نشرت مجلة "فوكس" الأمريكية تقريراً تطرقت فيه إلى النقاشات المستمرة حول الإبادة الجماعية في غزة بعد عام من الحرب، والتقييمات التي حدثت منذ رفع الدعوة في محكمة العدل الدولية.

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الاتهامات الموجّهة لـ"إسرائيل" من قبل منظمات حقوق الإنسان والأكاديميين ودول مثل جنوب أفريقيا تشير إلى تزايد الأدلّة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مما يطرح التساؤلات حول مسؤولية إسرائيل القانونية والسياسية.

هذه الاتهامات، ورغم قدمها، قد اكتسبت زخماً جديداً مع تزايد أعداد الضحايا الفلسطينيين والإصابات، مما يعزز المطالبات بمحاسبة "إسرائيل" دوليًا.

وذكرت المجلة أن اتهامات "إسرائيل" بالإبادة الجماعية تكتسب زخماً كبيرا مع تزايد أعداد الشهداء والمصابين الفلسطينيين.

 وأجرت "فوكس"  مقابلات مع عدد من الأكاديميين والخبراء في العام الماضي لمناقشة تلك الادعاءات، وقد عبّر بعض الخبراء حينها عن تردّدهم في تصنيف ما يحدث كإبادة جماعية بسبب العتبة القانونية العالية لهذا الاتهام. في المقابل، فضّل البعض الآخر وصف ما يجري بعبارات أخرى مثل "جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب".

ومع أن هذه التصنيفات تحمل وزناً قانونياً مماثلاً إلا أنها أقلّ حدة من توصيف الإبادة الجماعية في غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين 40 ألفًا.

أكّد تقرير صادر عن منظمة "لاجئون دوليون" في أيلول/ سبتمبر الماضي وجود "أزمة جوع شديدة" في غزة، مع مؤشرات ثابتة على ظروف مشابهة للمجاعة، مما زاد من ضغوط المنظمات الإنسانية. ويعود ذلك إلى عرقلة "إسرائيل" لوصول المساعدات الإنسانية.

وأفادت المجلة بأن جنوب أفريقيا رفعت قضية ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية تتهمها بارتكاب الإبادة الجماعية، حيث أصدرت المحكمة أحكاماً أولية تطالب بتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة ووقف العمليات العسكرية في رفح، المدينة الجنوبية للقطاع. 


وأضاف التقرير أن "إسرائيل" واصلت تعزيز قبضتها على الضفة الغربية، وسط صراعات إقليمية متصاعدة تشمل دولاً مجاورة مثل لبنان، فيما تعثرت محاولات وقف إطلاق النار.

أبدى الأكاديميّون الذين تحدثت إليهم "فوكس" مجدداً بعد عام تغييرات في آرائهم بشأن إمكانية توافر الأدلة الكافية لتصنيف ما يحدث كإبادة جماعية، حيث صرّح معظمهم بأن المتطلبات القانونية لهذا التوصيف قد توافرت. وقد يحمل إعلان رسمي من محكمة العدل الدولية بارتكاب الإبادة الجماعية عواقب قانونية وسياسية هائلة.

 وتعرّف الإبادة الجماعية قانونياً وفقاً لاتفاقية الإبادة الجماعية بأنها "ارتكاب أعمال بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية لجماعة على أساس قومي أو عرقي أو ديني"، وتشمل أفعالًا مثل قتل أفراد جماعة أو إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بهم بشكل متعمد. لكن إثبات "قصد الإبادة" يمثل تحدياً كبيراً وهذه النقطة شغلت مركز النقاش حول الاتهامات الموجهة لـ"إسرائيل".

وأضافت المجلة أن التصريحات الصريحة من قبل بعض القيادات الإسرائيلية خلال العام الماضي أضفت مزيداً من التعقيد إلى القضية، حيث تتابعت تصريحات تحث على إجراءات يمكن تصنيفها كدليل على النية للإبادة، وذلك وفقاً للخبراء الذين تم الاستشهاد بهم في التقرير.

أشار باحثون إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي وردت في الحكم التمهيدي الصادر عن محكمة العدل الدولية في كانون الثاني/ يناير.

فقد دعا وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت إلى فرض "حصار كامل" على غزة وقال "نحن نحارب حيوانات بشرية، ونحن نتصرف وفقًا لذلك"، في إشارة على ما يبدو إلى حماس.

وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن "هناك أمة بأكملها مسؤولة" عن هجوم حماس على "إسرائيل" في إشارة إلى الفلسطينيين.

وتعهد يسرائيل كاتس، وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي السابق، بأنه "لن يتم تشغيل أي مفتاح كهربائي، ولن يتم فتح أي صنبور مياه ولن تدخل أي شاحنة وقود" إلى غزة حتى تعيد حماس محتجزيها الإسرائيليين، في إشارة إلى أن الفلسطينيين سيواجهون عقابًا جماعيًا.

ونقلت المجلة عن آدم جونز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا البريطانية الذي ألّف كتابًا مدرسيًا عن الإبادة الجماعية، قوله: "أي تردد مبكر كان لديّ حول تطبيق وصف الإبادة الجماعية على الهجوم الإسرائيلي على غزة قد تبدد على مدار السنة الماضية من المذابح البشرية وطمس المنازل والبنية التحتية والمجتمعات". 

وأضاف جونز: "هناك الكثير من هذه الشيطنة والتجريد من الإنسانية على الجانب الآخر أيضًا، ولكن يبدو أن أي دائرة سلام كانت موجودة في إسرائيل قد تلاشت، وهناك إجماع متزايد على حرب الإبادة الجماعية والترحيل الجماعي للسكان والقضاء على الثقافة والهوية الفلسطينية على المدى الطويل".

ومن بين أمور أخرى، أشار جونز إلى أن خطط القيادة الإسرائيلية الأخيرة لطرد جميع السكان المدنيين المتبقين في شمال غزة وتحويل القطاع إلى منطقة عسكريّة لا يُسمح فيها بالمساعدات قد أثرت على تفكيره في هذه القضية.


ولا يوجد ما يشير إلى إمكانية السماح للمدنيين بالعودة وهذا يمكن أن يؤخذ كمثال على نوع "خطة أو سياسة الدولة أو التنظيم" اللازمة لإثبات نية الإبادة الجماعية. وعلى الرغم من أن الخطة، إذا تم تنفيذها، لم تُر بعد بالكامل، إلا أنها يمكن أن تكون بمثابة دليل على نية الإبادة الجماعية.

وحسب إرنستو فيرديخا، أستاذ العلوم السياسية ودراسات السلام في جامعة نوتردام، فإنه يمكن "وصفها بالإبادة الجماعية، حتى بالمعنى القانوني الضيق، منذ أشهر" نظرًا لتراكم الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف السكان المدنيين في غزة بشكل واضح ومتواصل.

وأوضحت المجلة أن نقطة التحوّل الرئيسية تبدو بالنسبة لفيرديخا والعديد من خبراء حقوق الإنسان الآخرين هي الهجوم البري الإسرائيلي على رفح في أيار/ مايو حيث كان الجيش الإسرائيلي يدفع بالمدنيين بشكل متزايد إلى المدينة الجنوبية التي تربط بين غزة ومصر، قائلاً لهم إنها منطقة آمنة بينما كان يلاحق حماس في الشمال.

ولكن بحلول آب/ أغسطس، كان ما يقدر بـ 44 بالمائة من جميع المباني في رفح قد تضررت أو دمرت في قصف عنيف. وقد استولت القوات الإسرائيلية على معبر رفح الحدودي وأغلقته، مما حد من دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقتلوا المدنيين الذين كانوا يعيشون في خيام في منطقة إنسانية، وعندما أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف هجومها على رفح، أدان المسؤولون الإسرائيليون الحكم وقالوا إنه قابل للتأويل، على الرغم من أن العديد من محامي حقوق الإنسان قالوا إنه لا لبس فيه، إلا أن الهجوم على رفح قد استمر. 

وقال فيرديخا: "لا أود أن أقول إن [رفح] كانت بالضرورة اللحظة الحاسمة، لكنني أعتقد أنها تشير إلى نمط أوسع حيث نرى حملة إبادة جماعية تتبلور حقًا". 

وقال مايكل بيكر، أستاذ قانون حقوق الإنسان الدولي في كلية ترينيتي في دبلن، إن الحوادث المذكورة وغيرها تعني أن "جنوب أفريقيا لديها مجموعة متزايدة من الأدلة التي يمكن تقديمها أمام المحكمة الدولية العدلية كدليل إضافي على نيّة الإبادة الجماعية"، والتي تشمل أدلة تشير إلى أن إسرائيل "لم تسعَ بجد للامتثال" لأوامر المحكمة حتى الآن.


هل يهم إذا ما سمتها محكمة العدل الدولية إبادة جماعية؟
يكمن السؤال فيما إذا كان وصف التوغل الإسرائيلي في غزة بالإبادة الجماعية سيحدث أي فرق عملي. فهو لن يعكس مسار الموت والدمار، وليس لدى محكمة العدل الدولية أي وسيلة لإيقاف الحكومة الإسرائيلية حتى لو وجدت المحكمة في نهاية المطاف أنها مذنبة بارتكاب إبادة جماعية. وقد يكون هذا الحكم على بعد سنوات، وقد تم تجاهل أحكام محكمة العدل الدولية ضد دول أخرى في السابق.

ولكن توصيف "إبادة جماعية" يحمل وزنًا معينًا في الوعي العام حيث قال فيرديخا: "أعتقد أنها مهمة حقًا، وذلك ببساطة بسبب المكانة الرمزية للإبادة الجماعية. أن تكون مذنبًا بارتكاب إبادة جماعية، على الأقل في الخطاب العام وأيضًا من حيث السياسة العالمية فقط، أمر يمثل إدانة قوية لدرجة أنه يشير حقًا إلى همجية سياسة الدولة الإسرائيلية".

واعتبرت المجلة أن مثل هذه الإدانة قد تؤدي إلى تغييرات سياسية كبيرة. وقد أوضح فيرديخا أنه إذا ما وجدت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بالفعل، فإن ذلك قد يحدّ من درجة دعم  الولايات المتحدة وحلفائها لـ"إسرائيل". وفي الوقت نفسه، من غير الواضح كيف ستصدر محكمة العدل الدولية حكمها. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الإبادة الجماعية غزة العدل الدولية الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال الإبادة الجماعية العدل الدولية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة إبادة جماعیة حقوق الإنسان المجلة أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

اتهامات في إسرائيل لجهات إقليمية بالعمل على تخريب علاقاتها بمصر

أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن الجيش الإسرائيلي يحقق في ما إذا كانت جهات إقليمية بعينها تقف وراء منشورات تهدف إلى تخريب العلاقات والتحريض على إثارة التوتر بين إسرائيل ومصر.

وذكرت الصحيفة، في تقرير لمراسلها العسكري يوسي يوشع على موقعها الإلكتروني، أن مصادر إسرائيلية على قناعة بأن أطرافا إقليمية معنية تحاول النيل من العلاقات بين البلدين والترويج لمعلومات "كاذبة" تتحدث عن استعدادات مصرية للحرب ضد إسرائيل، وذلك عبر استخدام مؤثرين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: لدينا حكومة خائنة وترامب هو الأمل الوحيد لاستعادة بقية الأسرىlist 2 of 2صحف عالمية: ترامب يضحي بحلفاء واشنطن وكل شيء عنده محكوم بالمالend of list

وقالت إنها علمت أن إسرائيل تلقت في الآونة الأخيرة احتجاجا من مسؤولين مصريين كبار، عقب نشر عدة فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر "متحدثا مزعوما" باسم الجيش الإسرائيلي وهو يوجه الشكر باللغة العربية إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على المساعدة التي يقدمها لإسرائيل في حربها في قطاع غزة وجنوب لبنان.

ووفقا للتقرير، فقد ناشد المسؤولون المصريون القنوات الرسمية الإسرائيلية تقديم تفسير بهذا الشأن. وقد أوضح الجيش الإسرائيلي أن الفيديوهات المشار إليها "مزيفة"، وأُنتجت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأصدر نفيا رسميا بذلك، واصفا إياها بـ"محاولات مشبوهة لنشر مقاطع مريبة وزائفة".

إعلان

ومن بين تلك الفيديوهات التي تم توزيعهاـ مقاطع تُظهر مناورات عسكرية أجراها الجيش المصري في عامي 2017 و2020، والتي قُدِّمت كما لو أنها تحدث الآن، بالإضافة إلى صور يُزعم أنها التُقطت في شبه جزيرة سيناء.

وأوردت الصحيفة في خلفية التقرير أن التوتر بين البلدين ازداد حدة في أعقاب كلمة ألقاها سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة يحيئيل لايتر أواخر الشهر الماضي في اجتماع مع مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى.

واتهم السفير في تلك الكلمة بلهجة حادة مصر "بخرق اتفاقيات السلام مع إسرائيل عمدا"، بل وأضاف أنها تبني قواعد عسكرية في سيناء.

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رون لاودر وصل إلى القاهرة "بسرعة غير اعتيادية" بعد فترة وجيزة من كلمة السفير لايتر، وذلك لحضور اجتماع عُقد في القصر الرئاسي حضره الرئيس السيسي ورئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد.

على الرغم من حذف تصريحات لايتر من على شبكة الإنترنت فإن وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية نشرتها، وأكدت أن هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى مصر بمثل هذا الانتهاك الصارخ لاتفاقيات السلام

وعلى الرغم من حذف تصريحات لايتر من على شبكة الإنترنت -وفق يديعوت أحرونوت- فإن وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية نشرتها، وأكدت أن هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى مصر بمثل هذا الانتهاك الصارخ لاتفاقيات السلام.

وأردفت الصحيفة أنه على الرغم من أن لا أحد في المؤسسة العسكرية يستبعد إمكانية حدوث تغيير في موقف مصر تجاه إسرائيل، لكن مسؤولي الأمن فوجئوا بحجم الشائعات المتداولة حول الاستعدادات المصرية للهجوم، ويعتقدون أن الغرض منها إثارة الخوف والذعر أكثر وسط الإسرائيليين "الذين أُصيبوا بصدمة" منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ونقلت عن مسؤول إسرائيلي -لم تكشف عن هويته- القول إن مصدر قلق الجيش الإسرائيلي الأساسي ليس الحدود مع مصر، بل الحدود الشرقية مع الأردن التي تحاول إيران زعزعة استقرارها وتقوية العناصر الفلسطينية هناك، حسب زعم الصحيفة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • وزير العدل يفتتح مجمع الشهر العقاري بالغردقة.. ويتفقد محكمة البحر الأحمر
  • مؤتمر دولي عن الإبادة الجماعية في غزة في العاصمة البريطانية لندن (شاهد)
  • حماس تردّ على اتهامات إسرائيل بقتل "عائلة بيباس"
  • مؤتمر العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة: محطة مفصلية في مسار المساءلة الدولية
  • "العدل الدولية" توافق على مشاركة الاتحاد الإفريقي بقضية التزامات إسرائيل بالأراضي الفلسطينية
  • “العدل الدولية” تسمح للاتحاد الأفريقي بالمشاركة في إجراءات استشارية حول التزامات “إسرائيل” في الأرض الفلسطينية
  • "العدل الدولية" تسمح للاتحاد الأفريقي بالمشاركة في إجراءات بشأن إسرائيل
  • الخارجية تستدعي السفير.. السودان يجدد مطالبته للرئاسة الكينية بالتراجع عن تشجيع واحتضان مؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها
  • السودان يجدد مطالبته للرئاسة الكينية بالتراجع عن تشجيع واحتضان مؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها
  • اتهامات في إسرائيل لجهات إقليمية بالعمل على تخريب علاقاتها بمصر