إسرائيليون تجسسوا لصالح إيران ليس بدوافع مالية فقط.. لهذه الأسباب
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
شهدت الأسابيع الماضية كشف حالتين إضافيتين لإسرائيليين وافقوا على التجسس لصالح إيران، مما أشعل الأضواء الحمراء في الاستخبارات الاسرائيلية، من السهولة التي تواجهها غريمتها الإيرانية، وصعوبة الكشف عن هذه المحاولات التي لم تتوقف طوال السنوات الماضية.
ويثير تجنيد إيران لمزيد من الإسرائيليين للعمل في صفوفها أسئلة مؤلمة لدى مخابرات دولة الاحتلال عما يدور في ذهن الإسرائيلي، ويدفعه للاستجابة لنداءات المخابرات الإيرانية، ويخون دولته.
ليراز مرغليت، الباحثة السلوكية في العصر الرقمي بجامعة رايخمان في هرتسليا، كشفت أن "هناك خصائص معينة تدفع المخابرات الايرانية لتفضيل الإسرائيليين ذوي الشخصية المعينة، والملف النفسي المعين لتجنيدهم في صفوفها، ولعل مفتاح فهم دوافع من سيصبحون جواسيس محتملين يكمن في الفهم النفسي للدوافع البشرية، فكل إسرائيلي لديه العديد من الدوافع التي تدفعه للعمل كجاسوس لدولة معادية لدولته، وهو ما يدفع الخبراء الأمنيين الايرانيين للتعرف على فهم ما يحفز هؤلاء الجواسيس الإسرائيليين على العمل في صفوفها".
وأضافت في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أنه "رغم أن معظم الإسرائيليين على يقين من أن المال هو الدافع الرئيسي لتصرفات الجواسيس الذين تعاونوا مع الإيرانيين، لكنني عقب عمل بحثي متواصل اكتشفت أن الأمر لا يتعلق بالمال فقط، فالمال جزء من القصة، لكن الشيء الرئيسي ليس فقط الربح المالي، بل أيضًا الحاجة لملء الفراغ العاطفي، والشعور بالإثارة، والعثور على نوع ما من المهنة".
وأوضحت أن "الدافع الغالب لأولئك الجواسيس الإسرائيليين الذين يوافقون على التعاون مع إيران هو الرغبة في الحصول عليها بسبب الروتين المملّ، أو التطلع للشعور بالأهمية، أو افتقارهم للإثارة في الحياة، أو كانت لديهم علاقة إشكالية مع الأهل، وشعروا بالرفض من المجتمع، وهذه فرصتهم لإثبات أنهم يستحقون شيئًا".
وأكدت أنه "في العديد من الحالات التي تم اكتشافها في السنوات الأخيرة من الجواسيس الإسرائيليين لصالح إيران، ورغم أن بعضهم طلب مبلغًا مرتفعًا قدره مليون دولار لتنفيذ المهام التي عرضها عليه الإيرانيون، إلا أن الدافع الرئيسي ربما كان الحاجة لأن يكون جزءًا من شيء أكبر، من خلال قناعته بفكرة فرصة المشاركة في مثل هذه المهام الخطيرة مما يغذي لديه دافع الإثارة مقابل المال".
وأوضحت أنه "في نماذج أخرى من هؤلاء الجواسيس الإسرائيليين تصبح القصة أكثر تعقيدًا، فأفعالهم مثلا التي كلفتهم بها المخابرات الايرانية، مثل كتابة الشعارات على الجدران، وإحراق السيارات، والموافقة على اغتيال شخصية إسرائيلية بارزة، تثور تساؤلات جدية، لأنه من الصعب في مثل هذه الحالة أن نصدق أن المال وحده يقف وراء هذه الأفعال، بل هناك أيضا بجانب المال الرغبة في الإثارة، والشعور بأنهم يشاركون في عملية سرية وخطيرة، خاصة وأن ملفات المخابرات العالمية تكشف العديد من النماذج التي تؤكد أن تجنيد الجواسيس غالبا ما يجمع بين جوانب النرجسية والرضا الذاتي، وليس فقط الدوافع المالية".
وأضافت أن "هؤلاء الجواسيس الإسرائيليين الذين عملوا لصالح المخابرات الايرانية يشعرون فجأة بأن الحياة في هذا المجال الخطير تأخذ معنى جديدًا، والإثارة الناتجة عن الانخراط في مهام خطيرة، والشعور بالقوة الذي يأتي مع تجربة الاتصال بمسؤولي المخابرات، كل هذا يوفر دفعة كبيرة على غرار الحالات السابقة، وهنا يمكن رؤية استخدام أساليب التلاعب من جانب المشغلين الإيرانيين، مثل مبدأ "الانسجام" والالتزام".
وأوضحت أن "المخابرات الايرانية لديها فريق من الخبراء النفسيين الذين يعتقدون أنه بمجرد تكليف الجاسوس الإسرائيلي بتنفيذ مهام صغيرة، يتم إنشاء عملية يشعر فيها هذا الجاسوس بأنه ملزم بمواصلة أداء مهام إضافية أكثر صعوبة وخطورة، من أجل الحفاظ على الإدراك الذاتي، والشعور بالالتزام، كعامل مؤثر في العمل الأمني".
