منذ صدور المرسوم السُّلطاني الخاص بإصدار قانون الحمايـة الاجتماعيَّة فقَدْ أصبح حديث السَّاعة بَيْنَ فئات المُجتمع حَوْلَ المنافع المختلفة التي سيجنيها المواطن العُماني من تطبيق هذا القانون وانعكاساته على الأُسر العُمانيَّة. بشكلٍ عامٍّ يهدف صندوق الحماية الاجتماعيَّة إلى توفير التغطية والحماية الاجتماعيَّة العادلة لمختلف فئات المُجتمع.

كما أنَّه يقوم بِدَوْرٍ رئيس في إدارة موارد الصندوق واستثمار أمواله بشكلٍ فاعل لزيادة قِيمتها لصالح مُستحقِّيها. وفي هذا الصَّدد قامت بعض الجهات المعنيَّة بتوضيح معالم وبنود القانون؛ للرَّدِّ على استفسارات وتساؤلات فئات المُجتمع المختلفة حَوْلَ القانون الجديد.
وفي هذا المقال سنُركِّز على نظرة تحليليَّة لبعض النتائج والآثار المستقبليَّة المتعلقة بالجوانب الاقتصاديَّة والماليَّة بعد تطبيق قانون الحماية الاجتماعيَّة. عمومًا سنتطرَّق إلى شقَّيْنِ رئيسَيْنِ: الأوَّل حَوْلَ الآثار الاقتصاديَّة المتوقَّعة للاقتصاد المحلِّي من جرَّاء تطبيق هذا القانون، أمَّا الجانب الآخر فسيتمحور حَوْلَ الأثر الإيجابي من دمج عددٍ كبير من صناديق التقاعد في صندوق الحماية الاجتماعيَّة وصندوق تقاعد الجهات العسكريَّة والأمنيَّة.
بدايةً إنَّ تطبيق قانون الحمايـة الاجتماعيَّة سيكُونُ بدءًا من مطلع العام القادم 2024، وقَدْ تمَّ تخصيص مبلغ مليار و400 مليون ريال عُماني لمنظومة الحماية الاجتماعيَّة، أمَّا كلفة المنافع النَّقديَّة للحماية الاجتماعيَّة فقَدْ قُدِّرت بنصف مليار ريال عُماني سنويًّا يستفيد مِنها 1.5 مليون مواطن على شكل منافع نقديَّة. في حقيقة الأمْرِ إنَّ ضخَّ تلك الحزمة الماليَّة من السيولة النَّقديَّة الكبيرة في السُّوق ـ ممَّا لا شكَّ فيه ـ سيُنعش حركة الاقتصاد المحلِّي، وسيُعزِّز من القوَّة الشرائيَّة المحلِّية نظرًا لِمَا يترتب عليه من زيادة في حجم الإنفاق لدى الأفراد.
بالمقابل إنَّ ضخَّ تلك التدفُّقات النَّقديَّة الكبيرة في السُّوق المحلِّي قَدْ يشجِّع بعض التجَّار على الانخراط في عمليَّة الاستغلال من خلال رفع أسعار بعض المنتجات والسلع الاستهلاكيَّة، وربَّما نلاحظ مستقبلًا تضخُّمًا في بعض الأسعار في السُّوق المحلِّي. وهنا نؤكِّد أهمِّية وضع خطط مستقبليَّة لتدخُّل بعض الجهات المسؤولة كهيئة حماية المستهلك والمؤسَّسات ذات العلاقة الأخرى في مراقبة أسعار المنتجات والسِّلع الاستهلاكيَّة في السُّوق المحلِّي عند تطبيق القانون. كما يتطلب وضع إجراءات صارمة ضدَّ المخالفين الذين يسعون إلى رفع الأسعار المبالغة دُونَ مُبرِّرات.
أمَّا الجانب الآخر الذي سنتطرَّق إليه فهو متعلِّق بدمج 11 نظامًا تقاعديًّا حاليًّا، بأُصُولها والتزاماتها، في كيان واحد. إنَّ توحيد أنظمة التقاعد والتأمين الاجتماعي في كافَّة قِطاعات العمل سيعمل على إيجاد جهاز مركزي أكثر كفاءة وقدرة على تقديم الخدمات العامَّة، وتنمية أُصول المنظومة. كما أنَّ تلك الخطوة الإيجابيَّة ستُعزِّز من مبادئ العدالة والمساواة بَيْنَ موظَّفي مختلف الجهات في المزايا التقاعديَّة. حيث يسعى هذا الدمج إلى تفعيل مبدأ الشفافيَّة، والحوكمة والرقابة حَوْلَ أداء الصناديق الاستثماريَّة. كما أنَّ دمج تلك الصناديق سينتج عنه سيولة ماليَّة كبيرة يُتيح استغلالها في مختلف الأدوات الاستثماريَّة، وبالتَّالي تحقيق عوائد ماليَّة عظيمة مستقبلًا.
وهنا نشير إلى أهمِّية تقييم الاستثمارات الحالية لتلك الصناديق، والاستفادة من التجارب الناجحة نَحْوَ الاختيار الأنسب للأدوات الاستثماريَّة المجدية. كما أنَّ حجم السيولة الماليَّة العالية للصندوق قَدْ يقلِّل من العجوزات الاكتواريَّة المتوقَّعة. ونُشدِّد على أهمِّية تفعيل مبادئ الحوكمة والرقابة والشفافيَّة على استثمارات الصندوق، إذ نقترح إصدار تقرير سنوي «ملخَّص المُجتمع» أُسوة بالتقرير الصادر من جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة حَوْلَ أدائه السنوي. بحيث يتضمَّن هذا التقرير أبرزَ وأهمَّ النتائج لاستثمارات الصندوق السنويَّة لعرضها على المُجتمع؛ لتعزيز مبدأ الإفصاح والشفافيَّة.
ختامًا، إنَّ قانون الحماية الاجتماعيَّة في الواقع سيُعزِّز من ضخِّ السيولة النَّقديَّة في السُّوق المحلِّي، وسينعكس ذلك إيجابًا على زيادة القوَّة الشرائيَّة المحلِّية. كما أنَّ دمج صناديق التقاعد لهو خطوة فعَّالة لتوحيد أنظمة التقاعد والتأمين الاجتماعي لمختلف القِطاعات، إلَّا أنَّه لا بُدَّ من تفعيل دَوْر الجهات المسؤولة عن الصندوق في متابعة ومراقبة تقارير أداء الصندوق لتحقيق الأهداف المرسومة له.
د. يوسف بن خميس المبسلي
متخصص في العلوم المالية والاقتصاد

