الناقلة صافر ودور ننتظر تكراره من الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
أخيرًا نجحت جهود الأُمم المُتَّحدة في تفريغ حمولة الناقلة صافر الراسية على شواطئ البحر الأحمر قبالة مدينة الحديدة اليمنيَّة، وسط ترحيب عربي وإقليمي ودولي، حيث أشادت سلطنة عُمان في بيان لوزارة الخارجيَّة بجهود الأُمم المُتَّحدة والمُجتمع الدولي وتعاون الأطراف اليمنيَّة لتجنُّب حدوث كارثة بيئيَّة. كما أشاد مجلس التعاون الخليجي بنجاح عمليَّة التفريغ، وثمَّن تكاتف المُجتمع الدولي للحفاظ على البيئة البحريَّة، ومنع وقوع كارثة بيئيَّة في المنطقة، وثمَّن جهود فريق العمل والدوَل المانحة التي أمَّنت التمويل اللازم لهذه العمليَّة، وأكَّد الاتحاد الأوروبي ـ الذي أسهمَ بـ3 ملايين يورو في دعم المهمَّة ـ أنَّ العمليَّة الناجحة شهادة مرحَّب بها لإمكان التعاون مستقبلًا بَيْنَ أطراف النزاع وشركاء اليمن الدوليين بالتنسيق مع الأُمم المُتَّحدة.
والناقلة صافر تمَّ بناؤها في العام 1976م من قِبل شركة هيتاشي اليابانيَّة، وكانت تحمل اسم «إيسو جابون»، وفي العام 1987 تمَّ تحويل الناقلة إلى سفينة تخزين وانتقلت ملكيَّتها إلى الحكومة اليمنيَّة عبر المؤسَّسة اليمنيَّة العامَّة للنفط والغاز التي استخدمتها لتخزين وتصدير النفط المستخرج من حقول النفط الداخليَّة في مأرب، حيث كان بمقدورها تخزين ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام.
مع اندلاع الحرب الأهليَّة في اليمن في العام 2015 سيطر الحوثيون على الناقلة، التي تدهورت حالتها الهيكليَّة بشكلٍ كبير، وأصبح هناك خطر كارثي يهدِّد بانفجار الناقلة التي كانت محمَّلةً بـ1.14 مليون برميل من النفط، قِيمتها الآن حوالي 90 مليون دولار أميركي، جرَّاء تكثُّف أبخرة النفط المتصاعدة، والخشية من حدوث تسرُّب من الهيكل المتآكل بعد دخول المياه لغرفة المحرِّكات، الأمْرُ الذي قَدْ يؤدِّي لغرَقِها، وكانت المُشْكِلة التي تعرقل جهود الإنقاذ، هو الخلاف بَيْنَ الفرقاء في اليمن على أحقيَّة كُلِّ طرف للسفينة والنفط المخزَّن فوقها.
في يوليو 2020 عقد مجلس الأمن أوَّل اجتماع لبحث كيفيَّة إنقاذ «صافر»، وتمَّ إطلاق حملة تبرُّعات دوليَّة لجمع 120 مليون دولار على مرحلتيْنِ؛ الأولى تكلفة تفريغ الحمولة ونقلها لسفينة أخرى وتُقدَّر بـ75 مليون دولار، والمرحلة الثانية تكلفتها 38 مليون دولار لتوفير حلول تخزين دائمة للنفط المتبقي في قاع الناقلة.
في 30 مايو الماضي بدأت عمليَّة إنقاذ صافر مع وصول خبراء من شركة إنقاذ عالميَّة إلى خزَّان النفط العائم لإعداده لعمليَّة النقل، ووصلت الناقلة البديلة «نوتيكا» من جيبوتي، لتبدأ عمليَّة نقل الحمولة إليها من صافر والتي انتهت بسلام الأسبوع الماضي.
ولكن سيظلُّ الخزَّان المتهالك يُشكِّل تهديدًا للبيئة بسبب الزيت اللزج المتبقي، وهناك حاجة ماسَّة لسحبه بأمانٍ وإعادة تدويره بشكلٍ أخضر ومستدام، ولا تزال الأُمم المُتَّحدة في انتظار المبالغ اللازمة للانتهاء من هذه المرحلة.
ونجاح عمليَّة الإنقاذ جنَّب منطقة البحر الأحمر الأخطار التي كانت تتهدَّدها في حالة تسرُّب النفط من خزَّان النفط العائم، الذي كان سيؤدِّي لتدمير الشّعاب المرجانيَّة واختفاء أشجار المانجروف التي تحمي السواحل من التآكل والانجراف، وتقضي على الأحياء البحريَّة في البحر الأحمر، ويصبح ملايين البَشَر عرضة للتلوُّث بجميع أنواعه الغذائي والجوِّي، وتنعدم سُبل نقل الغذاء والوقود والإمدادات الحيويَّة اللازمة لحياة ملايين اليمنيِّين الذين يعانون أصلًا من الحرب الأهليَّة.
كما سيفقد آلاف العاملين في مهنة الصَّيد مصدر رزقهم، وسيستغرق الأمْرُ أكثر من ربع قرن، لاسترداد المخزون السَّمكي، وتُقدَّر تكاليف تنظيف تسرُّب نفطي بحجم الموجود في «صافر» بـ20 مليار دولار أميركي وسنين طويلة من العمل الشَّاق.
محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: انهيار القانون والنظام في غزة
غزة (الاتحاد)
أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تدعم إعادة تشغيل المخابز في غزة «اليونيفيل» تدعو إلى تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنانحذر المنسق الجديد للشؤون الإنسانية الطارئة التابع للأمم المتحدة، توم فليتشر، من انتشار الجريمة الخارجة عن السيطرة في قطاع غزة.
وقال فليتشر أمس، خلال زيارة قام بها للشرق الأوسط: «إننا نشهد الآن انهيار القانون والنظام، والنهب المسلح المنظم لإمداداتنا من جانب عصابات محلية».
وأوضح أنه من شبه المستحيل إدخال حتى ولو جزء بسيط من المساعدات الضرورية إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة، محذراً من أن ظروف المعيشة في القطاع الساحلي لا يمكن تحملها.
ويشار إلى أن شمال قطاع غزة محاصر منذ أكثر من شهرين، وتقول الأمم المتحدة: إنه يوجد خطر من حدوث مجاعة هناك.
وأفاد فليتشر، الذي يترأس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بأن إسرائيل رفضت منذ السادس من أكتوبر أكثر من 100 طلب للسماح لها بتوصيل مساعدات الأمم المتحدة.
وقال: إن إسرائيل تواصل هجماتها على المناطق المكتظة بالسكان، مما ينتج عنه عواقب وخيمة.