يُعَد مبنى الزاوية الخُتنية أحد معالم القدس العريقة التي بُنيت في عهد الدولة الفاطمية، ويُطلَق عليها المكتبة الخُتنية أو المدرسة الخُتنية. أعاد إنشاءها القائد صلاح الدين الأيوبي وأقام فيها زاوية، وذلك في إطار عمله على تحصين وصيانة سور مدينة القدس بعد تحريرها من الصليبيين.

وكان لهذه المكتبة دور كبير في الحركة الفكرية بمدينة القدس، وقد تولى مشيختها والتدريس فيها عدد من كبار العلماء.

الموقع

أقام القائد صلاح الدين الأيوبي الزاوية الخُتنية خلف محراب المصلى القبلي في المسجد الأقصى المبارك في الجهة الغربية مباشرة، ولها مدخل على يمين المنبر، إضافة إلى مدخل أسفل المصلى القبلي من الجهة الشمالية.

وتقع المكتبة في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى المبارك، ويتم الوصول إليها عبر الدرج الموجود أمام المصلى القبلي، الذي يؤدي إلى رواق طويل ينتهي ببوابة عملاقة من الأبواب المغلقة قديما تعرف بباب النبي.

وتؤدي هذه البوابة إلى الزاوية الخُتنية التي أصبحت تقوم مقام مكتبة.

محراب الأقصى القديم يقع بين المكتبة الختنية والغرفة الواقعة عند المدخل الجنوبي للمصلى (الجزيرة) التسمية

جاءت تسمية الزاوية الخُتنية نسبة إلى عالم جاء من تركمانستان شمالي إيران، ففي عام 1345 م جاء إلى مدينة القدس الرحالة ابن فضل الله العمري، وزار الزاوية -التي كانت تسمى حينها الخانقاه الصلاحية– وقال إن بها شيخا يُعرف بالخُتني، وإن الزاوية أصبحت تُعرَف نسبة له باسم الزاوية الخُتنية.

النشأة

أُنشئت الزاوية الخُتنية في البداية على يد الدولة الفاطمية، وأوقفها صلاح الدين الأيوبي عام 587هـ1191م، للشيخ جلال الدين أحمد بن محمد الشاش ليتعبد فيها، ويلقي دروسا في العلم.

يعود تاريخ بناء الزاوية إلى الفترة الفاطمية، وكانت جزءا من استعدادات الحامية الفاطمية لتحصين أبواب الأقصى ومدينة القدس قبيل الغزو الصليبي.

فقد بُنيت في البداية حصنا صغيرا وبرجا دفاعيا يحمي باب النبي (الباب المزدوج)، ثم كان احتلال المدينة من قبل الصليبيين ودام 88 عاما، حتى حررها الأيوبيون بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وأمر بتحويل هذا الحصن إلى زاوية للصوفية، فكان أول من تولى مشيختها الشيخ أبو بكر الشاشي.

أعاد القائد صلاح الدين بناءها حين حصّن القدس ورمم سورها بعد تحريرها، وكانت حجارة البناء متواضعة نظرا لما كانت تمر به المدينة من حالة حرب.

إهمال ثم إعادة بناء

تعرضت الزاوية الخُتنية للإهمال في أواخر العهد العثماني، وتحولت من مكتبة إلى مخزن للسروج والقناديل، وفي أوائل عهد المجلس الإسلامي الأعلى أُلقيت بها مخلفات الأتربة والأنقاض التي نتجت عن إعادة إعمار المسجد الأقصى المبارك، وبقيت مهجورة حتى عام 1998م، وعُمرت بعدها وأُسس فيها مركز لتحفيظ القرآن الكريم، ومكتبة إسلامية ضخمة.

تحولت الزاوية الختنية إلى مكتبة سنة 1998م، وأحضرت الكتب إليها لإعادة الحياة فيها، وتزخر بمخطوطات ثمينة تنقسم ملكيتها بين عامة وخاصة.

تتفرع المكتبة الختنية إلى فرعين: أحدهما يحوي مراجع في المواضيع الدينية والإنسانية، والثاني يُسمى "مسجد النساء"، ويوجد فيه قسم لِلمواد العلمية وآخر للمخطوطات التي وصلت للمكتبة عن طريق وقفيات من علماء بيت المقدس، إضافة إلى خطاب وجهته دائرة الأوقاف لأهل القدس، طالبة منهم التبرع بما يملكون من مخطوطات قديمة.

تطوع المقدسي مروان النشاشيبي (أبو عدنان)، بشراء بعض الكتب وجمع الأموال، وحشد جهوده لإغناء المكتبة الخُتنية، فبعد تقاعده عام 1988م تفرغ هو وزوجته لخدمة المسجد الأقصى، وتطوع لترتيب المصاحف وتركيب ثريات الإنارة، وعمل أمينا للمكتبة الخُتنية مدة 20 عاما حتى وفاته يوم 21 مايو/أيار 2014 عن عمر ناهز 90 عاما.

توجد في المكتبة مئات آلاف الكتب القديمة المهمة والمراجع اللغوية، ومراجع من جميع أصناف العلوم الدينية والدنيوية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات صلاح الدین الأیوبی المسجد الأقصى

إقرأ أيضاً:

“القدس الدولية” تكشف انتهاكات الاحتلال في الأقصى خلال شهر رمضان

#سواليف

دعت #مؤسسة_القدس الدولية إلى الدفاع عن #المسجد_الأقصى_المبارك المبارك عبر #شد_الرحال و #الرباط و #الاعتكاف، في مواجهة تصاعد العدوان الإسرائيلي خلال الأيام العشرة الأولى من #شهر_رمضان.
ووفق تقرير أصدرته المؤسسة، فقد شهد الأقصى ثلاث #انتهاكات رئيسية من قبل الاحتلال، تمثلت في منع الاعتكاف، والسطو على مكبرات الصوت في المصلى المرواني، وتجديد سياسة #الحصار على المسجد ومحيطه.

وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد، أقدمت قوات الاحتلال على منع الاعتكاف في المسجد الأقصى في الجمعة الأولى من رمضان، حيث اقتحمت المصليات وأجبرت المعتكفين على مغادرتها بالقوة.
ويعدّ هذا الإجراء تصعيدًا خطيرًا ضمن محاولات الاحتلال فرض سيطرته الكاملة على إدارة شؤون المسجد الأقصى، في تحدٍّ مباشر لصلاحيات الأوقاف الإسلامية التابعة للحكومة الأردنية.

وفي تصعيد آخر، أقدمت شرطة الاحتلال يوم الأحد 9 الماضي على السطو على سماعتين في المصلى المرواني، بحجة أنهما “ركّبتا دون تنسيق”، وهو ما يمثل استمرارًا لمحاولات الاحتلال فرض سيادته على الإعمار والصيانة داخل المسجد الأقصى وفقا للمؤسسة.
ويأتي هذا الاعتداء في سياق استهداف متكرر لمنظومة الصوتيات في الأقصى، إذ سبق للاحتلال تدميرها عام 2022، ما عرّض انتظام الصلاة والتلاوات القرآنية للاضطراب.

مقالات ذات صلة  درجات الحرارة في العاصمة عمان الأعلى منذ أكتوبر الماضي 2025/03/13

وفي مظهر ثالث من العدوان، شددت سلطات الاحتلال حصارها على المسجد الأقصى، عبر فرض ثلاثة أطواق عسكرية تحول دون وصول المصلين إليه؛ إذ يقيم الاحتلال نقاط تفتيش على مداخل المدينة، وفي محيط البلدة القديمة، وعلى أبواب الأقصى ذاته.

وحذّرت مؤسسة القدس المحتلة من أن هذه الانتهاكات تأتي ضمن مخطط الاحتلال واضح يهدف إلى فرض واقع جديد في المسجد الأقصى، وتحويله إلى موقع خاضع للسيطرة الإسرائيلية تمهيدًا لإقامة الهيكل المزعوم.
وأشارت المؤسسة إلى أن هذا التوجه بات أكثر وضوحًا خلال الحرب المستمرة على غزة، حيث رفع جنود الاحتلال شعارات “الهيكل” خلال العمليات العسكرية، ما يؤكد أن مشروع الاحتلال ضد الأقصى ليس مجرد اعتداءات متفرقة، بل استراتيجية تهدف إلى إنهاء الوجود الإسلامي في المسجد.

وفي ظل هذه التطورات، شددت مؤسسة القدس الدولية على أن حماية المسجد الأقصى مسؤولية الأمة الإسلامية جمعاء، داعيةً إلى تصعيد الرباط والاعتكاف داخل المسجد، ورفض الإملاءات الإسرائيلية.

كما حثّت المؤسسة الحكومة الأردنية على اتخاذ موقف حاسم لاستعادة صلاحياتها الحصرية في إدارة الأقصى، خصوصًا فيما يتعلق بعمليات الصيانة والإعمار التي يواصل الاحتلال عرقلتها.

مقالات مشابهة

  • 130 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
  • نحو 130 ألف فلسطيني يؤدون صلاة التراويح في المسجد الأقصى
  • نحو 80 ألف مصل يؤدون الجمعة الثانية من رمضان في الأقصى
  • 130 ألف مصل يؤدون العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
  • بالصور: 80 ألف مصل يؤدون الجمعة الثانية من رمضان في "الأقصى"
  • 80 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • قوات الاحتلال تفرض قيودا مشددة على دخول المصلين إلى القدس
  • رحيل رئيس نادي صلاح الدين الرياضي
  • “القدس الدولية” تكشف انتهاكات الاحتلال في الأقصى خلال شهر رمضان
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى