مشهدان مؤثران ومكمّلان لبعضهما البعض طبعا التطورات الأخيرة. الأول في ياطر، حيث سقط الرائد محمد فرحات مع أثنين من عناصر الجيش بينما كانوا يساعدون في إجلاء جرحى الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة. والثاني في رشعين – قضاء زغرتا، حيث استقبلت جثمان الشهيد عائلته، التي نزحت من دير قانون رأس العين – قضاء صور، ومعها أهالي المنطقة بالزغاريد ونثر الأرزّ والورود، وسجي في رحاب كنيسة مار مارون، فامتزجت صلوات المؤمنين، كلّ بحسب إيمانه، ولكن بصوت واحد ورجاء واحد ودعاء واحد بأن يكون دم الشهداء معمودية لولادة جديدة لوطن لا تختلف تلاوينه عما شهدته ساحة تلك البلدة الزغرتاوية من تلاحم مصيري وتلقائي بين أبناء الوطن.

فعلى وقع قرع أجراس كنيسة مار مارون تُليت صلاة الفاتحة ورُسم الصليب على الجباه.
فهذه المشهدية المعبّرة عما ترمز إليه في الوجدان اللبناني من صور جميلة عن ماضي الزمن الجميل قد تعيد إلى أذهان بعض مما فُقد من وصايا عشر أوصى بهم الأباء والأجداد. وهذا هو المطلوب بعد أن يتوقف القصف، وسيتوقف في يوم من الأيام، وبعد أن يُعاد بناء ما تهدّم، وسيعاد، وبعد عودة النازحين إلى قراهم وأرزاقهم، ويعودون، وبعد أن تعود دورة الحياة إلى طبيعتها، وبعد أن تبرد الرؤوس الحامية، وبعد أن يقتنع من يجب أن يقتنع بأن لا غنى للبناني عن أخيه اللبناني الآخر المختلف عنه ومعه في النظرة إلى المستقبل، ولكن هذا الاختلاف لا يعني بالضرورة أنه ليس شريكًا له في المواطنية، وأنه على رغم ما هو عليه من اختلاف ديني وثقافي يبقى أقرب إليه من أي غريب، خصوصًا بعدما تبيّن للجميع بأن لهذا الغريب، أيًّا تكن هويته، مصالح تتقدم على أي مصلحة أخرى. وما ينطبق على هذه الدولة الغريبة ينطبق أيضًا على أي دولة غريبة أخرى.
فالمشهدية الرمزية في بلدة رشعين الزغرتاوية لا يمكن أن يجدها المرء في أي بقعة من بقاع الأرض. هي مشهدية استثنائية وحصرية بهذا البلد، الذي لم يعد اسمه فقط لبنان بعدما كرّسه البابا القديس يوحنا بولس الثاني في سفر جديد من أسفار العهد القديم كرسالة تتخطّى بمفهومه الكوني ما يتمّ توارثه من معتقدات مسطّحة ومجردّة من عناصر القوة المشعّة بأنوارها على العالم كله.
صحيح أن غبار الحرب تعمي العيون، وتحول دون الوضوح في الصورة المشوشة، وذلك بفعل ما تتعرض المناطق اللبنانية من اعتداءات موصوفة، وهي تدخل في توصيفات جرائم الحرب. ولكن وعلى رغم ما يُسفك من دماء على مذبح الوطن، وعلى رغم كل هذا الدمار والخراب، وعلى رغم كل هذا الوجع، وعلى رغم كل هذه الدموع، فإن ثمة حقيقة واحدة ستسطع في يوم من الأيام من ساحة كنيسة مار مارون في رشعين، التي احتضنت جثمان الشهيد البطل الرائد محمد فرحات كوديعة. لا بدّ من أن تكون هذه الحقيقة هي الثابتة الوحيدة كركيزة أساسية في إعادة إعمار ما تهدّم، وكذلك ستكون حجر الزاوية في إعادة رسم الصورة الحقيقية للبنان – الرسالة، الذي سيكون فيه جميع أبنائه متساوين أمام القانون وفق مفاهيم جديدة، ولكن واضحة ولا تحتمل وثيقتها أي لغط أو لبس. فبعد أن تزول أثار هذه الحرب الهمجية وأسبابها لا عودة إلى الوراء، بمعنى أنه لن يحمي اللبنانيين سوى سلاح الشرعية، وأن استقواء اللبنانيين ببعضهم البعض يغنيهم عن استقواهم بالخارج على بعضهم البعض.
فعلى مثال هذه المشهدية السوريالية سيكون وجه لبنان ما بعد الحرب.      المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وعلى رغم على رغم وبعد أن

إقرأ أيضاً:

ترامب: "هذا الغزو سيكون كارثياً"

اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين، أن الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي "ينبغي أن يكون أكثر أمتناناً" للولايات المتحدة، وذلك بعد خوضه مشادة كلامية معه، الجمعة، في البيت الابيض.

وقال الرئيس الأمريكي: "أعتقد ببساطة أن عليه أن يكون أكثر أمتناناً، لأن هذا البلد (الولايات المتحدة) دعمهم في السراء والضراء".

ولفت ترامب، إلى أن التوصل إلى اتفاق حول المعادن الأوكرانية لا يزال ممكناً .

#عاجل| الرئيس الأمريكي: #روسيا ترغب في التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب.. وزيلينسكي يجب أن يكون أكثر امتناناً لأمريكا pic.twitter.com/HhCC1L8EG7

— 24.ae | عاجل (@20fourLive) March 3, 2025

وأضاف ترامب، الإثنين، أنه سيقدم تحديثاً بشأن اتفاق المعادن مع أوكرانيا مساء الثلاثاء، بتوقيت واشنطن.

وأكد أنه "لم يتحدث بعد" عن وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

وعن الصين، رأى ترامب، الإثنين، أن غزواً صينياً لجزيرة تايوان سيكون "كارثياً"، وذلك في معرض إعلانه عن استثمار ضخم لشركة "تي.أس.أم.سي" التايوانية العملاقة لصناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة.

وتحدث ترامب، أنه سيدرس توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع الأرجنتين.

وأضاف ترامب للصحافيين في البيت الأبيض أنه يعتقد أن الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي "زعيم عظيم".

وفيما يخص الرسوم الجمركية قال ترامب، إنه لا توجد فرصة أمام المكسيك أو كندا لتجنب الرسوم الجمركية، التي وعد بفرضها اعتباراً من الثلاثاء.

وأضاف ترامب، رداً على سؤال عن احتمال أن تتفادى كندا والمكسيك الرسوم الجمركية، من خلال التوصل إلى اتفاق يكبح تدفقات الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، قائلاً: "لم يتبق مجال للمكسيك أو كندا".

مقالات مشابهة

  • تغيّر العقيدة الأمنية الإسرائيلية.. قبل وبعد 7 أكتوبر
  • إبراهيم الميرغني: حكومة” الموازية ” سيكون لها لسان وسنان
  • رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد: العام الحالي سيكون عام الحرب
  • عن حزب الله.. ماذا كشف دبلوماسيّ غربي؟
  • النائب فضل الله: سنكون شركاء حقيقيين وفعليين في الدولة ومؤسساتها
  • الحكومة لم تُقصِّر.. ولكن!
  • هالة صدقي: أتعرض عليا دور إنتصار في "إش إش" ولكن رفضته
  • متى: زيارة الرئيس عون للسعودية مهمة وعلى لبنان استعادة ثقة المجتمع الدولي
  • مرقص في إفطار تكريمي لإعلاميين شاركوا في تغطية العدوان: شجاعتكم وسام على صدر الوطن
  • ترامب: "هذا الغزو سيكون كارثياً"