جريدة الوطن:
2024-12-29@18:39:56 GMT
الأثر الاقتصادي لإصدار قانون الحماية الاجتماعية: رؤية مستقبلية
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
منذ صدور المرسوم السُّلطاني الخاص بإصدار قانون الحمايـة الاجتماعيَّة فقَدْ أصبح حديث السَّاعة بَيْنَ فئات المُجتمع حَوْلَ المنافع المختلفة التي سيجنيها المواطن العُماني من تطبيق هذا القانون وانعكاساته على الأُسر العُمانيَّة. بشكلٍ عامٍّ يهدف صندوق الحماية الاجتماعيَّة إلى توفير التغطية والحماية الاجتماعيَّة العادلة لمختلف فئات المُجتمع.
وفي هذا المقال سنُركِّز على نظرة تحليليَّة لبعض النتائج والآثار المستقبليَّة المتعلقة بالجوانب الاقتصاديَّة والماليَّة بعد تطبيق قانون الحماية الاجتماعيَّة. عمومًا سنتطرَّق إلى شقَّيْنِ رئيسَيْنِ: الأوَّل حَوْلَ الآثار الاقتصاديَّة المتوقَّعة للاقتصاد المحلِّي من جرَّاء تطبيق هذا القانون، أمَّا الجانب الآخر فسيتمحور حَوْلَ الأثر الإيجابي من دمج عددٍ كبير من صناديق التقاعد في صندوق الحماية الاجتماعيَّة وصندوق تقاعد الجهات العسكريَّة والأمنيَّة.
بدايةً إنَّ تطبيق قانون الحمايـة الاجتماعيَّة سيكُونُ بدءًا من مطلع العام القادم 2024، وقَدْ تمَّ تخصيص مبلغ مليار و400 مليون ريال عُماني لمنظومة الحماية الاجتماعيَّة، أمَّا كلفة المنافع النَّقديَّة للحماية الاجتماعيَّة فقَدْ قُدِّرت بنصف مليار ريال عُماني سنويًّا يستفيد مِنها 1.5 مليون مواطن على شكل منافع نقديَّة. في حقيقة الأمْرِ إنَّ ضخَّ تلك الحزمة الماليَّة من السيولة النَّقديَّة الكبيرة في السُّوق ـ ممَّا لا شكَّ فيه ـ سيُنعش حركة الاقتصاد المحلِّي، وسيُعزِّز من القوَّة الشرائيَّة المحلِّية نظرًا لِمَا يترتب عليه من زيادة في حجم الإنفاق لدى الأفراد.
بالمقابل إنَّ ضخَّ تلك التدفُّقات النَّقديَّة الكبيرة في السُّوق المحلِّي قَدْ يشجِّع بعض التجَّار على الانخراط في عمليَّة الاستغلال من خلال رفع أسعار بعض المنتجات والسلع الاستهلاكيَّة، وربَّما نلاحظ مستقبلًا تضخُّمًا في بعض الأسعار في السُّوق المحلِّي. وهنا نؤكِّد أهمِّية وضع خطط مستقبليَّة لتدخُّل بعض الجهات المسؤولة كهيئة حماية المستهلك والمؤسَّسات ذات العلاقة الأخرى في مراقبة أسعار المنتجات والسِّلع الاستهلاكيَّة في السُّوق المحلِّي عند تطبيق القانون. كما يتطلب وضع إجراءات صارمة ضدَّ المخالفين الذين يسعون إلى رفع الأسعار المبالغة دُونَ مُبرِّرات.
أمَّا الجانب الآخر الذي سنتطرَّق إليه فهو متعلِّق بدمج 11 نظامًا تقاعديًّا حاليًّا، بأُصُولها والتزاماتها، في كيان واحد. إنَّ توحيد أنظمة التقاعد والتأمين الاجتماعي في كافَّة قِطاعات العمل سيعمل على إيجاد جهاز مركزي أكثر كفاءة وقدرة على تقديم الخدمات العامَّة، وتنمية أُصول المنظومة. كما أنَّ تلك الخطوة الإيجابيَّة ستُعزِّز من مبادئ العدالة والمساواة بَيْنَ موظَّفي مختلف الجهات في المزايا التقاعديَّة. حيث يسعى هذا الدمج إلى تفعيل مبدأ الشفافيَّة، والحوكمة والرقابة حَوْلَ أداء الصناديق الاستثماريَّة. كما أنَّ دمج تلك الصناديق سينتج عنه سيولة ماليَّة كبيرة يُتيح استغلالها في مختلف الأدوات الاستثماريَّة، وبالتَّالي تحقيق عوائد ماليَّة عظيمة مستقبلًا.
وهنا نشير إلى أهمِّية تقييم الاستثمارات الحالية لتلك الصناديق، والاستفادة من التجارب الناجحة نَحْوَ الاختيار الأنسب للأدوات الاستثماريَّة المجدية. كما أنَّ حجم السيولة الماليَّة العالية للصندوق قَدْ يقلِّل من العجوزات الاكتواريَّة المتوقَّعة. ونُشدِّد على أهمِّية تفعيل مبادئ الحوكمة والرقابة والشفافيَّة على استثمارات الصندوق، إذ نقترح إصدار تقرير سنوي «ملخَّص المُجتمع» أُسوة بالتقرير الصادر من جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة حَوْلَ أدائه السنوي. بحيث يتضمَّن هذا التقرير أبرزَ وأهمَّ النتائج لاستثمارات الصندوق السنويَّة لعرضها على المُجتمع؛ لتعزيز مبدأ الإفصاح والشفافيَّة.
ختامًا، إنَّ قانون الحماية الاجتماعيَّة في الواقع سيُعزِّز من ضخِّ السيولة النَّقديَّة في السُّوق المحلِّي، وسينعكس ذلك إيجابًا على زيادة القوَّة الشرائيَّة المحلِّية. كما أنَّ دمج صناديق التقاعد لهو خطوة فعَّالة لتوحيد أنظمة التقاعد والتأمين الاجتماعي لمختلف القِطاعات، إلَّا أنَّه لا بُدَّ من تفعيل دَوْر الجهات المسؤولة عن الصندوق في متابعة ومراقبة تقارير أداء الصندوق لتحقيق الأهداف المرسومة له.
د. يوسف بن خميس المبسلي
متخصص في العلوم المالية والاقتصاد
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الحمایة الاجتماعی ة فی الس کما أن
إقرأ أيضاً: