هكذا حفظت 3 سيدات مصريات مقام أحد الأولياء وحولنه إلى خان صديقة
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
تقودنا الأحلام أحيانا إلى مصائر لم تكن أبدا في الحسبان، تلك الرؤى التي تتراءى للبعض أحيانا، وتدفعهم لطرق ما كانوا يسلكونها يوما دون تلك الإشارات. هذا ما حصل مع "أم مجدي"، السيدة الثانية على خارطة طريق وصل بنا إلى "خان صديقة" في حي القلعة بالقاهرة.
3 نساء تجمعت خيوط حياتهن حول بيت قديم في "4 درب اللبانة" بحي القلعة بالقاهرة، الجدة صديقة، الأم "أم مجدي"، والحفيدة "عزة عبد العزيز"، 3 أجيال تشبثن بحلم قديم لمنزل بُني على أنقاض ضريح متهدم، لم يكن يُعرَف من هو صاحبه، قررت الحكومة قبل سنوات بعيدة إزالته، وعلى إثر رؤية رأتها الجدة صديقة، قررت أن تحتفظ بالضريح، بعد أن زارها صاحب المقام وأذن لها بالبناء دون هدمه.
وعلى إثر تلك الليلة التي تعاقب عليها 3 أجيال، استمر المنزل القديم الذي حمل رقم "4" في "درب اللبانة" بحي "القلعة" المطل على مسجد السلطان حسن، حتى حولته الحفيدة عزة عبد العزيز إلى "خان صديقة".
خريجة الجامعة الأميركية تحقق الحلم القديمعاشت السيدة عزة عبد العزيز جُل حياتها بعيدا عن منزل جدتها، إذ تخرجت من الجامعة الأميركية في القاهرة، ثم تزوجت وتفرغت لتربية أبنائها، لكن كان هناك دوما خيط لا ينقطع بينها وبين منزل الجدة في درب اللبانة، تتذكر نشأتها الأولى وطفولتها التي قضتها في البيت، وقصص أمها ورائحة البخور المنتشرة من مدخل الحارة حتى شقة الأسرة، الهواء المنعش الذي كان يملأ البيت صيفا رغم حرارة الجو، والدفء الذي كانت تستشعره في ليالي الشتاء قارصة البرودة.
بلغت عزة عقدها الخامس من عمرها، وبقي شيء ما في ذلك المكان يجذبها، كلما مر الزمن، حتى تمكنت بعد وفاة أمها أن تستأثر بملكيته وتشتري نصيب كل الورثة، حتى يكون المنزل خالصا لها، دون أن تفكر في ماذا ستفعل به أو ماذا ستفعل بهما الأيام.
كانت حالة البنيان يرثى لها بعد 3 أجيال تعاقبت على المنزل ومقام الشيخ المجهول (الجزيرة)
بعد 3 أجيال تعاقبت على المنزل ومقام الشيخ المجهول، كانت حالة البنيان يرثى لها، سواء بتراكم المهملات على سطح المنزل، أو تراكمها في قبو المقام بعد تهدمه، كان قرار عزة أن تبدأ في إصلاح المنزل وتهيئته، لكنها لم تكن تعلم لماذا!
تقول السيدة عبد العزيز للجزيرة نت "فكرت في البداية في إصلاح السطح فقط، والاستفادة بيه في فعاليات ثقافية مرتبطة بالتراث، وقررت الاستعانة بمقاول بناء يقوم بكل المهمة، لكنه حين زار المنزل في المرة الأولى لم يكد يمر بمدخله حتى توقف لسؤال آخر".
أكوام من المخلفات المتراكمة خرجت من الضريح المنسي في "درب اللبانة" بحي "القلعة" (الجزيرة) من صاحب الضريح المجهول؟لم تتوقف عبد العزيز طيلة عمرها عن التساؤل حول هوية صاحب الضريح المتهدم في مدخل المنزل، كان السؤال يراودها بين الحين والآخر، لكنها لم تملك أي معلومة أو دليل يرشدها لصاحبه، حتى دعت أحد أصدقائها المهتمين في البحث والتنقيب عن الأولياء والأضرحة، فغاب الصديق لفترة تراوح 3 أشهر ثم هاتفها بمعلومة وحيدة.
توصل الصديق إلى أن ذلك الضريح للشريف المهدي، الصوفي القادم من بلاد فارس ليختار مقام المتصوفة فوق جبل القاهرة، ويقيم متعبدا بقية حياته حتى موته، لم يجد الباحث أكثر من تلك الكلمات عن المهدي في كتاب المقريزي "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار".
يعود الضريح للشريف المهدي الصوفي القادم من بلاد فارس ليختار مقام المتصوفة فوق جبل القاهرة (الجزيرة)اختار المقاول أن يبدأ تمهيد المنزل وتهيئته من الضريح، فقد كان من محبي آل البيت، والمتتبعين لتراث الأولياء، لذا كان تنظيف ضريح المهدي وإقامة لوائه هي مهمته الأولى في أسبوعه الأول من تولي مسؤولية الترميم.
أكوام من المخلفات المتراكمة خرجت من الضريح المنسي، الذي لم تتولاه وزارة الآثار أو الأوقاف منذ زمن، ولولا رؤية منام صديقة لزال منذ زمن، انتهى تنظيف الضريح وبدأت المرحلة الثانية من إعداد المنزل لدوره الجديد كـ"خان صديقة".
الفرح.. أولى فعاليات الخان"خان صديقة" هو الاسم الذي أطلقته عبد العزيز على المنزل الكائن في "4 درب اللبانة" بـ"القلعة"، والمطل على مسجد السلطان حسن، أعلى تبة متدرجة توصل بينه وبين الشارع الممتد.
لعبت الصدفة دورا آخر في أولى الفعاليات المقامة في "خان صديقة"، فقد اختارته إحدى المبادرات التراثية كمكان لمعرضها عن تراث الأفراح الشعبية في مصر، وشهد سطوح صديقة فرحا شعبيا بمفهوم تراثي، تلاه -حسب عبد العزيز- عدد من الفعاليات المجتمعية المختلفة التي تتناسب مع البيئة التراثية للمكان والطراز الأثري والديني المحاط به.
اختارته إحدى المبادرات التراثية "خان صديقة" كمكان لمعرضها عن تراث الأفراح الشعبية في مصر (الجزيرة)"بدأنا بحفلات للإنشاد والذكر في إطار بعض المناسبات الدينية التي يحتفل بها المصريون مثل المولد النبوي والمناسبات الدينية المختلفة"، تقول عبد العزيز.
وتختم بالقول إنها تسعى لإعداد وجبات الإطعام الخيري في المنزل بإحدى الشقق الفارغة في الدور الأرضي، مع تخصيص سطح المنزل للفعاليات الثقافية المختلفة.
تأمل السيدة المصرية من خلال ذلك أن تسنح لها فرصة في تنمية مجتمع منطقة "القلعة" الأثرية، وتوفير فرص مختلفة لأهالي المناطق الشعبية المحيطة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
من تفجير محيبيب التي تحتضن مقام بنيامين إلى مئذنة بليدا.. إسرائيل تتعمد استهداف المقامات الدينية (صور)
يتواصل العدوان الإسرائيلي على لبنان منذ 8 تشرين الأول 2023، ما أدى إلى نزوح أكثر من مليون ونصف مليون لبناني وإلى دمار هائل لحق بالمنازل والقرى وأيضا بالمقامات الدينية والمعالم الأثرية الموجودة في المناطق المُستهدفة، وبالتالي فإن اسرائيل تنتهك على نطاق واسع قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان لاسيما اتفاقيات جنيف، ومعاهدة "لاهاي" الدولية المتعلقة بحماية الإرث الثقافي.
علما ان لبنان تقدم قبل أيام بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي حول الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة تطرقت أيضا إلى الغارات التي استهدفت محيط قلعة بعلبك المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو، وعلى سوق النبطية التاريخي".
ولا بد من الحديث عن الفيديو الذي انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم حيث وثّق قيام القوات الإسرائيلية بتفجير حيّ بكامله في بلدة محيبيب والتي تقع في قضاء مرجعيون بجنوب لبنان.
مشهد بدا وكأنه من فيلم سينمائي خيالي لا يمكن تصديقه، وقد أدى هذا التفجير إلى تدمير مقام تاريخي يعود لبنيامين ابن النبي يعقوب.
في هذا الإطار، يقول المُرشد السياحي ونقيب الأدلاء السياحيين السابق والمتخصص في التاريخ من الجامعة الأميركية في بيروت هيثم فواز عبر "لبنان 24" ان العدو الإسرائيلي يقوم عمدا باستهداف المقامات الدينية وقد تضرر عدد كبير منها جراء الاعتداءات السافرة.
إليكم عينة من المقامات الدينة التي تضررت جراء العدوان الإسرائيلي الأخير:
مقام محيبيب
تقع قرية محيبيب على بعد 115 كيلومتراً من العاصمة بيروت، و30 كيلومتراً من مركز قضاء مرجعيون التابعة لمحافظة النبطية، وتشتهر بموقعها الذي يطل على مناطق واسعة من جنوب لبنان والشمال الإسرائيلي.
وسميت البلدة باسم صاحب المقام فيها "محيبيب" ويُقال إنه قبر بنيامين أخ النبي يوسف بن يعقوب". ويقع مقام النبي محيبيب في أعلى نقطة من البلدة ويشرف على مناطق واسعة من لبنان وشمال فلسطين.
هو مقام قديم جدا من الحجر الصخري قائم على العقود الحجرية وكان يتألف من غرفتين: غرفة الضريح عليها قبة وبداخلها الضريح وعليه صندوق خشبي وغرفة ثانية للصلاة.
عام 2000 أي بعد انسحاب الجيش الاسرائيل من لبنان تم ترميمه وإعادة تأهيله حتى أصبح معلما تاريخيا وأثريا مهما في جبل عامل. وبعد عدوان تموز 2006 أعيد ترميمه أيضا ورصفت باحاته الخارجية بعد تسوية الأضرحة فيها وتم توسعة المكان حوله وشقت إليه طريق من ناحية الشرق وأزيلت بعض البيوت حوله. مقام شمعون الصفا
أدت الاعتداءات الإسرائيلية أيضا إلى تضرر مقام شمعون الصفا الواقع في بلدة شمع قضاء صور.
يقع المقام على الحافة الغربية لتلة شمع بجوار القلعة وهو أقدم منها وعندما بنيت القلعة وأقيمت أسوارها سنة 1116 طُمرت الطبقة السفلى نهائيا من الناحية الغربية ولم يبق ظاهرا للعيان إلا المقام الحالي وهو من المعالم الأثرية والتراثية. وهو مشيد بالحجر الصخري يتألف من طبقتين سفلى وهي قديمة جدا لم يُحدد تاريخ بنائها إلى جانبها قاعة مستطيلة فيها معصرة زيتون تعود إلى مئات السنين، والطبقة العليا بنيت في زمن الدولة الفاطمية 1097 ، وهي قائمة على العقود الحجرية تعلوها 4 قبب وتتألف من 4 حجرات متواصلة بأبواب مقنطرة. وفي الخارج رواق من القناطر الحجرية، وفي فناء المقام صهريج مياه تحت الأرض يعود إلى الحقبة الصليبية.
تعرّض للهدم في حرب تموز 2006 ثم أعيد ترميمه وفق المواصفات الأثرية التي كان عليها قبل الهدم. مقام سجد
سجد بلدة عاملية قديمة تحمل اسم صاحب المقام وتقع في قضاء جزين وتبعد عن العاصمة بيروت 70 كلم.
يقع المقام على قمة ترتفع أكثر من 1200 متر وتشرف على قرى جبل عامل.
المقام عبارة عن غرفة أثرية تعلوها قبة وبداخلها ضريح وإلى جانبها مجموعة من الغرف القديمة يتوسطه "صحن دار"، وعلى مدى قرون اهتم أهالي المنطقة بالمقام وكان مقصدا لهم خلال المناسبات والمواسم.
حوّل الاحتلال الإسرائيلي المقام إلى موقع عسكري وقبل انسحابه عام 2000 نسف أجزاء من بناء المقام. وخلال عدوان تموز 2006 نال المقام تدميرا إضافيا نتيجة القصف ولم يبق منه سوى غرفة المقام. وبعد انتهاء عدوان تموز 2006 أعدت دراسة هندسية لإعادة إعماره بحجارته القديمة وبمواصفاته التاريخية. مسجد بئر الشجرة
مسجد بئر الشجرة الأثري في دير انطار ـ السلطانية في قضاء بنت جبيل ويبعد عن بيروت 108 كلم.
كان البناء قديما يسمى بـ "مصلى النبي" أو مسجد الإمام علي وإلى جانبه بئر قديمة طمرت وشجرة تسمى "شجرة الـ 12 نبياً" وصار يُدعى مسجد "الشجرة".
