مع اقتراب الصراع حول البيت الأبيض للنهاية حيث الثمانية أيام التى تفصل أحد المرشحين الرئاسيين لحسم الأمر لصالحه، يسعى الطرفان الى الفوز بالمراجعات النهائية، فحاولت نائبة الرئيس كاملا هاريس إعادة الزخم الى حملتها الانتخابية بعد حالة من التراجع أدت إلى تعادلها مع خصمها العنيد دونالد ترامب، فاستعانت بالسيدة الأولى ميشيل أوباما التى لم تظهر فى أى تجمع انتخابى سابق منذ مؤتمر الحزب الديمقراطى، وسبق ذلك ظهور نجمة البوب بيونسيه التى أعلنت دعمها علناً لهاريس.

فى هذه الأثناء غازل الرئيس الأمريكى السابق المسلمين الأمريكيين حيث أكد إنه يستحق دعمهم لأنه سينهى الصراعات ويجلب السلام إلى الشرق الأوسط. وصرح فى تجمع جماهيرى خارج ديترويت: «هذا كل ما يريدونه»، معلناً عن دعم مجموعة من الأئمة المحليين له والذين ظهروا بجانبه، وبحسب محللين أنه على الرغم من دعم ترامب إسرائيل بالكامل لكنه لم يذكر كيف سينهى الصراع فى المنطقة. و يبدو أنه يحظى بدعم من بعض الأمريكيين المسلمين المستائين من تبعيه الرئيس جو بايدن وهاريس لإسرائيل، وعلى الرغم من حظر ترامب للهجرة من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة فى ولايته الأولى كرئيس ٢٠١٦ انضم الإمام بلال الزهيرى من المركز الإسلامى فى ديترويت إلى ترامب على خشبة المسرح قائلاً: «نطلب من المسلمين الوقوف مع الرئيس ترامب لأنه يعد بالسلام».

لم يكتف ترامب بمغازلة المسلمين بل سبق ذلك بحثه عن اصوات الشباب الذى تتفوق منافسته فى حشدهم لصالحها حيث اظهر استطلاع جديد للرأى أجراه معهد هارفارد للسياسة بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا أن نائبة الرئيس هاريس تتقدم على ترامب بنسبة 20 نقطة مئوية بين الناخبين الشباب تحت سن 30 عامًا. وتتقدم هاريس بنسبة 30 نقطة مئوية بين الشابات وبنسبة 10 نقاط مئوية بين الشباب.

ولنحو ثلاث ساعات حاول ترامب لفت الانتباه مستعينا بمقدم البودكاست جو روغان روج خلالها أكاذيبه المعتادة، ورأى محللون أن ظهوره فى ذلك البرنامج له معنى سياسى ذكى حيث يصل روغان إلى نوع الشباب المتشككين سياسياً والذين لديهم ثقة منخفضة فى واشنطن وفى وسائل الإعلام الإخبارية التى يعتقد كلا من الحزب الجمهورى والديمقراطى أنها تساعدهم فى الوصول إلى البيت الأبيض.

وكعادة ترامب تخللت مقابلتها الطويلة شيطنة المهاجرين، وتحدث بحرارة عن فلاديمير بوتن، وادعى سرقة انتخابات 2020.

فى شهر مايو، قام خبراء استطلاعات الرأى لصالح صحيفة نيويورك تايمز وكلية سيينا بتحليل بياناتهم لمعرفة ما هى العوامل الرئيسية التى قد تدفع الناخب الذى دعم جو بايدن عندما هزم ترامب فى عام 2020 إلى الانشقاق لصالح الجمهورى ضد هاريس.

أعلى النموذج

 

أسفل النموذج

وبسبب ترك الامور خلال اللقاء حسب اهواء ترامبون معارضة روغان، بدا ترامب وكأنه عجوز، ومرتبك، وغير ذكى و سُمح له بإلقاء اللوم على الديمقراطيين فى كل مشاكل أمريكا وتصوير نفسه كزعيم عظيم. وهاجم هاريس، واصفا إياها بأنها «ذات معدل ذكاء منخفض» وأنها «لا تستطيع أن تجمع بين جملتين». وكانت واحدة من عدد من النساء اللائى رفضهن ترامب وروغان باعتبارهن «غبيات»، ربما فى إشارة إلى الناخبين الشباب من كارهى النساء الذين يمكن إقناعهم بالتصويت للرئيس السابق 

وفى الوجه المقابل لحلبة الصراع شنت ميشيل أوباما هجوما شخصيا ضد ترامب فى خطاب لاذع ألقته فى ميشيغان واتهمت الرئيس السابق بـ «عدم الكفاءة الفادحة» وامتلاكه «شخصية غير أخلاقية» بينما تحدت الأمريكيون المترددون لاختيار هاريس كرئيسة للولايات المتحدة.

وقالت السيدة الأولى السابقة أمام حشد من الحاضرين فى كالامازو: «لقد أثبتت بكل المقاييس أنها مستعدة. والسؤال الحقيقى هو، كدولة، هل نحن مستعدون لهذه اللحظة؟» وأضافت أن تعامل ترامب مع جائحة كوفيد-19 ومحاولته الفاشلة للتشبث بالسلطة بعد خسارة انتخابات 2020 يجب أن يكون وحده سببًا فى استبعاده. لكن الآن الأشخاص الذين عملوا معه من كثب عندما كان رئيسًا - مستشاريه السابقين ووزراء حكومته - قد تقدموا بتحذير بأنه لا ينبغى السماح له بالعودة إلى السلطة.

وأضافت أوباما: «آمل أن تسامحونى إذا شعرت بالإحباط قليلاً لأن بعضنا اختار تجاهل عدم كفاءة دونالد ترامب الفادح بينما يطلب من كامالا أن تبهرنا فى كل منعطف».

وبعد عشرة أيام من انتهاء الانتخابات، قدمت هاريس حجتها الختامية وتعهدت بأن تكون رئيسة تستمع إلى الشعب الأمريكى، على عكس منافستها، التى اتهمتها «بالنظر فى المرآة طوال الوقت». وقالت : «تخيلوا المكتب البيضاوى بعد ثلاثة أشهر»، قالت. «إما أن يكون ترامب هناك وهو يتأمل قائمة أعدائه ــ أو أعمل لصالحكم وأقوم بتنفيذ قائمة المهام التى يتعين على إنجازها».

وبالنظر الى الفروق بين المرشحين عكست جاذبية أوباما الفجوة الهائلة بين المرشحين بين الجنسين، حيث تدعم النساء هاريس ويتجه الرجال إلى ترامب. واعترفت أوباما بالتحديات التى تواجه البلاد، وبأن التقدم قد يكون بطيئًا للغاية، لكنها زعمت أن الجلوس خارجًا أو التصويت لحزب ثالث ليس هو الحل.

يذكر أن حملة هاريس استعانت بأوباما - إلى جانب باراك أوباما وشخصيات بارزة أخرى ومشاهير، بما فى ذلك بيونسيه وبروس سبرينغستين - على أمل أن تؤدى قوتهم النجمية إلى إحداث صدمة فى اللحظة الأخيرة فى المنافسة الرئاسية التى ظلت ثابتة لولا ذلك.

وتشير استطلاعات الرأى إلى تعادل واضح. وسعى ترامب إلى تفاقم الانقسامات الديمقراطية بشأن تعامل إدارة بايدن مع حرب إسرائيل فى غزة ولبنان، مما أثار القضية فى ميشيغان حيث حيث قال عشرات الناخبين المسلمين والعرب الأمريكيين إنهم لا يستطيعون دعم هاريس

وقد أجرت حملة هاريس عدة محاولات للتواصل مع المجتمع العربى، لكن التوترات لا تزال مرتفعة مع قلة الوقت لتغيير المسار وخطر التصعيد فى أعقاب الضربات الإسرائيلية على إيران. وفى الحدث، قاطعت متظاهرة مؤيدة للفلسطينيين هاريس. فأجابت: «يتعين علينا إنهاء هذه الحرب»، بينما غطت الحشود على المظاهرة بهتافات «كامالا».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الصراع البيت الأبيض المرشحين الرئاسيين الرئيس كاملا هاريس دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

«سايكس بيكو» الجديدة

فى عام 1916 وقبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها عام 1918 كانت هناك معاهدة سرية بين فرنسا والمملكة المتحدة (بريطانيا) بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا على اقتسام منطقة الهلال الخصيب منطقة سوريا الكبرى (ويضم سوريا ولبنان والأردن وفلسطين) بين فرنسا وبريطانيا، ولتحديد مناطق النفوذ فى غرب آسيا وتقسيم الدولة العثمانية (تركة الرجل المريض بحسب الرواية الغربية) التى كانت المسيطرة على تلك المنطقة فى الحرب العالمية الأولى. 
وقد اعتمدت الاتفاقية على فرضية أن الوفاق الثلاثى سينجح فى هزيمة الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى ويشكل جزءًا من سلسلة من الاتفاقات السرية التى تأمل فى تقسيمها. وقد جرت المفاوضات الأولية التى أدت إلى الاتفاق بين 23 نوفمبر 1915 و3 يناير 1916، وهو التاريخ الذى وقع فيه الدبلوماسى الفرنسى فرانسوا جورج بيكو والبريطانى مارك سايكس على وثائق مذكرات تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. وصادقت حكومات تلك البلدان على الاتفاقية فى 9 و16 مايو 1916.
قسمت الاتفاقية فعلياً الولايات العربية العثمانية خارج شبه الجزيرة العربية إلى مناطق تسيطر عليها بريطانيا وفرنسا أو تحت نفوذها. فخصصت الاتفاقية لبريطانيا ما هو اليوم فلسطين والأردن وجنوب العراق ومنطقة صغيرة إضافية تشمل موانئ حيفا وعكا للسماح بالوصول إلى البحر الأبيض المتوسط. أما فرنسا فتسيطر على جنوب شرق تركيا وشمال العراق وسوريا ولبنان. ونتيجة اتفاق سازونوف-باليولوج المشمول فإن روسيا ستحصل على أرمينيا الغربية بالإضافة إلى القسطنطينية والمضائق التركية الموعودة بالفعل بموجب اتفاقية القسطنطينية (1915). وافقت إيطاليا على هذا الاتفاق سنة 1917 عبر اتفاقية سانت جان دى مورين بحيث يكون لها جنوب الأناضول. أما منطقة فلسطين ذات الحدود الأصغر من فلسطين المنتدبة اللاحقة فإنها ستكون تحت «إدارة دولية».
ينظر الكثيرون إلى الاتفاقية على أنها نقطة تحول فى العلاقات الغربية العربية. فقد ألغت المملكة المتحدة وعودها للعرب فيما يتعلق بوطن قومى عربى فى منطقة سوريا الكبرى مقابل دعمهم لبريطانيا ضد الدولة العثمانية. وانكشفت بنود الاتفاقية بوصول البلاشفة إلى سدة الحكم فى روسيا فى 23 نوفمبر 1917 وتكررت فى صحيفة الجارديان البريطانية فى 26 نوفمبر 1917، بحيث «كان البريطانيون محرجين والعرب مستائين والأتراك مسرورين». ولايزال إرث الاتفاقية يلقى بظلاله على النزاعات الحالية فى المنطقة،  بل يعيد التاريخ دورته مرة أخرى بعد مرور أكثر من مائة عام على هذه الاتفاقية الشيطانية الغربية لسلب الشعوب العربية خيراتها وإرادتها واستقلال أراضيها، ومن يتأمل لقاء الرئيس الأمريكى المنتخب «دونالد ترامب» المحتل الجديد، ورئيس الوزراء الإسرائيلى «مجرم الحرب» نتنياهو الأخيرة بشأن إعمار أمريكى لقطاع غزة الفلسطينى الهوية والتاريخ وتفريغ سكانه وتوزيعهم كلاجئين فى مصر والأردن، نجدنا أمام نسخة جديدة من اتفاقية «سايكس بيكو» يسعى فيها الغرب لرسم حدود وخريطة جديدة للشرق الأوسط.
فقد وصفت وكالة رويترز الإخبارية هذا اللقاء الأمريكى الصهيونى الأسود بليلة التصريحات المدوية، حينما فاجأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب العالم بالكشف عن رغبته فى الاستيلاء على قطاع غزة مع التأكيد مجدداً على ضرورة تهجير الفلسطينيين منه، ما خلف العديد من ردود الأفعال الرافضة لهذا المخطط.
بدعوى أن قطاع غزة لم يعد صالحاً للعيش فيه، أكد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على ضرورة تهجير سكانه، كاشفاً عن رغبته فى الاستيلاء عن القطاع. وتحدث الرئيس الأمريكى عن «ملكية أمريكية طويلة الأمد» لإعادة إعمار القطاع وخلق العديد من فرص العمل به، وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، دون الإشارة إلى السند القانونى الذى يقوم عليه طرحه.
ولم يستبعد الرئيس الأمريكي، خلال مؤتمر صحفى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتياهو فى البيت الأبيض نشر قوات أمريكية فى القطاع. وفى معرض رده على سؤال بشأن إمكانية نشر قوات لملء أى فراغ أمني، قال ترامب: «سنفعل ما هو ضروري. إذا كان ذلك ضرورياً، سنفعل».
ووصفت صحيفة جيروزاليم بوست المؤتمر الصحفى المشترك بين نتنياهو وترامب بـ«القنبلة». 
وربطت قناة سى إن بى سى الأمريكية طرح ترامب بمجموعة من القرارات المماثلة التى طالع بها العالم خلال الأيام المعدودة التى أمضاها فى البيت الأبيض بعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة للمرة الثانية، مشيرة إلى أن تصوره يأتى فى أعقاب كشفه عن رغبة فى الاستيلاء على جرينلاند من الدنمارك، وأن تصبح كندا الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة، وأن تستعيد الولايات المتحدة السيطرة على قناة بنما.
ووصفت شبكة (سى إن إن) تصريحات ترامب بشأن الاستيلاء على غزة بأنها «تأكيد لافت من رئيس أمريكى فى منصبه، لا سيما أنه رئيس صعد إلى السلطة السياسية فى الولايات المتحدة من خلال انتقاده للحروب الأمريكية الأطول فى الشرق الأوسط وتعهده بإعادة الاستثمارات الأمريكية إلى مواطنيها».
وفيما صرح بول أوبراين، المدير التنفيذى لمنظمة العفو الدولية فى الولايات المتحدة بأن «إبعاد جميع الفلسطينيين عن غزة يعادل تدميرهم كشعب. غزة هى موطنهم. والموت والدمار الذى حل بغزة نتيجة لقيام حكومة إسرائيل بقتل المدنيين بالآلاف، وغالبا بالقنابل الأمريكية»، قال السيناتور الأمريكى الديمقراطى كريس ميرفى متحدثاً عن ترامب فى منشور على إكس «لقد فقد عقله تماما. سيؤدى غزو الولايات المتحدة لغزة إلى مذبحة لآلاف الجنود الأمريكيين وحرب فى الشرق الأوسط لعقود. إنها مثل مزحة رديئة».

مقالات مشابهة

  • مدير العلاقات الدولية بنادي الأسير الفلسطيني: الرئيس السيسي أول من تصدى لمخطط التهجير
  • ترامب.. التاجر المبتز
  • القضاء يعرقل قرارات «ترامب»
  • «لا»
  • «سايكس بيكو» الجديدة
  • علماء المسلمين يفتي بحرمة تهجير الفلسطينيين: خيانة لله وللرسول
  • علماء المسلمين يفتي بحرمة تهجير الفلسطينيين.. خيانة لله وللرسول
  • بالأدلة.. مرصد الأزهر يفند تصريحات عضو الكونجرس هاريس الرافضة لقيام دولة فلسطينية
  • خطيرة واستفزازية.. خطة ترامب في غزة تثير غضبا عارما بأوساط المسلمين الأميركيين
  • حب 6 سنوات وزواج أيام.. فتاة تلجأ إلى محكمة الأسرة بعد صدمتها في شريك حياتها