العام الحالي يصح أن ينطبق عليه عام الانتقال من العولمة إلى المحيط الجغرافي، فأوروبا مهتمة بالصراع الدائر في الشرق الأوسط، ولكن باعتباره قضية أقل من ثانوية، وكذلك الشرق الأوسط مهتم بالصراع المستمر بين أوكرانيا وروسيا ولكن بدرجة أقل من مشاكله المسكوت عنها في السودان، أو المشتعلة كالصراع بين إسرائيل من جهة وإيران وأذرعها من جهة أخرى.
كما أن هذه الاتفاقية نتج عنها، كما تشير واشنطن وعدة مصادر أخرى، مشاركة جنود من كوريا الشمالية في الصراع الروسي الدائر مع أوكرانيا، وهذا يعني أن هذه المشاركة ستمنح القوات الكورية الخبرات القتالية، وهي أبرز العوامل العسكرية التي نقصت جنودها حيث لم تشارك في أعمال قتالية منذ 1953، هذا بالإضافة إلى فرصة تجربة نجاعة صواريخها والتي بدأت روسيا باستخدامها بالفعل، وهو ما سينعكس على التوازن الأمني في شبه الجزيرة الكورية، لكني سأركز في مقال اليوم على التأثير في الملعب الأوروبي.
يعتبر التحرك الروسي دلالة على الرغبة في تغيير معادلات السيطرة الميدانية قبل حسم الانتخابات الأمريكية خلال أيام، لتكون في مقعد وثير خلال جلسات المفاوضات، وبالتالي إبقاء القرم واستقطاع ما أمكن من شرق أوكرانيا، مع عدم إغفال دلالة استيراد السلاح والذخيرة الروسية التي بدأت منذ أغسطس من العام المنصرم، وأتت اتفاقية الدفاع المشترك قبل خمسة أشهر لتعزز من ذلك.
ولكن كيف تعامل الأوروبيون مع هذه التطورات المحورية، والتي زادت وتيرتها خلال العام الجاري، لتتوّج بوصول جنود من أكبر جيوش العالم (الجيش الكوري الشمالي) البالغ عدده 1.2 مليون جندي إلى الشرق الروسي، خاصة مع احتمالية فوز ترامب، والتي قد تؤثر على الالتزام الأمريكي بدعم أوكرانيا، وهو أمر لم يكن بالشكل المرضي في نظر الأوروبيين حتى مع الإدارة الأمريكية الحالية ومنذ اندلاع الصراع في 2022، وكما وصفه أحد الأكاديميين خلال جلسة نقاشية: أمريكا مشغولة بالصين وتركتنا لروسيا وحدنا.
لقد عمل البريطانيون والأوروبيون بشكل كبير على دعم الجيش الأوكراني ليصمد، وقامت بالشيء عينه أطراف أوروبية أخرى من أبرزها فرنسا، لكن الخطوة الكبيرة وغير المسبوقة كانت «اتفاقية ترينيتي هاوس»، والتي وقعها وزير الدفاع البريطاني جون هيلي مع نظيره الألماني بوريس بيستوريوس، وبموجب هذه الاتفاقية فإنّ طائرات ألمانية من طراز P8 ستعمل «بشكل دوري» من القاعدة الاسكتلندية في لوسيماوث، ضمن عدة بنود تعاون أخرى.
بالطبع يعد هذا الاتفاق على المستوى البريطاني مؤشراً على رغبة حزب العمال في التقارب مع أوروبا، بعد 14 عاماً من حكم المحافظين كان من نتائجها البريكست، لكنه دليل أيضاً على رغبة كافة الأطراف الأوروبية ببناء قدرات دفاع تضمن لهم الحؤول دون التمدد الروسي لما بعد أوكرانيا، حتى لو غاب أو قل الدعم الأمريكي، وكذلك سعت أطراف لفرض مزيد من العقوبات على موسكو مؤخراً، خاصة مع الخشية من سيناريو ترامب.
قبل أسبوع من حسم الانتخابات الأمريكية، يصعب التنبؤ بالساكن المقبل للمكتب البيضاوي، لكن واشنطن وبلا شك، تظل لاعباً مؤثراً في عدة ملاعب، سواء بنزولها الملعب والحسم كما حدث إبان الحرب العالمية الثانية، أو كان بالغياب المؤثر أيضاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية
إقرأ أيضاً:
الدفاع الكورية الجنوبية ترفض إرسال قوات إلى أوكرانيا
صرح وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم يونغ هيون، خلال مؤتمر صحفي في واشنطن اليوم الخميس، بأن سيئول لا تدرس إمكانية إرسال قواتها للقتال في أوكرانيا.
وقال الوزير، حسب ما نقلت عنه وكالة "يونهاب": "سأقولها مباشرة: إرسال قوات (من كوريا الجنوبية) ليس قيد النظر على الإطلاق".
وفي الوقت نفسه، لم ينكر كيم يونغ هيون أن الجيش والحكومة الكورية الجنوبية يعملان على إرسال بعثة المراقبة الخاصة بهما إلى أوكرانيا. إلا أن المهمة الأساسية لمثل هذه البعثة، حسب قوله، لن تكون "المشاركة في الأعمال القتالية، بل الاستعداد للمستقبل".
وأشار وزير الدفاع إلى أنه في حالة انضمام كوريا الشمالية إلى الأعمال القتالية في أوكرانيا، يمكن أن تحصل كوريا الجنوبية على "بيانات مفيدة" فيما يتعلق "بتوافق أنظمة الأسلحة الروسية والكورية الشمالية"، مما يسمح للبلاد بأن "تكون مستعدة جيدا للمواقف المستقبلية".
وأشار الوزير إلى أن كوريا الجنوبية أرسلت بالفعل مجموعات المراقبين إلى مناطق الصراع، بما في ذلك خلال حرب العراق، ولكن عادة ما كانت مدة مهمتهم شهرا إلى شهرين، ولم يتجاوز قوام المجموعة 15 شخصا.
ووفقا لكيم يونغ هيون، يفترض التشريع الكوري الجنوبي أن وزير الدفاع يمكنه اتخاذ قرارات بشكل مستقل بشأن إرسال "مجموعات صغيرة" من الأفراد العسكريين إلى الخارج، ولا توجد حاجة لتنسيق هذه القضية مع البرلمان إلا في حالة النشر الكامل القوات.
وأدرج الوزير حجم وتوقيت وأهداف المهمة العسكرية كمعايير لمثل هذا القرار، مشيرا إلى أنه في السابق، عند إرسال أفراد عسكريين إلى الخارج "للتنفيذ طويل المدى لمهام قتالية أو لأغراض مساعدة مماثلة"، كانت وزارة الدفاع دائما تحصل على إذن برلماني.
وقال كيم يونغ هيون أيضا إن وفد حكومة كوريا الجنوبية الذي أُرسل إلى حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا يقوم الآن "بجمع معلومات" فيما يتعلق بتقارير غير مؤكدة حول إرسال مزعوم لقوات كورية شمالية إلى منطقة الصراع الأوكراني، وبعد تحليل شامل، ستحدد الحكومة "الاتجاه الأساسي" لمزيد من الإجراءات.
وفي حديثه أمس خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، أشار المندوب الروسي الدائم فاسيلي نيبينزيا إلى أن "الهستيريا" المحيطة بموضوع كوريا الشمالية "تزامنت بشكل مدهش" مع توقيع زيلينسكي على مرسوم يسمح بموجبه للمواطنين الأجانب والأشخاص عديمي الجنسية بالخدمة في القوات المسلحة الأوكرانية في مناصب قيادية.
وأشار إلى أن الدول الغربية ظلت تحاول إقناع سيئول بإقامة تعاون عسكري تقني أكثر نشاطا مع كييف منذ أكثر من عامين، وأعرب عن أمله في أن يتمتع الشركاء الكوريون الجنوبيون بالحكمة الكافية حتى لا يقعوا في خدعة جديدة.
وفي الوقت نفسه، رفض محاولات الولايات المتحدة فرض "منطق فاسد" على العالم بشأن عدم جواز قيام حلفائها بتقديم المساعدة لموسكو، في حين تقوم واشنطن بتعبئة كامل الإمكانات العسكرية والاستخباراتية لحلف شمال الأطلسي لمساعدة كييف.
وأشار المندوب الروسي الدائم إلى أن الدول الغربية من خلال عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، تحاول فقط "بأثر رجعي" تبرير قرارها بإرسال قوات الناتو إلى أوكرانيا، مشيرا إلى أنه لم يعد من الممكن إخفاء وجود جنود الناتو والمتخصصون والأجانب الذين "يتم القضاء عليهم بالعشرات والمئات كل يوم، ويتم أسرهم، كما يظهر في مقاطع الفيديو بين جنود القوات الأوكرانية".