نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرًا تناول فيه أحلام مجموعة "بريكس" في تقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية، مشيرًا إلى أن هذه المحاولات تواجه تحديات كبيرة، رغم الحماس الذي أبداه قادة المجموعة.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن حملة إعلانية أطلقتها فيزا الائتمانية في الثمانينيات جعلت من عبارة "إنه في كل مكان تود أن تكون فيه"، وهو الشعار الذي كان مناسبًا أيضًا للدولار الأمريكي، على الرغم من القلق الكبير بشأن وضع العملة الرئيسية في العالم.



وأفاد الموقع بأن هذا المبدأ قد يعمل في الكثير من الأماكن حتى التي لا تتوقعها مثل قازان، روسيا، حيث استضاف الرئيس فلاديمير بوتين، المؤيد لتقليل الدور الدولي للدولار، قمة "بريكس" السنوية هذا الأسبوع. وعلى الرغم من الحماسة الكبيرة لتقليل الاعتماد على الدولار، فقد نصح منظمو المؤتمر الحاضرين بإحضار دولارات (أو يورو) معهم إلى المدينة الواقعة على نهر الفولغا.

واعتبر الموقع أنه من الصعب تخيل مثال أفضل على مدى صعوبة التخلي عن عملة هيمنت على النظام المالي العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وجاءت الرسالة من الكرملين، التي نصحت بأن الدولارات "يمكن استبدالها بحرية" بالروبلات في معظم البنوك الروسية، في الوقت الذي كان فيه وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، يروج لخطط لإنشاء نظام جديد للمدفوعات عبر الحدود سيتجاوز المنصات الغربية.

وأضاف الموقع أنه لا يمكن الاستهانة بمجموعة "بريكس"، التي يرتكز أعضاؤها الأصليون على البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا والتي دعمتها مؤخرًا الإمارات التي تُعد قوة الطاقة إلى جانب ثلاث دول ناشئة أخرى. ويشهد ثقلها الاقتصادي توسعًا مطردًا، بحسب ما أظهر تحليل بلومبيرغ للاقتصاد، لكن البنية التحتية التي تدعم الدولار من المرجح أن تمنح العملة الأمريكية ميزة حاسمة لعقود قادمة.

وكما كان الحال طوال فترة الحرب الباردة، فإن المعارضة للتحالف مع أمريكا لا تزال تحظى بشعبية في أجزاء واسعة من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهو ما ساعد في زيادة الاهتمام بمجموعة "بريكس" كبديل للتحالفات الموالية للغرب. ووجهت الجمعية المكونة من تسعة أعضاء دعوة للسعودية، التي لم تعلن بعد ما إذا كانت ستقبل، وتلقت طلبات للدخول من دول أخرى، بما في ذلك تركيا، التي رغم كونها عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلا أنها ظلت على علاقة ودية مع موسكو. وانضمت إندونيسيا هذا الأسبوع إلى قائمة المهتمين بالانضمام أيضًا.

وذكر الموقع تصريحات بوتين - الذي بدا مبتهجًا باستضافة أكبر قمة دولية في روسيا منذ إطلاق غزوه الشامل لأوكرانيا - يوم الأربعاء، والتي قال فيها إن مجموعة "بريكس" تلبي تطلعات الجزء الرئيسي من المجتمع الدولي وتظهر أن "عملية تشكيل عالم متعدد الأقطاب جارية".

ولفت الموقع إلى أنه رغم اختلاف أعضاء المجموعة بشكل كبير، إلا أنه يمكن أن تكون الفعالية البسيطة لجمع قادة تلك الدول ذات تأثير كبير. كما أن قمة قازان كانت بمثابة منصة للجلوس الأول بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي منذ سنتين، ما قد يساعد في تهدئة التوترات التي أثارتها الصراعات على الحدود بين البلدين.

وقال بوتين إن "المهمة الرئيسية هي تعزيز استخدام العملات الوطنية لتمويل التجارة والاستثمار"، منتقدًا استخدام الدولار كسلاح سياسي.

وأشار الموقع إلى أن بوتين لم يكن مخطئًا بشأن استخدام الدولار كسلاح. فبينما كان يتحدث، كان مسؤولون من أكبر الدول الصناعية في العالم يجتمعون في واشنطن لمناقشة تفاصيل استخدام العائدات المتأتية من الأصول الروسية المجمدة في الغرب لزيادة المساعدات لأوكرانيا، حيث قتلت قوات بوتين عشرات الآلاف، ودمرت مدنًا وبلدات، وارتكبت مزاعم بارتكاب مجموعة واسعة من جرائم الحرب.

وقد أظهرت تلك الجهود، التي قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، كيف تمكن الغرب بالفعل من استخدام الإطار المالي الدولي المعتمد لمعاقبة روسيا على بدء أكبر حرب في أوروبا منذ سنة 1945.

وأوضح الموقع أنه ليس من المستغرب أن ينضم شي، الذي يواجه مجموعة من التوترات الجيوسياسية مع الغرب، إلى بوتين هذا الأسبوع في الدعوة إلى تعزيز الترابط المالي بين أعضاء البريكس؛ حيث إنه تحدث عن "أهمية إصلاح الهيكل المالي الدولي" ودعا إلى "أمن مالي عالي المستوى".

وحث شي أيضًا على توسيع وتعزيز مؤسسة الإقراض متعددة الأطراف الخاصة بمجموعة "بريكس"- "بنك التنمية الجديد". وحتى الآن، أثبت البنك أنه لاعب صغير نسبيًا في المشهد المالي متعدد الأطراف.
ولكن لا يزال الوقت مبكرًا.

ونقل الموقع عن بيل بيشوب، المراقب الصيني المخضرم قوله هذا الأسبوع في بودكاست شارب تشاينا: "هناك الكثير من الإلحاح" من بكين بشأن تغييرات النظام المالي العالمي، مضيفًا أنه "عندما يتحدث شي عن أن العالم يمر بهذه التغييرات التي لم يشهدها منذ قرن، فإن جزءًا من هذه التغييرات" يتعلق بالنظام المالي العالمي.

ويقول أليكس إيساكوف وجيرارد دي بيبو من بلومبيرغ للاقتصاد إن دول "بريكس" لديها ثلاثة خيارات لتجاوز الدولار في المدفوعات عبر الحدود، وهي العملات المحلية أو العملات الرقمية الجديدة أو اليوان الصيني.

وكتبا في مذكرة يوم الخميس: "تسوية العملات المحلية عادة ما تكون مكلفة بسبب قلة السيولة. والعملات الرقمية شديدة التقلب وتفتقر عمومًا إلى السيولة الكافية للتعامل مع تدفقات التجارة الكبرى".

وبحسب الموقع فإن هذا يعني أنه لم يبق إلا اليوان، الذي ترغب الصين في تدويله دوليًا ولكنها لا تريد أن تتركه يتقلب بحرية. وهناك أيضًا سؤال مفتوح حول ما إذا كانت ستوافق، في حالة حدوث أزمة، على ضخ كميات غير محدودة من اليوان خارج اقتصادها.

وقال أوديث سيكاند، الخبير الاقتصادي في شركة جافكال للأبحاث، في مذكرة الأسبوع الماضي، إنه في حين أن وزير الخزانة الأمريكي جون كونالي قال في سنة 1971 إن الدولار "عملتنا ولكن مشكلتكم"، فإن واشنطن قد تقدمت بشكل متكرر إلى الساحة العالمية. وكان آخر مثال على ذلك في أزمة سنة 2020، عندما عُرض على الدول الناشئة بما في ذلك كوريا الجنوبية والمكسيك والبرازيل مقايضة الدولار من الاحتياطي الفيدرالي. وكان ذلك في عهد إدارة دونالد ترامب، الذي يدعي أنه من دعاة أمريكا أولاً.

وأوضح الموقع، في ختام التقرير، أن الصين في الوقت الحالي ليست مستعدة لتزويد حتى شريكها الأكبر روسيا بما يكفي من اليوان. حتى إنه لم يتم اقتراحه كوسيلة للدفع في قمة بريكس هذا الأسبوع. 

للاطلاع على النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الدولار روسيا البريكس روسيا الدولار البريكس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا الأسبوع

إقرأ أيضاً:

هل يمكن الاعتماد على أداة البحث العميق من أوبن إيه آي في الأبحاث؟

أعلنت شركة "أوبن إيه آي" عن أداة ذكاء اصطناعي جديدة متخصصة في البحث العميق، وقد أطلقت عليها "ديب سيرش" (deep search)، وقالت إنها تجري بحثا متعدد الخطوات على الإنترنت لإنجاز مهام معقدة، حسب رويترز.

وذكرت الشركة أن أداة البحث العميق الجديدة مدعومة بنسخة من نموذج "أوبن إيه آي أو3" (OpenAI o3) والمخصص لتصفح الويب وتحليل البيانات، وتدعي أن المستخدم عندما يُدخل طلبه في "شات جي بي تي"، فسيقوم روبوت الدردشة بالبحث والتحليل وتلخيص عدة مصادر مثل النصوص والصور وملفات "بي دي إف" (PDF) لإنشاء تقرير شامل يراعي قواعد البحث.

وذكرت "أوبن إيه آي" في مدونتها أن هذه الأداة الجديدة صُممت للأشخاص الذين يقومون بأبحاث ودراسات مكثفة في مجالات مختلفة مثل العلوم والهندسة والسياسة والتمويل، ويحتاجون لأبحاث دقيقة وشاملة وموثوقة، كما يمكن أن تكون مفيدة لأي شخص يقوم بعمليات شراء تتطلب بحثا دقيقا مثل السيارات والأجهزة المنزلية والأثاث.

وستتوفر أداة "ديب سيرش" لمستخدمي "برو" (Pro) أولا مع حد أقصى 100 استفسار شهريا، ثم ستتوفر لمستخدمي "بلس" (Plus) و"تيم" (Team) في غضون شهر تقريبا، وبعدها لمستخدمي "إنتربرايس" (Enterprise).

