صنعاء- عبدالعزيز الحزي

كشف العدوان الصهيوني البربري على قطاع غزة عن عجز النظام الدولي في وقف المجازر اليومية والإبادة الجماعية في القطاع وحجم التناقضات التي تتعامل بها الدول الغربية الكبرى خاصة أمريكا التي ترفع شعارات وقيم الديمقراطية واحترام الحرية وحقوق الإنسان في القضايا والأزمات المختلفة، وذلك بعد إطلاق يد الكيان الصهيوني لتنفيذ حرب إبادة جماعية على غزة، مع تقديم كافة أوجه الدعم المادي والدبلوماسي والعسكري للكيان الغاصب.

والتعريف المبسط للنظام الدولي بأنه هو الأداة التي تساعدنا على فهم علاقات القوة بين دول العالم، وتوزيع هذه القوة فيما بينها.

وتكمن أهمية النظام الدولي في أنه يعد البيئة التي تتم فيها العلاقات الدولية، وهي مهمة للغاية عندما يتم وضع السياسة الخارجية، إذ لا يمكن وضع هذه السياسة دون فهم البيئة الدولية المحيطة بالدولة والتي يمثلها النظام الدولي.

ومن هذا المنطلق يبدو أننا سنشهد خلال المرحلة المقبلة تحول جذري في عالمنا اليوم من النظام الدولي أحادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب لأن هناك شعورا عالميا يتملك الجميع في العالم بعدم الثقة في النظام الدولي الحالي الذي تسيطر عليه عصابات صهيونية عالمية تهيمن على مقدرات الدول وذلك في شكل حكومات ومؤسسات…. الخ.

كما يتملك الجميع شعور بعدم الثقة في قدرة الولايات المتحدة الأمريكية في أن تلعب دور القائد العالمي بعدما كشفت عن وجهها القبيح في حرب غزة ودعمها اللامحدود للإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني، أو حتى أن تكون مقنعةً بأنها تستطيع أن تقود هذا النظام مرة ثانية في المدى المنظور.

الكيان الصهيوني الغاصب خرق كافة القوانين والمواثيق الدولية سواء تلك التي وقع عليها، أم تلك التي يفرضها عليه العرف الدولي، وبالأخص القانون الدولي الإنساني الذي يتعلق بحماية المدنيين في الحروب.

ابرز انتهاكات الكيان الصهيوني

ومن أبرز الانتهاكات القانونية للكيان الصهيوني في حربه الأخيرة على غزة: انتهاك المادتين 55 و59 من اتفاقية جنيف الرابعة، المتعلقتان بإدارة الأقاليم المحتلة، وضرورة تحمل السلطة المحتلة المسؤولية الأساسية لضمان توفير الغذاء والإمدادات الطبية للسكان في الإقليم المحتل، وإذا كانت المواد الغذائية أو الإمدادات الطبية غير كافية لتلبية احتياجات السكان المدنيين، فيجب أن يُسمح بمرور جميع عمليات الإغاثية والإنسانية؛ وهو ما لم يلتزم به الكيان الصهيوني بل عمد على استخدام التجويع كسلاح في حربه الانتقامية على قطاع غزة، من خلال حصار القطاع وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية.

وانتهاك المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تتعلق بحظر العقوبات الجماعية والنهب والمعاملة غير الإنسانية في النزاعات المسلحة، بالإضافة إلى تنفيذ جملة من جرائم الحرب كاستهداف المدارس والمستشفيات، وجريمة التهجير القسري التي وردت في نظام روما الإنساني لـ المحكمة الجنائية الدولية، بأنها جريمة ضد الإنسانية، كما وردت في المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والتي حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى.

كما أن الكيان الغاصب صوت داخل الكنيست على منع إقامة دولة فلسطينية؛ وهو ما يتعارض مع حق تقرير المصير والموجود في المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي ينص على أن “لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها.

ويرى الخبراء أنه عند كل تحول من نظام دولي إلى نظام آخر تتعرض العلاقات الدولية إلى هزة عنيفة تفرض نوعاً من التوتر الخطير في عدة بؤر، بل وأكثر من ذلك، إنها حشرجة احتضار النظام أحادي القطب وآلام ولادة نظام متعدد الأقطاب.

ولقد شكلت حقبة الحرب الباردة العصر الذهبي لشرعية دولية كانت تبحث باستمرار عن مصداقية الحد الأدنى، باعتبار هذه المصداقية هي الشرط الأول لمحدودية توظيف الأمم المتحدة من هذا المعسكر أو ذاك.

وكان لانهيار المعسكر السوفيتي أن فتح الشهية للمنتصرين الجدد بإعادة رسم خريطة العالم وفق مصالحهم أولا، فكانت التجمعات المدنية في العالم الطرف الأول المناهض لتوجه كهذا.

ولقد جرت نقاشات معمقة حول ضرورة تعزيز ترسانة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان لمواجهة السياسة الأمريكية التي بات هاجسها الأول البناء الإمبراطوري أكثر منه التنظيم الجماعي للعلاقات الدولية، وصارت ازدواجية المعايير تثير الاشمئزاز، ولم يعد عند جماهير واسعة من بلدان الجنوب، في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، أي دافع لاحترام ما لا يحترم وتقديس المدنس وطاعة الطغيان الدولي باسم قرارات مجلس الأمن” ،كان عام 1993 قمة هذه النشاطات المدنية والحقوقية، حين تبنى مجلس الأمن قرارات لجنة حقوق الإنسان المتعلقة بإنشاء محاكم جنائية دولية خاصة بيوغسلافيا ورواندا، وإنشاء مفوضية سامية لحقوق الإنسان، والتقدم في حقوق البيئة.

بالمقابل، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعد العدة لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي على أساس تعزيز هيمنتها وتثبيت قواعدها في الخليج والجزيرة العربية، كما كانت أيضا تقوم بالتأسيس لمفهوم مرن للشرعية يسمح لها باعتماد بنيات موازية لكل ما ينتجه المجلس الاقتصادي والاجتماعي من قواعد قانونية وخلقية لا تنسجم مع عملية إعادة بناء موازين القوى على الصعيد العالمي، إضافة إلى دعم وتعزيز السلطات السياسية الحليفة للولايات المتحدة، وبغض النظر عن أسلوبها في ممارسة الحكم، ديمقراطيا أو تسلطيا.

وبالرغم من كل السياسات المعلنة للإدارات الأمريكية المتعاقبة حتى اليوم، آثرت الولايات المتحدة سد الطريق على الإرادات الشعبية الحرة انطلاقا من أن نشوء رأي عام من العيار الثقيل، ونظم ديمقراطية ذات مجتمعات مدنية فاعلة في بلدان الجنوب، يشكل خطراً حقيقياً على مشروعها للهيمنة، ومهما كان وضع الرأي العام الشمالي، فهو لا يجد غرابة في امتيازات تمنح لفرنسا وبريطانيا في مجلس الأمن مثلا.

والحرب على الإرهاب كانت الضربة القاضية على الشرعية الدولية بقراءتها الشمالية، فقد صنفت حركات المقاومة في معسكر الشر والإرهاب، ووضعت التعبيرات الأهم للحركة المدنية في البلدان الإسلامية (الجمعيات الخيرية والإنسانية) في خانة الاتهام.

وبهذا أصبحت معركتنا اليوم في تعزيز دور مؤسسات الأمم المتحدة التي لم ترتهن بعد لقرار الإدارة الأمريكية والمنظمات شبه الحكومية التي تحترم الشرعة الدولية لحقوق الإنسان باعتبار أن الوضع البشري لا يسمح بعد بتجاوز هيئة الأمم المتحدة”.

ويرى الخبراء أنه بهذا المعنى فإننا نرى في المنظور القريب احتضار الشرعية الدولية بمفهومها الراهن، باعتبارها لم تعد التمثيل الصادق للإرادة الجماعية على الصعيد العالمي، وبهذا المعنى أيضا نستنفر كل الطاقات لتشبيك واسع النطاق للفضاءات غير الحكومية، تشبيك يسمح بولادة شرعية حقوقية جديدة، أساسها العدالة الدولية، أي أفضل ما أنتجته المجتمعات المدنية والأمم المتحدة في وجه مجلس الأمن، أسير الإدارة الأمريكية.

المصدر- سبأنت

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الکیان الصهیونی النظام الدولی مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

صندوق تنمية الموارد البشرية يكشف عن توظيف 294000 سعودي بالقطاع الخاص هذا العام

مقالات مشابهة هل تنهار السيارات الكهربائية نهائيًا؟ أرقام صادمة لمبيعات 2024

‏9 دقائق مضت

عاجل.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم ويتخطى هذا المستوى

‏44 دقيقة مضت

أول جزيرة طاقة اصطناعية في العالم تقترب من مرحلة البناء (صور وفيديو)

‏ساعة واحدة مضت

عاجل. زيادة أسعار البنزين لشهر تشرين الثاني المقبل في الأردن

‏ساعة واحدة مضت

سؤال وجواب بخصوص خاتم سامسونج Galaxy Ring

‏ساعة واحدة مضت

رابط www formation.sante.gov.dz تسجيلات مسابقة الشبه الطبي 2024 للتوظيف موقع وزارة الصحة

‏ساعتين مضت

كشف تركي بن عبدالله الجعويني، مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية، عن مساهمة الصندوق في توظيف حوالي 294 ألف مواطن ومواطنة في منشآت القطاع الخاص خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، كما أشار إلى استفادة 1.7 مليون مواطن ومواطنة من مختلف برامج ومنتجات الصندوق خلال نفس الفترة.

صندوق تنمية الموارد البشرية

أكد الجعويني أن عدد المنشآت التي استفادت من الخدمات والمنتجات منذ بداية عام 2024 وحتى نهاية الربع الثالث قد بلغ حوالي 139 ألف منشأة، تغطي مختلف المناطق في المملكة وتعمل في جميع القطاعات الحيوية، كما أضاف أن إجمالي المبالغ المصروفة على برامج دعم التدريب والإرشاد والتمكين التي قدمها الصندوق خلال نفس الفترة وصل إلى 5.48 مليار ريال.

مواكبة التطورات التنموية في المملكة

أكد الجعويني أن الصندوق يولي أهمية كبيرة لمواكبة التطورات التنموية التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات، وما يتطلبه ذلك من تغييرات في احتياجات قطاع الأعمال والمهارات المطلوبة من الكوادر الوطنية. كما يسعى الصندوق بشكل مستمر إلى تعزيز وتطوير مهارات الشباب والشابات في الوطن، وزيادة مشاركتهم في سوق العمل، ويعمل على تحفيز القطاع الخاص للمساهمة في توطين الوظائف، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الجهات المعنية في تدريب وتوظيف وتمكين الكوادر الوطنية، مما يسهم في زيادة تنافسيتها واستدامتها في سوق العمل.

تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030

وأشار إلى أن الاستراتيجية الجديدة للصندوق قد أسهمت في تعزيز استفادة الأفراد والشركات من البرامج والخدمات المقدمة، مؤكدًا على استمرار جهود الصندوق لمواكبة التغيرات في سوق العمل وتلبية احتياجاته، مع مراعاة الأولويات المتعلقة بالقطاعات المختلفة، كما يعمل الصندوق على تطوير برامج الدعم في مجالات التدريب والتمكين والإرشاد الموجهة للكوادر الوطنية، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في تنمية القدرات البشرية واستراتيجية سوق العمل.


Source link ذات صلة

مقالات مشابهة

  • صندوق تنمية الموارد البشرية يكشف عن توظيف 294000 سعودي بالقطاع الخاص هذا العام
  • أيام سوداء يعيشها الكيان.. دلالات تصاعد العمليات الفدائية ضد العدو الصهيوني
  • نفقات الحرب تغذي التضخم في الكيان الصهيوني
  • طهران: إفلات الكيان الصهيوني من العقاب جعله أكثر وقاحة
  • النرويج تطلب الحصول على رأي محكمة العدل الدولية بشأن حظر الكيان الإسرائيلي عمل الأونروا
  • الخارجية الأردنية: المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا خرق واضح لقواعد القانون الدولي
  • «الخارجية الأردنية»: المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا خرق للقانون الدولي
  • وزير الخارجية الإيراني يطالب بموقف حازم من مجلس الأمن تجاه الكيان الصهيوني
  • الكيانُ الصهيوني ومخطّطاتُه للسيطرة على الأُمَّــة
  • الرئاسة الفلسطينية: الاحتـ.ـلال يرتكب المزيد من المجازر لغياب المحاسبة الدولية