بعد ساعات من سقوط الصواريخ الإيرانية على إسرائيل في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) أرسلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن رسالة عاجلة إلى إسرائيل: "تريثي".

كانت واشنطن ترى أن إسرائيل تملك الوقت ولديها الوقت لاتخاذ القرار بشأن أفضل طريقة للرد على ضربة إيرانية، والتي قدرت الولايات المتحدة أنها كانت ستقتل الآلاف لو لم تتمكن إسرائيل، بدعم عسكري أمريكي، من صد هجوم عدوتها اللدود.

وخشى المسؤولون أن يؤدي مثل هذا الهجوم الإيراني الضخم إلى إثارة رد فعل إسرائيلي حاد وسريع، مما قد يدفع الشرق الأوسط إلى شفا صراع إقليمي شامل قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

الأقمار الصناعية تكشف حجم الأَضرار الحقيقية للغارات الإسرائيلية على #إيران https://t.co/ZNTy1VWm9g

— 24.ae (@20fourMedia) October 27, 2024 التأثير على إسرائيل

تشرح هذه الرواية الصادرة عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين كيف سعت الولايات المتحدة إلى التأثير على إسرائيل خلال أكثر من 3 أسابيع قبل أن يرد جيشها أخيراً يوم السبت بضربات جوية كانت موجهة أكثر بكثير نحو أهداف عسكرية مما كانت تخشى واشنطن في البداية.

ودمرت الضربات الإسرائيلية دفاعات جوية إيرانية رئيسية ومرافق لإنتاج الصواريخ، الأمر الذي يضعف الجيش الإيراني. ولكن الأهم من ذلك أنهم تجنبوا المواقع النووية الحساسة والبنية الأساسية للطاقة في إيران، مما أدى إلى تلبية المطلبين الرئيسيين لبايدن.

وقال النائب السابق للمسؤول المعني بشؤون الشرق الأوسط في المخابرات الأمريكية الوطنية جوناثان بانيكوف إن "الضغوط الأمريكية كانت بالغة الأهمية".

هل تتراجع إيران عن حافة الهاوية مع إسرائيل؟ - موقع 24قللت الحكومة الإيرانية من الهجوم الإسرائيلي وفاعليته على مواقعها العسكرية، لكن المتشددين في مجلس الشورى أصروا على أنه انتهك الخطوط الحمراء الإيرانية، وأن الأمر يتطلب رداً سريعاً، ويُفضل أن يكون عند تورط إسرائيل، فعلاً في لبنان وغزة.

وأضاف "كانت عملية صنع القرار في إسرائيل لتكون مختلفة تماماً لو لم تتخذ إدارة بايدن إجراءات لدفع إسرائيل إلى عدم ضرب المواقع النووية أو مواقع الطاقة".

ونفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أن تكون إسرائيل تجنبت ضرب منشآت الغاز والنفط الإيرانية بسبب الضغوط الأمريكية.

وقال إن "إسرائيل اختارت مسبقاً أهداف الهجوم وفقاً لمصالحها الوطنية وليس وفقاً للإملاءات الأمريكية".

ويقول المسؤولون إن الخطوة الأولى التي اتخذتها إدارة بايدن كانت الاعتراف بأن إيران ستضطر إلى دفع ثمن الهجوم الذي وقع في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: "في الساعات التي أعقبت ذلك الهجوم، وعدنا بعواقب وخيمة على إيران".

وأجرى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، نحو 12 مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول). وناقش أوستن وغالانت الرد المحتمل.

وقال مسؤول أمريكي معلقاً على محادثات أوستن وغالانت: "كنا نعلم أنهم يستعدون للقيام بشيء ما، وكان (أوستن) يحث على أن يكون متناسباً".

وأجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مثل غيره من كبار المسؤولين في الإدارة، اتصالات هاتفية مع حلفاء أوروبيين وعرب في الأيام التي أعقبت الهجوم الإيراني في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) موضحاً أن إسرائيل ستضطر إلى الرد لكنه أكد لهم أن واشنطن تعمل على ضبط ذلك.

