لماذا قد يستحيل إعلان الفائز برئاسة أميركا يوم الانتخابات؟
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
تجرى انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لكن الفائز في هذا السباق المتقارب للغاية بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس قد يظل غامضا لعدة أيام بعد إغلاق مراكز الاقتراع.
عندما يبدأ فرز الأصوات قد يتقدم أحد المرشحَين بادئ الأمر، لكن ما يلبث أن يلحق به منافسه ويسد الفجوة بعد فرز مزيد من الأصوات.
وفي انتخابات عام 2020، حصل في بعض الولايات الأميركية "سراب أحمر" حين تقدم ترامب خلال ساعات الليل عقب إغلاق صناديق الاقتراع، ثم حدث بعد ذلك "تحوّل أزرق" حيث تغلب عليه جو بايدن. وهي ظاهرة استخدمها ترامب لدعم ادعاءاته بأن الانتخابات قد سرقت منه.
لكن ما حدث لم يكن أمرا شاذا. فالديمقراطيون في العادة يعيشون في مناطق حضرية كثيفة السكان، يستغرق فرز الأصوات فيها وقتا أطول.
كما أن الديمقراطيين أقبلوا على التصويت بالبريد أكثر من الجمهوريين بعدما ادعى ترامب أن الأصوات البريدية غير موثوقة. وهذه الأصوات البريدية تأخذ وقتا أطول في الفرز مقارنة بأصوات الناخبين يوم الاقتراع.
وفي الانتخابات الحالية، تدور رحى المعركة في 7 ولايات متأرجحة من المتوقع أن تحسم النتيجة النهائية، ولكل من هذه الولايات قواعدها الخاصة في معالجة بطاقات الاقتراع وفرزها.
وفيما يأتي الإجراءات المتوقعة في يوم الانتخابات وما بعده في كل من الولايات السبع الحاسمة:
أريزوناالتصويت بالبريد شائع جدا في هذه الولاية. وفي 2020 صوّت حوالي 90% من ناخبيها في فترة التصويت المبكر وأغلبهم عبر البريد.
ويحق لمسؤولي الانتخابات في أريزونا البدء بمعالجة الأصوات البريدية وفرزها فور وصولها، لكن لا يجوز الكشف عن النتائج إلا بعد ساعة واحدة من إغلاق مراكز الاقتراع.
وأي أصوات بريدية يتم إيصالها في يوم الانتخابات لا يجوز فرزها إلا بعد إغلاق مراكز الاقتراع. وهذه الفئة تضم في العادة عددا كبيرا من الأصوات وقد يستغرق فرزها عدة أيام.
جورجياالتصويت الحضوري المبكر شائع في هذه الولاية ويتوقع المسؤولون أن يتم الإدلاء بنحو 65 إلى 70% من الأصوات في مقرات التصويت المبكر. أما الأصوات الغيابية أو البريدية التي قد تشكل قرابة 5% من إجمالي الأصوات فيجوز البدء بمعالجتها -بخطوات تشمل التحقق من التوقيعات- قبل أسبوعين من يوم الانتخابات، لكن لا يسُمح بفرزها قبل يوم الانتخابات.
وتقبل الولاية أصوات الأميركيين في الخارج والعسكريين لمدة 3 أيام بعد الانتخابات إذا كانت مختومة بختم البريد بتاريخ 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
وطلب ناخبون أكثر من 21 ألف بطاقة اقتراع من هذه الفئة، مما يعني أن السباق الانتخابي لن يحسم إلا بعد فرز هذه البطاقات إذا كانت النتائج شديدة التقارب.
ميشيغانبعد انقضاء انتخابات 2020، دشنت الولاية التصويت الحضوري المبكر لأول مرة، وصارت تسمح لدوائرها التي تضم أكثر من 5 آلاف ساكن بالبدء في معالجة وفرز الأصوات البريدية قبل 8 أيام من الاقتراع.
ويأمل المسؤولون أن يساعد ذلك على الإسراع بإعلان نتائج الولاية مقارنة بما جرى في 2020 حين لم يكن مسموحا معالجة الأصوات البريدية قبل يوم الانتخابات.
ووقع "السراب الأحمر" في الولاية عام 2020 عقب إغلاق مراكز الاقتراع حين جاءت الأصوات الأولى لصالح ترامب، لكن بايدن تغلب عليه في نهاية المطاف بفضل الأصوات البريدية التي استغرق فرزها وقتا أطول.
نيفادالم يعلن فوز بايدن بهذه الولاية في 2020 إلا بعد 5 أيام من انتهاء الاقتراع، وأثار هذا البطء سيلا من التعليقات الساخرة، لكن المسؤولين في الولاية يقولون إنهم أنجزوا تعديلات من شأنها أن تسرع العملية.
وأبرز هذه التعديلات السماح للمقاطعات ببدء معالجة وفرز الأصوات البريدية في 21 أكتوبر/تشرين الأول. وفضلا عن ذلك يجوز للموظفين البدء بفرز الأصوات الحضورية المبكرة في الساعة 3 بعد الظهر بتوقيت غرينتش في يوم الانتخابات بدلا من الانتظار حتى إغلاق مراكز الاقتراع.
ومع ذلك فإن النتيجة قد لا تحسم سريعا في نيفادا، فقد أصبح التصويت البريدي شائعا في الولاية، وهي الوحيدة من الولايات السبع الحاسمة التي تقبل الأصوات البريدية المتأخرة.
كارولينا الشماليةيبدأ موظفو الانتخابات في هذه الولاية بمعالجة ومسح الأصوات البريدية قبل يوم الانتخابات. وبعد إغلاق مراكز الاقتراع يبدأ إعلان النتائج الأولى التي يكون أغلبها من الأصوات البريدية وأصوات الاقتراع الحضوري المبكر.
وقد تتقدم هاريس أولا بفضل الأصوات البريدية لكن ترامب قد يسد هذه الفجوة مع بدء فرز بطاقات يوم الاقتراع.
وإذا جاءت أصوات كلا المرشحين شديدة التقارب كما تشير استطلاعات الرأي فإن نتيجة كارولينا الشمالية قد تظل غامضة لمدة أسبوع أو أكثر.
بنسلفانياقد تكون هذه أهم ولاية حاسمة، وقد ظلت نتيجتها غامضة في 2020 لمدة 4 أيام بعد الاقتراع، حيث واجه الموظفون سيلا هائلا من الأصوات البريدية.
وهي من الولايات القليلة التي لا تجيز لموظفي الانتخابات البدء بمعالجة أو فرز الأصوات البريدية إلا بعد الساعة 11 صباحا بتوقيت غرينتش في يوم الاقتراع، مما يعني أن النتيجة النهائية قد لا تتضح إلا بعد أيام.
ونظرا إلى أن الديمقراطيين أكثر تصويتا بالبريد من الجمهوريين، فإن النتائج الأولية -التي تأتي من الاقتراع الحضوري يوم الانتخابات- ستظهر على الأرجح تقدم ترامب، لكن الفارق قد يتقلص مع بدء فرز الأصوات البريدية.
ويسكونسنهذه الولاية -مثل بنسلفانيا- من الولايات القليلة التي لا تسمح لموظفي الانتخابات بمعالجة أو فرز الأصوات البريدية إلا في صباح يوم الاقتراع، وهو ما يعني احتمال تأخر الإعلان عن نتائج تلك الأصوات المبكرة.
علاوة على ذلك، فإن كثيرا من المدن الكبيرة في هذه الولاية تنقل الأصوات البريدية إلى مقرات مركزية لمعالجتها وفرزها. وهذا قد يؤدي للإعلان عن نتائج حزم كبيرة من الأصوات دفعة واحدة في ساعات الصباح الأولى في اليوم الموالي للاقتراع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إغلاق مراکز الاقتراع یوم الانتخابات فی هذه الولایة یوم الاقتراع من الولایات من الأصوات إلا بعد فی یوم
إقرأ أيضاً:
الولاية القضائية العالمية وعدم الافلات من العقاب
أعرب بعض الخبراء القانونيين عن شكوكهم بشأن فعالية الولاية القضائية الدولية في تحقيق العدالة، خصوصًا في ظل عدم تعاون بعض الدول في إفريقيا وأوروبا وآسيا، إلى جانب التنافس بين القوى الكبرى مثل روسيا والصين والولايات المتحدة. وأكدوا أهمية إدماج ميثاق روما في التشريعات الوطنية لتعزيز تنفيذ الاختصاص الجنائي الدولي.
كما أشار الخبراء إلى نجاحات سابقة للولاية القضائية الدولية، حيث تمت محاكمة رؤساء سابقين في إفريقيا وأوروبا بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأعمال تعذيب وحشية، مما يدل على إمكانية تحقيق العدالة من خلال التنسيق الدولي.
مفهوم الولاية القضائية الدولية
المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان بدر الدين حمزة يوضح أن مفهوم الولاية القضائية الدولية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفهوم حقوق الإنسان كقضية دولية. نشأت حقوق الإنسان بعد نضال طويل لشعوب العالم، وهي مستمدة من فلسفة القانون الطبيعي التي تؤكد على الحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة الكريمة، منع التعدي على الممتلكات، حرية الفكر، العقيدة، التنقل، والعمل، وغيرها. هذه الحقوق أصبحت، أو ينبغي أن تكون، محمية عالميًا.
ملاحقة ومحاكمة
يرى حمزة أن الولاية القضائية الدولية تُعد أداة أساسية لضمان منع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وقد تطور هذا المفهوم مع تطور الدول الحديثة التي يُفترض أن تعتمد على نظام عادل ومتوازن يضمن الفصل بين السلطات: التشريعية التي تسن القوانين، التنفيذية التي تخدم مصالح الشعوب، والقضائية التي تضمن تطبيق العدالة بفعالية.
ويشير حمزة إلى أن تطور العلاقات بين الدول ككيانات مستقلة، وما تتطلبه من تبادل المنافع وحماية الأمن والسلام، أدى إلى ضرورة التنسيق الدولي. وبعد الحروب الكبرى والفظائع التي شهدها العالم، برزت الحاجة إلى إطار قانوني دولي يُجرّم الانتهاكات ويُلزم الدول بملاحقة مرتكبيها. وقد تمثل هذا التنسيق في مواثيق الأمم المتحدة التي حددت حقوق الإنسان وفرضت حظرًا على الانتهاكات الجسيمة.
السودان والتطبيقات العالمية
يوضح حمزة أن السودان دخل نطاق تطبيقات الولاية القضائية الدولية بعد الانتهاكات الجسيمة التي شهدتها دارفور بين 2003 و2005. آنذاك، برز القصور في التشريع الجنائي الوطني، مع عجز النظام القضائي عن ملاحقة المشتبه بهم في ارتكاب جرائم مثل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. أبرز هؤلاء كان عمر البشير، عبد الرحيم محمد حسين، وأحمد محمد هارون.
وأشار إلى أن عدم توقيع السودان على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية لم يمنع إحالة قضايا هؤلاء المتهمين إلى المحكمة عبر مجلس الأمن. وفي محاولة لتجنب المحاكمات الدولية، قام النظام السوداني في عام 2009 بتعديل القانون الجنائي الوطني لتقويض إمكانية ملاحقة المشتبه بهم بموجب الولاية القضائية الدولية.
