ما يجري منذ أبريل 2024-بين استفزازات وهجوم عسكري متبادل إسرائيلي- إيراني بهدف ترميم وإعادة فرض الردع المتبادل بينهما، لردع استفراد إسرائيل بالعدوان على إيران برد مكلف. خاصة أن إسرائيل اعتادت باستهداف قواعد ومستشاري الحرس الثوري الإيراني في سوريا. ودأبت إسرائيل على شن اعتداءات دون رد إيراني رادع خلال السنوات الماضية.



كانت الاعتداءات الإسرائيلية من ضرب وتدمير القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع أبريل الماضي-واغتيال الجنرال القيادي محمد رضا زاهدي قائد الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان و7 من قيادات الحرس الثوري بضربة مفاجئة ومستفزة هدف منها نتنياهو توسيع رقعة الحرب وتمددها واستفزاز إيران وامتحان قدرات إيران العسكرية وإحراج بايدن وإدارته وخلط الأوراق.

انتظرت إيران حتى ليل 13-14 أبريل لتقوم بأول عملية رد عسكري انتقامي “عملية الوعد الصادق 1”-باستهداف مباشر بأكثر من 300 صاروخ ومسيرة عسكرية استغرق وصولها من إيران إلى أهدافها العسكرية داخل كيان الاحتلال ساعات- ما مكّن إسرائيل من الاستعداد- وشاركت الدفاعات الأرضية والجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية بإسقاط معظم الصواريخ والمسيرات.

لم تحدث الصواريخ والمسيرات الإيرانية أضرارا تذكر ولم تصب أيا من الأهداف الحساسة أو تقتل أي جندي أو إسرائيلي واحد.

لكن بعدها المعنوي والنفسي كان كبيراً على الإسرائيليين نظاماً وسكاناً- لكونها المرة الأولى بتاريخ الاحتلال التي يتعرض كيانهم لهجوم عسكري صاروخي ومسيرات بعد أكثر من ستة أشهر من حرب إسرائيل المدمرة على غزة واشتباكات وتبادل القصف مع حزب الله على الحدود الشمالية مع لبنان.

شكل عدوان إسرائيل واغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في منزل الضيافة الرسمي في قلب طهران نهاية شهر يوليو الماضي-أثناء مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد-مسعود بازشكيان- أكبر عملية استفزاز، مقوضا الردع الإيراني ضد إسرائيل ولم يردعها في أكبر عدوان على سيادة إيران باغتيال أهم شخصية سياسية في حركة حماس والمفاوض السياسي الرئيسي- أدى ذلك لانزعاج بايدن وإدارته من نتنياهو الذي لم يعترف حتى اليوم بمسؤولية إسرائيل عن عملية اغتيال إسماعيل هنية-.

كما سارعت بالاعتراف باغتيال حسن نصرالله وخليفته المتوقع هاشم صفي الدين نهاية سبتمبر ومطلع أكتوبر الجاري في الضاحية الجنوبية لبيروت في عملية قصف مزلزل وغير مسبوق وكذلك اغتيال “فرقة الرضوان”-قيادات فرقة النخبة العسكرية لحزب الله. وكذلك اغتيال يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي والعسكري لحركة حماس في غزة.

لترد إيران مطلع أكتوبر بعملية “الوعد الصادق 2”-بأكبر هجوم صاروخي باليستي في التاريخ كما يقول خبراء عسكريون أمريكيون، بشن حوالي 200 صاروخ باليستي على إسرائيل أصابت بعضها أهدافا وقواعد عسكرية إسرائيلية وخاصة قاعدة نفاتيم في النقب وفي الوسط.

ما تسبب بحالة من الرعب بعد الرسالة الواضحة أن جميع مدن وقواعد الكيان في مرمى الصواريخ الإيرانية. ما يحقق الردع المطلوب.

خططت إسرائيل لمدة 25 يوما لتحين لحظة الرد الانتقامي على هجوم “الوعد الصادق2”-وسبق تسريب أحدهم من وزارة الدفاع الأمريكية مخطط الرد الإسرائيلي-ما دفع مكتب التحقيق الفيدرالي لفتح تحقيق في عملية التسريب.

وروجت إسرائيل تعمد تسريب مخطط الضربة على إيران يهدف لتأجيلها. لكن الواقع أن إسرائيل التي نسقت مع إدارة بايدن والرئيس نفسه-ما دفعه ليعلن الأسبوع الماضي من ألمانيا “نعلم بموعد وحجم الرد الإسرائيلي على إيران” ووصف البيت الأبيض الضربة بعمل دفاعي.

وواضح أن بايدن مارس ضغوطاً كبيرة على إسرائيل ليكون الرد الانتقامي محدوداً ومدروساً ومتوازنا. تحقق ذلك بعملية “أيام الحساب”-فجر السبت 26 أكتوبر الجاري-“عملية أيام الحساب”-قبل 10 أيام من الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحاسمة- لذلك أتى الرد الانتقامي الإسرائيلي أقل من المتوقع-وللمرة الأولى تعترف إسرائيل بمهاجمة إيران!

استهدف الرد بعض مواقع الدفاع الجوي ومنظومة الرادارات العسكرية وإنتاج الصواريخ ومنظومات صواريخ أرض-جو. ولم يستهدف مناطق سكنية واستراتيجية ونفطية ونووية وأتى من خارج مجال إيران الجوي بعدما ضربت المقاتلات الإسرائيلية الدفاعات الجوية السورية والعراقية‏.
تبالغ إسرائيل بحجم ونوعية الرد بمشاركة مائة مقاتلة بينها F35
تبالغ إسرائيل بحجم ونوعية الرد بمشاركة مائة مقاتلة بينها F35-وبرغم ادعاء هاغاري انتهى الرد وحققت الضربات أهدافها بضرب 20 موقعا داخل إيران …ليرد زعيم المعارضة لبيد وقادة المعارضة والصحف والمحللون العسكريون بوصف الرد الانتقامي الإسرائيلي بالضعيف ولم يستهدف أهدافا استراتيجية دون ذكر نوعية الأهداف العسكرية! وكان نتنياهو ووزير الدفاع والمؤسسة العسكرية والأمنية يديرون عملية الانتقام من مخبأ محصن تحت الأرض في وزارة الدفاع.

في المقابل تبالغ إيران بقدراتها الدفاعية وإحباطها الهجوم الضعيف-وصدر بيان من الجيش الإيراني وليس من الحرس الثوري بمقتل جنديين جراء الهجوم الإسرائيلي. فيما وصف الإيرانيون الرد بالضعيف والمحدود!

وكان ملفتا تنديد دول خليجية وعربية-منها دول مطبعة-بالاعتداء الإسرائيلي على إيران- لكن بالمجمل كانت الضربة الإسرائيلية محدودة لحفظ ماء الوجه وعدم تفجير حرب إقليمية- وأكدت الولايات المتحدة أن إسرائيل أبلغتها بالهجوم لكن لم تشارك. لذلك أتوقع رد إيران سيكون محدوداً ومدروساً ومن أذرعها، وأرجح لن نشهد “الوعد الصادق3”.

ويبقى السؤال هل أعاد الهجوم الإسرائيلي توازن الردع المطلوب؟ خاصة أن إسرائيل أبلغت إيران عبر وسطاء إقليميين ودوليين بموعد وأهداف الضربة وطالبتها بعدم الرد! وكذلك تم تبادل رسائل أمريكية وإسرائيلية وإيرانية لوضع حد للضربات المتبادلة منذ أبريل الماضي بين الطرفين.

خاصة أن انتخابات الرئاسة الأمريكية الأهم بين ترامب وكامالا هاريس بعد عشرة أيام! والخشية من السيناريو الأسوأ بتحريض ترامب نتنياهو في آخر مكالمة هاتفية “أفعل ما هو ضروري”!!ما حدث يشكل انتصاراً لبايدن وهاريس وخسارة لنتنياهو فرصة عمره-انتظرها عشرين عاما بضرب أمريكا منشآت إيران النووية وتعطيل برنامجها النووي!

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيراني نتنياهو الوعد الصادق غزة إيران غزة نتنياهو الهجوم الاسرائيلي الوعد الصادق مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة أفكار سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرد الانتقامی الحرس الثوری أن إسرائیل على إیران

إقرأ أيضاً:

في بكين.. قمة ثلاثية لبحث الملف النووي الإيراني

أفاد التليفزيون الصيني الرسمي بأن دبلوماسيين بارزين من إيران وروسيا والصين بدأوا، اليوم الجمعة، اجتماعات في العاصمة الصينية بكين لمناقشة القضايا النووية الإيرانية، وذلك في ظل تصاعد التوترات بين طهران وواشنطن، ورفض إيران الدخول في مفاوضات تحت الضغط الأمريكي.

يأتي هذا الاجتماع بعد أيام قليلة من رفض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ما وصفه بـ"الأوامر الأمريكية" لاستئناف الحوار حول برنامج بلاده النووي، مؤكدًا أن إيران لن تخضع للضغوط الأمريكية ولن تدخل في مفاوضات قسرية.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي أنه وجه رسالة إلى القيادة الإيرانية يقترح فيها إجراء محادثات، وسط مخاوف غربية من أن إيران تقترب بسرعة من امتلاك قدرات تمكنها من صنع أسلحة نووية.

 المفاوضات غير المباشرة

في هذا السياق، صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن طهران لا تستبعد إمكانية إجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة، ولكنها ترفض الدخول في أي حوار في ظل سياسة "الضغط الأقصى" التي تمارسها واشنطن.

وأوضح عراقجي، في مقابلة مع صحيفة "إيران" الحكومية، أن المفاوضات يجب أن تتم في ظروف متكافئة لضمان تحقيق نتائج فعالة، مضيفًا: "إذا دخلنا في مفاوضات بينما الطرف الآخر يمارس الضغط الأقصى، فإننا سنتفاوض من موقع ضعف ولن نحقق أي مكاسب. هذه ليست مسألة عناد أو تشبث بالمبادئ، بل مسألة فنية بحتة".

إيران: لن ندخل بمفاوضات مباشرة مع أمريكا إلا من موقع متكافئبسبب الاتفاق النووي.. أمريكا تدعو مجلس الأمن لإدانة سلوك إيرانبريطانيا تلوح بإعادة فرض عقوبات أممية على إيرانإيران: أي محاولة لإجبارنا على التوصل لاتفاق جائر مصيرها الفشلرسالة من ترامب إلى إيران يسلمها مسئول عربيحقيقة منع دخول الكويتيين إلى طهران.. بيان مهم من سفارة إيران

وأشار إلى أن إيران تعمل على تعزيز دعم الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي، مؤكدًا أن المشاورات بين طهران وروسيا والصين والترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) تشهد تكثيفًا لضمان موقف أقوى في مواجهة الضغوط الأمريكية.

خطة جديدة  

من ناحية أخرى، كشف عراقجي عن مقترح جديد لحل المشاكل العالقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشددًا على ضرورة تبني استراتيجية تفاوضية تتسم بالمرونة والعدالة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على بلاده.

وأضاف أن إيران وضعت خطة تفاوضية محكمة، وأن أي مفاوضات مع واشنطن تتم بشكل غير مباشر عبر قناة تضم ثلاث دول أوروبية، وهو ما يعكس إصرار طهران على الحفاظ على موقفها التفاوضي المستقل.

العودة إلى الاتفاق النووي 

يذكر أن إيران كانت قد توصلت إلى اتفاق نووي عام 2015 مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، حيث وافقت على تقييد برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية. لكن في عام 2018، انسحب الرئيس ترامب من الاتفاق خلال ولايته الأولى، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، وإعادة فرض عقوبات صارمة على الاقتصاد الإيراني.

مقالات مشابهة

  • اجتماع بين إيران وروسيا والصين في بكين لمناقشة البرنامج النووي الإيراني والعقوبات الأمريكية
  • روسيا والصين تشددان على الحوار لحل ملف إيران النووي
  • بيان صيني روسي إيراني بشأن النووي الإيراني
  • محادثات ثلاثية في بكين بين الصين وإيران وروسيا حول الملف النووي الإيراني
  • في بكين.. قمة ثلاثية لبحث الملف النووي الإيراني
  • القناة 14 الإسرائيلية: استنفار للجيش الإسرائيلي في غور الأردن للاشتباه في عملية تسلل
  • أستاذ علوم سياسية: حماس مستمرة في امتلاك السلاح لاعتقادها بأن الاحتلال سيخل بالاتفاقيات
  • الصين تدعو إلى حل "دبلوماسي" لمسألة النووي الإيراني
  • بريطانيا تتوعد بعرقلة النووي الإيراني عبر العقوبات
  • ..هل سيكتفي الرئيس الشرع بحق الرد في التعاطي مع الخروقات الإسرائيلية ؟؟