مناهضة للعدوان على غزة ونشطاء وحقوقيون للكشف عن المجندين الذين ارتكبوا جرائم حرب ومساءلتهم أمام القضاء.

تجنيد المرتزقة جزء من عقيدة بناء إسرائيل وتعود جذورها إلى مطلع أربعينيات القرن الـ20 (الجيش الإسرائيلي)

ورفعت حركة " 30 مارس" في كل من بلجيكا وهولندا عشرات القضايا ضد هولنديين وفرنسيين وغيرهم لمشاركتهم في الإبادة الجماعية في غزة، وتم توثيق ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي في صور ومقاطع فيديو لهم في غزة، تظهر أفعالا تعتبر جرائم حرب.

وفي فرنسا طالب بعض نواب البرلمان بالتحقق من التحاق أكثر من 4 آلاف جندي بجيش الاحتلال الإسرائيلي، معظمهم يحملون الجنسية الفرنسية والإسرائيلية المزدوجة، شاركوا في الحرب على غزة، وارتكبوا جرائم حرب فيها.

وطالب سياسيون ومؤسسات حقوقية فرنسية بمحاكمة المجندين أمام القضاء الفرنسي، بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني.

وهددت جنوب أفريقيا مواطنيها الذين يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة باتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني …تاريخ مجيد
  • الجيش السوداني… متى انتصر على تمرد لينتصر على الدعم السريع؟
  • وزير الإعلام السوداني يدعو الإعلام لدعم الدولة والالتزام بالموضوعية
  • المرتزقة في جيش إسرائيل أعدادهم والمنظمات التي تجندهم
  • من ذا الذي يتعشى بالآخر: البرهان أم الكيزان؟
  • مصطفى ميرغني: (وأولي الأمر منكم…)
  • البشتاوي: الشارع الإسرائيلي يريد إبرام صفقة مع حماس دون إنهاء الحرب
  • أستاذ علوم سياسية: الشارع الإسرائيلي يريد إبرام صفقة مع حماس دون إنهاء الحرب
  • داعية: عقد زواج الإنتاج صحيح ولكن الشرط فاسد
  • وهذا قولي …. لعناية المُوقر ( شيخ عبد الحي)