لماذا يظل حلم إلغاء الاعتماد على الدولار في الـبريكس مجرد خيال؟
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرًا تناول فيه أحلام مجموعة "بريكس" في تقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية، مشيرًا إلى أن هذه المحاولات تواجه تحديات كبيرة، رغم الحماس الذي أبداه قادة المجموعة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن حملة إعلانية أطلقتها فيزا الائتمانية في الثمانينيات جعلت من عبارة "إنه في كل مكان تود أن تكون فيه"، وهو الشعار الذي كان مناسبًا أيضًا للدولار الأمريكي، على الرغم من القلق الكبير بشأن وضع العملة الرئيسية في العالم.
وأفاد الموقع بأن هذا المبدأ قد يعمل في الكثير من الأماكن حتى التي لا تتوقعها مثل قازان، روسيا، حيث استضاف الرئيس فلاديمير بوتين، المؤيد لتقليل الدور الدولي للدولار، قمة "بريكس" السنوية هذا الأسبوع. وعلى الرغم من الحماسة الكبيرة لتقليل الاعتماد على الدولار، فقد نصح منظمو المؤتمر الحاضرين بإحضار دولارات (أو يورو) معهم إلى المدينة الواقعة على نهر الفولغا.
واعتبر الموقع أنه من الصعب تخيل مثال أفضل على مدى صعوبة التخلي عن عملة هيمنت على النظام المالي العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وجاءت الرسالة من الكرملين، التي نصحت بأن الدولارات "يمكن استبدالها بحرية" بالروبلات في معظم البنوك الروسية، في الوقت الذي كان فيه وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، يروج لخطط لإنشاء نظام جديد للمدفوعات عبر الحدود سيتجاوز المنصات الغربية.
وأضاف الموقع أنه لا يمكن الاستهانة بمجموعة "بريكس"، التي يرتكز أعضاؤها الأصليون على البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا والتي دعمتها مؤخرًا الإمارات التي تُعد قوة الطاقة إلى جانب ثلاث دول ناشئة أخرى. ويشهد ثقلها الاقتصادي توسعًا مطردًا، بحسب ما أظهر تحليل بلومبيرغ للاقتصاد، لكن البنية التحتية التي تدعم الدولار من المرجح أن تمنح العملة الأمريكية ميزة حاسمة لعقود قادمة.
وكما كان الحال طوال فترة الحرب الباردة، فإن المعارضة للتحالف مع أمريكا لا تزال تحظى بشعبية في أجزاء واسعة من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهو ما ساعد في زيادة الاهتمام بمجموعة "بريكس" كبديل للتحالفات الموالية للغرب. ووجهت الجمعية المكونة من تسعة أعضاء دعوة للسعودية، التي لم تعلن بعد ما إذا كانت ستقبل، وتلقت طلبات للدخول من دول أخرى، بما في ذلك تركيا، التي رغم كونها عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلا أنها ظلت على علاقة ودية مع موسكو. وانضمت إندونيسيا هذا الأسبوع إلى قائمة المهتمين بالانضمام أيضًا.
وذكر الموقع تصريحات بوتين - الذي بدا مبتهجًا باستضافة أكبر قمة دولية في روسيا منذ إطلاق غزوه الشامل لأوكرانيا - يوم الأربعاء، والتي قال فيها إن مجموعة "بريكس" تلبي تطلعات الجزء الرئيسي من المجتمع الدولي وتظهر أن "عملية تشكيل عالم متعدد الأقطاب جارية".
ولفت الموقع إلى أنه رغم اختلاف أعضاء المجموعة بشكل كبير، إلا أنه يمكن أن تكون الفعالية البسيطة لجمع قادة تلك الدول ذات تأثير كبير. كما أن قمة قازان كانت بمثابة منصة للجلوس الأول بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي منذ سنتين، ما قد يساعد في تهدئة التوترات التي أثارتها الصراعات على الحدود بين البلدين.
وقال بوتين إن "المهمة الرئيسية هي تعزيز استخدام العملات الوطنية لتمويل التجارة والاستثمار"، منتقدًا استخدام الدولار كسلاح سياسي.
وأشار الموقع إلى أن بوتين لم يكن مخطئًا بشأن استخدام الدولار كسلاح. فبينما كان يتحدث، كان مسؤولون من أكبر الدول الصناعية في العالم يجتمعون في واشنطن لمناقشة تفاصيل استخدام العائدات المتأتية من الأصول الروسية المجمدة في الغرب لزيادة المساعدات لأوكرانيا، حيث قتلت قوات بوتين عشرات الآلاف، ودمرت مدنًا وبلدات، وارتكبت مزاعم بارتكاب مجموعة واسعة من جرائم الحرب.
وقد أظهرت تلك الجهود، التي قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، كيف تمكن الغرب بالفعل من استخدام الإطار المالي الدولي المعتمد لمعاقبة روسيا على بدء أكبر حرب في أوروبا منذ سنة 1945.
وأوضح الموقع أنه ليس من المستغرب أن ينضم شي، الذي يواجه مجموعة من التوترات الجيوسياسية مع الغرب، إلى بوتين هذا الأسبوع في الدعوة إلى تعزيز الترابط المالي بين أعضاء البريكس؛ حيث إنه تحدث عن "أهمية إصلاح الهيكل المالي الدولي" ودعا إلى "أمن مالي عالي المستوى".
وحث شي أيضًا على توسيع وتعزيز مؤسسة الإقراض متعددة الأطراف الخاصة بمجموعة "بريكس"- "بنك التنمية الجديد". وحتى الآن، أثبت البنك أنه لاعب صغير نسبيًا في المشهد المالي متعدد الأطراف.
ولكن لا يزال الوقت مبكرًا.
ونقل الموقع عن بيل بيشوب، المراقب الصيني المخضرم قوله هذا الأسبوع في بودكاست شارب تشاينا: "هناك الكثير من الإلحاح" من بكين بشأن تغييرات النظام المالي العالمي، مضيفًا أنه "عندما يتحدث شي عن أن العالم يمر بهذه التغييرات التي لم يشهدها منذ قرن، فإن جزءًا من هذه التغييرات" يتعلق بالنظام المالي العالمي.
ويقول أليكس إيساكوف وجيرارد دي بيبو من بلومبيرغ للاقتصاد إن دول "بريكس" لديها ثلاثة خيارات لتجاوز الدولار في المدفوعات عبر الحدود، وهي العملات المحلية أو العملات الرقمية الجديدة أو اليوان الصيني.
وكتبا في مذكرة يوم الخميس: "تسوية العملات المحلية عادة ما تكون مكلفة بسبب قلة السيولة. والعملات الرقمية شديدة التقلب وتفتقر عمومًا إلى السيولة الكافية للتعامل مع تدفقات التجارة الكبرى".
وبحسب الموقع فإن هذا يعني أنه لم يبق إلا اليوان، الذي ترغب الصين في تدويله دوليًا ولكنها لا تريد أن تتركه يتقلب بحرية. وهناك أيضًا سؤال مفتوح حول ما إذا كانت ستوافق، في حالة حدوث أزمة، على ضخ كميات غير محدودة من اليوان خارج اقتصادها.
وقال أوديث سيكاند، الخبير الاقتصادي في شركة جافكال للأبحاث، في مذكرة الأسبوع الماضي، إنه في حين أن وزير الخزانة الأمريكي جون كونالي قال في سنة 1971 إن الدولار "عملتنا ولكن مشكلتكم"، فإن واشنطن قد تقدمت بشكل متكرر إلى الساحة العالمية. وكان آخر مثال على ذلك في أزمة سنة 2020، عندما عُرض على الدول الناشئة بما في ذلك كوريا الجنوبية والمكسيك والبرازيل مقايضة الدولار من الاحتياطي الفيدرالي. وكان ذلك في عهد إدارة دونالد ترامب، الذي يدعي أنه من دعاة أمريكا أولاً.
وأوضح الموقع، في ختام التقرير، أن الصين في الوقت الحالي ليست مستعدة لتزويد حتى شريكها الأكبر روسيا بما يكفي من اليوان. حتى إنه لم يتم اقتراحه كوسيلة للدفع في قمة بريكس هذا الأسبوع.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الدولار روسيا البريكس روسيا الدولار البريكس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا الأسبوع
إقرأ أيضاً:
من التخطيط إلى التنفيذ.. خطواتك العملية نحو الاستقلال المالي
خالد بن حمد الرواحي
هل سبق لك أن حلمت بالحرية المالية؟ أن تستيقظ كل صباح دون القلق بشأن الفواتير أو المصاريف المفاجئة؟ في مقالنا السابق، "خطوتك الأولى نحو الاستقلال المالي"، ناقشنا أهمية التخطيط المالي في بناء مستقبل أكثر استقرارًا. لكن وضع الخطة ليس سوى البداية، فالنجاح الحقيقي يكمن في تحويلها إلى واقع ملموس من خلال خطوات عملية مدروسة. اليوم، سنرشدك إلى كيفية تنفيذ خطتك المالية وجعلها أسلوب حياة متكاملًا.
التخطيط المالي ليس مجرد أرقام وجداول، بل هو نهج يهدف إلى تحقيق الاستقرار والأمان المالي. تبدأ الرحلة بتحديد أهداف واضحة وقابلة للتحقيق، مثل الادخار لشراء منزل أو تأسيس مشروع خاص. قد تبدو الأهداف الكبيرة بعيدة المنال، لكن تقسيمها إلى مراحل صغيرة يجعلها أكثر واقعية ويساعد في الحفاظ على الحافز. كل ريال تدَّخره اليوم يمثل خطوة نحو تحقيق هذا الاستقلال.
بعد تحديد الأهداف، تأتي إدارة الميزانية بحكمة كخطوة أساسية. يمكنك اتباع قاعدة 50-30-20، كما ورد في كتاب "كل ما تملكه: الخطة المالية المثلى لحياتك" للمؤلفة إليزابيث وارين؛ حيث يتم تخصيص 50% للنفقات الأساسية، و30% للرفاهية، و20% للادخار والاستثمار. وهذه القاعدة تمنحك تحكمًا أفضل في نفقاتك مع تحقيق توازن بين متطلبات الحياة المختلفة.
لكن ماذا لو كنت تواجه تحدي الديون؟ لا تدع القلق يسيطر عليك؛ فالمفتاح هو التعامل مع الديون بذكاء. وبدلًا من الشعور بالإحباط، ابدأ بسداد القروض ذات الفوائد المرتفعة أولًا؛ مما يخفف الضغط المالي تدريجيًا. يمكنك أيضًا اعتماد طريقة التدرج في السداد، التي تركز على التخلُّص من الديون الصغيرة أولًا لتعزيز الدافع النفسي، أو طريقة التخلص من الديون ذات الفوائد الأعلى، التي تُسهم في تقليل التكلفة الإجمالية للديون. اختيار الطريقة المثلى يعتمد على وضعك المالي ومدى التزامك بالخطة.
وبمجرد أن تبدأ في التحرُّر من الديون، يُصبح الاستثمار وسيلتك لبناء الثروة وتعزيز مستقبلك المالي. لكن الاستثمار بدون معرفة يشبه الإبحار في بحر هائج دون بوصلة. استشر الخبراء قبل اتخاذ أي قرارات مالية، وابدأ بمبالغ صغيرة في مجالات متنوعة مثل العقارات، والأسهم، والمشاريع الصغيرة، وحتى تطوير مهاراتك الشخصية، لأن أفضل استثمار يمكنك القيام به هو في ذاتك.
وفي ظل التحديات غير المتوقعة، فإن وجود صندوق طوارئ يمثل خط دفاع أساسيًا ضد الأزمات المالية. يُنصح بتوفير ما يعادل نفقات ثلاثة إلى ستة أشهر في حساب منفصل يسهل الوصول إليه عند الحاجة. حتى لو بدأت بادخار مبالغ صغيرة، فإن الاستمرارية ستجعل هذا الصندوق ينمو تدريجيًا ليكون درعًا يحميك من المفاجآت غير السارة.
ومع التقدم التكنولوجي، أصبح التحكم في المال أكثر سهولة من أي وقت مضى. تتوفر اليوم العديد من التطبيقات التي تساعدك على تتبع نفقاتك وتنظيم مدخراتك تلقائيًا، ولكن لا تنجرف وراء أي منصة استثمارية دون التحقق من مصداقيتها. فالاحتيال المالي أصبح أكثر تعقيدًا، ومن الضروري توخي الحذر لضمان عدم الوقوع في فخاخ مالية.
من ناحية أخرى، هناك بعض الأخطاء الشائعة التي قد تبطئ تقدمك المالي، مثل تأجيل الادخار، أو الإنفاق العاطفي غير المحسوب، أو الإفراط في استخدام بطاقات الائتمان. بدلاً من السماح لهذه العادات بأن تعيق نجاحك، ابدأ في معالجتها تدريجيًا من خلال تطوير الوعي المالي والانضباط الذاتي.
تحقيق الاستقلال المالي ليس مجرد حلم، بل هو رحلة تبدأ بخطوة واحدة. لا تنتظر الظروف المثالية، بل ضع خطتك اليوم، وابدأ بإدارة ميزانيتك بذكاء، واستثمر أموالك بحكمة. فالأمر لا يتعلق فقط بامتلاك المال، بل بامتلاك القدرة على اتخاذ قرارات مالية سليمة تمنحك الاستقرار والحرية المالية.
إذن، ما هي خطوتك الأولى نحو تحقيق الاستقلال المالي؟