يا أشقاء.. مأساة غزة ليست بورصة ضحايا!
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
ظلّ قادة المقاومة في كل مكان، من أرض المعركة وعبر الشتات، يستنفرون منذ أشهر الأشقاء من بني جلدتهم، حكامًا ومحكومين، للوقوف إلى جانب سكان غزة، لمنع الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها على يد جيش الاحتلال.
لقد كانت نداءات هؤلاء الرجال جد معقولة، فلم يطلبوا من الأنظمة العربية والإسلامية أن تمدهم بالسلاح أو تدخل معهم الحرب في مواجهة الجيش الصهيوني، حتى لا يكلفوها فوق إرادتها المشلولة ولا يحرجوها أمام شعوبها المغلوبة، بل ناشدوها فقط التحرك لكبح آلة الهمجية الإسرائيلية التي تقتل الأبرياء وتدمر كل شيء فوق الأرض وتحتها.
لكن حدث، ويا للأسف، ما لم يخطر على بال أحد، استمرار الإبادة قرابة 13 شهرا بمنحنى تصاعديّ من دون أي رادع، في وقت لاذ فيه هؤلاء بالصمت، كأنّ تسارع الأحداث في الاتجاه الدراماتيكي قد بثّ في قلوبهم الرعب من بطش العدوّ، عوض أن يثير فيهم روح المسؤولية الأخلاقية والأخويّة تجاه أشقاء يموتون بطريقة شنيعة، بلا أدنى اعتبار لمعايير الإنسانيّة.
لن نقتنع أبدا أن الأنظمة في المنطقة عاجزة عن الوقوف في وجه الغطرسة الصهيونية والأميركية، وهي تملك الكثير من الأوراق للضغط الواقعي، يمكنها إشهارها ميدانيًّا لإجبار الكيان الإسرائيلي وحلفائه على وقف آلة العدوان الجهنميّة، لكن حسابات العروش والسلطة تدفع بحكام العرب والمسلمين للانسحاب إلى الخلف، آخذين موقع المتفرّج على المجزرة المجنونة.
لا.. بل إنّ جزءًا كبيرا منهم متواطئ في الجريمة، يترقب بفارغ الصبر “اليوم التالي” للعدوان، حتّى يرى قطاع غزة من دون مقاومة ولا سلاح، خاليًا من حركة حماس التي صارت كابوسًا يؤرقهم بخيارها الثوري.
هذا الواقع المرّ هو ما يفسّر شلل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي عن أي حركة فعلية للدفاع عن الفلسطينيين حتّى في حقّ الحياة، وليس في حقوق الحرية والدولة، إذ من الغريب أن تعجز أكثر من 57 دولة عن فرض موقف موحّد داخل الأجهزة الأممية، خاصة أنّ قرارات إدانة صدرت ضدّ الكيان الإسرائيلي، أبرزها منطوق محكمة “العدل الدولية” في لاهاي، بيد أن الاحتلال لم يأبه بها إطلاقًا، لإدراكه الجازم بغياب من يقف في الجانب الآخر لمؤازرة الفلسطينيين في تنفيذ تلك الأحكام الصادرة باسم شرعيّة الأمم المتحدة.
أسوأ من ذلك، فإنّ “السلطة الفلسطينية” نفسها القابعة في رام الله تظهر خارج الحدث، بينما سوّقت لوجودها منذ 30 عامًا بذرائع الدبلوماسية الدولية، في حين لم نر منها اليوم سوى تهديد محمود عباس بالدخول إلى قطاع غزة، رفقة القيادة السياسية، في انتظار تنفيذه، بشرط أن لا يكون على ظهر الدبابة الإسرائيلية.
بكل بساطة، يحدث كل ما يحدث من تنكيل مروّع ضد أهلنا في فلسطين، لأنّ بلدانا فاعلة في صناعة القرار الجماعي، ضمن الإطاريْن العربي والإسلامي، لا ترغب بجدية في إنهاء المأساة، ولا يهمها الأمر الفلسطيني في وضعه الحالي، بل هي فرصتها لتغيير المعادلة الميدانيّة، بعدما أجهض “طوفان الأقصى” المبارك “مخطط أبراهام “المشؤوم” لتوسيع رقعة التطبيع باسم السلام المزعوم، في آخر خطوة كان يُراد منها وأد القضية المركزية والتخلص من عبئها نهائيًّا.
لذلك لا تستغربوا ما يتم تداوله مؤخرا من تغريدات متحاملة ومقالات مسمومة وفتاوى باطلة على يد أبواق البلاطات، من إعلاميين مأجورين وعلماء سلاطين، تقاطعوا كلهم في تشويه المقاومة وضرب رموزها، لتبرير الاستكانة إلى الصهاينة ورفع الحرج عن أسيادهم، ولسان حالهم ومقالهم صريح بأنّ المقاومين وحدهم مسؤولون عما يجري لشعبهم من إبادة شنيعة.
لا شكّ أن رفاق البطل السّنوار، رضي الله عنه وكل إخوانه الشهداء، لم يراهنوا أساسًا على قادة تلك الأنظمة في نصرة الطوفان، لكنهم يقينًا مصدومون من برودة الشعوب واستسلامها للأمر الواقع، بتعايشها مع الجرائم اليوميّة.
والعتب في هذا السياق على نخبها المجتمعية بمختلف مشاربها وميولاتها، والتي عجزت عن تعبئتها العامّة في اتجاه الضغط السياسي على الأنظمة الخائرة والمصالح الغربية في الإقليم، ولم لا في عقر دارها، مثلما كاد أن يحدث في بدايات العدوان الصهيوني، قبل أن يتلاشى الحماس الجماهيري عمليًّا بمرور الوقت، لتصبح الفاجعة مجرد بورصة خبريّة يوميّة، نطالع أرقامها على الفضائيات وصورًا نتداولها على مواقع التواصل الاجتماعي!
أصبحت نداءات رجال المقاومة شبه يومية للشعوب بضرورة الخروج إلى الميادين والتظاهر في الشوارع
لقد أصبحت نداءات رجال المقاومة شبه يومية للشعوب، بضرورة الخروج إلى الميادين والتظاهر في الشوارع، في رسالة صريحة على أنهم الأمل الأخير، بعد الله، في التخفيف من معاناة أهلنا في أرض الرباط، لأنّ المأساة تجاوزت كل الحدود المتخيلة، ولم يعد ينفع معها الاحتفاء بالبطولات الأسطورية للمجاهدين وتحميل الأنظمة وزر الخيبة الكبرى، لأننّا صرنا شركاء فيها على السواء، بالتقاعس عن أداء الواجبات المقدور عليها.
ما كان متوقعًا أن تستمر الحياة بشكل طبيعي، بين العرب والمسلمين في أقطار المعمورة، بما نراه الآن من أفراح ولهوٍ بسفاسف الأمور وانشغال بنشاطات ثانوية، بينما أشقاؤهم في العقيدة والدم يُبادون عن بكرة أبيهم، فلا يفزعون لفزعهم، إلا قلة قليلة لا تزال قلوبهم حيّة تنبض بالكرامة!
إنه يتعين فوريًّا على كل القوى الحيّة في الأمة، خاصة المنظمات العُلمائيّة والسياسية والجمعوية، أن تعيد ضبط البوصلة بتحريك الجماهير عبر الجغرافيا الإسلاميّة كلها وربوع العالم الحرّ، للانتفاضة مجددا تضامنًا مع الفلسطينيين في وجه المحرقة الصهيونية، وبذلاً للمال وكل ما هو ممكن، لنصرتهم في منعرج مفصلي بمسار القضية المركزية قبل فوات الأوان.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة غزة الاحتلال الشهداء غزة الاحتلال المقاومة شهداء الموقف العربي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي أفكار سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
جنازة مهيبة .. دفن جثامين 3 أطفال أشقاء فارقوا الحياة سويًا بالعياط
شيّع أهالي قرية المتانيا بمدينة العياط جثامين 3 أطفال أشقاء في جنازة مهيبة وسط حالة من الحزن بعد ما لقوا مصرعهم في وقت واحد بعد ما حاولت والدتهم إيقاظهم وفوجئت بوفاتهم.
وصرحت النيابة بدفن جثامين الأشقاء الثلاثة عقب انتهاء الطب الشرعي من تشريحهم وأخذ العينات اللازمة لبيان سبب الوفاة.
وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية بالجيزة وتحقيقات النيابة الأولية عن تفاصيل مثيرة في وفاة 3 أطفال أشقاء داخل منزلهم بمدينة العياط حيث تبين أن أصابع الاتهام تشير إلى "عصير جوافة" آخر ما تناوله الصغار قبل اكتشاف وفاتهم.
وأشارت التحريات الأولية التي أجرتها مباحث الجيزة بقيادة اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية والعقيد هاني عكاشة مفتش مباحث فرقة جنوب الجيزة أن الأطفال الثلاثة تناولوا طعام العشاء مع والديهم ثم قدّمت لهم والدتهم عصير جوافة تناولوا منه جميعًا ثم خلدوا للنوم وفي اليوم التالي اثناء محاولة والدتهم إيقاظهم اكتشفت وفاتهم.
أضافت التحريات أن مناظرة الجثامين أكدت عدم وجود إصابات طعنية أو جروح في الجسد كما أسفر كشف الطبيب الشرعي تنفيذًا لتكليف النيابة المختصة عن عدم وجود آثار حول العنق أو كسور بغضاريف الرقبة وهو ما ينفي وجود جريمة خنق وتتبقى فقط التحاليل التي سيجريها الطب الشرعي لحسم سبب الوفاة حيث تم أخذ عينات من الكبد والنخاع والرئتين وعينة حشوية للتأكد من عدم وجود آثار تسمم أدت للوفاة حيث تم التحفظ على بقايا أطعمة والعصير لتحليلها وفحصها.
وشرحت التحريات أن هناك ترجيحات بوجود مبيدات كيماوية على الجوافة التي شربها المتوفون ولصغر سنهم لم تتحملها مثل أبويهم وفارقوا الحياة وهو ما سيجزم به الطب الشرعي من عدمه.
وبدأت أمس نيابة العياط إجراء تحقيقات موسعة في الوفاة المفاجئة لـ 3 أطفال أشقاء في قرية المتانيا بمدينة العياط جنوب محافظة الجيزة بعد ما اكتشف والديهم وفاتهم اثناء إيقاظهم صباحًا.
وأجرت النيابة مناظرة لجثامين الأطفال والتي أسفرت عن عدم وجود أي إصابات ظاهرية أو آثار عنف على جثامين الصغار، انتدبت النيابة الطب الشرعي لتشريح الجثث الثلاثة وتحديد سبب وتوقيت الوفاة لبيان مدى وجود شبهة جنائية من عدمه.
وكلفت النيابة الطبيب الشرعي أخذ عينة حشوية من أمعاء الأطفال للكشف عن وجود آثار مواد سامة بها من عدمه والاستعلام عن آخر طعام تناوله أفراد الأسرة للتحقق من احتمالية تسممهم، كما طلبت النيابة تقريرًا حول الحالة الصحية للأطفال ومدى وجود أي أمراض وراثية قد تؤدي للوفاة المفاجأة أو عيوب خلقية تسبب الوفاة.
واستدعت النيابة والدي الأطفال اللذين تبين أنهما من ذوي الهمم "صم وبكم" فاستعانت بـ"خبير إشارة" لاستجوابهما حول ظروف وملابسات وفاة أبنائهم الثلاثة.
وكشفت التحقيقات عن تفاصيل مثيرة بالواقعة حيث طلبت تحريات مباحث الجيزة حول تداول عدد من أهالي قرية المتانيا بالعياط تضمنت أن والدي الأطفال سبق وتوفي لهما 3 أخوه في مرتين سابقتين، حيث فقدت الأسرة في البداية طفل ذكر، ثم طفلتين إناث "توأم"، ثم فوجئوا صباح أمس الأحد بوفاة الـ 3 الآخرين ليصبح إجمالي الأطفال المتوفين من الأسرة 6 أطفال، وفي كل مرة كان الأطفال ينامون ويحاول والديهما إيقاظهم ليجدوهم متوفين.
وردّد بعض الأهالي أن والدي الأطفال بعد ما توفى الأطفال الثلاثة السابقين اعتقدوا أن المنزل مسكون بالجن وأنه تسبب في وفاة أبنائهم فتركوه وانتقلوا لمنزل آخر حتى فوجئوا بوفاة الثلاثة الباقين.
من جانبها تكثف مباحث الجيزة من جهودها لكشف ملابسات الواقعة وحل غموضها وبيان وجود شبهة جنائية من عدمه.
وكان قد تلقى ضباط مباحث مركز شرطة العياط بمديرية أمن الجيزة، إشارة من المستشفى تفيد باستقبال جثامين 3 أطفال أشقاء هم "أحمد أ د"، وشقيقيه "محمد"، و"عبدالله"، عمر 4 و5 سنوات، لا توجد بهم إصابات ظاهرية، وادعاء وفاة طبيعية ومقيمين بقرية المتانيا بدائرة المركز.
وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلي محل البلاغ وبالفحص وبالتقابل مع والدي الأطفال الثلاثة تبين أنهما من الصم، وبالاستفسار عن سبب الوفاة أفادا بأنهما أثناء محاولة إيقاظ الأطفال وجدوهم جثث هامدة.
وجرى التحفظ على الجثامين داخل ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.