عام 2003 شيّد مكان المسجد القديم مسجد تراثي رائع الجمال بحجارة تم احضارها من العراق وأصبح يتألف من طبقتين: السفلى هي عبارة عن مصلى للنساء وضعت بداخله الصخرة وفيها المساجد السبعة، أما الطبقة العليا فمصلى للرجال وتتألف من مساحة واسعة تزينها الأعمدة الحجرية والشرفات المزخرفة وقبة كبيرة ومئذنتان.
مسجد النبي شعيب
يقع المسجد في وسط بلدة بليدا قضاء مرجعيون، وهو بناء أثري يعود تاريخه لأكثر من 2000 عام. بعد الفتح الإسلامي صار مسجدا وهو أقدم وأول مسجد في جبل عامل.
خضع للترميم والإضافات العمرانية أكثر من مرة.
وبعد التحرير في عام 2003 أعيد ترميمه وفقا لمعايير البناء التراثي حيث برزت معالمه الأثرية القديمة في مراحلها المختلفة مع الإضافات الحديثة المتناسبة مع العمران الأثري بحيث أصبح تحفة أثرية غاية في الجمال.
مقام هارون
يقع المقام في بلدة خرطوم في قضاء صيدا وهي تبعد عن العاصمة بيروت نحو 60 كلم قرب مقبرة البلدة.
يرجع تاريخه إلى أكثر من 600 عام حسب الدراسات الأثرية والعمرانية وهو عبارة عن بناء حجري عتيق يقوم على العقود والقناطر تعلوه قبة دائرية وفيه محراب صلاة. كانت أرضه قديمة مرصوفة بالحجارة والضريح يمكن النزول إليه بدرج من الصخر إلى مغارة تحت المقام فيها قبور قديمة منحوتة ولكنها فارغة تعود على الأرجح إلى أكثر من ألفي عام.
رمم المقام وفق المواصفات التراثية وتم المحافظة على طابعه الأثري وأضيف إليه باحة خارجية.
مقام النبي عمران
يقع المقام في بلدة القليلة في قضاء صور التي تبعد عن بيروت 98 كلم.
المقام قائم على ربوة تشرف على ساحل البحر وهو عبارة عن غرفتين من الحجر الصخري القديم الأولى غرفة الضريح أمام مدخلها تاجان رخاميان وفوقه حجران رخاميان، كانت أمامه لوحة تبين تاريخ المقام وقد فقدت أيام الانتداب الفرنسي، فيها محراب يعلوه قبة. أما الغرفة الثانية وفيها أيضا محراب فتسمى غرفة أم النبي يحيد بها باحة وبناء حديث للصلاة ومئذنة.
تضرر المقام خلال العدوان الإسرائيلي عام 1996 وتم ترميمه. وبعد العام 2016 رمم المقام من الداخل والخارج وأبرزت معالمه الأثرية والتراثية.
ويؤكد فواز ان "كل هذه المقامات الأساسية الواقعة على الحدود تضررت بالإضافة إلى تضرر مئذنة بليدا وعيترون ".
وأشار أيضا إلى حصول أضرار جزئية في قلعة تبنين حيث تعرّض برجها للقصف الإسرائيلي وهي تُعتبر قلعة سياحية ضخمة.
ولفت فواز إلى عدم وجود معلومات بشأن قلعة شقيف الأثرية في النبطية التي تُشرف على المنطقة الحدودية ويمكن رؤية المستوطنات الإسرائيلية منها، وقال: "بسبب الأوضاع والقصف المتواصل لا معلومات دقيقة بهذا الشأن".
وأكد فواز ان الجنوب لا يحتوي فقط على مقامات إسلامية مهمة بل أيضا هناك مقامات مسيحية بارزة إضافة إلى الكنائس والأديرة.
ولا بد من الإشارة أخيرا إلى ان "الجنوب يملك مخزوناً تاريخياً ودينياً وأثرياً وطبيعياً مهماً، فهو يحتوي على سبيل المثال على 10 قلاع أثرية تعود الى حقبات تاريخية مختلفة منها قلعة دير كيفا، قلعة شمع، قلعة الشقيف، قلعة تبنين، وقلعة دوبيه، وبقايا قلاع تتوزع في أرجائه".
المصدر: لبنان 24