ولكن ما هو الرد المتناسب الذي يمكن أن يردع إيران عن شن هجوم آخر؟

بعد الهجوم الإسرائيلي.. إيران تواجه خيارات قاسية - موقع 24تواجه إيران معضلة كبيرة بعد الضربات العسكرية الإسرائيلية، فجر السبت، والتي جاءت رداً على الهجوم الإيراني الذي نُفذ قبل عدة أسابيع، حيث تقع طهران في أزمة خيارات بين الرد، أو تجاهل ذلك، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

ورغم أن الضربة الإيرانية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) لم تسفر إلا عن مقتل شخص واحد، وهو فلسطيني توفي بسبب سقوط حطام، فإن الدفاعات الجوية الإسرائيلية أو الأمريكية لم تتمكن من اعتراض العديد من الصواريخ الإيرانية.

وقال جيفري لويس، الخبير في مجال الحد من الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، إن تحليل صور الأقمار الصناعية أظهر وقوع ما لا يقل عن 30 اصطداماً بقاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية وحدها.

وقال لويس إن هذا قد يشير إلى أن إسرائيل إما تحاول الحفاظ على دفاعاتها الجوية الآخذة في التراجع، أو أنها تعتقد ببساطة أن تكلفة إصلاح المنشأة المحصنة ستكون أقل من تكلفة صد كل قذيفة تطلقها إيران.

وقال لويس: "ربما قررت إسرائيل أن المخزونات بدأت في النفاد أو أن الصواريخ الاعتراضية أصبحت باهظة التكلفة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها ضد الصواريخ الباليستية".

هل تتراجع #إيران عن حافة الهاوية مع إسرائيل؟ #تقارير24https://t.co/3twr5xWwUw pic.twitter.com/e2eYyJeFuN

— 24.ae (@20fourMedia) October 27, 2024 الدفاعات الجوية

قال مسؤول أمريكي إن الإدارة الأمريكية عندما بدأت في التحدث مع الإسرائيليين، كانت المواقع النفطية الإيرانية من بين الأهداف المحتملة، رغم تأكيده على أن إسرائيل لم تقرر بشكل قاطع المضي قدماً في ضرب هذه الأهداف.

لكن المسؤولين الأمريكيين عملوا على تقديم خيار بديل يتضمن مجموعة من التدابير المختلفة، عملت واشنطن على فرض عقوبات نفطية تستهدف ما يعرف باسم "الأسطول الشبح" الإيراني، وذلك لتقديم بديل للإسرائيليين الذين أرادوا إلحاق الضرر بعائدات النفط الإيرانية بضربة حركية.

وقال المسؤول الكبير في إدارة بايدن إن الولايات المتحدة عملت على تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية قبل هجومها على إيران يوم السبت.

وشمل ذلك نشراً أمريكياً نادراً لمنظومة الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية (ثاد) في إسرائيل إلى جانب حوالي 100 جندي أمريكي لتشغيلها.

وقبل نشر المنظومة، أرادت الولايات المتحدة معرفة خطط الهجوم الإسرائيلية.

وقال مسؤولون إن بايدن أجرى اتصالاً هاتفياً مع نتانياهو في التاسع من أكتوبر(تشرين الأول) مما أعطى الولايات المتحدة فكرة حول كيفية الرد الإسرائيلي، الأمر الذي سمح بالمضي في نشر منظومة ثاد.

وكان تشجيع الحلفاء الأوروبيين على فرض عقوبات على الخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير)، وفي الوقت نفسه نشر منظومة ثاد كرادع وإظهار للعالم أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، من العناصر الرئيسية الأخرى في هذه "الحزمة" من التدابير البديلة.

وقال مسؤولون إن هذا الخيار، كما ذكرت الإدارة، من شأنه أن يظل رادعاً قوياً وفعالاً في جعل إيران تدفع ثمن هجومها دون إغراق المنطقة في حرب أوسع نطاقا تعتقد واشنطن أن إسرائيل لا تريدها.

It is a measure of the sky-high levels of tension in the Middle East that the targets chosen by Israel, which were purely military, were perceived to be among the more limited of its options https://t.co/6UmEHegltn ????

— The Economist (@TheEconomist) October 26, 2024 النووي محظور

وفيما اعتبره العديد من الخبراء رسالة إلى إيران، نفذ الجيش الأمريكي أيضاً ضربة ضد الميليشيات الحوثية المتحالفة مع إيران في اليمن باستخدام قاذفات الشبح بعيدة المدى من طراز بي-2.

وقال أوستن في ذلك الوقت إن الضربة كانت تعد دليلاً فريداً على قدرة وزارة الدفاع الأمريكية على ضرب منشآت يصعب الوصول إليها، "بغض النظر عن مدى عمقها تحت الأرض، أو مدى تحصينها".

وبينما تدور التكهنات حول ما إذا كانت إسرائيل ستضرب المواقع النووية الإيرانية، كانت رسالة واشنطن إلى إسرائيل هي أنها تستطيع الاعتماد على مساعدتها إذا ما اختارت طهران ذات يوم صنع سلاح نووي، وهو الأمر الذي لا تعتقد دوائر المخابرات الأمريكية أن طهران فعلته حتى الآن.

Iran and Israel have fought a shadow war for decades, but this year, their conflict has burst into the open. Israel’s military is now preparing for a military strike on Iran — a retaliation for Iran launching about 180 ballistic missiles at Israel. https://t.co/yjW0CxI30v

— The New York Times (@nytimes) October 23, 2024 الوقت غير مناسب

وقال بانيكوف: "كان المضمون هو أنه إذا كانوا يريدون على المدى الطويل مساعدة الولايات المتحدة لتدمير مثل هذه الأهداف، إذا تم اتخاذ قرار للقيام بذلك، فسوف يتعين عليهم أن يكونوا أكثر تحفظاً هذه المرة".

ويرى بلينكن أن الهجوم الإسرائيلي المضاد المدروس ضد إيران يفتح الفرصة لتحقيق أهداف دبلوماسية بعيدة المنال منذ فترة طويلة في منطقة تعاني بالفعل من حرب مستمرة منذ عام في غزة بين إسرائيل وحركة حماس المدعومة من إيران وحرب متصاعدة بين إسرائيل وحزب الله اللبنانية، وهي حليف آخر لإيران.

وخلال جولة في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، قال بلينكن لوزراء الخارجية العرب إن المناقشات الأمريكية مع إسرائيل وصلت إلى مرحلة حيث لن تضرب إسرائيل سوى أهداف عسكرية. وقال بلينكن في رسالة يأمل أن تصل إلى طهران إن إيران في المقابل ينبغي ألا تفعل أي شيء آخر.

ومع استقرار الوضع بعد الهجوم، لم يشر أي من الجانبين إلى مزيد من التصعيد وقال نتانياهو إن الهجمات الجوية الإسرائيلية "ضربت بقوة" دفاعات إيران وإنتاجها الصاروخي. وقال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إنه لا ينبغي تضخيم الأضرار الناجمة عن هجوم يوم السبت.

وفي حين أنه من المستحيل التنبؤ بما إذا كانت إسرائيل وإيران ستخفضان مستوى التصعيد، يقول المسؤولون الأمريكيون إن إدارة بايدن عملت بجد لخلق فرصة لوقف التبادل غير المسبوق للهجمات المباشرة والمضادة الذي بدأ في أبريل (نيسان).

وقال المسؤول الكبير في إدارة بايدن "إذا اختارت إيران الرد مرة أخرى، فسنكون مستعدين، وستكون هناك عواقب لإيران مرة أخرى. ومع ذلك، لا نريد أن نرى ذلك يحدث".

