على مدار العقود الماضية، شكلت شجرة الزيتون، التي ترقى إلى مرتبة القداسة في الوعي والثقافة الفلسطينية، أحد أبرز عناوين الصراع مع إسرائيل، ليس فقط لأهميتها الاقتصادية والتاريخية، وإنما لكونها تماهت مع الإنسان الفلسطيني إلى الحد الذي جعلها جزءاً من هويته الوطنية.
بهذا المعنى، تحولت شجرة الزيتون، بعد احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967، إلى هدف تسعى جاهدة إلى تحقيقه عبر اقتلاع هذه الشجرة من جذورها تماماً مثلما تسعى إلى اقتلاع الفلسطيني من أرضه، لتفريغ الأرض من أصحابها والسيطرة عليها.
ولتحقيق هذا الهدف أسندت هذه المهمة لقطعان المستوطنين، بعد توفير الحماية لهم، في استباحة الأراضي الفلسطينية واقتلاع أشجارها المثمرة، وفي مقدمتها أشجار الزيتون، تارة بالمناشير وأخرى بإحراقها وثالثة بإطلاق النار على المزارعين الفلسطينيين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم. لكن هذه الاعتداءات اتسعت على نطاق واسع بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتداعياته التي شملت قطاع غزة والضفة الغربية معاً.
اليوم وبعد أكثر من عام على هجوم السابع من أكتوبر، يأخذ الصراع على موسم قطاف الزيتون منحى آخر مختلفاً عن المرات السابقة، يصل إلى حد إعلان الحرب على زيتون فلسطين، وفقاً لتقييم الأمم المتحدة. بمعنى أن معركة الزيتون في فلسطين أصبحت جزءاً من الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني كله، وقد يكون موسم قطاف الزيتون، هذا العام، هو الأخطر، بالنسبة للفلسطينيين، ارتباطاً بالحرب الشاملة التي تشن عليهم لفرض واقع جديد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويمكن تلمس هذا الخطر من خلال حجم اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، والتي بلغت 32 اعتداء منذ بداية الشهر الحالي فقط، بما في ذلك الاعتداءات على المزارعين، وفق ما يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
ويشير المكتب إلى مقتل امرأة فلسطينية بنيران إسرائيلية خلال قطف الزيتون قرب مدينة جنين، ويضيف أن نحو 600 شجرة زيتون تعرضت للحرق أو القطع أو السرقة على أيدي مستوطنين إسرائيليين، منذ بداية موسم القطاف الحالي. أما في قطاع غزة، الذي يتعرض للاستباحة والتدمير، فقد انخفض محصول الزيتون هذا العام من كمية انتاج تتراوح بين 37 و40 ألف طن إلى أقل من 15 ألفاً، بحسب المراقبين. وتزداد أهمية شجرة الزيتون بسبب الظروف الاقتصادية المتردية للفلسطينيين، حيث تعتبر شجرة الزيتون بمثابة شريان الحياة لعشرات آلاف العائلات الفلسطينية.
على هذه الخلفية تدور معركة شرسة بين الفلسطينيين الذين يدركون أهمية موسم قطاف الزيتون، وقطعان المستوطنين الذين يريدون الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية لصالح مشروعهم الاستيطاني. ناهيك عن أن وجود شجرة الزيتون، بحد ذاته، بات يشكل إحراجاً لهؤلاء المتطرفين الذين يريدون اجتثاث هذه الشجرة، ليس فقط بسبب اهتمام الفلسطينيين بالحفاظ عليها وزراعة المزيد منها، وإنما لأن بعض أشجار الزيتون في فلسطين يتجاوز عمره عمر إسرائيل نفسها أضعافاً مضاعفة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة شجرة الزیتون
إقرأ أيضاً:
الأزهر الشريف يرفض تهجير الفلسطينيين ويؤكد تمسكه بالقضية الفلسطينية
أعلن الأزهر الشريف رفضه القاطع لجميع المخططات والمحاولات التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مؤكدًا أن هذه المحاولات تمثل تعديًا صارخًا على الحقوق الفلسطينية ومحاولة لتمكين الكيان المحتل من السيطرة على الأراضي الفلسطينية ومقدراتها.
جاء هذا التصريح ردًا على الجرائم والمذابح التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة والتي شهدها العالم على مدار أكثر من خمسة عشر شهرًا.
الأزهر يدين محاولات تزييف التاريخأكد الأزهر أن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية العربية وسيظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأشار إلى أن الاحتلال الغاصب يلجأ إلى القتل والتخريب وسفك دماء الأبرياء لتحقيق مآربه، مستنكرًا محاولات تزييف التاريخ ومحو الحقائق التاريخية الثابتة.
صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلالشدد الأزهر على أهمية صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه وقضيته العادلة، معتبرًا القضية الفلسطينية قضية الأمة الإسلامية وكل شرفاء العالم.
كما وجه تحية تقدير لصمود الشعب الفلسطيني أمام الأطماع الصهيونية التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية وتغيير خريطة المنطقة.
دعم الأزهر للقضية الفلسطينيةأوضح الأزهر أن هذه الجرائم والمخططات تأتي بدعم غير مسبوق من بعض القوى العالمية التي تغنت طويلًا بشعارات الحرية وحقوق الإنسان، لكنها تساند الاحتلال في استباحة حقوق الفلسطينيين وتدمير مقدراتهم.