جدلية الهوية الوطنية كمدخل للهدم
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
يتحدث الكثير من الخبراء والمحلِّلين عن أزمة الهُوِيَّة الوطنيَّة التي يعيشها الكثير من الشَّباب العربي، مؤكِّدين أنَّ حالة الاغتراب التي يعيشها الشَّباب العربي منطلِقة أساسًا من إحساسهم بغياب دَوْرهم الفاعل في محيطهم الاجتماعي، ناهيك عن شعورهم بالتهميش على المستوى الوطني. واستند هؤلاء الخبراء إلى عددٍ من الأسباب، مِنها ضعف الهُوِيَّة الوطنيَّة الموحِّدة في استيعاب التعدديَّة، وغياب الحياة السِّياسيَّة السليمة كأسباب تؤدِّي لهروب الشَّباب العربي من أوطانهم واتِّجاههم للهجرة كخيار رئيسٍ أملًا في أن يكُونَ هذا الخيار ملاذًا ينطلق بهم نَحْوَ المستقبل الذي ينتظرونه، وأن يعيشوا وفقًا لِمَا يراه الخبراء في بيئات صحيَّة تفجِّر طاقتهم المُهدرة في بلدهم الأُم، ويكُونَ لهم دَوْر فاعل في أوطانهم الجديدة.
ولعلَّ الحديث المنطلِق من تلك النظريَّات، التي تُعدُّ في الأساس إحدى الأدوات التي تُسهم في حالة التشتُّت التي يعيشها الشَّاب العربي، خصوصًا في البلدان الضعيفة على المستوى الاقتصادي، والتي دأب هؤلاء الخبراء على تكراره لدرجة أنَّه أضحى من المُسلَّمات، التي علَيْنا قَبولها على عواهنها، دُونَ تحليل أو مراجعة تثبت صحَّتها من عدمها، ولَمْ تفكر مراكز صُنع القرار العربيَّة التي لا أعفيها من المسؤوليَّة، في محاولة رصد تلك النظريَّات واستبانة صحَّتها، نظرًا لأهمِّية الأطروحات التي تحملها على بنيويَّة الأوطان العربيَّة ومخاطرها؛ كونها تستهدف الفئة الأهم التي تُسهم في رفعة البلدان أو سقوطها، وهي فئة الشَّباب، التي تملك مفاتيح المستقبل والطموح على اقتحام أبوابه.
ورغم أنَّني لا أملك رؤى تفنِّد تلك المزاعم أو الادعاءات، ورغم أنَّها ترتكن لواقع يهمِّش الشَّباب العربي، وسياسات غير قادرة على احتواء طاقات أبناء المستقبل، إلَّا أنَّ تلخيص أسباب هروب الشَّباب في واقع سياسي، أجده سمًّا يدسُّ في العسل، ويهدف لمزيد من شرذمة الأوطان. فبحسب استطلاع الرأي السنوي الخامس عشر للشَّباب العربي، الصادر عن شركة (أصداء بي سي دبليو) فإنَّ هناك نسبة تفوق نصف الشَّباب العربي في دوَل شرق المتوسط (بنسبة 53%)، وتقارب النِّصف في شمال إفريقيا (بنسبة 48%)، يفكِّرون جديًّا في مغادرة بلدانهم بحثًا عن فرص عمل أفضل، حيث بَيَّنَ الاستطلاع أنَّ بَيْنَ الشَّباب الذين يفكِّرون جديًّا في الهجرة، نَحْوَ نصفهم (بنسبة 49%) مشيرًا إلى أنَّ السَّبب الرئيس وراء رغبتهم في الهجرة هو البحث عن فرص عمل، وهو استطلاع يثبت على الأقل خطأ ما يتشدَّق به هؤلاء الخبراء.
إنَّ هذا الاستطلاع يثبت للمسؤولين العرب قَبل غيرهم خطورة الوضع الاقتصادي في بلدانهم، ما يُمكِن أن يؤدِّيَ من أوضاع كارثيَّة أوَّلها هو هروب فئة الشَّباب بحثًا عن رزق، ما يعني هروب الكفاءات نَحْوَ فرص الرزق، لتعلو بلدان المهجر، ونظلُّ نحن أسرى واقعنا التعيس، نعطي فرصًا لِمَن يريدون هدم أوطاننا للخروج بنظريَّاتهم. ولعلَّ ما يؤكِّد أنَّ الأسباب الرئيسة لنزوح الشَّبابي هو الخوف من المستقبل الفقير في بلدانهم، أنَّ الواقع في البلدان الخليجيَّة مختلف، حيث أكَّد الاستطلاع أنَّ الغالبيَّة السَّاحقة من شباب دوَل مجلس التعاون الخليجي قَدْ عبَّروا عن عزمهم على البقاء في بلدانهم، والسبب معروف ولا يحتاج لحديث يدحض النظريَّات المغرضة التي يطلقها البعض حَوْلَ غياب هُوِيَّة الشَّباب العربي، اعطوا للشَّباب ما يستحقُّونه ستجدون سواعدهم تبني وتبقى.
إبراهيم بدوي
ibrahimbadwy189@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: باب العربی التی ت
إقرأ أيضاً:
عاجل - البنك المركزي يثبت أسعار الفائدة.. توقعات الخبراء تحسم الأمر وننتظر القرار الرسمي (تفاصيل)
تجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي بعد ساعات قليلة اليوم الخميس 21-11-2024 لبحث اسعار الفائدة الجديدة وسط توقعات قوية بالابقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
وتعقد اجتماعات لجنة السياسات النقدية في البنوك المركزية بجميع أنحاء العالم، لتحديد أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، والنظر في القرارات التي تستهدف احتواء التضخم.
ويعقد بعد ساعات قليلة وهو الاجتماع قبل الأخير للجنة السياسات النقدية بـالبنك المركزى المصرى حيث تختتم اجتماعاتها هذا العام فى 26 ديسمبر المقبل.
توقعات الخبراء تقرر تثبيت أسعار الفائدة.. وننتظر القرار الرسمي من "البنك المركزي"وقررت لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي في اجتماعها يوم 17 اكتوبر الماضي، الإبقاء على سعري عائد الإقراض الإيداع لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 28.25% و27.25% و27.75% على الترتيب.
كما قررت "لجنة السياسات النقدية" الإبقاء على سعري الخصم والائتمان عند 27.75%، وتأتي هذه القرار انعكاسا لآخر المستجدات والتوقعات على المستويين العالمي والمحلي منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.
ويرجح بنك مورجان ستانلي الأمريكي استمرار "المركزي المصري" في تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، على أن يغير البنك سياسته بالخفض التدريجي في الربع الأول من العام 2025، ذلك بالتزامن مع تباطؤ معدل التضخم في شهر فبراير المقبل.
وبحسب التقرير الصادر من "مورجان ستانلي"، من المتوقع أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة 10% خلال العام 2025، ليسجل سعر الإيداع 17.25% والإقراض 18.25%، مقارنة بمستويات حالية عند 27.25% و28.25% على الترتيب.
وعزا محللو بنك مورجان ستانلي الأمريكي توقعات انخفاض الفائدة في المركزي المصري خلال الربع الأول من العام المقبل إلى تباطؤ التضخم بشكل ملحوظ حتى مستويات 14- 15%، بسبب تأثير فترة الأساس
وقال الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جيمس سوانستون، إن المركزي المصري سينتظر انخفاضا مستداما وأكثر حدة في معدل التضخم الأساسي، لذلك قد لا تأتي هذه الخطوة إلا خلال الربع الأول من 2025.
وبحسب شركة "اتش سي" فإنه على الرغم من الحاجة لخفض أسعار الفائدة لتحفيز نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر، فإننا نتوقع من لجنة السياسة النقدية أن تؤجل هذا الخفض حتى وقت لاحق من العام.