وتواجه استراتيجية بايدن في محاولة كبح جماح إسرائيل منتقدين، بما في ذلك الجمهوريون المعارضون في الولايات المتحدة مثل مايك تيرنر، عضو الكونجرس الجمهوري الذي يرأس لجنة المخابرات في مجلس النواب.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية واشنطن منشآت الغاز الضربة الإيرانية دفاعاتها الجوية خطط الهجوم رسالة إلى إيران الوصول إليها الهجوم الإسرائيلي الشرق الأوسط مزيد من التصعيد إيران وإسرائيل أمريكا بايدن الجویة الإسرائیلیة الهجوم الإسرائیلی فی الأول من أکتوبر الولایات المتحدة تشرین الأول إدارة بایدن أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

زلزال سياسي في إسرائيل.. الشاباك يعترف بالفشل ونتنياهو بقفص الاتهام

كشفت الإذاعة العبرية، نقلًا عن مصادر أمنية عليا داخل كيان الاحتلال، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ما زال يشكل عاملًا معرقلًا في كل ما يخص أحداث السابع من أكتوبر، والتي استطاعت خلالها المقاومة الفلسطينية وحركة حماس تنفيذ ضربة عسكرية خاطفة على معسكرات الاحتلال في غلاف غزة، وتبعًا لذلك شن الاحتلال حرب إبادة مروعة.

أول تعليق لوزير الخارجية على مخرجات القمة العربية: توافق على رفض التهجير ودعم إعمار غزةنشرة أخبار العالم | الصين تعزّز قوتها العسكرية وتزاحم أمريكا.. وترامب يهاجم بايدن ويعين طفلا بالخدمة السرية.. وزير الخارجية: إعمار غزة في 5 سنواتطرد نائب ديمقراطي من الكونجرس خلال خطاب ترامبترامب: الولايات المتحدة بدأت في استعادة قناة بنما

وذكرت المصادر الأمنية العليا أن نتنياهو عرقل مؤخرًا تحقيقات جدية بشأن فشل جهاز الشاباك الأمني في إحباط هجوم 7 أكتوبر.

وفي السياق ذاته، ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) أقر، يوم الثلاثاء، بأنه "فشل في أداء مهمته" في منع الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، نتيجة تجاهله لإشارات التحذير المتكررة.

وقال رئيس الجهاز، رونين بار، في بيان: "لو كان الشاباك قد تصرف بشكل مختلف خلال السنوات التي سبقت الهجوم، وفي ليلة الهجوم نفسها، لكان من الممكن منع وقوعه".

وأضاف: "بصفتي رئيسًا للجهاز، سأحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي".

وفي ملخص التحقيق الداخلي الذي نُشر مساء الثلاثاء، أكد الجهاز أن "مجموعة واسعة من العوامل ساهمت في تمكين حماس من تنفيذ الهجوم، من بينها استمرار المدفوعات القطرية لحماس على مدار سنوات".

وكانت إسرائيل قد باركت هذه المدفوعات، إذ اعتقدت حكومتها أنها وسيلة لدق إسفين سياسي بين غزة والضفة الغربية.

وعلى الرغم من اطلاع الجهاز على خطط حماس لشن هجوم واسع النطاق، والمعروفة باسم "جدار أريحا"، بنسختين مختلفتين في عامي 2018 و2022، إلا أنه فشل في منع أكبر هجوم في تاريخ الاحتلال.

وأشار جهاز الشاباك إلى أنه تلقى سلسلة من الإشارات التي تفيد بأن حماس تستعد لحالة طوارئ، لكنه اعتبر حينها أن الحركة "غير معنية بالتصعيد، وأن تلك الخطط لم تُنظر إليها على أنها تهديد فعّال".

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: تغيير القيادات العسكرية في إسرائيل يرتبط بإخفاقات 7 أكتوبر
  • إيكونوميست: القوات المسلحة في عهد ترامب لن تكون مثلما كانت أيام بايدن
  • قتلى في تفجير انتحاري شمال غرب باكستان
  • مقررة أممية: الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين بغزة كانت مدمرة
  • زلزال سياسي في إسرائيل.. الشاباك يعترف بالفشل ونتنياهو بقفص الاتهام
  • بعد قصف طرطوس.. بيدرسن يندد باعتداءات إسرائيل على سوريا
  • عاجل | المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: تصريحات وزير الخارجية التركي بشأن إيران كانت غير بناءة ونأمل ألا نشهد تكرارها
  • التعادل السلبيى يسيطر على الشوط الأول من مباراة فاركو و الجونة
  • الهجوم والشتيمة مش بتزعلني… إمام عاشور يتحدى جماهير الزمالك
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