ما الذي تغيّر على تقييم اتهامات الإبادة الجماعية في غزة بعد عام من الحرب؟
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
نشرت مجلة "فوكس" الأمريكية تقريراً تطرقت فيه إلى النقاشات المستمرة حول الإبادة الجماعية في غزة بعد عام من الحرب، والتقييمات التي حدثت منذ رفع الدعوة في محكمة العدل الدولية.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الاتهامات الموجّهة لـ"إسرائيل" من قبل منظمات حقوق الإنسان والأكاديميين ودول مثل جنوب أفريقيا تشير إلى تزايد الأدلّة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مما يطرح التساؤلات حول مسؤولية إسرائيل القانونية والسياسية.
وذكرت المجلة أن اتهامات "إسرائيل" بالإبادة الجماعية تكتسب زخماً كبيرا مع تزايد أعداد الشهداء والمصابين الفلسطينيين.
وأجرت "فوكس" مقابلات مع عدد من الأكاديميين والخبراء في العام الماضي لمناقشة تلك الادعاءات، وقد عبّر بعض الخبراء حينها عن تردّدهم في تصنيف ما يحدث كإبادة جماعية بسبب العتبة القانونية العالية لهذا الاتهام. في المقابل، فضّل البعض الآخر وصف ما يجري بعبارات أخرى مثل "جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب".
ومع أن هذه التصنيفات تحمل وزناً قانونياً مماثلاً إلا أنها أقلّ حدة من توصيف الإبادة الجماعية في غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين 40 ألفًا.
أكّد تقرير صادر عن منظمة "لاجئون دوليون" في أيلول/ سبتمبر الماضي وجود "أزمة جوع شديدة" في غزة، مع مؤشرات ثابتة على ظروف مشابهة للمجاعة، مما زاد من ضغوط المنظمات الإنسانية. ويعود ذلك إلى عرقلة "إسرائيل" لوصول المساعدات الإنسانية.
وأفادت المجلة بأن جنوب أفريقيا رفعت قضية ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية تتهمها بارتكاب الإبادة الجماعية، حيث أصدرت المحكمة أحكاماً أولية تطالب بتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة ووقف العمليات العسكرية في رفح، المدينة الجنوبية للقطاع.
وأضاف التقرير أن "إسرائيل" واصلت تعزيز قبضتها على الضفة الغربية، وسط صراعات إقليمية متصاعدة تشمل دولاً مجاورة مثل لبنان، فيما تعثرت محاولات وقف إطلاق النار.
أبدى الأكاديميّون الذين تحدثت إليهم "فوكس" مجدداً بعد عام تغييرات في آرائهم بشأن إمكانية توافر الأدلة الكافية لتصنيف ما يحدث كإبادة جماعية، حيث صرّح معظمهم بأن المتطلبات القانونية لهذا التوصيف قد توافرت. وقد يحمل إعلان رسمي من محكمة العدل الدولية بارتكاب الإبادة الجماعية عواقب قانونية وسياسية هائلة.
وتعرّف الإبادة الجماعية قانونياً وفقاً لاتفاقية الإبادة الجماعية بأنها "ارتكاب أعمال بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية لجماعة على أساس قومي أو عرقي أو ديني"، وتشمل أفعالًا مثل قتل أفراد جماعة أو إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بهم بشكل متعمد. لكن إثبات "قصد الإبادة" يمثل تحدياً كبيراً وهذه النقطة شغلت مركز النقاش حول الاتهامات الموجهة لـ"إسرائيل".
وأضافت المجلة أن التصريحات الصريحة من قبل بعض القيادات الإسرائيلية خلال العام الماضي أضفت مزيداً من التعقيد إلى القضية، حيث تتابعت تصريحات تحث على إجراءات يمكن تصنيفها كدليل على النية للإبادة، وذلك وفقاً للخبراء الذين تم الاستشهاد بهم في التقرير.
أشار باحثون إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي وردت في الحكم التمهيدي الصادر عن محكمة العدل الدولية في كانون الثاني/ يناير.
فقد دعا وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت إلى فرض "حصار كامل" على غزة وقال "نحن نحارب حيوانات بشرية، ونحن نتصرف وفقًا لذلك"، في إشارة على ما يبدو إلى حماس.
وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن "هناك أمة بأكملها مسؤولة" عن هجوم حماس على "إسرائيل" في إشارة إلى الفلسطينيين.
وتعهد يسرائيل كاتس، وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي السابق، بأنه "لن يتم تشغيل أي مفتاح كهربائي، ولن يتم فتح أي صنبور مياه ولن تدخل أي شاحنة وقود" إلى غزة حتى تعيد حماس محتجزيها الإسرائيليين، في إشارة إلى أن الفلسطينيين سيواجهون عقابًا جماعيًا.
ونقلت المجلة عن آدم جونز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا البريطانية الذي ألّف كتابًا مدرسيًا عن الإبادة الجماعية، قوله: "أي تردد مبكر كان لديّ حول تطبيق وصف الإبادة الجماعية على الهجوم الإسرائيلي على غزة قد تبدد على مدار السنة الماضية من المذابح البشرية وطمس المنازل والبنية التحتية والمجتمعات".
وأضاف جونز: "هناك الكثير من هذه الشيطنة والتجريد من الإنسانية على الجانب الآخر أيضًا، ولكن يبدو أن أي دائرة سلام كانت موجودة في إسرائيل قد تلاشت، وهناك إجماع متزايد على حرب الإبادة الجماعية والترحيل الجماعي للسكان والقضاء على الثقافة والهوية الفلسطينية على المدى الطويل".
ومن بين أمور أخرى، أشار جونز إلى أن خطط القيادة الإسرائيلية الأخيرة لطرد جميع السكان المدنيين المتبقين في شمال غزة وتحويل القطاع إلى منطقة عسكريّة لا يُسمح فيها بالمساعدات قد أثرت على تفكيره في هذه القضية.
ولا يوجد ما يشير إلى إمكانية السماح للمدنيين بالعودة وهذا يمكن أن يؤخذ كمثال على نوع "خطة أو سياسة الدولة أو التنظيم" اللازمة لإثبات نية الإبادة الجماعية. وعلى الرغم من أن الخطة، إذا تم تنفيذها، لم تُر بعد بالكامل، إلا أنها يمكن أن تكون بمثابة دليل على نية الإبادة الجماعية.
وحسب إرنستو فيرديخا، أستاذ العلوم السياسية ودراسات السلام في جامعة نوتردام، فإنه يمكن "وصفها بالإبادة الجماعية، حتى بالمعنى القانوني الضيق، منذ أشهر" نظرًا لتراكم الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف السكان المدنيين في غزة بشكل واضح ومتواصل.
وأوضحت المجلة أن نقطة التحوّل الرئيسية تبدو بالنسبة لفيرديخا والعديد من خبراء حقوق الإنسان الآخرين هي الهجوم البري الإسرائيلي على رفح في أيار/ مايو حيث كان الجيش الإسرائيلي يدفع بالمدنيين بشكل متزايد إلى المدينة الجنوبية التي تربط بين غزة ومصر، قائلاً لهم إنها منطقة آمنة بينما كان يلاحق حماس في الشمال.
ولكن بحلول آب/ أغسطس، كان ما يقدر بـ 44 بالمائة من جميع المباني في رفح قد تضررت أو دمرت في قصف عنيف. وقد استولت القوات الإسرائيلية على معبر رفح الحدودي وأغلقته، مما حد من دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقتلوا المدنيين الذين كانوا يعيشون في خيام في منطقة إنسانية، وعندما أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف هجومها على رفح، أدان المسؤولون الإسرائيليون الحكم وقالوا إنه قابل للتأويل، على الرغم من أن العديد من محامي حقوق الإنسان قالوا إنه لا لبس فيه، إلا أن الهجوم على رفح قد استمر.
وقال فيرديخا: "لا أود أن أقول إن [رفح] كانت بالضرورة اللحظة الحاسمة، لكنني أعتقد أنها تشير إلى نمط أوسع حيث نرى حملة إبادة جماعية تتبلور حقًا".
وقال مايكل بيكر، أستاذ قانون حقوق الإنسان الدولي في كلية ترينيتي في دبلن، إن الحوادث المذكورة وغيرها تعني أن "جنوب أفريقيا لديها مجموعة متزايدة من الأدلة التي يمكن تقديمها أمام المحكمة الدولية العدلية كدليل إضافي على نيّة الإبادة الجماعية"، والتي تشمل أدلة تشير إلى أن إسرائيل "لم تسعَ بجد للامتثال" لأوامر المحكمة حتى الآن.
هل يهم إذا ما سمتها محكمة العدل الدولية إبادة جماعية؟
يكمن السؤال فيما إذا كان وصف التوغل الإسرائيلي في غزة بالإبادة الجماعية سيحدث أي فرق عملي. فهو لن يعكس مسار الموت والدمار، وليس لدى محكمة العدل الدولية أي وسيلة لإيقاف الحكومة الإسرائيلية حتى لو وجدت المحكمة في نهاية المطاف أنها مذنبة بارتكاب إبادة جماعية. وقد يكون هذا الحكم على بعد سنوات، وقد تم تجاهل أحكام محكمة العدل الدولية ضد دول أخرى في السابق.
ولكن توصيف "إبادة جماعية" يحمل وزنًا معينًا في الوعي العام حيث قال فيرديخا: "أعتقد أنها مهمة حقًا، وذلك ببساطة بسبب المكانة الرمزية للإبادة الجماعية. أن تكون مذنبًا بارتكاب إبادة جماعية، على الأقل في الخطاب العام وأيضًا من حيث السياسة العالمية فقط، أمر يمثل إدانة قوية لدرجة أنه يشير حقًا إلى همجية سياسة الدولة الإسرائيلية".
واعتبرت المجلة أن مثل هذه الإدانة قد تؤدي إلى تغييرات سياسية كبيرة. وقد أوضح فيرديخا أنه إذا ما وجدت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بالفعل، فإن ذلك قد يحدّ من درجة دعم الولايات المتحدة وحلفائها لـ"إسرائيل". وفي الوقت نفسه، من غير الواضح كيف ستصدر محكمة العدل الدولية حكمها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الإبادة الجماعية غزة العدل الدولية الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال الإبادة الجماعية العدل الدولية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة إبادة جماعیة حقوق الإنسان المجلة أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
اتهامات لنتنياهو بتخريب المفاوضات وحديث إسرائيلي عن صفقة جزئية
اتهم زعيم حزب معسكر الدولة الإسرائيلي بيني غانتس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتخريب المفاوضات بشأن إبرام صفقة لتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسط جدل متزايد في الأوساط الإسرائيلية واتهامات متبادلة بشأنها.
وانتقد غانتس في كلمة متلفزة نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، حديث نتنياهو مع وسائل إعلام أجنبية بشأن الصفقة الجاري بلورتها مع حماس، وقال "نحن في أيام حساسة-الحياة والموت حقا يتحكم فيهما اللسان".
وجاءت تصريحات غانتس على خلفية مقابلة نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قبل يومين مع نتنياهو قال فيها إنه لن يوافق على إنهاء الحرب قبل القضاء على حماس، وأنه لن يترك الحركة في السلطة في غزة على بعد 50 كيلومترا من تل أبيب، وفق يديعوت أحرونوت.
وقال غانتس "كما قال نتنياهو نفسه قبل أسبوع واحد فقط كلما تحدثنا أقل، كلما كان ذلك أفضل، بينما المفاوضون يعملون، نتنياهو يخرب المفاوضات من جديد". وأضاف مخاطبا نتنياهو "ليس لديك تفويض لتخريب عودة المحتجزين مرة أخرى لأسباب سياسية، عودتهم هو الشيء الصحيح الإنساني والأمني والوطني".
ورد ديوان رئيس الوزراء على غانتش في بيان ووصفه بالخانع، وقال إنه لن يعظ نتنياهو بضرورة القضاء على حماس وإعادة المحتجزين وهو الذي طلب وقف الحرب حتى قبل دخول رفح.
إعلانوأضاف البيان أن "من لا يساهم بالجهد الوطني فمن الأفضل له على الأقل ألا يضر به".
صفقة جزئية وأيام حاسمةبدورها نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول إسرائيلي أنه أخبر عائلات الأسرى بأن الأيام المقبلة ستكون حاسمة بشأن مصير أبنائها، مشيرا إلى أن إسرائيل قد تذهب الآن نحو صفقة واحدة جزئية فقط، وأن تقديراته تشير إلى احتمالات كبيرة ألا تبرم صفقة التبادل قبل نهاية عهد الرئيس الأميركي جو بايدن.
ووفقا للصحيفة فإن المسؤول الإسرائيلي أخبر عائلات الأسرى أنه على يقين بأن الصفقة الشاملة هي الحل لكل القضايا.
وفي هذا الإطار دعا وزير التعاون الإسرائيلي دافيد أمسالم، الأحد، للتوصل إلى "صفقة شاملة" لتبادل الأسرى، وقال "نحن في موقف كان ينبغي علينا أن نتوصل فيه إلى صفقة شاملة واحدة منذ البداية".
وأضاف الوزير المنتمي لحزب الليكود برئاسة نتنياهو، لهيئة البث الرسمية أنه "إذا حدث ذلك فمن الممكن أن تنهي إسرائيل أيضا الحرب الواسعة النطاق كما هي اليوم، ومواصلة التعامل مع غزة كما نتعامل مع يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية)".
من ناحيته، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن نتنياهو يخشى سقوط حكومته في حال انتهاء حرب غزة. وأضاف أنه لا يوجد في غزة ما تفعله إسرائيل أكثر مما فعلت مشددا على ضرورة إنهاء الحرب وإعادة الأسرى.
كما هاجم لبيد نتنياهو على خلفية إجرائه لقاءات مع وسائل الإعلام الأجنبية اعتبر أن من شأنها تخريبَ إمكانية التوصل إلى صفقة.
من جانبه قال زعيم حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، إن سياسات نتنياهو تتشكل وفق اعتبار واحد فقط وهو الحفاظ على الائتلاف الحاكم، "وليس الاعتبارات الأمنية أو قضية المحتجزين".
وأشار ليبرمان إلى إمكانية إبرام صفقة شاملة يتم بموجبها إطلاق سراح جميع الأسرى.
صفقة من قسمينووفق تصريحات مصادر مطلعة لوسائل إعلام إسرائيلية، تسعى تل أبيب إلى صفقة من قسمين؛ صفقة "إنسانية" (تشمل النساء والجرحى وكبار السن)، يعقبها صفقة أخرى تؤدي إلى إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
إعلانوتعثرت مفاوضات تبادل الأسرى التي تجري بوساطة قطرية ومصرية وأميركية أكثر من مرة، جراء إصرار نتنياهو على استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، ومعبر رفح بغزة، ومنع عودة المقاومة الفلسطينية إلى شمال غزة عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم وسط القطاع.
من جانبها، تصر حركة حماس على انسحاب كامل لإسرائيل من القطاع ووقف تام للحرب، بغية القبول بأي اتفاق.
وتحتجز تل أبيب في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 فلسطيني، وتقدر وجود 100 أسير إسرائيلي بقطاع غزة، فيما أعلنت حماس مقتل عشرات من الأسرى لديها في غارات عشوائية إسرائيلية.