إعلان

ولاستخدام هذه الأداة ما عليك سوى اختيار "ديب سيرش" في مربع الرسائل، ثم إدخال استفسارك، كما يتوفر خيار إرفاق ملفات أو جداول بيانات، ويمكن أن يستغرق البحث العميق من 5 إلى 30 دقيقة للإجابة عن السؤال، وستتلقى إشعارا عند اكتمال البحث، كما سيظهر شريط جانبي يتضمن ملخصا للخطوات المتخذة والمصادر المستخدمة.

وجدير بالذكر أن التجربة حاليا مقتصرة على الويب فقط، وستُطرح لتطبيقات الهواتف المحمولة وسطح المكتب في وقت لاحق من هذا الشهر.

ما دقة البحث في "ديب سيرش"؟

قالت "أوبن إيه آي" إن أداتها الجديدة تحتاج 10 الدقائق في المهام التي تتطلب من الإنسان العادي ساعات عديدة، ولكن هذه الأداة لا تزال في مراحلها الأولى، ومن الطبيعي أن يكون لها حدود وعقبات، فقد تواجه صعوبة في التمييز بين المعلومات الموثوقة والشائعات، وحاليا تُظهر الأداة ضعفا في معايرة الثقة، وغالبا ما تواجه مشاكل تحديد المعلومات غير الموثوقة.

ولكن رغم ذلك، قالت الشركة إن كل مخرجات "ديب سيرش" في "شات جي بي تي" ستكون موثقة بالكامل مع مصادر واضحة وستذكر جوهر الفكرة، مما يجعل من السهل الرجوع إلى المعلومات والتحقق منها، ولم تحدد الشركة ما إذا كانت هذه الإجراءات كافية لمكافحة أخطاء الذكاء الاصطناعي، إذ إن أدوات البحث في الويب المدعومة بالذكاء الاصطناعي غالبا ما ترتكب الأخطاء وتعطي إجابات تفتقر للصحة، وقد وجد اختبار أن "شات جي بي تي سيرش" (ChatGPT Search) أعطى نتائج أقل فائدة من بحث غوغل، حسب موقع "تيك كرانش".

ولتعزيز دقة البحث العميق تستخدم "أوبن إيه آي" إصدارا خاصا من نموذج الذكاء الاصطناعي الاستدلالي "أو3" (o3)، والذي دُرّب من خلال التعلم المُعزز على مهام العالم الحقيقي التي تتطلب استخدام المتصفح ولغة "بايثون" (Python).

وذكرت شركة "أوبن إيه آي" أنها اختبرت أداة "ديب سيرش" باستخدام نموذج "هيومنتيس لاست إكزام" (Humanity’s Last Exam)، وهو اختبار تقييم يتضمن أكثر من 3 آلاف سؤال على مستوى الخبراء في مجموعة متنوعة من المجالات الأكاديمية، وقد حقق نموذج "أو3" الذي يدعم البحث العميق دقة بنسبة 26.6%، والتي قد تبدو وكأنها درجة متدنية، ولكن "هيومنتيس لاست إكزام" صُمم ليكون أصعب من المعايير الأخرى للحفاظ على التقدم في نماذج الذكاء الاصطناعي.

إعلان

وبحسب الشركة، فإن هذه النسبة تُعد متقدمة جدا بالمقارنة مع "جيميناي ثينكينغ" (Gemini Thinking) بنسبة 6.2% و"غروك-2″ (Grok-2) بنسبة 3.8%، وأيضا "جي بي تي-4أو" (GPT-4o) بنسبة 3.3%.

ورغم أن نماذج الذكاء الاصطناعي تعاني من الأخطاء، لكن بالنسبة لأي شخص قلق بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على الطلاب أو على أي شخص يحاول العثور على معلومات عبر الإنترنت، فإن هذا النوع من المخرجات العميقة والمدعومة بالمصادر ربما تكون أكثر جاذبية من ملخص بسيط مجهول بدون أي اقتباسات، ولكن سنرى ما إذا كان معظم المستخدمين سيتعاملون مع المخرجات بتحليل حقيقي ومراجعة دقيقة، أو أنهم سيتعاملون معها ببساطة كنص احترافي يمكن نسخه ولصقه.

مقالات مشابهة

  • إيهود باراك: خطة ترامب بشأن غزة "خيال"
  • إيهود باراك: خطة ترامب بشأن غزة "خيال"
  • وزير الخزانة الأمريكي: تحاول دول "بريكس" التخلي عن الدولار
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • موسم الدرعية يُطلق تجربة “خيال السوق” لإحياء التراث بأسلوب تفاعلي
  • هل يمكن الاعتماد على أداة البحث العميق من أوبن إيه آي في الأبحاث؟
  • تُراثي.. هُوِّيتي
  • تلفزيون بريكس يبرز إطلاق فنزويلا مبادرة أكاديمية جديدة لتعزيز العلاقات الثقافية مع مصر
  • الوطنية للنفط: الدبيبة تعهد بحل مشكلة العسر المالي الذي تمر به شركات النفط
  • مصر التي في خاطري