حدثان كبيران يشدَّان اهتمام العالم كل 4 سنوات، وهما دوري كأس العالم لكرة القدم، والانتخابات الرئاسية الأميركية. في كلا الحدثين تبدأ مواجهات التصفيات، التي يتقدم فيها فائزون، ويغادر خاسرون. العدّ التنازلي في معركة سلاحها الأقدام، في بطولة كرة القدم العالمية، التي تدور فوق ملاعب تركض فوقها مليارات الدولارات، وتزدحم مدرجات ملاعبها، بألوف المتفرجين وهم يصفقون ويصرخون، تحفيزاً للفريق الذي يشجعون، أو احتجاجاً على نفخة صافرة من حكم المباراة.
الانتخابات الرئاسية الأميركية، مباراة دورية تعيشها الولايات المتحدة، كل 4 سنوات. يبدأ الدوري بمنافسة بين مرشحين من كل حزب. الحزبان الديمقراطي والجمهوري يفتحان مزاد المنافسة بين عدد يزيد أو يقل من المتقدمين للترشح إلى انتخابات الرئاسة. تمضي معركة المنافسة بخروج الخاسرين، ويبقى الفائز الأول من كل حزب، ليخوضا المباراة النهائية، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني). الانتخابات الرئاسية الأميركية تنفرد بنظام لا مثيل له في كل دول العالم. انتخابات مباشرة يشارك فيها جميع البالغين من أفراد الشعب، وانتخابات يصوت فيها أعضاء منتخبون عن كل ولاية، يشكلون ما يُعرف بالمجمع الانتخابي، وعدد أعضائه 538 عضواً، وهم الذين يملكون قرار الحسم في الانتخابات الرئاسية. في حالات عدة، فاز مترشحون بالأصوات الشعبية، لكنهم لم يحصلوا على الأغلبية المطلوبة في المجمع الانتخابي.
الانتخابات الرئاسية هذه السنة لها خصوصية لم تكن في كل ما سبقها من انتخابات رئاسية في أميركا. المترشح عن الحزب الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، والمترشحة عن الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس. كل منهما يحمل مواصفات، لم تكن في من سبقه من المتنافسين على اعتلاء سدة الرئاسة الأميركية.
دونالد ترمب قفز إلى الرئاسة في ولايته السابقة، من دنيا المال والإعلام، ولم يكن حاكماً لولاية أو عضواً بالكونغرس. ملاحق في أكثر من 50 قضية من طرف القضاء. تعرض لـ3 محاولات اغتيال وهو يخوض معركته الانتخابية، وجرت محاولتان في الكونغرس لعزله من الرئاسة. وإذا فاز في الانتخابات المقبلة، فسيكون هو الرئيس الثاني في تاريخ الولايات المتحدة، الذي يتولى الرئاسة في دورتين غير متصلتين، بعد كليف لاند، الذي ترأس أميركا في القرن التاسع عشر، وهو الأكبر سناً بين من ترشحوا للرئاسة. وصفه كثيرون، بعضهم من المقربين منه، بالنرجسية المفرطة، وبهجومه العنيف على خصومه، وسخريته بصوت عالٍ من معارضيه، ومن كل من يختلف معه. هو ملاكم لا يقيم وزناً لقواعد اللعبة، ويضرب فوق الحزام وتحته. يخوض حرباً متواصلة وعنيفة ضد المهاجرين، وخاصة اللاتين الذين يعبرون المكسيك، التي شرع في بناء سور على الحدود معها، عندما كان رئيساً لمنع دخول المهاجرين غير النظاميين عبر الحدود معها. لا يزن المرشح دونالد ترمب ثقل كلماته، عندما يوجّهها إلى خصومه. قال عن المهاجرين من دولة هاييتي إنهم يأكلون القطط والكلاب، وقال إذا فازت كامالا هاريس بالرئاسة فإن إسرائيل ستدمر، لأنها تكره إسرائيل، ومتعاطفة مع الفلسطينيين، ويتهمها بتأييد قتل الأطفال، لأنها تدعم تشريع الإجهاض، وأنها يسارية ليبرالية متطرفة. يشكك في حقيقة أصلها، ولون بشرتها، ومدى انتمائها لأميركا. معركة دونالد ترمب مع وسائل الإعلام المختلفة حامية الوطيس، يخوضها بكل أسلحته. معارك ترمب عابرة للحدود.
