بعد ساعات من سقوط الصواريخ الإيرانية على إسرائيل في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) أرسلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن رسالة عاجلة إلى إسرائيل: "تريثي".

كانت واشنطن ترى أن إسرائيل تملك الوقت ولديها الوقت لاتخاذ القرار بشأن أفضل طريقة للرد على ضربة إيرانية، والتي قدرت الولايات المتحدة أنها كانت ستقتل الآلاف لو لم تتمكن إسرائيل، بدعم عسكري أمريكي، من صد هجوم عدوتها اللدود.

وخشى المسؤولون أن يؤدي مثل هذا الهجوم الإيراني الضخم إلى إثارة رد فعل إسرائيلي حاد وسريع، مما قد يدفع الشرق الأوسط إلى شفا صراع إقليمي شامل قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

الأقمار الصناعية تكشف حجم الأَضرار الحقيقية للغارات الإسرائيلية على #إيران https://t.co/ZNTy1VWm9g

— 24.ae (@20fourMedia) October 27, 2024 التأثير على إسرائيل

تشرح هذه الرواية الصادرة عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين كيف سعت الولايات المتحدة إلى التأثير على إسرائيل خلال أكثر من 3 أسابيع قبل أن يرد جيشها أخيراً يوم السبت بضربات جوية كانت موجهة أكثر بكثير نحو أهداف عسكرية مما كانت تخشى واشنطن في البداية.

ودمرت الضربات الإسرائيلية دفاعات جوية إيرانية رئيسية ومرافق لإنتاج الصواريخ، الأمر الذي يضعف الجيش الإيراني. ولكن الأهم من ذلك أنهم تجنبوا المواقع النووية الحساسة والبنية الأساسية للطاقة في إيران، مما أدى إلى تلبية المطلبين الرئيسيين لبايدن.

وقال النائب السابق للمسؤول المعني بشؤون الشرق الأوسط في المخابرات الأمريكية الوطنية جوناثان بانيكوف إن "الضغوط الأمريكية كانت بالغة الأهمية".

هل تتراجع إيران عن حافة الهاوية مع إسرائيل؟ - موقع 24قللت الحكومة الإيرانية من الهجوم الإسرائيلي وفاعليته على مواقعها العسكرية، لكن المتشددين في مجلس الشورى أصروا على أنه انتهك الخطوط الحمراء الإيرانية، وأن الأمر يتطلب رداً سريعاً، ويُفضل أن يكون عند تورط إسرائيل، فعلاً في لبنان وغزة.

وأضاف "كانت عملية صنع القرار في إسرائيل لتكون مختلفة تماماً لو لم تتخذ إدارة بايدن إجراءات لدفع إسرائيل إلى عدم ضرب المواقع النووية أو مواقع الطاقة".

ونفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أن تكون إسرائيل تجنبت ضرب منشآت الغاز والنفط الإيرانية بسبب الضغوط الأمريكية.

وقال إن "إسرائيل اختارت مسبقاً أهداف الهجوم وفقاً لمصالحها الوطنية وليس وفقاً للإملاءات الأمريكية".

ويقول المسؤولون إن الخطوة الأولى التي اتخذتها إدارة بايدن كانت الاعتراف بأن إيران ستضطر إلى دفع ثمن الهجوم الذي وقع في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: "في الساعات التي أعقبت ذلك الهجوم، وعدنا بعواقب وخيمة على إيران".

وأجرى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، نحو 12 مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول). وناقش أوستن وغالانت الرد المحتمل.

وقال مسؤول أمريكي معلقاً على محادثات أوستن وغالانت: "كنا نعلم أنهم يستعدون للقيام بشيء ما، وكان (أوستن) يحث على أن يكون متناسباً".

وأجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مثل غيره من كبار المسؤولين في الإدارة، اتصالات هاتفية مع حلفاء أوروبيين وعرب في الأيام التي أعقبت الهجوم الإيراني في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) موضحاً أن إسرائيل ستضطر إلى الرد لكنه أكد لهم أن واشنطن تعمل على ضبط ذلك.

ولكن ما هو الرد المتناسب الذي يمكن أن يردع إيران عن شن هجوم آخر؟

بعد الهجوم الإسرائيلي.. إيران تواجه خيارات قاسية - موقع 24تواجه إيران معضلة كبيرة بعد الضربات العسكرية الإسرائيلية، فجر السبت، والتي جاءت رداً على الهجوم الإيراني الذي نُفذ قبل عدة أسابيع، حيث تقع طهران في أزمة خيارات بين الرد، أو تجاهل ذلك، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

ورغم أن الضربة الإيرانية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) لم تسفر إلا عن مقتل شخص واحد، وهو فلسطيني توفي بسبب سقوط حطام، فإن الدفاعات الجوية الإسرائيلية أو الأمريكية لم تتمكن من اعتراض العديد من الصواريخ الإيرانية.

وقال جيفري لويس، الخبير في مجال الحد من الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، إن تحليل صور الأقمار الصناعية أظهر وقوع ما لا يقل عن 30 اصطداماً بقاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية وحدها.

وقال لويس إن هذا قد يشير إلى أن إسرائيل إما تحاول الحفاظ على دفاعاتها الجوية الآخذة في التراجع، أو أنها تعتقد ببساطة أن تكلفة إصلاح المنشأة المحصنة ستكون أقل من تكلفة صد كل قذيفة تطلقها إيران.

وقال لويس: "ربما قررت إسرائيل أن المخزونات بدأت في النفاد أو أن الصواريخ الاعتراضية أصبحت باهظة التكلفة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها ضد الصواريخ الباليستية".

هل تتراجع #إيران عن حافة الهاوية مع إسرائيل؟ #تقارير24https://t.co/3twr5xWwUw pic.twitter.com/e2eYyJeFuN

— 24.ae (@20fourMedia) October 27, 2024 الدفاعات الجوية

قال مسؤول أمريكي إن الإدارة الأمريكية عندما بدأت في التحدث مع الإسرائيليين، كانت المواقع النفطية الإيرانية من بين الأهداف المحتملة، رغم تأكيده على أن إسرائيل لم تقرر بشكل قاطع المضي قدماً في ضرب هذه الأهداف.

لكن المسؤولين الأمريكيين عملوا على تقديم خيار بديل يتضمن مجموعة من التدابير المختلفة، عملت واشنطن على فرض عقوبات نفطية تستهدف ما يعرف باسم "الأسطول الشبح" الإيراني، وذلك لتقديم بديل للإسرائيليين الذين أرادوا إلحاق الضرر بعائدات النفط الإيرانية بضربة حركية.

وقال المسؤول الكبير في إدارة بايدن إن الولايات المتحدة عملت على تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية قبل هجومها على إيران يوم السبت.

وشمل ذلك نشراً أمريكياً نادراً لمنظومة الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية (ثاد) في إسرائيل إلى جانب حوالي 100 جندي أمريكي لتشغيلها.

وقبل نشر المنظومة، أرادت الولايات المتحدة معرفة خطط الهجوم الإسرائيلية.

وقال مسؤولون إن بايدن أجرى اتصالاً هاتفياً مع نتانياهو في التاسع من أكتوبر(تشرين الأول) مما أعطى الولايات المتحدة فكرة حول كيفية الرد الإسرائيلي، الأمر الذي سمح بالمضي في نشر منظومة ثاد.

وكان تشجيع الحلفاء الأوروبيين على فرض عقوبات على الخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير)، وفي الوقت نفسه نشر منظومة ثاد كرادع وإظهار للعالم أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، من العناصر الرئيسية الأخرى في هذه "الحزمة" من التدابير البديلة.

وقال مسؤولون إن هذا الخيار، كما ذكرت الإدارة، من شأنه أن يظل رادعاً قوياً وفعالاً في جعل إيران تدفع ثمن هجومها دون إغراق المنطقة في حرب أوسع نطاقا تعتقد واشنطن أن إسرائيل لا تريدها.

It is a measure of the sky-high levels of tension in the Middle East that the targets chosen by Israel, which were purely military, were perceived to be among the more limited of its options https://t.co/6UmEHegltn ????

— The Economist (@TheEconomist) October 26, 2024 النووي محظور

وفيما اعتبره العديد من الخبراء رسالة إلى إيران، نفذ الجيش الأمريكي أيضاً ضربة ضد الميليشيات الحوثية المتحالفة مع إيران في اليمن باستخدام قاذفات الشبح بعيدة المدى من طراز بي-2.

وقال أوستن في ذلك الوقت إن الضربة كانت تعد دليلاً فريداً على قدرة وزارة الدفاع الأمريكية على ضرب منشآت يصعب الوصول إليها، "بغض النظر عن مدى عمقها تحت الأرض، أو مدى تحصينها".

وبينما تدور التكهنات حول ما إذا كانت إسرائيل ستضرب المواقع النووية الإيرانية، كانت رسالة واشنطن إلى إسرائيل هي أنها تستطيع الاعتماد على مساعدتها إذا ما اختارت طهران ذات يوم صنع سلاح نووي، وهو الأمر الذي لا تعتقد دوائر المخابرات الأمريكية أن طهران فعلته حتى الآن.

Iran and Israel have fought a shadow war for decades, but this year, their conflict has burst into the open. Israel’s military is now preparing for a military strike on Iran — a retaliation for Iran launching about 180 ballistic missiles at Israel. https://t.co/yjW0CxI30v

— The New York Times (@nytimes) October 23, 2024 الوقت غير مناسب

وقال بانيكوف: "كان المضمون هو أنه إذا كانوا يريدون على المدى الطويل مساعدة الولايات المتحدة لتدمير مثل هذه الأهداف، إذا تم اتخاذ قرار للقيام بذلك، فسوف يتعين عليهم أن يكونوا أكثر تحفظاً هذه المرة".

ويرى بلينكن أن الهجوم الإسرائيلي المضاد المدروس ضد إيران يفتح الفرصة لتحقيق أهداف دبلوماسية بعيدة المنال منذ فترة طويلة في منطقة تعاني بالفعل من حرب مستمرة منذ عام في غزة بين إسرائيل وحركة حماس المدعومة من إيران وحرب متصاعدة بين إسرائيل وحزب الله اللبنانية، وهي حليف آخر لإيران.

وخلال جولة في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، قال بلينكن لوزراء الخارجية العرب إن المناقشات الأمريكية مع إسرائيل وصلت إلى مرحلة حيث لن تضرب إسرائيل سوى أهداف عسكرية. وقال بلينكن في رسالة يأمل أن تصل إلى طهران إن إيران في المقابل ينبغي ألا تفعل أي شيء آخر.

ومع استقرار الوضع بعد الهجوم، لم يشر أي من الجانبين إلى مزيد من التصعيد وقال نتانياهو إن الهجمات الجوية الإسرائيلية "ضربت بقوة" دفاعات إيران وإنتاجها الصاروخي. وقال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إنه لا ينبغي تضخيم الأضرار الناجمة عن هجوم يوم السبت.

وفي حين أنه من المستحيل التنبؤ بما إذا كانت إسرائيل وإيران ستخفضان مستوى التصعيد، يقول المسؤولون الأمريكيون إن إدارة بايدن عملت بجد لخلق فرصة لوقف التبادل غير المسبوق للهجمات المباشرة والمضادة الذي بدأ في أبريل (نيسان).

وقال المسؤول الكبير في إدارة بايدن "إذا اختارت إيران الرد مرة أخرى، فسنكون مستعدين، وستكون هناك عواقب لإيران مرة أخرى. ومع ذلك، لا نريد أن نرى ذلك يحدث".

وتواجه استراتيجية بايدن في محاولة كبح جماح إسرائيل منتقدين، بما في ذلك الجمهوريون المعارضون في الولايات المتحدة مثل مايك تيرنر، عضو الكونجرس الجمهوري الذي يرأس لجنة المخابرات في مجلس النواب.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية واشنطن منشآت الغاز الضربة الإيرانية دفاعاتها الجوية خطط الهجوم رسالة إلى إيران الوصول إليها الهجوم الإسرائيلي الشرق الأوسط مزيد من التصعيد إيران وإسرائيل أمريكا بايدن الجویة الإسرائیلیة الهجوم الإسرائیلی فی الأول من أکتوبر الولایات المتحدة تشرین الأول إدارة بایدن أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

ما تداعيات الغارات الإسرائيلية على اليمن اقتصاديا؟

تعز- بدلا من الصحو على أصوات أذان المساجد، استيقظ العديد من اليمنيين في العاصمة صنعاء ومحافظة الحديدة غربي البلاد على صدى الانفجارات الناجمة عن غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت مواقع اقتصادية حيوية فجر الخميس.

فقد شنت مقاتلات إسرائيلية 16 غارة جوية منها 6 استهدفت محطتي كهرباء حزيز وذهبان بالعاصمة، بينما استهدفت 10 غارات أخرى مواقع حيوية في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر غربي البلاد.

وفي الوقت الذي لم يتم الإعلان عن وقوع خسائر بشرية جراء الغارات على صنعاء، أفادت قناة المسيرة الفضائية التابعة للحوثيين بأن الهجمات الإسرائيلية على الحديدة "أسفرت عن سقوط 9 قتلى و3 جرحى في المواقع المستهدفة".

وأوضحت "المسيرة" أن غارات إسرائيل في هذه المحافظة الساحلية "استهدفت ميناء الحديدة وميناء الصليف ومنشأة رأس عيسى النفطية".

وفي المقابل، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن 14 طائرة حربية تابعة له هاجمت بعشرات القنابل 5 أهداف في اليمن.

أضرار كبيرة

وقد أدت الغارات الإسرائيلية إلى أضرار مادية كبيرة في محطتي كهرباء صنعاء وموانئ الحديدة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -في بيان مساء الخميس- إنه يتابع "بقلق بالغ" التقارير الواردة بشأن غارات جوية إسرائيلية على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى والمناطق المحيطة بها في محافظة الحديدة ومحطات كهرباء في صنعاء.

الغارات الإسرائيلية أدت إلى أضرار مادية كبيرة بمحطتي كهرباء صنعاء وموانئ الحديدة (الأناضول)

وأضاف غوتيريش أن "التقارير الأولية تشير إلى سقوط ضحايا مدنيين، من بينهم 9 قتلى و3 جرحى، بالإضافة إلى أضرار كبيرة لحقت بموانئ البحر الأحمر مما سيؤدي إلى الحد من قدرات الموانئ بشكل فوري وملحوظ".

إعلان

بدوره، أفاد مصدر عامل في ميناء الحديدة أن" غارات العدوان الإسرائيلي أدت إلى تضرر الرافعات الخاصة بنقل البضائع في الميناء الأهم باليمن".

وفي حديث مقتضب، أضاف المصدر ذاته -للجزيرة نت- مفضلا عدم ذكر اسمه "هناك أيضا أضرار في البنية التحتية للميناء الذي استمر في العمل رغم أضرار الغارات".

أما وزير النقل في حكومة الحوثيين محمد قحيم فقد أعلن مساء الخميس أن" ميناء الحديدة يواصل عمله بشكل طبيعي دون توقف، بعد استهدافه من قبل العدوان الإسرائيلي".

وأضاف قحيم في بيان تابعته الجزيرة نت أن "محاولات تعطيل موانئ الحديدة واستمرار استهدافها لن تنجح لإحكام الحصار الاقتصادي على الشعب اليمني".

وذكرت جماعة الحوثي -في تقرير تابعته الجزيرة نت- أن الغارات الإسرائيلية "أدت إلى إخراج محطة ذهبان الكهربائية شمالي صنعاء عن الخدمة وتدمير خطوط التبريد المركزية وإعطاب الكثير من ممتلكاتها وتضرر المرافق الخاصة بها".

وأضاف التقرير الذي بثته وسائل إعلام تابعة للجماعة أن الغارات أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من 30% من احتياج صنعاء، بما في ذلك المستشفيات والمصانع ومراكز الخدمات الضرورية.

ضربات كبيرة للاقتصاد

تعد المواقع المستهدفة بالغارات الإسرائيلية من أهم المنشآت الاقتصادية على مستوى اليمن، مما يجعل لهذه الضربات تأثيرات فعلية على اقتصاد البلد الذي يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.

تداعيات اقتصادية كبيرة جراء الغارات الإسرائيلية على اليمن (الفرنسية)

وفي السياق، يقول الدكتور محمد قحطان أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز إن الضربات الإسرائيلية استهدفت منشآت اقتصادية حيوية، وألحقت أضرارا كبيرة بالبنية التحتية للاقتصاد الوطني بالإضافة للأضرار البشرية المعلن عنها من القتلى والجرحى.

وأضاف للجزيرة نت أن الغارات الإسرائيلية ستخلف تداعيات اقتصادية كبيرة على اليمن، إذ إنها استهدفت منشآت اقتصادية مهمة للطاقة، بالإضافة إلى إلحاق أضرار بالغة بموانئ البحر الأحمر اليمنية وهي المنافذ البحرية الأساسية للبلد والمستخدمة للنقل البحري حالياً.

إعلان

وتابع "بالنظر إلى أن الاقتصاد اليمني يعتبر منهارا بفعل الحرب الدائرة منذ أكثر من 10 سنوات متواصلة فلا شك أن هذه الضربات ستكون لها آثار سلبية كبيرة على بنية الاقتصاد، ومن الصعب على البلاد وهي تمر بظروف الحرب والانهيار إعادة بنائها، الأمر الذي سيضاعف من سوء الأوضاع الاقتصادية والإنسانية التي يعيشها اليمنيون، خصوصا سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

وأشار إلى أن إسرائيل استهدفت تلك المواقع نظرا لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية، ولما تشكله من روافد هامة للحوثيين في الموارد المالية، وكذلك تيسير تهريب السلاح من موانئ البحر الأحمر، وبنفس الوقت تعزيز قدراتهم للمجهود الحربي.

وتوقع الأكاديمي اليمني بأن هذه الضربات قد تعزز من تدهور الأوضاع الإنسانية ورفع مستوى السخط الشعبي على الحوثيين، مما يضعف حججهم فيما يرفعونه من شعارات، وبالتالي مزيدا من استهداف البنى التحتية للاقتصاد المنهك.

وفيما يتعلق بمستقبل الصراع بين الحوثيين وإسرائيل ومآلاته الاقتصادية، ختم قحطان "إذا استمر التصعيد والتصعيد المضاد، فإن نشاط النقل البحري عبر موانئ الحديدة ستتراجع بصورة حادة، الأمر الذي سيكون له انعكاسات سيئة على ما تبقى من الأنشطة الاقتصادية وبالتالي سيكون هناك المزيد من مظاهر التدهور الاجتماعي والإنساني.

عقاب جماعي

تعد هذه المرة الثالثة التي تنفذ فيها إسرائيل هجمات على اليمن، حيث سبق لها تنفيذ غارات في يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول الماضيين.

جماعة الحوثي: نحو 20 مليون دولار حجم الأضرار المادية للضربات الإسرائيلية على الحديدة (رويترز)

وفي يوليو/تموز، أعلنت جماعة الحوثي أن حجم الأضرار المادية للضربات الإسرائيلية حينها على ميناء الحديدة بلغت  نحو 20 مليون دولار، من دون احتساب الخسائر النفطية.

وفي سياق الغارات الجديدة، يرى الخبير الاقتصادي عبد السلام الشجاع أن "الضربات الإسرائيلية على المنشآت الحيوية والاقتصادية لليمن تؤثر تأثيرا كبيرا على السكان بشكل عام وليس على جماعة الحوثيين فقط، وهو ما يعد بمثابة عقاب جماعي".

إعلان

وأضاف الشجاع للجزيرة نت أن التعرض لهذه المنشآت المدنية في الأصل يعتبر جريمة حرب، كون إسرائيل تعاقب شعبا بتهمة محاربتها جماعة صغيرة.

وأشار الخبير اليمني إلى أن الغاية من استهداف إسرائيل موانئ الحديدة ومحطتي الطاقة في صنعاء باعتبار أنها تمثل دعما لوجستيا تستفيد منه جماعة الحوثي في الجانب العسكري، وعقابها للجماعة بحرمانها من هذا الدعم.

ويعتقد أن الضربات الإسرائيلية تؤثر بشكل كبير على حركة تدفق السلع عبر ميناء الحديدة، وبالتالي سوف يعاني الشعب من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية والضرورية، بالإضافة إلى ارتفاع معدل التضخم وأسعار السلع وانخفاض القوة الشرائية بسبب ندرة السلع في السوق المحلي.

ضربات تعمق الركود الاقتصادي

وتأتي الضربات الإسرائيلية في وقت يعاني الاقتصاد اليمني من تدهور حاد جراء استمرار الصراع بين الحكومة والحوثيين، وعدم التوافق حول آلية لاستئناف تصدير النفط المتوقف منذ عامين، بحسب الصحفي رهيب هائل.

الضربات الإسرائيلية تشكل مخاوف كبيرة بشأن قدرة المواطنين على تغطية احتياجاتهم من الخدمات الأساسية (الأناضول)

وأضاف هائل للجزيرة نت" هذه الضربات الجديدة تأتي في وقت حرج، حيث تعاني المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من ركود اقتصادي كبير، فضلا عن استمرار توقف صرف رواتب الموظفين بالقطاع العام منذ سنة 2016، مما يجعل أي هجمات جديدة على البلد تعمق من معاناة المواطنين الذين يتحملون الثمن الأكبر لأي نزاع".

وتابع "سيكون لهذه الضربات تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي، حيث إن هذه التطورات تبث المخاوف في صفوف التجار والمواطنين، مما يؤدي إلى مزيد من المعاناة".

وأردف "حتى وإن قلل الحوثيون من تأثيرات هذه الضربات، إلا أن الواقع يشير إلى تأثر معيشة المواطنين بأي تصعيد عسكري في اليمن".

بدوره، يقول -للجزيرة نت- الصحفي والناشط الاجتماعي مختار شداد إن "الضربات الإسرائيلية تسبب خسائر اقتصادية كبيرة للداخل اليمني، لأنها استهدفت مواقع حيوية من شأنها أن تؤثر على البنية التحتية والحيوية التي يعتمد عليها المواطنون في الحصول على الخدمات الأساسية".

ويضيف "هذه الضربات قد تشكل مخاوف كبيرة للمواطنين من حيث قدرتهم على تغطية احتياجاتهم من الإمدادات الغذائية والخدمات الأساسية. ومن الممكن أن تؤثر على الحالة المعيشية حيث يعتمد 80-90% من المواطنين في توفير احتياجاتهم من الوقود والمواد الغذائية من هذه المناطق والمنافذ البحرية".

إعلان

ولفت شداد إلى أن تكرار الضربات على هذه المواقع قد يؤدي إلى كارثة إنسانية يتحمل عبئها المواطنون.

مقالات مشابهة

  • ما تداعيات الغارات الإسرائيلية على اليمن اقتصاديا؟
  • نائب أمريكي: بايدن وترامب فشلا في وقف سعي إيران نحو الأسلحة النووية
  • الخارجية الإيرانية: مزاعم بريطانيا وأستراليا حول إيران لا أساس لها من الصحة
  • أسماء قيادات حوثية وشركات صرافة شملتها عقوبات الخزانة الأمريكية الأخيرة.. من هو المسئول الأول عن الأموال التي تصل الحوثيين من إيران
  • إسرائيل تنفذ ضرباتها على اليمن دون موافقة مجلس الوزراء الأمني
  • الضربات الإسرائيلية على اليمن.. بين التنديد وتحميل الحوثيين المسؤولية
  • إيران: الضربات الإسرائيلية على اليمن "انتهاك صارخ" للقانون الدولي
  • إيران تعلق على الضربات الإسرائيلية الأخيرة في اليمن
  • إيران تدين الضربات الإسرائيلية على الموانئ ومواقع الطاقة في اليمن
  • الحوثيون: الهجوم على تل أبيب حدث بالتزامن مع الضربات الإسرائيلية على صنعاء