عرعرة - صفا

بعد ثلاثة أعوام ونصف، من المحاكمة والملاحقة والاعتقال الفعلي، والتهم الملفقة، التي لا تغدو سوى "عقابًا على عملها الإنساني تجاه أطفال ومرضى قطاع غزة"، تتخذ محكمة الاحتلال غدًا قرارًا بشأن الناشطة آية خطيب.

ومنذ تاريخ 17 فبراير عام 2020، تواجه ابنة عرعرة بالداخل الفلسطيني المحتل، والبالغة (34 عاما)، مسلسل ملاحقة وتحريض، من قبل المنظومة الأمنية والسياسية والقضائية الإسرائيلية مجتمعة.

واعتقلت قوات الاحتلال خطيب عام 2020، ووجهت لها تهمة "تجنيد الأموال لدعم الأرهاب، وإرسالها إلى حماس"، وهي تقصد بذلك استهداف عملها الإنساني في تجنيد الأموال من أهل الداخل والخارج، لمساعدة أطفال ومرضى غزة.

وتشهد كافة المواقع والمناسبات والأماكن، على الأثر الكبير للعمل الإنساني الذي نشطت به خطيب، قبل أن يتم اعتقالها، على خلفيته.

ومن المقرر أن تُصدر محكمة الاحتلال المركزية في مدينة حيفا، يوم غدٍ الثلاثاء قرارها بخصوص الناشطة خطيب، وفق ما أفاد المحامي بدر إغبارية، الموكل بالدفاع عنها.

ملاحقة بعد الحبس

وتخضع خطيب للمحاكمة منذ 3 سنوات ونصف، واعتقلت فعليًا على خلفية الملف سنة وأربعة أشهر قضتها في سجن "الدامون".

وبعد تلك المدة حولت سلطات الاحتلال، خطيب، إلى الحبس المنزلي في قرية بسمة طبعون وزلفة فقط، وأيضًا بشرط القيد الإلكتروني، وهي لا تخرج من منزلها سوى ساعتين كل يوم.

وتُعد خطيب من أبرز الناشطين في أراضي 48، حيث نشطت عبر صفحتها على "فيسبوك" في جمع التبرعات للأطفال المرضى من الضفة وقطاع غزة، والذين يُعالجون في المستشفيات الإسرائيلية.

كما كانت خطيب قبل اعتقالها، مؤثرة في مساعدة وحل أزمات الحالات الإنسانية المرضية والاجتماعية، من طلاب جامعات فقراء، سيما في توفير أقساط الجامعة لهم.

وشكلت صفحة الفيسبوك الخاصة بخطيب مصدر إزعاج للاحتلال الإسرائيلي، كونها كانت عنوان للسائلين، وخدمة المجتمع، حتى نالت ثقة الجمهور.

ولذلك اعتقلت سلطات الاحتلال خطيب في السابع عشر من شباط، وخضعت للتحقيق لدى جهاز مخابرات الاحتلال لعدة أسابيع، قبل تقديم لائحة اتهام ضدها، يوم 18 آذار/ مارس 2020.

تفنيد التهم وتعنت نيابة الاحتلال

ونفت خطيب التهم المنسوبة إليها خلال محاكمتها، وهي تؤكد أن عملها كان في خدمة الأطفال المرضى من غزة الذي يعالجون في المستشفيات الخيرية، وجمع أدوية ومواد عينية للحالات الإنسانية.

ويقول إغبارية: إن "محاكمة الناشطة خطيب تخللتها مستجدات إيجابية ساهم فيها شهود الدفاع وتفنيد الدفاع للعديد من المزاعم التي وردت في لائحة الاتهام التي قدّمتها النيابة العامة للاحتلال".

ويضيف "أدى إلى شطب عدة بنود من لائحة الاتهام، وهو قد ينعكس على قرار محكمة الاحتلال غدًا".

