مجزرة رابعة.. القتلة بلا عقاب ومصر تنزف منذ 10 سنوات
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
بعد حملة تشويه وتحريض عبر أكاذيب إعلامية لتهيئة الرأي العام، ارتكبت قوات من الجيش والشرطة المصرية، في 14 أغسطس/ آب 2013، أكبر "عملية قتل لمتظاهرين في العصر الحديث"، خلال فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة) ونهضة مصر (غرب)؛ "مما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص على الأرجح".
وهؤلاء المعتصمون كانوا يطالبون باستعادة الشرعية الدستورية، في أعقاب انقلاب عسكري، حين كان الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع، أطاح في 3 يوليو/ تموز 2013 بمحمد مرسي (2012-2013)، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، بعد أن أطاحت احتجاجات شعبية بنظام حكم الرئيس حسني مبارك (1981-2011).
وقبل الفض، شنت قنوات تلفزيونية وصحف ومواقع إخبارية، سواء مملوكة للدولة أو خاصة، حملة تشوية للمعتصمين من أجل نزع أي تعاطف معهم والتحريض على تفريقهم بالقوة مهما كانت الخسائر، وذلك عبر ترويج أكاذيب بينها "نكاح الجهاد" و"انتشار الأمراض" و"الاتجار بالأطفال" ووجود "أسلحة كيميائية"، بالإضافة إلى إعلان "مجلس حرب" من جانب قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي ينتنمي إليها مرسي.
وفي يوم الفض، فتحت كتائب من قوات الأمن المسلحة النار على المعتصمين، "مما أسفر عن مقتل 817 شخصا على الأقل، وأكثر من ألف شخص على الأرجح"، بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، فيما تفيد تقديرات أخرى بمقتل الآلاف، بينهم أطفال ونساء وشيوخ.
وعلى الرغم من العدد الكبير للضحايا، إلا أن السلطات لم تحتجز أي مسؤول حكومي أو أي فرد من قوات الأمن المسؤولة عن عملية القتل الجماعي، بينما في المقابل أصدر القضاء أقصى العقوبات بحق الآلاف من أنصار جماعة الإخوان، وبينهم المئات من القيادات والكوادر والمعتصمين.
وفي 6 مارس/آذار 2014، أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر تقريرا عن فض الاعتصام قال فيه إن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين وقاوموا قوات الأمن ما أجبرها على استخدام القوة القاتلة.
لكنه أفاد أيضا بأن قوات الأمن "أخلّت بالتناسبية" و"كثافة إطلاق النيران" ولم تحافظ على مخرج آمن للمتظاهرين الراغبين في المغادرة وحرمت المصابين من الحصول على الإسعافات اللازمة.
اقرأ أيضاً
حق رابعة.. مصريون يحيون ذكرى 10 سنوات على المجزرة ويطالبون بالقصاص
حملة قمع جماعية
ومنتقدة الوضع الراهن في مصر، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، عبر تقرير الإثنين، إن "السلطات لم تحاسب على مدى عشر سنوات أي شخص على أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث. وقد أطلقت مذبحة رابعة، وهي جريمة محتملة ضد الإنسانية، شرارة حملة قمع جماعية استهدفت منتقدي الحكومة، مما أدى إلى واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان في مصر منذ عقود".
مصر: أصوات مذبحة رابعة تدوي بعد 10 سنوات https://t.co/p2zQ8oV10w
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) August 14, 2023المنظمة زادت بأنه "رغم الأدلة الدامغة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش ودعوات الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية لإجراء تحقيق، إلا أن السلطات تقاعست عن التحقيق مع أي شخص أو مقاضاته على قتل مئات المتظاهرين (...) ولا يزال مئات المتظاهرين الذين شاركوا في الاعتصام رهن الاعتقال، وأدينوا في محاكمات جماعية جائرة جدا، وحُكم على بعضهم بالإعدام، فيما فر كثيرون إلى المنفى".
وأضافت أنه "ينبغي على المحاكم في الدول الأخرى أيضا التحقيق مع المتورطين في المذبحة ومحاكمتهم بموجب مبدأ "الولاية القضائية العالمية". وهذا المصطلح يشير إلى سلطة النظم القضائية الوطنية للتحقيق في بعض الجرائم الأكثر خطورة بموجب القانون الدولي ومقاضاة مرتكبيها بصرف النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية المشتبه بهم أو جنسية ضحاياهم.
وفي 26 يوليو/تموز 2018، وافق السيسي على القانون رقم 161 لسنة 2018 الذي يمنحه سلطة منح القادة العسكريين صفة وزارية و"حصانة دبلوماسية" عند السفر خارج البلاد، بهدف حمايتهم من المساءلة على الأرجح، وفقا للمنظمة.