شعاره الانتخابي، «لنجعل أميركا عظيمة مرة ثانية»، وضعه في برنامج اقتصادي وعسكري وسياسي. الصين هي الخصم الاقتصادي الأكبر للولايات المتحدة، لأنها تصدر لها منتجات رخيصة، تدمر الصناعة في أميركا، وتقضي على فرص العمل للأميركيين، ويعارض بشدة الحد من إنتاج النفط والفحم الحجري، الذي يدعو له المدافعون عن البيئة. معركته الأكثر حساسية، مع حلف شمال الأطلسي، فهو يطلب من كل دولة عضو، أن تدفع 2 في المائة من ناتج دخلها القومي لميزانية الحلف. موقفه من الحرب الروسية على أوكرانيا لا يخلو من غموض مشحون بقدر من التفاؤل. إذ قال لو أنه كان في السلطة، لما قامت تلك الحرب بين البلدين، ولو عاد إلى كرسي الرئاسة، فسوف يوقفها في ساعات.
في المقابل، المرشحة عن الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، فهي تمثل طرفين كبيرين من المهاجرين. والدها من جامايكا، وأمها من الهند، وتعبر عن الثقل السياسي الذي يمثله المهاجرون في الولايات المتحدة الأميركية. وإذا فازت فستحوز صفات لم يسبقها لها أحد. فهي أول سيدة تتولى منصب نائب الرئيس الأميركي، وستكون الرئيس الثاني الذي يحمل لوناً أفريقياً، بعد الرئيس الأسبق باراك أوباما. بالإضافة إلى أنها كانت السيدة الأولى التي تتولى منصب النائب العام في ولاية كاليفورنيا. وهاريس ليست لها إنجازات تذكر في العمل السياسي.
الانتخابات الرئاسية المشتعلة في أميركا الآن هي «حالة» بكل ما تعنيه الكلمة. تعلو فيها موجة الشعبوية الفوضوية العامة. وتعصف فيها لغة التنابز بالمثالب، وتطغى الشعارات على البرامج. وأياً كان الفائز من المتنافسين، فسيكون تعبيراً عن حالة، يشهد فيها العالم اضطرابات واسعة، وصراعات، يصعب التنبؤ بنتائجها.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة دونالد ترمب
إقرأ أيضاً:
الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك: السياسات القومية الأميركية ستؤجج التضخم
الاقتصاد نيوز - متابعة
صرّح الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، لاري فينك، أن السياسات القومية، بما في ذلك ترحيل العمال، ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة.
وأوضح فينك، خلال حديثه في مؤتمر CERAWeek في هيوستن، أن الأسواق لا تأخذ التضخم في الاعتبار بشكل كافٍ، متوقعاً ارتفاع التكاليف خلال الأشهر الستة إلى التسعة المقبلة.
وقال فينك: «إذا أصبحنا جميعاً أكثر قومية -وأنا لا أقول إن ذلك أمر سيئ، فهو يلقى صدى لديّ - فإن ذلك سيؤدي إلى تضخم مرتفع».
وأشار إلى أن عمليات الترحيل الجماعي قد تسبب مشكلات في قطاع الزراعة، متسائلاً: «هل سيكون لدينا عدد كافٍ من العمال لحصاد المحاصيل؟»
وأضاف أنه حذّر بعض أعضاء فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أن البلاد قد تعاني من نقص في العمالة الماهرة، قائلاً: «لقد أخبرت أعضاء في فريق ترامب أننا قد نواجه نقصاً في الكهربائيين اللازمين لإنشاء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. نحن ببساطة لا نملك ما يكفي».
وفي ظل تهديد الإدارة الأميركية بفرض تعرفات جمركية مرتفعة على الشركاء التجاريين، حذرت مجموعات صناعية من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في تكاليف الواردات.
وختم فينك قائلاً: «عندما أذهب إلى واشنطن وأسمع الحديث عن هذه السياسات، أطرح دائماً هذا السؤال: بأي ثمن أنتم مستعدون لتحمل ذلك؟».
صرّح لاري فينك بأن الصفقة التي أعلن عنها مؤخراً تحالفٌ تدعمه بلاك روك لشراء حصة 90% من شركة CK Hutchison المشغلة لميناءين رئيسيين قرب قناة بنما، تمثل 4% من إجمالي قيمة الصفقة بين الأطراف المعنية، مما منح بلاك روك إمكانية الوصول إلى 43 ميناءً في أكثر من 20 دولة.
وقال فينك: «من خلال هذه الصفقة، سيصل عدد الموانئ في محفظتنا الاستثمارية إلى 100 ميناء، ونرى فيها إنجازاً حقيقياً وفرصة استراتيجية».
وأضاف: «لقد عملنا على هذه الصفقة مع البائع، CK Hutchison، منذ فترة»، مشيراً إلى أن الاتفاقية تشمل أيضاً ستة موانئ قرب قناة السويس.
أفادت الشركات بأن الجزء المتعلق ببنما في الصفقة من المتوقع أن يتم توقيعه بحلول أوائل أبريل نيسان. كما لا يزال التدقيق الذي أمرت به حكومة بنما بشأن امتياز تشغيل الميناء لمدة 25 عاماً الممنوح لشركة CK Hutchison قيد المراجعة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام