مطالبات بإصدار قانون لإثيات نسب اللقطاء.. وخبراء:لم يرتكبوا ذنباً.. فلماذا نقتلهم معنوياً؟ >> إخصائى الإرشاد النفسى والأسرى والتربوى:حياة اللقيط مليئة بالحزن والأسى والشعور بالنقص >> حقوقيون: التحليل الوراثى والبصمات الوراثية للطفل تحدد بدقة آباء مجهولى النسب >> أستاذ بجامعة الأزهر: ترك الأبناء أو إهمالهم تضييع للأمانة.
. والإسلام يجيز إصدار قانون لإثبات النسب
يبدو لك أن مشهد طفل صغير ملفوف فى قطعة قماش متروك أمام بيت أو مسجد أو ملقى فى صندوق قمامة، هو مشهد سينمائى يثير حزنك، أو مشهد خيالى فى إحدى الروايات، أو صورة من صور الحرب الدائرة فى بعض المناطق التى يشتعل فيها الصراع المسلح.. لكن الحقيقة أن هناك آلاف الأطفال «اللقطاء» أو «مجهولى النسب» فى مصر، عاشوا بالفعل ظروفاً مشابهة.
هؤلاء الأطفال ضحايا ظروف اجتماعية سيئة، ووحدهم يدفعون ثمن ذنب لم يرتكبوه، ما قد يخلق لديهم مشاعر الكراهية والعنف تجاه المجتمع كنوع من رد الفعل على المعاملة غير العادلة التى يتلقونها، رغم براءتهم الطفولية.
ولهذا تعالت فى الآونة الأخيرة مطالبات فى مصر بإصدار قانون لإثبات نسب الأطفال اللقطاء.
ويشير الحقوقى والباحث زيدان القنائى إلى أن الحكاية تبدأ غالباً فى العيادات الطبية، حيث يقوم بعض الأطباء باجراء عمليات ولادة للسيدات اللاتى ينجبن أطفالاً بطرق غير شرعية وعلاقات خارج إطار الزواج، وبعدها يتم التخلص من الطفل المولود بإلقائه فى أحد الشوارع.
وشدد القنائى على ضرورة إثبات نسب الأطفال اللقطاء داخل مصر باستخدام وسائل علمية متطورة وعلى رأسها التحليل الوراثى والبصمات الوراثية للوصول للأب الحقيقى وإجباره على الاعتراف بالأطفال وعمل شهادات ميلاد لهم.
وقالت ريهام عبدالرحمن، إخصائى الإرشاد النفسى والأسرى والتربوى، إن قضية الأطفال اللقطاء من أكثر القضايا الإنسانية إيلاماً وتعقيداً، حيث يعانى هؤلاء الأطفال من التهميش والإهمال بشكل غير إنسانى، حيث يترك الرضيع فى ظروف قاسية، ما يعرضه لمخاطر رهيبة مثل التعرض للكلاب الشاردة التى تنهشه بلا رحمة»
وأضافت" هذه الحوادث الفظيعة تعكس عجز المجتمع والنظام الاجتماعى عن توفير الحماية والرعاية لهؤلاء الأطفال الضعفاء.
وعن أسباب تزايد أعداد الأطفال مجهولى النسب أكدت ريهام عبدالرحمن أن هناك أربعة أسباب رئيسية وراء تزايد هذه الظاهرة، وهى الفقر والعلاقات غير الشرعية، العلاقات الجاهلية والجهل بالقوانين.. وقالت: «يعد الفقر من أبرز الأسباب التى تؤدى إلى انتشار هذه الظاهرة، حيث يعانى العديد من الأسر من ضيق المعيشة ما يسهم فى عدم قدرتها على رعاية الأطفال بشكل مناسب، كما تنجم بعض حالات مجهولى النسب عن علاقات غير شرعية، حيث يحاول أطراف العلاقة التخلص من الأطفال الناتجين عنها خوفاً من العار أو الفضيحة، وما زالت بعض العادات المتخلفة قائمة، حيث يرفض البعض الاعتراف بالإناث أو يتخلصون منهن بناء على معتقدات اجتماعية خاطئة، كما يشهد المجتمع جهلاً بمسائل النكاح والتبنى، مثل الزواج العرفى، ما يؤدى إلى تبنى أطفال ثم تركهم بعد اكتشاف الأحكام الشرعية المتعلقة بهم.
وأضافت: على الرغم من الرعاية والاهتمام الذى يتلقاه مجهولو النسب فى دور الأيتام، يعيش الطفل اللقيط حياة مليئة بالحزن والأسى، لا يمكنه التخلص من شعور النقص والاختلاف مقارنة بالأطفال الذين يعيشون مع عائلاتهم، ويتساءل يومياً من أنا؟ من هم أهلي؟ من أين أتيت؟ لماذا أشعر بالاختلاف عن الآخرين؟ لماذا أنا هنا بالذات؟ هذه الأسئلة والهموم ترافق الطفل اللقيط، أو مجهول النسب، منذ صغره حتى بلوغه.
وتابعت: هذا السياق يصبح من الضرورى إصدار قانون لإثبات نسب الأطفال اللقطاء ودراسة التدابير التى يمكن اتخاذها لتوفير حماية أفضل لهم وضمان حقوقهم الأساسية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة ستسهم فى تعزيز استقرارهم العاطفى والنفسى، ما يقلل من مخاطر اضطرابات الهوية الجنسية، كما أن القانون سيفيد المجتمع بشكل عام من خلال معالجة ظاهرة أطفال الشوارع وتقديم الدعم والرعاية اللازمة لهم.
ويرى الدكتور أحمد سعد، أستاذ التربية بجامعة الأزهر، أن قضية رعاية الطفولة تشغل أهمية خاصة فى الفكر الاجتماعى المعاصر، وقال: وجدت ظاهرة اجتماعية ارتبطت بوجود الإنسان وتتثمل فى إنجاب أطفال من قبل رجل وامرأة لا تربطهما علاقة زواج شرعية أو عقد اجتماعى معترف به، ويطلق عليه فى مجتمعنا «الأطفال اللقطاء أو مجهولو النسب»، ويعيش معظم أبناء هذه الشريحة حياتهم إما فى الشارع أو فى داخل مؤسسات خاصة بالرعاية الاجتماعية، وقد تقوم بإدارة هذه المؤسسات جهات حكومية أو جمعيات أهلية يُودَع فيها الأطفال بسبب غياب أو فقدان الرعاية الأسرية.
وأوضح «سعد» أن هذه الفئة تعانى فى معظم الأحوال من مشكلات تتعلق بطبيعة عيشهم واندماجهم فى المجتمع، ومن بينها النظرة الإقصائية التى تركت فجوة واسعة بين هذه الفئة وبقية فئات المجتمع، ومن ثم عدم قدرتهم على الاندماج والتكيف داخل المجتمع؛ ولذلك ظهرت فى الآونة الأخيرة مطالبات بإصدار قانون لإثبات نسب الأطفال اللقطاء، وتبدو أهمية هذه المطالبات من حيث إن هذه الفئة من الأطفال يجب كفالتهم بصورة تحافظ على إنسانيتهم، كما يجب دعمهم والإسراع فى رعايتهم وإعادة تأهيلهم لدمجهم فى المجتمع ليكونوا أفراداً نافعين لهم ولوطنهم.
وأضاف: «يجب وضع تشريع يكفل كل المبادئ والحقوق اللازمة للطفل اللقيط؛ ومنها حقه فى الحياة والبقاء والنمو فى كنف أسرة، وحمايته من كل أشكال العنف أو الضرر البدنى أو المعنوى أو الإهمال أو التقصير أو غير ذلك من أشكال إساءة المعاملة أو الاستغلال، وحقه فى الحصول على خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية، ومساعدته على إكمال تعليمه الدراسى، وتنمية شعوره بالثقة والإحساس بالكرامة والاحترام وتقدير الذات.. إلخ. ومثل هذا التشريع سيدعم سلامة المجتمع، كما يساعد على تكوين المجتمع المتطور المتوازن البعيد عن الانحرافات والأمراض الاجتماعية.. المجتمع القادر على الابتكار والتجديد فى الفكر والعمل.
وعن حكم الشرع فى تخلص بعض الأسر من أطفالها بإلقائهم فى الشارع.. قال الدكتور أحمد سعد: الشرع الحنيف يحرم إلقاء الأطفال فى الشوارع مخافة الفقر أو الفضيحة أو غير ذلك، فلا يجوز للأب أو للأم بأى حال من الأحوال ترك الأبناء أو التفريط فيهم أو إهمالهم وترك رعايتهم وتأديبهم، فذلك من قبيل تضييع الأمانة التى يأثم فاعلها، حيث قال النَّبِى صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ... وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ».
أما عن رأى الدين الإسلامى فى هذا القانون إذا تم تشريعه وصدوره، فأكد أستاذ التربية بجامعة الأزهر أن صدور مثل هذا القانون جائز ولكن فى حدود الشرع ودون انتهاك للحرمات؛ وتوضيح ذلك يكمن فى مسألتين؛ المسألة الأولى: أن الأطفال اللقطاء ومجهولى النسب هم فى حكم الأطفال اليتامى لفقدهم والديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفى النسب، لعدم معرفة قريب يلجأون إليه عند الضرورة، وعلى ذلك فإن من يكفل طفلاً من مجهولى النسب، فإنه يدخل فى الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «أنا وَكافلُ اليتيمِ فى الجنَّةِ كَهاتين، وأشارَ بأصبُعَيْهِ يعني: السَّبَّابة والْوُسْطَى». والحديث فيه دليل على أهمية وعظم الإحسان إِلى اليتامى ومن على شاكلتهم.
والمسألة الثانية تشير إلى أن جمهور العلماء يرون أنه لا يجوز شرعاً إضافة نسب الطفل اللقيط إلى من تبناه، وأن نسبة الولد إلى غير أبيه حرام شرعاً؛ لما فى ذلك من الكذب والزور، واختلاط الأنساب، وخطورة على الأعراض وتغيير مجرى المواريث بحرمان مستحق وإعطاء غير مستحق، ولما فيه إحلال للحرام وتحريم للحلال فى الخلوة والزواج وما إلى ذلك من انتهاك للحرمات، وتجاوز لحدود الشريعة، وفى ذلك قول الله تعالي: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِى السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً).
ومن جانب آخر، أكدت دار الإفتاء المصرية على جواز منح الطفل المكفول لقب العائلة الكافلة، بحيث يظهر مطلق الانتماء للعائلة فقط، دون التدليس بأنه ابنه أو ابنته من صلبه. وحتى لا يدخل ذلك فى نطاق التبنى المحرم شرعاً يشترط أن تكون الإضافة لاسم العائلة للطفل اليتيم أو مجهول النسب مثل ارتباط الولاء الذى كان بين القبائل العربية قديماً، كما أكدت دار الإفتاء أن فى هذا جانباً من التكريم وشيئاً من المصلحة للطفل اللقيط أو مجهول النسب، كما يضيف إلى حياته كثيراً من الأمان والاستقرار والأمل.
وأوضح أيمن محفوظ المحامى أهمية الأوراق الثبوتية للأطفال والحقوق القانونية المرتبطة بها، قائلا: يحق لأى إنسان أن يكون لديه شهادة ميلاد ورقم قومى وأوراق ثبوتية تكشف عن هويته وجنسيته، هذه الأوراق لا تقتصر على إثبات الهوية بل تحدد أيضاً الحقوق الشرعية، مثل الحق فى الميراث. ووفقاً للدستور المصرى فى المادة 80، يعترف بكل شخص لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره كطفل، ويحق له الحصول على اسم وأوراق ثبوتية وتطعيمات مجانية ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية.
