أخيرًا نجحت جهود الأُمم المُتَّحدة في تفريغ حمولة الناقلة صافر الراسية على شواطئ البحر الأحمر قبالة مدينة الحديدة اليمنيَّة، وسط ترحيب عربي وإقليمي ودولي، حيث أشادت سلطنة عُمان في بيان لوزارة الخارجيَّة بجهود الأُمم المُتَّحدة والمُجتمع الدولي وتعاون الأطراف اليمنيَّة لتجنُّب حدوث كارثة بيئيَّة. كما أشاد مجلس التعاون الخليجي بنجاح عمليَّة التفريغ، وثمَّن تكاتف المُجتمع الدولي للحفاظ على البيئة البحريَّة، ومنع وقوع كارثة بيئيَّة في المنطقة، وثمَّن جهود فريق العمل والدوَل المانحة التي أمَّنت التمويل اللازم لهذه العمليَّة، وأكَّد الاتحاد الأوروبي ـ الذي أسهمَ بـ3 ملايين يورو في دعم المهمَّة ـ أنَّ العمليَّة الناجحة شهادة مرحَّب بها لإمكان التعاون مستقبلًا بَيْنَ أطراف النزاع وشركاء اليمن الدوليين بالتنسيق مع الأُمم المُتَّحدة.


والناقلة صافر تمَّ بناؤها في العام 1976م من قِبل شركة هيتاشي اليابانيَّة، وكانت تحمل اسم «إيسو جابون»، وفي العام 1987 تمَّ تحويل الناقلة إلى سفينة تخزين وانتقلت ملكيَّتها إلى الحكومة اليمنيَّة عبر المؤسَّسة اليمنيَّة العامَّة للنفط والغاز التي استخدمتها لتخزين وتصدير النفط المستخرج من حقول النفط الداخليَّة في مأرب، حيث كان بمقدورها تخزين ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام.
مع اندلاع الحرب الأهليَّة في اليمن في العام 2015 سيطر الحوثيون على الناقلة، التي تدهورت حالتها الهيكليَّة بشكلٍ كبير، وأصبح هناك خطر كارثي يهدِّد بانفجار الناقلة التي كانت محمَّلةً بـ1.14 مليون برميل من النفط، قِيمتها الآن حوالي 90 مليون دولار أميركي، جرَّاء تكثُّف أبخرة النفط المتصاعدة، والخشية من حدوث تسرُّب من الهيكل المتآكل بعد دخول المياه لغرفة المحرِّكات، الأمْرُ الذي قَدْ يؤدِّي لغرَقِها، وكانت المُشْكِلة التي تعرقل جهود الإنقاذ، هو الخلاف بَيْنَ الفرقاء في اليمن على أحقيَّة كُلِّ طرف للسفينة والنفط المخزَّن فوقها.
في يوليو 2020 عقد مجلس الأمن أوَّل اجتماع لبحث كيفيَّة إنقاذ «صافر»، وتمَّ إطلاق حملة تبرُّعات دوليَّة لجمع 120 مليون دولار على مرحلتيْنِ؛ الأولى تكلفة تفريغ الحمولة ونقلها لسفينة أخرى وتُقدَّر بـ75 مليون دولار، والمرحلة الثانية تكلفتها 38 مليون دولار لتوفير حلول تخزين دائمة للنفط المتبقي في قاع الناقلة.
في 30 مايو الماضي بدأت عمليَّة إنقاذ صافر مع وصول خبراء من شركة إنقاذ عالميَّة إلى خزَّان النفط العائم لإعداده لعمليَّة النقل، ووصلت الناقلة البديلة «نوتيكا» من جيبوتي، لتبدأ عمليَّة نقل الحمولة إليها من صافر والتي انتهت بسلام الأسبوع الماضي.
ولكن سيظلُّ الخزَّان المتهالك يُشكِّل تهديدًا للبيئة بسبب الزيت اللزج المتبقي، وهناك حاجة ماسَّة لسحبه بأمانٍ وإعادة تدويره بشكلٍ أخضر ومستدام، ولا تزال الأُمم المُتَّحدة في انتظار المبالغ اللازمة للانتهاء من هذه المرحلة.
ونجاح عمليَّة الإنقاذ جنَّب منطقة البحر الأحمر الأخطار التي كانت تتهدَّدها في حالة تسرُّب النفط من خزَّان النفط العائم، الذي كان سيؤدِّي لتدمير الشّعاب المرجانيَّة واختفاء أشجار المانجروف التي تحمي السواحل من التآكل والانجراف، وتقضي على الأحياء البحريَّة في البحر الأحمر، ويصبح ملايين البَشَر عرضة للتلوُّث بجميع أنواعه الغذائي والجوِّي، وتنعدم سُبل نقل الغذاء والوقود والإمدادات الحيويَّة اللازمة لحياة ملايين اليمنيِّين الذين يعانون أصلًا من الحرب الأهليَّة.
كما سيفقد آلاف العاملين في مهنة الصَّيد مصدر رزقهم، وسيستغرق الأمْرُ أكثر من ربع قرن، لاسترداد المخزون السَّمكي، وتُقدَّر تكاليف تنظيف تسرُّب نفطي بحجم الموجود في «صافر» بـ20 مليار دولار أميركي وسنين طويلة من العمل الشَّاق.
محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ملیون دولار

