لبنان أمام الفرصة أم استمرار الحرب؟
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
كتب جوني منير في" الجمهورية": استعاد الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين نشاطه في اتجاه المنطقة، وهو باشر جولة جديدة إنطلاقاً من تل أبيب فور طي صفحة «مسلسل » الضربات بين اسرائيل وإيران. وهنا يبرز السؤال الأهم حول المنحى الذي ستؤول إليه الحرب الدائرة فيجنوب لبنان، وما هو انعكاس هذه التفاهمات السرّية في حال وجودها على الجبهات المفتوحة؟ أضف إلى ذلك، تصاعد الحديث حول احتمال التوصل الى تفاهم يبدأ بوقف لإطلاق النار ويليه انتخاب رئيس للجمهورية.
ولكن أصحاب هذه النظرية يتمسكون بأنّ حسم الإتجاه تفاوضاً أو حرباً سيكون مرتكزاً على واقع لبناني جديد مختلف جذرياً عمّا كان عليه قبل اندلاع الحرب، أي إزالة خطوط التماس بين إيران وإسرائيل عبر الحدود اللبنانية. وخصوصاً إذا ما جرى الأخذ في الاعتبار أهمية العامل السعودي الذي يملك الكتلة المالية التي يحتاجها لبنان بقوة لاستعادة أنفاسه. من هنا كان مفهوماً إصرار الرئيس نبيه بري على إطلالته عبر شاشة القناة السعودية «الحدث »، على رغم من الهجمات العنيفة التي كانت تتعرّض لها من الجهات المحسوبة على «حزب الله ». وفي هذه الإطلالة تحدث بري عن أنّ الحل في حاجة إلى تفاهم سعودي إيراني، ولهذا معناه الواضح.
طبعاً الأسلوب السعودي القديم تغيّر من زاوية أنّه لم تعد هنالك «تقديمات » مجانية. والمقصود هنا أنّ ثمة متطلبات سياسية لا بدّ أن تسبق أي دخول مالي سعودي وتالياً خليجي. ومن هذه الزاوية يمكن مقاربة العناوين التي حملتها دائماً الرياض، والتي استكملتها بضرورة وصول رئيس للجمهورية تعتبره ضامناً لها وللإشراف على ما سيتمّ الإتفاق عليه. ويتردّد أنّ البحث بدأ يطاول إسم الرئيس المقبل للحكومة وتركيبة الحكومة الأولى للعهد المقبل، والتي يجب أن تكون بعيداً من المحاصصة الحزبية، على أن تتولّى مهمّة المرحلة الإنتقالية وترتيب الأمور بحدّها الأدنى، وأن تشرف
على الإنتخابات النيابية، وعندها ستبدأ مرحلة الإنطلاقة الفعلية مع المساعدات المالية، وفي الوقت نفسه فتح أبواب النقاش الداخلي حيال تعديلات دستورية واسعة تتلاءم مع الدور الجديد للبنان وبعيداً من أي اصطفافات إقليمية.
واستطراداً، فإنّ احتمالات الإستمرار في الغرق في الحرب باتت تتساور مع احتمالات إنجاز المهمّات عبر التسويات السياسية الجدّية والبعيدة من البنود الملغومة. لكن لا أحد يستطيع أن يضمن منذ الآن المسار الفعلي للأحداث. أضف إلى ذلك، خصوصاً أنّ المفاوض الأميركي حمل شرطاً إسرائيلياً واضحاً أبلغه إلى بري بوجوب حصوله على التزامات عملية وجدّية وليس شفوية كما كان يحصل سابقاً، تضمن تطبيق مبدأ إبعاد لبنان عن الإصطفافاتالإقليمية وضبط حدوده البرية والجوية والبحرية أمام أي تسرّب للسلاح مستقبلاً. وهذا ما يفسّر إلى حدّ بعيد التشدّد الإسرائيلي بإقفال المعابر البرية من خلال استهدافها بالقصف.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أكاديمي إسرائيلي: استمرار الحرب يضرّ بالضرورة الأخلاقية والاستراتيجية
مع استمرار التعثر العسكري الاسرائيلي في جبهتي غزة ولبنان، وتواصل الأزمة السياسية والدبلوماسية التي تعانيها دولة الاحتلال حول العالم، تزداد المطالبات الداخلية بضرورة إنجاز تسوية سياسية للحربين الجاريتين في الشمال والجنوب، سواء بسبب الضرورة الحيوية أو المنطق الاستراتيجي.
وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية بواشنطن، والمتخصص في الدراسات الأمنية والصراعات الحدودية، البروفيسور بوعاز إيتسيلي، إن "هذه الضرورات تجتمع لتشكل مطلبا واضحا مفاده أنه حان الوقت للتوصل إلى اتفاقيات تعيد المختطفين، وتنهي الحرب في قطاع غزة، وتبعد حزب الله عن الحدود الشمالية، وتسمح لجيش الاحتلال بالاستعداد للتهديد الإيراني الذي ما زال ماثلا".
