كارل غاوس.. أمير الرياضيات الذي كرمته ألمانيا بوضع صورته على إحدى عملاتها
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
كارل غاوس عالم رياضيات ألماني من أهم علماء القرن الـ18، له إسهامات علمية في عدة مجالات منها الهندسة والكهرباء الساكنة والجيوفيزياء والفلك والبصريات والإحصاء والجبر، ويعد من آخر من أحاطوا بالمعرفة الشاملة لعلوم الرياضيات.
يوصف كارل بأنه "أعظم عالم رياضيات في العصور القديمة"، وكان محبا للكمال إلى درجة أنه لم ينشر العديد من أعماله، بل اكتشفت بعد وفاته عام 1855، بين أوراقه ومذكراته الخاصة.
ولد يوهان كارل فريدريش غاوس في 30 أبريل/نيسان عام 1777، في مقاطعة برونزويك الألمانية. وكان الطفل الوحيد لأبوين فقيرين، وتدعى أمه دوروثيا بينز، أما والده فاسمه جيبهارد ديترتش غاوس.
لم تسجل والدة غاوس تاريخ ميلاد ابنها، وكانت أمية، لكنها كانت تذكر أنه ولد يوم الأربعاء، قبل احتفال المعراج بـ8 أيام، وكان هذا الاحتفال بعد عيد القيامة بـ40 يوما، ولاحقا استطاع غاوس معرفة تاريخ ميلاده الدقيق بالحساب.
وأظهر غاوس تفوقا ونبوغا في الرياضيات منذ طفولته، وكان يستطيع إجراء حسابات مفصلة في ذهنه، فاهتم معلمه باتنر بذلك.
كان أبوه عاملا بسيطا، وانشغل عنه بكثرة العمل، لكن أمه كرست حياتها له، فاهتمت بتعليمه الابتدائي، وقدمته لدوق برونزويك ليحصل على منحة تمكنه من إكمال تعليمه.
تزوج كارل غاوس مرتين، وأنجب 6 أطفال من زوجتيه، فكان زواجه الأول من إليزابيث جوانا روزينا أوستوف، في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول عام 1805، لكنها توفيت بعد إنجابها ابنهما الثالث لويس بـ5 أشهر، وقيل إن غاوس أصيب بعد وفاتها بانهيار عصبي، وتأثر تأثرا بالغا.
وأنجب من جوانا عام 1806 ابنه جوزيف، وابنته فليلمنين عام 1808، ولويس عام 1809.
وفي عام 1810، تزوج من صديقة جوانا المقربة فريدريكا فليلمنين فلدك المعروفة بمينا، وأنجب منها 3 أطفال أيضا، وتوفيت في 12 سبتمبر/أيلول عام 1831، وعانى من نوبات اكتئاب بعد وفاتها.
وكان أبناؤه من مينا: يوجين المولود عام 1811، وفيلهلم المولود عام 1813، وتريز المولودة في 1816.
وكانت ابنته فليلمنين موهوبة من بين أبنائه، لكنها توفيت وهي شابة عام 1840.
ولم تكن علاقة غاوس بأبنائه وطيدة، فلم يكن على وفاق معهم، ولم يتبعوا نهجه في دراسة الرياضيات، إلا أن ابنته الصغرى تريز اعتنت به وبمنزله حتى توفي، ولم تتزوج إلا بعد وفاته.
الدراسة والتكوينالتحق كارل غاوس بمدرسة القديسة كاثرين الابتدائية في سن السابعة، وظهر ذكاؤه ونبوغه في الرياضيات خاصة في تلك الفترة، وأظهر قدرة فريدة على حل المسائل الحسابية، وأدهش معلمه ومساعده ذات يوم، إذ استطاع جمع الأعداد الصحيحة من 1 إلى 100 في وقت قياسي.
وكان معلم غاوس موهوبا ويعمل مدرسا خصوصيا له، وتقدم بطلب منهج حسابي متقدم لأجله، فحل غاوس مسائله كلها. وعام 1788، التحق غاوس بمدرسة مارتينو كاثرينيم للقواعد وعمره آنذاك 11 عاما، وفيها درس اللغات اللاتينية واليونانية القديمة وتفوق فيها، بالإضافة إلى تفوقه في الرياضيات واللغات الحديثة.
وعام 1792 التحق غاوس بكلية كارولينوم (جامعة براونشفايغ التقنية) بدعم مادي قدمه له دوق برونزويك الذي كان معجبا بقدراته العقلية، وفي تلك الكلية أكمل دراسة الرياضيات.
وأكمل غاوس دراسته الجامعية بدعم من دوق برونزويك، وكانت والدته وأساتذته قد قدموه له عام 1891. وفي تلك المرحلة ظهرت أولى اكتشافاته المهمة، إذ استطاع إنشاء مضلّع منتظم من 17 جانبا، باستخدام المسطرة والبوصلة فقط.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1795 بدأ كارل غاوس دراسته بجامعة غوتنغن، وتخرج فيها عام 1798 حاصلا على درجة الدكتوراه، وأعطت أطروحته للدكتوراه دليلا على النظرية الأساسية للجبر، وقدم لاحقا 3 أدلة رئيسية على تلك النتيجة تتلخص في ما يعرف بـ"برهان غاوس".
وكانت شخصية غاوس شديدة الحرص على جودة أعماله، وكان متفانيا في بحثه، وعرف بكرهه للتدريس، لكن رغم ذلك أصبح العديد من تلامذته علماء رياضيات معروفين.
ومن أبرز تلامذته ريتشارد ديدكايند وبرنارد ريمان وفريدريش بيسيل، وحصلت طالبته صوفي جرمين على درجتها التشريفية بعد وفاته، بوصاية من غاوس نفسه.
وفيما يخص السياسة، كان غاوس مناصرا للملكية، ورفض نابليون واعتبره امتدادا للثورة.
كارل غاوس كان شديد العناية بما ينشره من اكتشافات إلى درجة أنه لم ينشر الكثير من الأعمال بل نشر بعد وفاته (غيتي) إسهامات غاوس العلميةعام 1801 نشر كارل غاوس أول كتاب منهجي حول نظرية الأعداد الجبرية، وقدم الكتاب وصفا شاملا لحلول "كثيرات الحدود التربيعية" في متغيرَين من الأعداد الصحيحة، وكان هذا الكتاب دافعا للاعتراف بموهبة غاوس الاستثنائية.
وحفّزه اهتمامه الكبير بالرياضيات للبحث، خاصة في الجامعات الألمانية، وكان قريبا من الدوق، ما منحه دعما وتقديرا كبيرا في الأوساط العلمية.
ومن أهم إنجازاته الفلكية اكتشافه لكويكب سيرس، الذي يعود اكتشافه الأول للفلكي الإيطالي جوزيبي بيازا عام 1800، إلا أن الكويكب اختفى قبل رصد الملاحظات الكافية لحساب مداره.
وفي عام 1807، عُين مديرا لمرصد غوتنغن، وصاغ بعد ذلك طريقة "المربعات الدنيا"، واستنبط حلا للمعادلات ذات الحدين، وطريقة منحنى الجرس (منحنى الخطأ الضبابي).
وفي عام 1830 أصبح مهتما بالمغناطيسية الأرضية، وشارك في الاستطلاع الأول الذي أجري في جميع أنحاء العالم، حول المجال المغناطيسي للأرض.
وفي عام 1831 اكتشف غاوس معارف جديدة حول المغناطيسية، بالتعاون مع أستاذ الفيزياء فلهيلم فيبر، وصنع الاثنان أول تلغراف كهرومغناطيسي عام 1833.
وأسس غاوس وفيبر "نادي المغناطيسية"، الذي كانت تنجز فيه مهام قياس الحقل المغناطيسي للأرض في مناطق مختلفة من العالم.
وبعد طرد زميله فيبر من منصبه عام 1837، تراجعت أبحاث غاوس رغم تواصله مع علماء آخرين، فقد كان غالبا ما يشير إلى عيوب في أعمالهم وينتقدها، أو يقول بتوصله إلى اكتشافها في وقت سابق.
أُطلق اسمه (غاوس) على الوحدة الكهرومغناطيسية المستخدمة لقياس الحث المغناطيسي، وطور طريقة لقياس الشدة الأفقية للحقل المغناطيسي، واستعملت تلك الطريقة حتى منتصف القرن الـ20.
وكتب عن رسم الخرائط ونظرية التوقعات للخريطة، وله أيضا رؤى غير منشورة، اكتشفها أصدقاؤه، وكانت عن طبيعة المهام المعقدة والتكامل.
وأخفى غاوس بعض اكتشافاته عن معاصريه، منها وظائف الشكل البيضاوي، كما لم ينشر حساب المعادلة التفاضلية التي تشرح السلسلة، وأوضح أن تلك السلسلة تسمى "السلسلة فوق الهندسية".
بالإضافة إلى ذلك أجاد غاوس عدة لغات، وتعلم اللغة الروسية وهو في الـ62 من عمره، وكان هاويا لجمع الكتب، ومهتما بالمشاريع التي يعتبرها مهمة للمجتمع.
الجوائز والتكريمات ميدالية كوبلي من الجمعية الملكية في لندن. جائزة الأكاديمية الدانماركية للعلوم عام 1823. ميدالية صكها ملك هانوفر جورج الخامس عام 1856 تكريما له بعد وفاته. وضعت صورته على العملة الألمانية الورقية من فئة 10 ماركات. الاحتفال بعام غاوس عام 2005 بالتعاون بين جامعة غوتنغن وجمعية غاوس، وكانت فيه معارض وسلسلة من المحاضرات. وفاتهتوفي كارل فريدريك غاوس إثر إصابته بنوبة قلبية، في مدينة غوتنغن بمملكة هانوفر (جزء من سكسونيا السفلى بألمانيا الآن) في 23 فبراير/شباط عام 1855، عن عمر ناهز 78 عاما، ودُفن في مقبرة ألبانيفريدهوف.
وبعد وفاته اكتشف العديد من أفكاره في أوراقه الخاصة ومذكراته، ولم يكن غاوس ينشر كل منجزاته، بل يتحفظ على نشر بعضها، وكان حريصا على أن تخرج أعماله واكتشافاته كاملة ومتقنة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بعد وفاته وفی عام
إقرأ أيضاً:
عبد المنعم سعيد: ترامب سيدمر أمريكا ثم العالم| وغير متفائل بوضع الشرق الأوسط
قال الدكتور عبدالمنعم سعيد، المفكر السياسي، إن لبنان بلا رئيس وتشهد انهيار كبير في العملة، مؤكدًا أن الظروف السيئة في لبنان ساعدت في تفاقم الوضع وأملها كان عدم وقوع حرب، وحزب الله قرر مد الوقت للرد على المقترح الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار بلبنان لحين وصول الأمر من طهران، موضحًا أن الجميع ليس لديهم عمل بالقوة لحزب الله.
وأضاف عبد المنعم سعيد، خلال لقائه مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أنه لا أحد يستطيع تحديد حجم القوة العسكرية لحزب الله، مؤكدًا أن عند الحديث عن المقاومة لا يجب فقط لتسجيل الموقف ولكن لابد أن يكون هناك استراتيجية عاملة واستخدام السلاخ.
وأشار عبد المنعم سعيد، إلى عدم تفاؤله لما يحدث في لبنان، لأن العالم لا ينتظر الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدًا أن ترامب سيدمر أمريكا أولًا وبعدها العالم، وهناك ايدولوجية تنظر للعالم ذات وجه نظر قاسية.
وتابع: "لست متفائلا بما يحدث في المنطقة.. أمام علاقات قوى واستراتيجيات، علينا الحديث عن ما سيحدث بعد الاتفاق.. هل سيلتزم حزب الله أما سيكون هناك أي عمليات أخرى؟"، موضحًا أن السيد نبيه بري هو شيعي ولديه وسائل الاتصال بقوة مسلحة جبارة "حزب الله"، مؤكدًا أنه حتى بعد وقف إطلاق النار نحتاج لترك القرار لليد الممثلة للبنان وليس لقوى أخرى مسلحة.