وفى حال وجود نزاع على نسب طفل من علاقة غير شرعية، أكدت المحكمة الدستورية العليا على حق المولود فى الحصول على رقم قومى مؤقت حتى يحسم النزاع بين الأم والعشيق. بالنسبة للأطفال اللقطاء، الذين يتم العثور عليهم فى الشوارع دون معرفة أهلهم، فإن من حقهم أيضاً الحصول على أوراق ثبوتية تصدر لهم بأسماء مختارة، وتكفل الدولة برعايتهم.
وأوضح «محفوظ» أن جريمة إلقاء الأطفال فى الشوارع تعتبر جريمة خطيرة بموجب المادتين 285 و286 من القانون، حيث يعاقب كل من يعرض طفلاً لم يبلغ سن السبع سنوات للخطر بالحبس لمدة لا تزيد على سنتين. وإذا نتج عن ذلك وفاة الطفل أو إصابته بعاهة مستديمة، تتراوح العقوبات بين السجن والإعدام.
وقال: فيما يتعلق بجرائم الإجهاض أو الجرائم المرتبطة بمهنة الطب، فإن العقوبات تختلف حسب الجريمة، وتتراوح بين الحبس والغرامة، بالإضافة إلى عقوبات إدارية مثل وقف الطبيب عن العمل أو غلق عيادته. من الضرورى تسريع إصدار قانون المسئولية الطبية الذى يحدد بوضوح مسئولية الأطباء عن الأخطاء الطبية بشكل عام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: طفل صغير صندوق قمامة
إقرأ أيضاً:
برعاية حمدان بن محمد.. «دبي للتوحد» يطلق حملته التوعوية الـ 19
دبي - وام
تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، أطلق مركز دبي للتوحُّد حملته السنوية التاسعة عشرة للتوعية بالتوحُّد، التي تستمر فعالياتها لمدة شهر كامل ابتداءً من اليوم العالمي للتوعية بالتوحُّد الذي يوافق (2 أبريل) من كل عام وفقاً لما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال هشام عبدالله القاسم، رئيس مجلس إدارة مركز دبي للتوحُّد: «تأتي رسالة حملتنا السنوية لهذا العام تماشياً مع أهداف»عام المجتمع«الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، ترسيخاً لركائز مجتمع يتسم بالشمولية ويتقبل جميع فئاته المختلفة».
وأكد أن دعم وتمكين أصحاب الهمم من ذوي التوحُّد، مسؤولية مجتمعية تتطلب تعاوناً شاملاً بين جميع القطاعات، لضمان دمجهم بصورة تتيح لهم الاستفادة الكاملة من إمكاناتهم والمساهمة في مسيرة التنمية المستدامة، معرباً عن شكره وتقديره لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم على دعمه المستمر لهذه الحملة، مشيرا إلى أن رعاية سموه للحملة تعكس التزام القيادة الرشيدة بتوفير بيئة دامجة ومستدامة لأصحاب الهمم لضمان مشاركتهم الفاعلة في المجتمع.
وفي إطار دعم الحملة، قال سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي: «نحرص على دعم الجهود الوطنية الهادفة إلى دمج أصحاب الهمم في المجتمع، انسجاماً مع السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، بهدف بناء مجتمع دامج خالٍ من الحواجز، يضمن التمكين والحياة الكريمة لأصحاب الهمم وأسرهم، ومبادرة«مجتمعي...مكان للجميع» التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وتهدف إلى تحويل دبي إلى مدينة صديقة لأصحاب الهمم».
وأضاف:«يأتي دعمنا للحملة السنوية للتوعية بالتوحُّد 2025، التي يطلقها مركز دبي للتوحد، انطلاقاً من حرصنا على الإسهام في بناء مجتمع دامج وتوطيد الأواصر الاجتماعية بين جميع فئات المجتمع ورفع الوعي المجتمعي باضطراب التوحد ودمج أصحاب الهمم من ذوي اضطراب التوحد ودعم أسرهم، لاسيما ونحن في»عام المجتمع«في دولة الإمارات، تحت شعار»يداً بيد«، الذي يهدف إلى تعزيز الروابط الأسرية والمجتمعية، وتنمية العلاقات بين الأجيال، وتهيئة بيئة شاملة تعزز قيم التعاون والانتماء».
