تموت في الحروب أجزاء من أحشاء الناس. فبكسبة إجرام واحدة وبأقل من ثانية، قد يخسر المرء بيته الذي كبر فيه، ومع كل حجارة تدمّرت منه، يسقط وجه ضحك في هذه الزاوية وآخر بكي هناك، وتصبح الذكريات ممزوجة برائحة العدوان والإجرام. نعم، هذه قدرة العدوّ الكبرى، أن يحوّل الأمكنة الدافئة إلى غبار.

كثيرون في لبنان خسروا منازلهم وذكرياتهم، ومنهم عائلة بعلبكي الفنية العريقة، التي تدمّر منزلها في بلدة العديسة الحدودية إزاء غارة إسرائيلية على البلدة.

 


المايسترو لبنان بعلبكي عبّر عن هذه الخسارة الكبرى من خلال منشور له، كتب فيه: "هنا كان لنا بيت ترعرعنا فيه، بناه والديّ بأحلامهم وبحب كثير. هنا بقيت كل ذكرياتنا وعطر من أحببنا. هنا دفنّا والدينا لكي يناما نوماً أبدياً هانئاً. لا، ليس بيتنا فدىً لأحد سوى هذا الوطن "الحلم". ونعم، نعرف الفاعل ونعرف إجرامه".

وفي حديث خاص لـ"لبنان 24" عبّر بعلبكي عن مرارة المصاب التي مرّت بها العائلة ومنها شقيقته الفنانة سميّة بعلبكي، فأكّد أن هذا المنزل هو فعلياً أكثر من بيت، بل كان حلماً اختصر مسيرة تربية أهله له ولأخوانه وأخواته.   وكشف عن حلم والده الراحل، الفنان عبد المجيد بعلبكي، الذي كان يرغب بتشييد متحف يجمع فيه أعماله ومقتنياته الأثرية والفنية، موضحاً أن الطابق الأول من المنزل سكني أمّا الثاني فكان مفتوحاً وتتم فيه الأعمال بشكل حثيث لتحقيق هذا الحلم.  

وقال إن البيت كان يحتوي على مجموعة تضمّ أكثر من 1500 كتاب نادر بالإضافة إلى آثارات وتحف جمعها الفنان الراحل، لافتاً إلى أهمية الطابع العمراني لهذا البيت الذي صممه والده شخصياً وأشرف على بنائه.   وأضاف أن والده كان أستاذاً جامعياً، وعمّر هذا البيت من خلال مدخوله الخاص سنوياً لذلك طالت مدّة العمل على بنائه، وبعد وفاته أكملت العائلة بعض التفاصيل.

ووصف بعبلكي هذا البيت بأنه "حلم وإشعاع نور في الجنوب، وفكرة نادرة في تلك البلدة الحدودية مع إسرائيل من خلال بناء ما هو أكثر من مجرّد بيت، فهو مشروع ورؤية تنموية بالنهوض بالثقافة والفنون للمدى البعيد"، معتبراً أنه خسارة وطنية وشخصية لكل الذكريات العائلية.

وأشار إلى أن والديه مدفونان في حديقة المنزل بناءً على المجهود اللذين وضعاه فيه وكان محور أحلامهما.

عمق الخسارة التي يشعر بها من خسر بيته تفوق الوصف، ولا تستطيع الكلمات مهما بلغت من سموّ أن تلامس ولو طرف الألم. إنّه ألم من النوع المخالف للطبيعة والمنطق، من النوع الذي لا يندمل مع الزمن. فكيف يهدأ من شهد أحلامه تسقط دفعة واحدة وهو يعلم أنها لن تعود كما كانت بتفاصيلها مهما بلغ حجم الترميم؟

فعلاً، خسارة ما بعدها خسارة نعيشها وألم ما بعده ألم يعيش فينا.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

هاشم: على البعض الإقلاع عن رهاناته الإلغائية

أكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب الدكتور قاسم هاشم، في ذكرى اسبوع الشهيدين قاسم غادر واحمد الخطيب في مجمع الصادق، ان "لبنان لم يستغرب عدم التزام العدو الاسرائيلي باتفاق وقف العدوان واستمر بتوغله وانتهاكاته وعدوانيته وبشكل فظ ويومي وعلى مساحة المناطق الجنوبية الحدودية حتى احيانا في بعض القرى التي اعلن تسليمها للجيش الوطني، لكن ما يثير الاستهجان موقف لجنة المراقبة الدولية وخاصة الدول الراعية مما يجري، فإلى متى التغاضي عن هذا العدوان والانتهاكات، والسؤال البديهي ماذا بعد انتهاء مهلة الستين يوما، ومن حق لبنان بعد ذلك ان يحمل المسؤولية ويتخذ كل الاجراءات والتوجهات التي تحفظ سيادته وكرامته وتعيد كل جزء من ارضه المحتلة".

أضاف: "لا احد يستطيع انكار ما صنعه الشهداء لهذا الوطن، فلو لم يكن تحرير وافشال لمشاريع العدو الاسرائيلي ما كنا اليوم في وطن لديه مؤسسسات واستقلال وسيادة وكرامة، وعلى امل استعادة الاراضي التي ما زالت محتلة من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وغيرها".

وتابع: "لأننا اليوم في مرحلة جديدة لاعادة انتظام المؤسسات مع انتخاب رئيس للجمهورية له تاريخ ناصع في الممارسة والدور الوطني من وجوده الجنوبي الى موقعه القيادي واليوم الريادي ومع التحضير لحكومة وطنية رأينا في خطاب رئيسها المكلف رؤية واعدة، فإن فريقنا السياسي ينظر بايجابية وتعاط منفتح لاخراج لبنان من ازماته واساسها اشاعة مناخ الاستقرار ومنطلقه امن الجنوب واعادة اعماره، ولا يستغربن احد ذلك لان هذا الفريق الذي ننتمي اليه كان رافعة هذا العهد وعلى البعض الاقلاع عن رهاناته الالغائية ولغة الغالب والمغلوب لان هذا البلد محكوم بالتفاهم والتوافق،  ويبقى كل ذلك وقفا على ما ستحمله الايام الطالعة مع انتهاء مهلة انسحاب العدو الاسرائيلي، فاذا لم يتحقق ذلك فسنكون امام ظروف صعبة تتطلب وضع الجميع امام مسؤولياتهم".

مقالات مشابهة

  • روسيا تسقط 55 مسيرة أوكرانية.. ما موقف ترامب من الحرب؟
  • السودان (الجحيم الذي يسمي وطن)!!
  • حماس تؤكد أن غزة ستنهض من جديد رغم الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية
  • قيادي حوثي يستولي على منزل مواطن مسن في إب
  • حماس : غزة ستنهض من جديد رغم الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية
  • محمد الحوثي: العنفوان اليماني الذي سناد غزة قادر على مواجهة أي مخططات تحاك ضد بلدنا
  • واشنطن بوست: هذا حجم الدمار الذي أحدثته إسرائيل بلبنان بعد الهدنة
  • من الذي انتصر في حرب غزة؟
  • هاشم: على البعض الإقلاع عن رهاناته الإلغائية
  • يوم استثنائي في غزة