اقرأ أيضاً
رسالة الجنرالات.. مجزرة رابعة والعقد الاجتماعي لجمهورية مصرية جديدة
معاملة وحشية
"وحلول الذكرى السنوية العاشرة لمذبحة رابعة هو تذكير صارخ بأن الإفلات من العقاب عن القتل الجماعي لأكثر من 900 شخص أدى إلى هجوم شامل على المعارضة السلمية وتآكل كافة الضمانات للمحاكمة العادلة، وما رافقها من معاملة وحشية لا توصف في السجون طوال العقد الماضي"، وفقا لمنظمة العفو الدولية في تقرير الإثنين.
#مصر: الذكرى العاشرة لمذبحة رابعة هي تذكير صارخ كيف أنّ الإفلات من العقاب عن القتل الجماعي لأكثر من 900 شخص قد مكّن هجومًا شاملًا على المعارضة السلمية، وتآكل كافة الضمانات للمحاكمة العادلة في نظام العدالة الجنائية https://t.co/xBv4wGfnXe
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) August 14, 2023وشددت المنظمة على أنه "بعد مرور عشر سنوات، لم يُحاسب مسؤول واحد عن إراقة الدماء، مما يسلط الضوء على الغياب الواسع للعدالة والإنصاف لعائلات الضحايا والناجين من التعذيب، والاختفاء القسري، والإعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من عمليات القتل غير القانونية والاحتجاز التعسفي".
و"لا يمكن وصف السنوات الـ10 الأخيرة إلا بأنها "عقد من العار". كانت مذبحة رابعة انعطافة خطيرة تبنت السلطات على إثرها سياسة عدم التسامح مع المعارضة. ومنذ ذلك الحين، قُتل عدد لا يحصى من المنتقدين والمعارضين أثناء احتجاجهم في الشوارع أو تُركوا ليقبعوا خلف قضبان السجون أو أرغموا على الذهاب إلى المنفى"، بحسب مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في المنظمة فيليب لوثر.
وأضاف أن "الافتقار إلى رد قوي ومنسق من المجتمع الدولي على مذبحة رابعة سمح للجيش وقوات الأمن بالإفلات من العقاب عن ارتكاب القتل الجماعي، ولا أمل في خروج مصر من أزمتها الإنسانية المستمرة من دون مساءلة السلطات عن تصرفاتها في ذلك اليوم الأسود في تاريخ مصر الحديث".
وعدّد لوثر "10 طرق تدهورت فيها حالة حقوق الإنسان في مصر منذ مذبحة رابعة وهي: قمع الاحتجاجات في الشوارع، والاحتجاز التعسفي، والمحاكمات الجائرة، وعقوبة الإعدام، والاعتداء على حرية التعيبر، وخنق المجتمع المدني، والتعذيب، والاختفاء القسري، والتمييز والإفلات من العقاب".
و"ينبغي أن تُذكّر هذه الذكرى السنوية القاتمة المجتمع الدولي بالحاجة الملحة لإنشاء مسارات فعالة للمساءلة مثل آلية للرصد والإبلاغ عن حالة حقوق الإنسان في مصر منبثقة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، كما أضاف.
وشدد لوثر على أنه "يتعين على الدول أيضا الضغط على السلطات المصرية بشكل علني أو بصورة ثنائية للإفراج عن آلاف المنتقدين والمعارضين المحتجزين تعسفيا وبينهم أولئك الذين لهم صلات بجماعة الإخوان".
اقرأ أيضاً
منظمة حقوقية: واشنطن لا تفعل ما يكفي حيال انتهاكات السيسي منذ فض رابعة
65 ألف سجين
وبحسب منظمة "هيومن رايتس فيرست" الحقوقية الدولية، في تقرير بمناسبة ذكرى المجزرة، فإن الإدارات الأمريكية المتعاقبة فشلت على مدار عقد في مواجهة انتهاكات السيسي المتواصلة منذ "مذبحة فض رابعة، التي خلّفت أكثر من 900 قتيل من الرافضين للانقلاب.".
Marking the 10th anniversary of the Egyptian government’s massacre of protesters in Rabaa and Nahda, Cairo, @humanrights1st released a report authored by @dooley_dooley along with Egyptian human rights defenders (HRDs) critiquing U.S. policy on Egypt.????⤵️ https://t.co/COpKYge1Am
— Human Rights First (@humanrights1st) August 11, 2023وزادت المنظمة بأن واشنطن لا تفعل ما يكفي لدعم حقوق الإنسان في مصر، حيث "يحكم السيسي قبضته الحديدية على البلاد، ويقبع حاليا نحو 65 ألف سجين سياسي خلف القضبان".
وقال كبير المستشارين في المنظمة بريان دولي إن "النشطاء المصريين يجاهدون ليظلوا خارج السجن لدفاعهم عن حقوق الإنسان (...) وخلافا لوعوده الانتخابية، لم يغير (الرئيس الأمريكي جو) بايدن بشكل ملموس نهج واشنطن في تقديم الدعم العسكري والسياسي لنظام السيسي الوحشي والديكتاتوري".
ودعت المنظمة الإدارة الأمريكية إلى "فرض شروط حقوقية على المساعدة الأمنية ومبيعات الأسلحة لمصر، وفرض عقوبات على أموال وتأشيرات المسؤولين المصريين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد، وضرورة المطالبة العلنية بتقديم مرتكبي مجزرة رابعة للعدالة".
اقرأ أيضاً
تشويه بأكاذيب لا تُغتفر.. هكذا مهّد إعلام مصر لمجزرة فض رابعة
جمهورية السيسي
وفي العام السابق على المجزرة، 2012، سجل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أكثر من 3800 نشاط احتجاجي في مصر، وهو أكثر من العدد الإجمالي للاحتجاجات بين 2000 و2010.
ووفقا حسام الحملاوي، وهو صحفي مختص بشؤون الجيش المصري وأجهزة الأمن، فإن "الجنرالات اعتبروا أن البلاد أصبحت غير قابلة للحكم، وقرروا تهدئتها بالقوة مرة واحدة وإلى الأبد لإنقاذ الدولة من "الفوضى" أو الأسوأ من ذلك ثورة جديدة يمكن أن تهدد امتيازاتهم"، بحسب مقال في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE).
"The country had become ungovernable, and the generals decided to pacify it by force once and for all to save the state from “chaos” - or, even worse, a new revolution that could threaten their privilege"
✍️ Opinion by Hossam el-Hamalawy | @3arabawy https://t.co/gPyuZhkOrU
وتابع أن "عدد القتلى في يوم واحد، 14 أغسطس 2013، كان مساويا تقريبا لإجمالي عدد الوفيات خلال حملة القمع في التسعينيات بعهد مبارك. وخلال الأشهر السبعة الأولى بعد انقلاب السيسي، خلّف عنف الدولة أكثر من 3200 قتيل".
و"كان الحجم الهائل لسفك دماء رابعة ومجازر ما بعد الانقلاب رسالة واضحة من الجنرالات للأمة مفادها أن العمل الجماعي المستقل غير مسموح به (...) واليوم، يترأس السيسي مجتمعا بلا حواجز: أحزاب معارضة مشلولة، وبرلمان مُدجن، ولا يوجد حزب رسمي حاكم ولا مؤسسات مدنية"، كما تابع الحملاوي.
وأردف: "وبدلا من ذلك، تفرض الأجهزة القمعية (الجيش والشرطة والمخابرات العامة) حكما مباشرا وتدير المجتمع بشكل يومي.. السيسي لا يدير المعارضة، بل يقضي عليها، ولم تكن رابعة مجرد مجزرة، بل كانت العقد الاجتماعي التأسيسي لجمهورية السيسي الجديدة".
وفي 17 يونيو/ حزيران 2019، توفي مرسي خلال جلسة لمحاكمته بتهمة التخابر مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في حين يتأهب السيسي، الذي يتولى الرئاسة منذ 2014، لخوض انتخابات جديدة في 2024، بينما يعاني المصريون من تداعيات انسداد سياسي حاد وأزمة اقتصادية متفاقمة.
اقرأ أيضاً
بوسم الرئيس الشهيد.. مغردون يحيون الذكرى الرابعة لرحيل مرسي
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر السيسي مرسي انتهاكات معارضة حقوق الإنسان فی مصر هیومن رایتس ووتش مذبحة رابعة قوات الأمن من العقاب اقرأ أیضا أکثر من مصر من
إقرأ أيضاً:
طارق رضوان: نستهدف تعزيز حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة
أكد النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن لقائه بأولوف سكوج - الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان في مصر، تضمن العديد من الملفات، وفي مقدمتها إطلاق مصر للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والقضايا الإقليمية والعالمية، وانعكاساتها على مصر والمنطقة والعالم.
وقال «رضوان» في بيان، اليوم، إن هذا اللقاء يأتي في إطار الحوار البناء بين مصر والاتحاد الأوروبي في مختلف الموضوعات، ومن بينها تعزيز واحترام حقوق الإنسان.
وأشار إلي أن الحوار تناول استعراض أوجه التعاون المشترك بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، وضرورة بناء علاقات وثيقة بين الجانبين.
وأوضح رئيس لجنة حقوق الإنسان، أن اللقاء تضمن الحديث حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي يتصل اتصالاً وثيقا بحماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، ويهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة.
وأوضح أن اللقاء تضمن الحديث عن تمكين المرأة في مصر، لاسيما أن هذا الملف شهد تطورات ملحوظة خلال العشر سنوات الماضية، حيث تم اتخاذ عدة خطوات وإجراءات لتعزيز دور المرأة في مختلف المجالات، وبصفة خاصة التشريعات والقوانين، المشاركة السياسية، البرامج الحكومية، والتعليم والتدريب.
وبين خلال لقائه بالمبعوث الدولي لحقوق الإنسان، إنه بالرغم من هذه الجهود المتواصلة والإنجازات المتميزة، لا تزال هناك تحديات تواجه المرأة، التي نعمل على حلها، ومع ذلك فإن الاتجاه العام يشير إلى تحسن مستمر في وضع المرأة في المجتمع المصري.