لكن التعديلات تعارضت مع مبدأ "القانون الأصلح للمتهم"، إذ وقعت الجرائم قبل تعديل القانون، مما جعل محاكمتهم داخليًا غير عادلة وفقًا للمعايير القانونية الدولية، وفتح المجال لإفلاتهم من العقاب. وأكد حمزة أن محاكمتهم في الخارج باتت ضرورة إنسانية لتحقيق العدالة الدولية وإنصاف الضحايا.
القتل الممنهج
بحسب حمزة، فإن تعديل القانون الجنائي السوداني في 2009، مع المواثيق الدولية ذات الصلة، كان أساسًا لتحريك الإجراءات القانونية الدولية ضد البشير وأعوانه على خلفية انتهاكات دارفور (2003-2005). كما فتح المجال للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة خلال الحراك الثوري منذ 2018، والحرب الوحشية المستمرة حاليًا.
وذكر أن الجرائم الموثقة، مثل القتل الممنهج للمدنيين، الاغتصاب، التعدي على المناطق السكنية، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، تخضع لنطاق القانون الجنائي السوداني (المواد 186-1992). ومع ذلك، فإن عجز الأجهزة القضائية الوطنية عن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم يجعل المسؤولية تقع على عاتق الولاية القضائية الدولية والشعب السوداني.
دعوة للعمل المشترك
حمزة شدد على أهمية دور المنظمات الحقوقية والقانونية، سواء داخل السودان أو خارجه، في توثيق الانتهاكات، رصد الضحايا والجناة، والضغط المستمر لضمان ملاحقة المتورطين وإنصاف الضحايا. وأكد أن تحقيق العدالة يتطلب تعاونًا دوليًا منسقًا وجهودًا متواصلة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
الاختصاص المكاني:
المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان، سمير مكين، يوضح أن مفهوم الولاية القضائية يعني في بعض الحالات أن تمتلك دول معينة، وفق شروط محددة، الحق في النظر في قضايا تتعلق بجرائم ارتكبها متهمون خارج حدودها. هذا المفهوم يعد استثناءً من القاعدة العامة في القانون التي تنص على محاكمة الجاني في مكان وقوع الجريمة. وقد تبنى الفكر القانوني الجنائي الدولي هذا الاستثناء لأسباب تتعلق بتحقيق العدالة، وهو ما تجسد في اتفاقيات دولية مثل اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تمنح الدول الموقعة عليها الحق في ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة.
فيما يخص الاختصاص الجنائي الدولي، يشير مكين إلى أن ميثاق روما يمنح الدول الموقعة عليه صلاحية ممارسة هذا الاختصاص على الجرائم التي تندرج ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، يتساءل مكين عن مدى تطبيق هذا المبدأ على الجرائم المرتكبة في السودان، سواء الحالية أو السابقة. ويرى أن ذلك يعتمد على إدراج ميثاق روما في القوانين الوطنية للدول الموقعة، وهو ما يواجه تحديات عدة، أبرزها عدم رغبة بعض الحكومات في تنفيذ التزاماتها، رغم توقيعها ومصادقتها على الميثاق. مثال على ذلك هو تهريب الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، من جنوب إفريقيا، رغم التزاماتها الدولية.
كما يشير مكين إلى أهمية دور منظمات المجتمع المدني في بناء قضايا تستند إلى أدلة واضحة وتحقيقات مهنية تشمل الضحايا والجناة المباشرين والمسؤولين عن الانتهاكات، وذلك وفق مبدأ "مسؤولية القائد". وأكد أهمية التنسيق بين المنظمات الإقليمية والدولية لتحقيق العدالة.
وفيما يتعلق بالسوابق الناجحة، أشار مكين إلى محاكمة الرئيس التشادي الأسبق حسين حبري، ومحاكمة الجنرال أوغستو بينوشيه في إسبانيا، إضافة إلى محاكمات رموز النظام السوري السابق في ألمانيا، المتهمين بارتكاب جرائم تعذيب وقتل خارج إطار القانون.
تقرير: حسين سعد