من جانبه، قال محمد العمادي، المدير العام لمركز دبي للتوحُّد وعضو مجلس إدارته: «إن دعم وتمكين أصحاب الهمم من ذوي التوحُّد هو مسؤولية مجتمعية تتطلب تعاوناً شاملاً بين جميع القطاعات، لضمان توفير فرص متكافئة لهم وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في المجتمع، ولهذا تسلط الحملة الضوء على أهمية تعزيز الوعي المجتمعي بخصائص الأفراد ذوي التوحُّد والتحديات التي يواجهونها، مما يساهم في تهيئة بيئة دامجة تلبي احتياجاتهم وتساعدهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة».
وشدد العمادي على أهمية توعية المجتمع بالخصائص النمائية لاضطراب طيف التوحُّد، والتي تؤثر بشكل رئيسي على ذوي التوحُّد في ثلاثة مناحي رئيسية تتمثل بصعوبات النطق والتواصل، وصعوبات التفاعل الاجتماعي، ومشاكل السلوك، حيث يواجه العديد من الأفراد ذوي اضطراب التوحُّد تحديات في التعبير عن أنفسهم وفهم اللغة؛ وصعوبات التفاعل الاجتماعي، ويجدون صعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين؛ بالإضافة إلى مشاكل السلوك، والتي قد تشمل أنماط سلوكية متكررة أو مقاومة للتغيير.
وتتضمن فعاليات الحملة لهذا العام مجموعة متنوعة من الأنشطة، من بينها إضاءة عدد من المعالم البارزة في دبي باللون الأزرق احتفاءً باليوم العالمي للتوحُّد.
كما تشمل تنظيم ورش عمل أسبوعية في جميع مدارس الدولة لرفع مستوى الوعي حول وسائل الكشف الأولي عن التوحُّد، إلى جانب تخصيص فقرات أسبوعية ضمن برنامج»بلسم«عبر قناة نور دبي لزيادة التوعية حول التوحُّد. بالإضافة إلى ذلك، سيقدم المركز جلسات مجانية للكشف المبكر والتقييم الشامل للأطفال ذوي اضطراب التوحُّد والاضطرابات النمائية.
وبالتزامن مع حملة هذا العام، أعلن مركز دبي للتوحد عن إصدار كتابه الجديد بعنوان»إدارة التحديات السلوكية للأطفال ذوي التوحد«، من إعداد الدكتور بسام درويش، والذي يعد دليلًا عمليًا شاملًا للآباء والأمهات والمربين.
يهدف الكتاب إلى تزويد الأسر والمختصين بالمعرفة والأدوات اللازمة لفهم الأسباب الكامنة وراء السلوكيات المختلفة للأطفال ذوي التوحد وتطبيق إستراتيجيات فعالة لمساعدتهم.
ويستعرض الكتاب، المكوّن من أربعة فصول، أساليب علمية ومنهجية لدعم الأطفال ذوي التوحد من خلال تعزيز التفاعل الاجتماعي، وتعليم المهارات الاجتماعية، وتهيئة بيئات داعمة تسهم في تحسين جودة حياتهم.
وتقدّم محمد العمادي بالشكر إلى الجهات الراعية والداعمة للحملة، وفي مقدمتها كل من هيئة كهرباء ومياه دبي ومجموعة وصل لإدارة الأصول شريكي الحملة الإستراتيجيين، إلى جانب الشركاء الرئيسيين: بنك الإمارات الإسلامي، ومؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر، وشركة بترول الإمارات الوطنية «اينوك»، ودبي القابضة، ودبي للاستثمار، وتعاونية الاتحاد، كما شكر الشركاء الداعمين، ومنهم هيئة الطرق والمواصلات بدبي، وشرطة دبي، ومطارات دبي، وهيئة الصحة بدبي، وهيئة تنمية المجتمع، وبلدية دبي، وهيئة دبي للثقافة والفنون، ومركز دبي التجاري العالمي، ومكتبة محمد بن راشد، ومؤسسة الجليلة.
كما أشاد بجهود داعمي الحملة إعلامياً، معرباً عن شكره لكل من المكتب الإعلامي لحكومة دبي وكذلك شبكة قنوات زي الفضائية التابعة لشركة زي للمشاريع الترفيهية، وجلف نيوز، ودار الخليج، مثمناً الجهود الإعلامية لشركة بلسم لتطوير الرعاية الصحية الداعمة للحملة والممثلة ببرنامج «بلسم» في قناة وإذاعة نور دبي.
وأعرب محمد العمادي عن شكره لكل من القرية العالمية، ومركز ميركاتو للتسوق، وسكي دبي، وشركة هايبرميديا للإعلانات، وشركة باور ميديا، وشركة باك لايت ميديا، وشركة ميديا 247، وشركة ساهم لإدارة المبادرات المجتمعية، ومطاعم العالمية ناندوز، ومطاعم ألو بيروت، وفندق ميديا ون، وشركة نايت فرانك، مؤكداً أهمية تكاتف جهود أفراد ومؤسسات المجتمع في تحقيق أهداف السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم.
تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات المعنية بالتوحد في جميع أنحاء العالم تحتفي باليوم العالمي للتوعية بالتوحد من خلال تنظيم عدد من الأنشطة والفعاليات ودعوة المؤسسات العامة والخاصة إلى إضاءة أهم معالم المدن والمباني باللون الازرق للمشاركة في إحياء هذا اليوم، وقد بادرت عدة جهات حكومية وخاصة بإضاءة المباني والمنشآت التابعة لها، أبرزها برج خليفة، وبرج العرب، وبرواز دبي، ومكتبة محمد بن راشد، والقرية العالمية.
يذكر بأن مركز دبي للتوحد سعى منذ إنشائه إلى تعزيز وعي المجتمع باضطراب طيف التوحد ليس بالتوعية بأعراضه فقط بل بتعريف الأفراد والمؤسسات بمتطلبات التعامل الملائمة مع الأشخاص ذوي التوحد من خلال إطلاقه للعديد من الحملات والبرامج التوعوية، أبرزها الحملة السنوية للتوعية بالتوحد والتي سعى المركز لتنظيمها منذ 2006 متخذاً من اليوم العالمي للتوعية بالتوحد (2 أبريل) مناسبة مثالية لانطلاقها في كل عام.
تم إنشاء مركز دبي للتوحُّد في عام 2001 كأول مؤسسة إماراتية غير ربحية معنية بتوفير خدمات متكاملة استشارية وتربوية وعلاجية متخصصة في مجال اضطراب طيف التوحُّد بموجب المرسوم رقم (21) لسنة 2001 الصادر عن صاحب السموّ حاكم دبي، ويتمثل أحد أهداف المركز الرئيسية وفقًا للمرسوم رقم (26) لسنة 2021 الصادر بشأن مركز دبي للتوحُّد، في المُساهمة في جعل الإمارة مركزاً رائِداً على مُستوى العالم في مجال تقديم برامج التربية الخاصّة والخدمات العلاجيّة التأهيليّة المُتخصِّصة المُعتمدة للأشخاص الذين تم تشخيصُهم بالتوحُّد.
يُشار إلى أن التوحُّد يُعد أحد أكثر اضطرابات النمو شيوعاً ويظهر تحديداً خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل ويصاحب المصاب به طوال مراحل حياته، ويؤثر التوحُّد على قدرات الفرد التواصلية والاجتماعية مما يؤدي إلى عزله عن المحيطين به.
وتشير معظم الدراسات العالمية إلى النمو السريع لهذا الاضطراب حيث تُقدّر نسبة المصابين به اعتماداً على تقرير مركز التحكم بالأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية (CDC) الصادر عام 2021، بإصابة واحدة لكل 36 طفلاً، مع تقارب نسبة الانتشار في معظم دول العالم.