ولفتت الكاتبة إلى نقطة أخرى مثيرة للاهتمام في حالات الجواسيس الإسرائيليين، وتتمثل في اختيار الأهداف على أساس الملامح الديموغرافية، ففي بعض الحالات كان الإسرائيليون يعيشون أساسا خارج حدود دولة الاحتلال، وبالتالي يكون اختياره سريعا بسبب سهولة وصوله لإيران، وفتح المزيد من علاقاته التجارية الواسعة، وهناك حالات أخرى من الجواسيس الإسرائيليين لصالح المخابرات الايرانية ممن يبحثون عن الخبرات التي توفر إحساسًا بقيمة الذات والإثارة.
وأضافت أننا "إذا تذكرنا قضية تجنيد النساء الإسرائيليات في شبكة تجسس إيرانية قبل عامين، فقد تم إغراؤهن بالشخصية الغامضة التي تدعى رامبود نامدار التابعة للعميل الإيراني الذي اتصل بهن، بينما الجواسيس في الحالات الأخيرة تلقوا تعليمات مباشرة من مسؤولي المخابرات الإيرانية الذين قدموا أنفسهم كشخصيات ذات سلطة وتمكين، حيث يستجيب العديد من الأشخاص للسلطة بطريقة قوية، كما أن الشعور بالقوة والسيطرة الذي يحصلون عليه من الاتصال بمثل هذه الشخصيات يدفعهم لاتخاذ قرارات صعبة، بل إنهم قد يشعرون بالفخر لأنه عُرض عليهن تنفيذ عمليات بهذه الأهمية والخطورة.
وختمت بالقول إن "الحالات التجسسية الإسرائيلية الأخيرة لصالح إيران تؤكد أن التكنولوجيا والتطورات المبتكرة في مجال التجسس لا يمكن أن تخفي حقيقة أن الحلقة الضعيفة ستكون دائما الإنسان، فالرغبات البشرية سواء كانت للإثارة، أو للإحساس بالمعنى، أو لتحقيق مكاسب مالية، هي التي تقود الجواسيس المحتملين في النهاية إلى التعاون، وتثبت هذه الحالات مرة أخرى مدى خطورة التقليل من قيمة علم النفس البشري عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية التجسس إيران الاحتلال إيران الاحتلال تجسس عملاء صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المخابرات الایرانیة لصالح إیران العدید من
إقرأ أيضاً:
هكذا يمكن مساعدة الفلسطينيين الذين يتحدون حماس
لفت حسين إبيش، كبير الباحثين المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إلى أنه بعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات الشعبية في شمال غزة ضد حماس، يبدو أن قبضة الحركة هناك تتلاشى. فقد شارك في كل احتجاج مئات الفلسطينيين، ويعكس ذلك فهماً واضحاً بأن حماس، وليس إسرائيل فقط، مسؤولة عن محنتهم. وقد تكون هذه نقطة تحول، لكن الكثير يعتمد على كيفية رد القوى الخارجية.
آلاف الفلسطينيين الوطنيين في غزة يريدون بصدق إنهاء الحرب
كتب إبيش في شبكة "إم إس إن بي سي" الأمريكية أن الانتقادات العلنية لحماس في غزة ليست نادرة، كما يزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وحتى خلال الحرب التي شنتها إسرائيل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل، اندلعت احتجاجات أصغر وأكثر تفرقاً بشكل دوري.
يبلغ الإحباط من حماس بين سكان غزة العاديين ذروته. ولكن ما يميز الاحتجاجات الأخيرة هو حجمها واستمرارها. ففي الأيام القليلة الماضية، تجمع آلاف الفلسطينيين لحث حماس على التخلي عن السلطة، وإطلاق سراح الرهائن، والمساعدة في وقف هجمات إسرائيل المتواصلة التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين. أما نتانياهو فهو مخطئ في الاستشهاد بالاحتجاجات، وبطريقة ساخرة وكاذبة، بصفتها دليلاً على أن سياسات إسرائيل "تنجح". لكن حماس مخطئة أيضاً في ادعائها أن تلك الاحتجاجات مُصنعة وموجهة من "قوى خارجية"، وليست تعبيراً عفوياً عن غضب مستحق بقوة.
غضب على إسرائيل وحماس
وأضاف الكاتب أنه لطالما أعرب عن رأي مفاده أن على الفلسطينيين ألا يسامحوا حماس على استفزازها المتعمد لإسرائيل، ودفعها إلى رد فعل مبالغ فيه. ولطالما اعتمدت السياسة الإسرائيلية على الانتقام غير المُتكافئ. إن شدة الوحشية الإسرائيلية في غزة متوقعة بقدر ما هي مروعة. والفلسطينيون يدركون ذلك بشكل شخصي.
ثمة غضب واسع ضد حرب إسرائيل على المجتمع الغزي بشكل عام، وهو غضب لا يقتصر على حماس فحسب. وجادل العديد من الباحثين والمؤرخين حول الإبادة الجماعية، بما في ذلك عدد من الإسرائيليين، وقالوا إن الكلمة تنطبق بشكل معقول على استخدام الجيش الإسرائيلي للغذاء، والدواء، والماء، والنزوح الروتيني، أسلحة حرب ضد المدنيين.
Analysis | Anti-Hamas demonstrations in Gaza have shown rare defiance against Hamas and longevity—but without leadership, regional backing, or media coverage, their path forward remains uncertain.
✍️@sfrantzmanhttps://t.co/ZhavPPUuH7
ومع ذلك، لا يزال الإحباط من حماس بين سكان غزة العاديين في غليان. ومن المتوقع أن تتركز الاحتجاجات في شمال غزة، وهي أول المناطق التي دمرت بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث تركزت أشد أعمال العنف والحرمان من الضروريات الأساسية.
لم تسأل مليوني فلسطيني
على عكس مزاعم نتانياهو، تجري هذه الاحتجاجات رغم وحشية إسرائيل المستمرة، وليس بسببها. فقد أظهر استطلاع للرأي للباروميتر العربي، نشر في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أن 29% فقط من الفلسطينيين في غزة لهم مواقف إيجابية من حماس. واليوم، قد تكون النسبة أقل من ذلك.
ليس للمتظاهرين أوهام حول إسرائيل. فقد أعرب جميع من قابلتهم وسائل الإعلام العربية والغربية تقريباً عن غضبهم من وحشية إسرائيل، بوضوح تام.
The group will be forced to either meet the people’s demands or violently suppress the demonstrations. Either outcome weakens Hamas, explains @AhmadA_Sharawi: https://t.co/3VZMgqzc9y
— FDD (@FDD) March 29, 2025لم تهتم حماس بمصير أكثر من مليوني مدني فلسطيني جندتهم "للاستشهاد" دون أدنى استشارة أو تحذير أو تحضير. كما أنها لا تهتم كثيراً بمد وجزر الرأي العام. لا تزال حماس تحتفظ بقاعدة دعم شعبي، وسيواصل جزء كبير من السكان تركيز غضبهم بشكل مفهوم على إسرائيل، في الحد الأدنى حتى ينسحب الجيش الإسرائيلي نهائياً من غزة. لكن اليأس والغضب أججا هذه الاحتجاجات الكبيرة والمستمرة على نحو غير معتاد ضد حماس، ونصيبها الواضح من المسؤولية.
فرصة مهمة
وبالنسبة إلى القوى الخارجية المهتمة بصدق برؤية نهاية سلطة حماس في غزة، تمثل هذه الاحتجاجات فرصة مهمة. ليس واضحاً كيق يكون نتانياهو من بينهم حقاً، بعد عقود من ضمان بقاء الفلسطينيين منقسمين بين الحكم الإسلامي في غزة، والسيطرة القومية العلمانية في المناطق الصغيرة ذات الحكم الذاتي في الضفة الغربية. وكما هو متوقع، يبذل نتانياهو قصارى جهده لتدمير وتقويض مصداقية الاحتجاجات، وإمكاناتها السياسية بتصويرها دليلاً على حكمة سياسة الأرض المحروقة الإسرائيلية.
مع ذلك، يعلى الدول العربية ذات التوجه البناء، مثل مصر، والسعودية، والإمارات، أن تبذل، بحذر لكن بشكل عمدي، كل ما في وسعها لدعم قادة الاحتجاجات ومنظميها. وبإمكانها توفير عناصر أساسية لسلطة مدنية فلسطينية بديلة في غزة لتتولى مسؤولية الحكم، بدل الاحتلال الإسرائيلي وحماس.
لا شك أن المصالح التجارية الباقية، وزعماء العشائر وكوادر فتح المتبقية في غزة، إما مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بحركة الاحتجاج ومنظميها، أو يجب أن يصبحوا كذلك، بغض النظر عن مدى عفوية المظاهرات. هناك بالتأكيد تنسيق كبير قائم بالنظر إلى حجمها وانتشارها واستدامتها.
خطة الجامعة أمر حيوي
على إسرائيل التزام الصمت عن الاحتجاجات لأغراضها السياسية، ويُحتم استئناف وقف إطلاق النار على الدول العربية الرائدة أن تتقدم وتأخذ زمام المبادرة، وعلى الولايات المتحدة والدول الغربية، أن تدرك أن الاحتجاجات تظهر أن خطة جامعة الدول العربية التي نسقتها مصر لوقف هذا الجنون نهائياً وبداية إعادة الإعمار في غزة أمر حيوي، بل هو الإطار الحقيقي الوحيد القادر على إنهاء الحرب، وحكم حماس في غزة.
يُظهر المتظاهرون بشجاعة أن آلاف الفلسطينيين الوطنيين في غزة يريدون بصدق إنهاء الحرب وهم يُطلقون عليها عادة اسم "الإبادة الجماعية"، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين وتنحي حماس.
هذا بالضبط ما تريده الدول العربية والغربية، والإسرائيليين. لم يعد هناك أي أساس للقول إنه لا يوجد ما يمكن فعله عملياً وسياسياً مع فلسطينيي غزة. فالواضح أن هناك الكثير، إذا كان هناك من يهتم حقاً.