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الحمایة الاجتماعی ة فی الس کما أن

إقرأ أيضاً:

قانون جديد يثير الجدل: أستراليا تحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال

مرر مجلس النواب الأسترالي، الأربعاء، قانونًا يحظر على الأطفال دون سن الـ16 عامًا استخدام منصات التواصل الاجتماعي، لمجلس الشيوخ الذي سيتولى إقراره بشكل نهائي.

وينص مشروع القانون على تحميل منصات التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها وأشكالها المسؤولية القانونية في حال الفشل المنهجي في منع الأطفال من امتلاك حسابات، مع إمكانية فرض غرامات مالية تصل إلى 33 مليون دولار أمريكي.

وإذا أصبح المشروع قانونًا رسميًا في البلاد هذا الأسبوع، ستتاح للمنصات مدة عام واحد لتحديد آلية تطبيق القيود العمرية قبل فرض العقوبات.

من جهتها، أكدت الحكومة الأسترالية أنها ستقبل تعديلات تعزز حماية الخصوصية، حيث لن يُسمح للمنصات بطلب مستندات حكومية كجوازات السفر أو رخص القيادة للتحقق من هوية المستخدمين.

رغم الدعم الكبير من 102 عضو، أثار بعض النواب المستقلين انتقادات للقانون، معتبرين أنه تمت الموافقة عليه بسرعة دون دراسة كافية، وقد يخلق مخاطر على خصوصية المستخدمين ويُضعف دور الوالدين في اتخاذ القرارات المناسبة لأطفالهم.

من جهة أخرى، يرى داعمو القانون أنه خطوة ضرورية لحماية الأطفال من المخاطر الإلكترونية، مثل الابتزاز الإلكتروني، كما وصفه أحد الأهالي بأنه "إجراء ضروري لضمان سلامة أطفالنا".

التفاصيل الفعلية ستظهر لاحقًا بعد استكمال تجربة لتكنولوجيا تأكيد العمر في منتصف عام 2025، حيث ستُحدد وزيرة الاتصالات الطرق التي ستُستخدم على المنصات المختلفة.

العديد من الخبراء يرون أن المشروع يفتقر إلى الأسس العلمية ولن يحقق النتائج المرجوة، مع تداعيات واسعة النطاق على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في أستراليا.

ومع ذلك، يبدو أن التشريع سيمر سريعًا عبر البرلمان، مما يثير تساؤلات حول مدى التسرع في اتخاذ قرار بهذا الحجم وتأثيراته المحتملة.

كلمات دالة:أسترالياوسائل التواصل الاجتماعي تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

هبة الزغيلات مترجمة ومحررة

عضو في فريق محرري موقع البوابة الإخباري النسخة العربية، تعمل على إثراء قسم "اختيار المحرر" عن طريق رصد ومتابعة الأحداث المنوّعة والغريبة على مدار الساعة من المصادر العامة المتعددة كوكالات الأنباء العربية والعالمية، حيث تقوم هبة، الحاصلة على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية، بترجمة الخبر الأجنبي إلى اللغة العربية حتى يتسنى للقارئ العربي الحصول على المعلومة كاملة.

الأحدثترند حظك اليوم الخميس 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 قانون جديد يثير الجدل: أستراليا تحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال نقص هذا الفيتامين قد يكون السبب وراء شعورك بالبرد والمرض سعر الريال السعودي اليوم في مصر الأربعاء 27 نوفمبر 2024 سعر الدولار اليوم في مصر الأربعاء 27 نوفمبر 2024.. الأخضر الآن Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • قانون جديد يثير الجدل: أستراليا تحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال
  • رئيس الحكومة يترأس إجتماع اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية
  • إنسان تُعد أول دراسة قياس الأثر الاجتماعي للعمل التطوعي والعائد الاجتماعي على الاستثمار”
  • أستاذ اقتصاد: برامج الحماية الاجتماعية أداة لتحقيق العدالة ودراسة احتياجات المجتمع
  • وزيرة التضامن: التوسع في برامج «الحماية الاجتماعية» على رأس أولوياتنا (حوار)
  • خبراء: لولا الحماية الاجتماعية لزاد الفقر
  • النقابات تندد بتوقف الحوار الاجتماعي
  • رئيس "ابدأ": نحاول خلق بيئة صناعية للمستثمرين بالتكامل مع رؤية الدولة للصناعة
  • نقابة CDT تعقد مجلسا وطنيا استثنائيا على خلفية تدهور الأوضاع الاجتماعية
  • التضامن الاجتماعي تستعرض أهداف صندوق دعم العمل الأهلي