وخلال تداول ملف خطيب في المحاكم، طلب إغبارية، أن تكتفي محكمة الاحتلال بمدة الاعتقال التي قضتها خطيب في السجن، في حين تطالب نيابة الاحتلال بسجنها لمدة 8 سنوات.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الحكم آية محکمة الاحتلال

إقرأ أيضاً:

الصوت الذي لا يموت.. كيف أصبح محمد رفعت أيقونة التلاوة القرآنية؟

مع حلول شهر رمضان المبارك، تتزين الأجواء بنفحات روحانية خاصة، وتصبح الأصوات التي تعود عليها المسلمون جزءاً لا يتجزأ من ذكريات الشهر الفضيل. وبين تلك الأصوات، يبقى صوت الشيخ محمد رفعت حاضراً في وجدان الملايين، فهو الصوت الذي ارتبط بقدوم رمضان لعقود طويلة، وما زالت تلاوته تملأ البيوت والمساجد، حتى بعد أكثر من سبعين عاماً على رحيله.

البدايات والنشأة

في حي المغربلين بالعاصمة المصرية القاهرة، وتحديداً عام 1882، وُلد الشيخ محمد رفعت، ذلك الصوت الذي شقّ طريقه إلى القلوب قبل الآذان، فأبهر المستمعين بتلاوته العذبة التي امتزجت بالخشوع والجمال. إذ لم يكن مجرد قارئ للقرآن، بل كان حالة روحانية فريدة، تجاوزت أصداء صوته الحدود واللغات، حتى أصبح صوته رمزاً خالداً في سماء التلاوة.

في صغره، وُصف بأنه طفل جميل ذو عيون جذابة، لكن قيل إن سوء الحظ طاله بعد أن أصيب بعين الحسد، مما أدى إلى إصابته بداء في عينيه. وبعد محاولات علاجية لم تُجدِ نفعاً، خضع لعملية جراحية فقد على إثرها بصره تماماً وهو في الخامسة من عمره.
وكما كانت العادة في ذلك الوقت، وجّه والده وجهته نحو حفظ القرآن الكريم، فألحقه بكُتَّاب مسجد مصطفى فاضل باشا في السيدة زينب، وأظهر محمد رفعت موهبة استثنائية في التلاوة، إذ حفظ القرآن كاملًا وهو في العاشرة من عمره، قبل أن يُبحر في علوم التجويد والتفسير والمقامات الصوتية، التي أصبحت فيما بعد علامة مميزة لتلاوته.
ولم يكن فقدانه للبصر هو المحنة الوحيدة في حياته، إذ فقد والده وهو في التاسعة من عمره، ليجد نفسه فجأة مسؤولًا عن إعالة أسرته المكونة من والدته، وخالته، وأشقائه. وبإرادة صلبة، بدأ في إحياء الليالي القرآنية في المآتم، ليكسب قوت يومه ويؤمّن احتياجات عائلته.

صوت من السماء

لم يكن صوت الشيخ رفعت مجرد تلاوة عادية، بل كان يتغلغل في النفوس ويأسر القلوب، حتى بدأ الناس يطلبونه في مختلف أنحاء القاهرة، وأصبح اسمه يتردد في الأقاليم. وعندما بلغ الخامسة عشرة، تم تعيينه قارئاً ليوم الجمعة في مسجد فاضل باشا، حيث ازداد الإقبال على سماعه، لدرجة أن المصلين كانوا يتزاحمون في المسجد لسماع تلاوته.
وكانت أول مكافأة حصل عليها في حياته 25 قرشاً، بعدما قرأ في إحدى المناسبات، وكان هذا المبلغ يمثل له الكثير آنذاك، لكن مع مرور السنوات، ازداد الطلب عليه من قِبل الأثرياء والمحبين، ورغم ذلك، كان زاهداً في المال؛ ففي إحدى المرات، عندما قرأ في منزل أحد الأثرياء، أخطأ المضيف وأعطاه مليماً بدلًا من الجنيه الذهبي، لكنه لم يهتم بذلك، وحين جاء الرجل ليعتذر منه، أجابه بكل رضا: "هذا رزق ربي، والحمد لله على ما رزقني".

ثقافة موسيقية واسعة

لم يكن الشيخ رفعت مجرد قارئ للقرآن، بل كان مثقفاً واسع الاطلاع، إذ درس علوم التجويد والتفسير، إلى جانب دراسته الموسيقى والمقامات الصوتية، حيث تأثر بموسيقى بيتهوفن، موتزارت، وفاجنر. وكان يمتلك مكتبة تضم أشهر السيمفونيات العالمية.
كما كان يعقد صالونات ثقافية يحضرها كبار المثقفين والفنانين، مثل أحمد رامي، كامل الشناوي، صالح عبد الحي، زكريا أحمد، ومحمد عبد الوهاب، وحتى الفنانة ليلى مراد قبل إسلامها.

المحطة الفاصلة في حياته

في عام 1934، حقق الشيخ محمد رفعت نقلة نوعية عندما أصبح أول صوت يُفتتح به بث الإذاعة المصرية، حيث اختير لتلاوة سورة الفتح في افتتاح البث الرسمي، فكان مطلعها: "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا".
ورغم شهرته الكبيرة، كان الشيخ في البداية متردداً في تلاوة القرآن عبر الإذاعة، خوفاً من عرضها للأغاني والموسيقى التي قد يراها البعض غير لائقة، لكنه استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري، الذي طمأنه بأن ذلك لا يتعارض مع قدسية القرآن، مما دفعه إلى قبول العرض، ليصبح صوته مرافقاً للشهر الفضيل وأذان الفجر في الإذاعة المصرية، وهو الصوت الذي لا يزال يُسمع حتى اليوم في رمضان.

سنوات المرض والاعتزال القسري

بعد مسيرة عامرة بالإنجازات، أصيب الشيخ رفعت بعدة أمراض أضعفت صوته، لكنه كان يعود للقراءة بين الحين والآخر حتى اشتد عليه المرض. وفي السنوات الثماني الأخيرة من حياته، أصيب بورم في الأحبال الصوتية، مما منعه من تلاوة القرآن نهائياً.
ورغم ظروفه الصعبة، رفض الشيخ رفعت أي مساعدة مالية، حتى عندما جمع محبوه مبلغ 50 ألف جنيه لعلاجه، رفض قائلاً: "الدنيا عرض زائل.. وقارئ القرآن لا يُهان ولا يُدان.. أراد الله أن يمنعني، ولا راد لقضائه.. فالحمد لله".
وفي نفس يوم ميلاده، الموافق عام 1950، رحل الشيخ محمد رفعت عن عمر ناهز 68 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً خالداً من التلاوات العذبة، التي لا تزال تسكن قلوب المستمعين حتى اليوم. 

وعندما نعته الإذاعة المصرية، خاطبت المستمعين قائلة: "أيها المسلمون، فقدنا اليوم علماً من أعلام الإسلام"، كما نعتته إذاعة دمشق بقولها: "لقد مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام"... وحتى الآن لا يزال صوته رمزاً خالداً للتلاوة القرآنية، ويظل اسمه مرتبطاً بشهر رمضان في وجدان المسلمين حول العالم.



مقالات مشابهة

  • مجاعة وحصار في رمضان.. عربي21 ترصد أزمة غزة الإنسانية بين الجوع وانتهاكات الاحتلال
  • مع قرب المهلة التي منحها السيد القائد.. حماس: العدو يواصل إغلاق معابر غزة بشكل كامل
  • 80 باكو الحلقة 12 .. خطيب هدى المفتي ينقذها من 3 شباب
  • أزمة المياه في غزة.. محطات التحلية تكافح لتلبية الاحتياج والصهاريج تنتظر الوقود
  • الصوت الذي لا يموت.. كيف أصبح محمد رفعت أيقونة التلاوة القرآنية؟
  • ارتفاع وفيات الأطفال.. الاحتلال يُكثّف عملياته العسكرية في الضفة الغربية بـ"تكتيكات غزة"
  • لـ الحالات الإنسانية والمرضى.. «الجوازات» تواصل إجراءات تسهيل الحصول على خدماتها
  • النقشبندي.. أيقونة الإنشاد الصوفي وصوت رمضان الخالد
  • «ظلام وحصار وجوع»| الاحتلال يقطع الكهرباء عن قطاع غزة بالكامل مما يزيد من معاناة المدنيين.. وحماس تدين السياسة الإسرائيلية القائمة على العقاب الجماعي
  • دفعة جديدة من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة