إرث روسيا السوفياتية.. ما تخفيه منشأة سيرغييف بوساد-6 البيولوجية
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
يقول تقرير حصري لصحيفة واشنطن بوست الأميركية إن روسيا عاودت ترميم منشأة أبحاث عسكرية للأسلحة البيولوجية تعود للحقبة السوفياتية بعد بداية حربها مع أوكرانيا وفق ما رصدته صور الأقمار الصناعية الأميركية.
ووفق التقرير الذي كتبه مراسل الأمن القومي جوبي واريك وخبير التحليل المكاني وإعادة البناء ثلاثي الأبعاد جاريت لي، كشفت سنتان من المراقبة الأميركية الحثيثة لسيرغييف بوساد-6 الواقعة على بعد حوالي 97 كيلومترا شمال شرقي موسكو، عن 10 مبان جديدة، بمساحة إجمالية تزيد على 250 ألف قدم مربع.
وكانت المنشأة، باسم زاغورسك-6، إحدى مدن الجيش الأحمر العسكرية المغلقة في عهد الاتحاد السوفياتي، وكانت محاطة بمصانع وأبحاث سرية للأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية بما في ذلك الأمراض الخطيرة شديدة العدوى مثل الجدري والإيبولا.
6 آلاف عالمويعيش في سيرغييف بوساد، وهي مدينة تحيطها الغابات وتضم 110 آلاف نسمة، ما يصل إلى 6 آلاف عالم مع عائلاتهم في مجمعات سكنية حكومية تضم ساحات ألعاب ومدرسة واحدة على الأقل، وتنقسم المنشأة الحالية إلى قسم عسكري فيه معامل البحث، وقسم جنوبي يضم مرافق السكن والإدارة. وأعلن مسؤولون روس رسميا في الأسابيع الماضية عن أن المنشأة ستستخدم لتقوية دفاعات روسيا ضد الأسلحة البيولوجية، وقد استخدمت أثناء جائحة كورونا لتطوير لقاح، إلا أن تاريخ المنشأة بجانب مقوماتها الحالية يثير قلق الولايات المتحدة وخبراء الأسلحة البيولوجية من استخدامها في حرب أوكرانيا أو غيرها.
وبينما تزعم روسيا أن غرض بحوثها البيولوجية دفاعي، فهذا لا ينفي المخاوف بشأن قدراتها الهجومية، حسب التقرير، خصوصا مع تزايد إشارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ترسانة روسيا النووية، كما تقدم مسؤولون روس بشكوى رسمية إلى الأمم المتحدة في يونيو/حزيران 2022 مفادها أن أوكرانيا كانت تنوي استخدام الأسلحة البيولوجية ضد القوات الروسية، وهذه إستراتيجيات لجأت إليها روسيا سابقا ضد الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة لتبرير برنامج أسلحتها النووي والبيولوجي.
وعلق مايكل دويتسمان، الخبير في تكنولوجيا الصواريخ الروسية والسوفياتية في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي، على ذلك قائلا: "هذا هو نفس المكان الذي قاموا فيه بتحويل الجدري إلى سلاح، ويزيد الخطر الآن بسبب تقدم التكنولوجيا والتقنيات الجديدة".
جزء من المنشأة العسكرية الروسية للأسلحة البيولوجية سيرغييف بوساد-6، تظهر الصورة 4 مبان من مستوى السلامة البيولوجية 4 يصل بينها أنفاق عرضها 11 مترا تقريبا (غوغل) أهم ما وجداستند التقرير في تحليله إلى صور الأقمار الصناعية ومقابلات مع مسؤولين استخباراتيين أميركيين بالإضافة إلى خبراء عسكريين وخبراء دفاع ضد الأسلحة البيولوجية.
ووجد التقرير، اعتمادا على تحاليل 5 خبراء، أن هناك 4 مبان مزودة بأنظمة تهوية واسعة النطاق، وهي إحدى سمات المختبرات من أجل السلامة البيولوجية 4، وتدلل هذه الدرجة على ضرورة التزام أعلى مستوى ممكن لاحتياطات السلامة، مما يشير إلى أن المنشأة تتعامل مع أشد الأمراض عدوى وفتكا.
وعادة ما يستبدل الهواء كليا من 12 إلى 15 مرة بالساعة الواحدة في المنشآت من الدرجة 4 للحفاظ على سلامة العاملين فيها، ما يتطلب تحكما دقيقا في ضغط الهواء وأدوات التنقية وتوفر معدات هواء احتياطية وأنظمة تفصل مساحات المختبرات عن غيرها في المباني، وأشار التقرير إلى أن هذه المباني يمكن أن تستخدم للمقومات الدفاعية أو الهجومية بحد سواء.
وكشفت صور الأقمار الصناعية في أبريل/نيسان ومايو/أيار 2023 عن بناء نفق تحت الأرض بعرض 11 مترا تقريبا، يربط بين المختبرات ومحطة طاقة، ويتيح النفق نقل المركبات والأفراد في مساحة آمنة، بالإضافة إلى وصل أنابيب للتدفئة وتعقيم المعدات المختبرية.
تشبه المواقع العسكريةكما رصدت الصور زيادة في التدابير الأمنية، فقد سُيجت المنطقة وأنشئت نقاط تفتيش جديدة وصممت الطرق لتسهيل الحركة داخليا وأزيلت الأشجار المحيطة لتسهيل الرصد والمراقبة، وتماثل هذه الإجراءات الدفاعية ما تم اتباعه في المواقع العسكرية الروسية الأخرى ذات الحراسة المشددة.
وقال وليام جودهيند، محلل الصور العسكرية في شركة كونتستد غراوند: "تسمى هذه الإستراتيجية طبقات البصل الدفاعية، فكلما زاد عدد الطبقات الأمنية، قل احتمال نجاح أي عملية هجوم أو اختراق".
وأكد التقرير على انتشار جو من الارتباك والارتياب بين الخبراء في الغرب والعالم تجاه ما تنوي روسيا فعله بسيرغييف بوساد-6، خصوصا أنها واحدة من 3 منشآت أسلحة روسية لم يُسمح للخبراء الدوليين بالدخول إليها خلال التسعينيات عندما طلبت روسيا مساعدة الغرب لمنع سرقة أسلحتها آنذاك، ولا يزال يحيط بالمنشأة جو من الغموض والتحسب وسط نفي وإنكار روسي شديد من أنها تستخدم لتطوير الأسلحة البيولوجية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الأسلحة البیولوجیة بوساد 6
إقرأ أيضاً:
بالخرائط: أين تقدمت روسيا في خط المواجهة مع أوكرانيا؟
أعلن الجيش الأوكراني أن القتال الأكثر سخونة على خط المواجهة مع روسيا البالغ طوله 640 ميلا تقريبا يدور في ضواحي مدينة سيليدوف.
ونقلت صحيفة -إندبندنت البريطانية- عمن أسمتهم مراقبي الحرب، قولهم إن القوات الروسية تحقق "تقدما تكتيكيا كبيرا وسريعا" في سيليدوف شرقي أوكرانيا.
وتشير بيانات نقلا عن مصادر مفتوحة إلى أن القوات الروسية تقدمت في سبتمبر/أيلول الماضي بأسرع معدل لها منذ مارس/آذار 2022، على الرغم من سيطرة أوكرانيا على جزء من منطقة كورسك الروسية.
واستمر هذا التقدم السريع في الأسبوع الماضي، إذ يبدو أن القوات الروسية تتجه نحو -أو حتى إلى- مدينة سيليدوف، التي تقع على بعد أقل من 10 أميال جنوب هدفها الرئيسي، مدينة بوكروفسك الأكبر، وهي محور دفاعات منطقة دونيتسك الأوسع.
وتنسب إندبندنت إلى مركز دراسات الحرب -ومقره في الولايات المتحدة- قوله إن "التقدم الروسي في سيليدوف قد يتسبب قريبا في انسحاب القوات الأوكرانية من المنطقة لتجنب الوقوع في فخ جيب منهار".
وأظهر مشروع رسم للخرائط، المعروف باسم "ديبستات" والمقرب من الجيش الأوكراني، في إحدى خرائطه تقدم القوات الروسية -التي تسيطر على الضواحي الشرقية لسيليدوف- نحو الخطوط الأمامية الأوكرانية، في حين تم تقييم جزء كبير من مركز هذه الخطوط على أنه "منطقة رمادية" متنازع عليها.
ويقول المدون العسكري البارز يوري بودولياكا، الأوكراني المولد والموالي لروسيا، "لقد انهارت دفاعات العدو فجأة"، كما قدم مدونون آخرون مؤيدون لروسيا روايات مماثلة، وقالوا إنها تسيطر الآن على جزء من سيليدوف.
وأدى الهجوم الروسي الذي استمر شهورا في اتجاه بوكروفسك إلى استيلاء موسكو على نحو 300 ميل مربع من الأراضي منذ السيطرة على مدينة أفدييفكا في فبراير/شباط الماضي.
ويقدر مسؤولو المخابرات الغربية أن روسيا تكبدت أعلى خسائر في الأفراد العسكريين في الأشهر القليلة الماضية منذ بدء حربها على أوكرانيا، وبلغ متوسط خسارتها ما بين 1000 و1200 عسكري شهريا.
ومع ذلك يمكن الآن رؤية تمدد واسع بارز من خط المواجهة الروسي إلى الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا في منطقة دونيتسك.
وشمل التقدم الروسي المنطقة المعروفة باسم دونباس، وكذا منطقة لوهانسك، التي تسيطر عليها روسيا بالكامل تقريبا، وهي موقع قتال بين روسيا وأوكرانيا منذ عام 2014.
ولم يخف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغبته في السيطرة على دونباس بأكملها. وأصبحت سيليدوف، الواقعة بين كوراخوف وبوكروفسك، الآن نقطة محورية في الهجوم الجنوبي لروسيا.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن أكثر الهجمات الروسية كثافة على طول خط المواجهة بأكمله تجري حاليا بالقرب من سيليدوف، وإن روسيا استخدمت كلا من الطائرات المقاتلة والقاذفات لدعم هجومها هناك.
ولم تذكر هيئة الأركان العامة ما إذا كان الروس موجودين في المدينة أم لا، أو ما إذا كانت القوات الأوكرانية قد تراجعت.
المصدر – أدوبي ستوكومنذ بداية الحرب في 24 فبراير/شباط 2022، سيطرت القوات الروسية على مناطق شاسعة من مقاطعة خيرسون الجنوبية، ودعا بوتين الجنود الأوكرانيين إلى إلقاء أسلحتهم على الفور والذهاب إلى ديارهم، ثم بدأت موسكو يوم 26 فبراير/شباط 2022 توسيع نطاق هجماتها لتشمل المناطق كافة.
ومن ثم تسارعت التطورات الميدانية، مما جعل كييف تعترف بتقدّم القوات الروسية شرقا وسيطرتها على مدن عديدة من إقليم دونباس يوم 27 أبريل/نيسان 2022.
وأمام هذا التقدم الروسي المتسارع، أعلن وزير الدفاع الأوكراني يوم 11 يوليو/تموز 2022 عن سعي بلاده لتشكيل جيش مليوني لاسترداد جنوبي البلاد من القوات الروسية.
المصدر – أدوبي ستوكوكانت أبرز التطورات الميدانية تلك التي شهدها شهر سبتمبر/أيلول 2022، إذ تمكنت القوات الأوكرانية من تحقيق تقدم على أكثر من جبهة، ففي 11 سبتمبر/أيلول 2022 أعلنت كييف عن مكاسب عسكرية كبيرة بعد هجوم سريع على القوات الروسية شرقي البلاد، أدى إلى انسحاب روسي من بلدات رئيسية.
ثم أعلنت روسيا في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 استدعاء جنود الاحتياط والمدانين بجرائم خطيرة الذين غادروا السجون بهدف التعبئة وزيادة القدرات العسكرية.
ومع حلول العام 2023 وعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شعبه بتحقيق النصر، وبعد نحو 11 شهرا من المعارك بين روسيا وأوكرانيا، تراجع عدد الدبابات التي يستخدمها الجيش الأوكراني في معاركه بسبب خسارة عدد منها، وخروجها عن الخدمة.