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تحذر من تداعيات تخفيضات التمويل على المساعدات الإنسانية

 

حذر كل من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين من تأثير تخفيضات التمويل على تقديم المساعدات الإنسانية في عدد من البلدان بما فيها نيجيريا، وبوروندي، وكولومبيا.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، في بيان له، إن نقص التمويل يجبر عمال الإغاثة على تقليص الدعم الأساسي، بما في ذلك خدمات الصحة والتغذية، مشيرا إلى أن بعض المنظمات اضطرت إلى تسريح الموظفين وتقليص الخدمات، بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية الأولية وعلاج الهزال الشديد.
ونبه إلى أن تخفيضات التمويل أثرت على ما يقرب من 70% من الخدمات الصحية، و50% من خدمات التغذية في ولايات بورنو وأداماوا ويوبي، مشددا على أن من الضروري، مع اقتراب موسم الجفاف، أن يكثف المجتمع الدولي تمويله لمعالجة انعدام الأمن الغذائي المتفاقم.
ولفت إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية للعام الجاري طالبت بـ910 ملايين دولار لتقديم المساعدة لـ3.6 مليون شخص، فيما لم يتم تأمين سوى 70 مليون دولار حتى الآن، أي أقل من ربع الاحتياجات.
وفي بوروندي، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها تواجه قيودا خطيرة في توفير خدمات الحماية بسبب نقص التمويل، مشيرة إلى توقف توزيع حقائب الكرامة لما يقرب من 11 ألف امرأة وفتاة، وتراجع كبير في خدمات تتبع الأسر، بينما ما تزال تحتاج إلى 76.5 مليون دولار لتغطية استجابتها الإنسانية.
أما في كولومبيا، فقد تأثر اللاجئون بتخفيضات التمويل أيضا، إذ اضطرت المفوضية إلى تعليق توزيع مواد الإغاثة الأساسية مثل البطانيات والمستلزمات الصحية، رغم تواصل أعمال العنف، خصوصا في منطقة كاتاتومبو الحدودية مع فنزويلا. وتقدر المفوضية احتياجاتها هناك بنحو 118.3 مليون دولار لمواصلة عملياتها الحيوية هذا العام.وام


مقالات مشابهة

  • «أونروا»: تجويع ممنهج في غزة يهدد حياة مليون طفل
  • بالتزامن مع إنهيار قياسي للريال.. البنك المركزي اليمني يعلن بيع 8 مليون دولار
  • الذهب ينخفض والنفط يواصل تراجعه بانحسار التوتر التجاري
  • البنك المركزي اليمني: فتح مزاد لبيع 30 مليون دولار
  • مكتب “أوتشا” يعبر عن قلقه بشأن الغارات التي ضربت مركزًا لإيواء المهاجرين بصعدة
  • قسم شرطة حلب الجديدة يستعيد مسروقات بقيمة 20 ألف دولار أمريكي و35 مليون ليرة سورية
  • “أوتشا” يعبر عن قلقه بشأن الغارات التي ضربت مركزًا لإيواء المهاجرين بصعدة
  • أسعار النفط تتراجع بفعل مخاوف الإمدادات
  • أسعار النفط تصعد رغم ضبابية التوقعات الاقتصادية
  • الأمم المتحدة تحذر من تداعيات تخفيضات التمويل على المساعدات الإنسانية