وذكر إيتسيلي، في مقال نشره موقع "واللا"، وترجمته "عربي21" أن "التطورات الحاصلة في العام الأخير داخل الاحتلال تؤكد الفرضية القائلة بأن الأخلاق والاستراتيجية لا يجتمعان دائمًا، لكن في بعض الأحيان، لا يكون الشيء الأخلاقي الذي ينبغي القيام به هو الشيء الذكي من الناحية الاستراتيجية".
وأضاف أنه "في بعض الأحيان، لا يكون التصرف الصحيح الذي ينبغي القيام به استراتيجيا أخلاقيا بالضرورة، لكننا اليوم في حربي غزة ولبنان اجتمعت الضرورة الأخلاقية والمنطق الاستراتيجي في مطلب واضح، ويعني أننا وصلنا إلى الوقت المناسب للتوصل إلى اتفاقات سياسية".
وذكر أن "الاتفاقات المطلوبة حاليا: أخلاقية واستراتيجية، ويجب أن تعيد المختطفين، وتنهي الحرب في غزة، وتبقي حزب الله بعيدا عن الحدود في لبنان، وتسمح لجيش الاحتلال والدولة بالاستعداد لمعركة طويلة وصعبة، عسكرية وسياسية، ضد التهديد الإيراني، بانتظار تشكيل لجنة تحقيق تكشف حجم الكارثة والإخفاق الذي وقعت فيه الدولة خلال هذا العام".
وأشار إلى أن "الحقيقة الماثلة اليوم التي تحتّم الحاجة لإنجاز مثل تلك التسويات في غزة ولبنان تتمثل في وجود أكثر من مائة مختطف، أحياء وموتى، ما زالوا في أسر حماس، رغم أنه واجب أخلاقي على الدولة أن تستعيدهم، وكل يوم يمرّ وهم في الأسر يعني أنها قررت التخلي عن هذا الالتزام، تمهيدا لإغلاق الدائرة مع أهالي الأحياء والموتى، مع العلم أن الوفاء بهذا الالتزام الأخلاقي لن يضرّ بالمصلحة الوطنية للدولة، ولن يعرّض أمنها ومواطنيها للخطر على المدى الطويل".
وأشار إلى أنه "من المنطلق الاستراتيجي، فإنه منذ سنوات عديدة، يشنّ الاحتلال حملة غير مباشرة ضد المليشيات المتحالفة مع إيران، لكنه الآن يخوض حملة مباشرة ضد إيران نفسها، ورغم الهجوم الجوي الأخير، لكن الحملة ستكون طويلة وصعبة، ويجب الدخول فيها بعيون مفتوحة، فإيران دولة أكبر بـ70 مرة من دولة الاحتلال، ويبلغ عدد سكانها 9 مرات، وناتجها القومي أكبر بأربع مرات تقريبا، وستكون هذه حربًا طويلة وصعبة ستتطلب تركيز الجهود، وتجنيد الحلفاء والحكمة".
وأوضح أن "التوصل إلى اتفاق في غزة يشكل ضرورة أساسية لهذا الجهد الإسرائيلي، فقد تم تفكيك القوة التقليدية التي تتمتع بها حماس، وتم القضاء على قيادتها العسكرية، ولم تعد تشكل تهديدا استراتيجيا للاحتلال، ومن خلال الاستعانة بسياسة ذكية عسكرية، واقتصادية، وسياسية، فإنها لن تشكل مثل هذا التهديد في المستقبل أيضاً، لكن استمرار القتال في غزة لا يسمح ببناء القوة للحرب تجاه إيران، وأكثر من ذلك فإن احتلال القطاع يعرض للخطر إمكانية بناء تحالف إقليمي يقف صفاً واحداً ضد إيران".
وأكد أنه "من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي، فإنه لا يتعين علينا الضغط على حماس، لأن شروطها لإبرام الصفقة، وعودة جميع المختطفين لم تتغير منذ أكتوبر، وتتمثل في نهاية الحرب والانسحاب من غزة، ولم تتغير رغم التدمير الكامل للقطاع، مما يعني أن الضغط العسكري عليها لا يجدي نفعاً، وبمجرد أن يوافق الاحتلال على إنهاء الحرب، سيتم التوصل لاتفاق، وسيعود المختطفون، مع العلم أنه يمكن إنجازه في قطر هذا الأسبوع".
وختم بالقول إن "الأمر ذاته ينطبق على الجبهة الشمالية، فبجانب الإنجازات العسكرية ضد حزب الله، سيسمح الاتفاق بتسوية تعيد مستوطني الشمال إلى منازلهم، وتبعد الحزب عن الحدود، وكل ذلك من شأنه تعزيز القوة المعنوية للاحتلال، وتعزيز القوة العسكرية، بما سيسمح له بالوقوف في وجه التحدي الإيراني موحدا وجاهزا، وهذا خيار أخلاقي واستراتيجي معاً، وفي الوقت ذاته".