بوابة الوفد:
2025-03-10@19:31:06 GMT

الفن والأدب وفظائع الحروب

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

منذ مآسى وفظائع الحربين العالميتين الأولى والثانية، تظل تداعيات العنف بمثابة شرارة تشعل فى نفوس الكتّاب والفنانين أشكالاً جديدة من التعبير والإبداع. يستعرض هذا المقال كيف استجاب المبدعون، من بابلو بيكاسو إلى جورج أورويل وصموئيل بيكيت، لهذه الفظائع، وكيف يمكن أن تثير الحرب الإسرائيلية الراهنة على غزة ولبنان حركات فنية جديدة.

شهدت حروب القرن العشرين سقوط ملايين من القتلى والجرحى وشكلت نقطة تحول فى وعى الكتّاب والفنانين. فقد عكس بيكاسو من خلال لوحاته فظائع الحرب الأهلية الإسبانية. وغيرنيكا هى لوحته الزيتية التى تعود لعام 1937؛ رسمها استجابة لقصف مدينة باسكية، مجسداً فيها بشاعة العنف والمعاناة، حيث تلتف الأشكال المشوهة كأشباح تتراقص على أنقاض الإنسانية.

على نفس النسق، يتجلى نقد البريطانى جورج أورويل فى أعماله 1948 ومزرعة الحيوان، حيث يتلاعب بالحقائق ويعرض كيف تخفى السرديات السياسية معاناة البشر. إن مفهوم newspeak "اللغة الجديدة" فى 1984 يعكس أساليب ازدواجية المعايير فى عبارات خادعة من عينة "الحرب سلام" عن التبريرات المتناقضة للصراع. وتعبر رؤى أورويل عن قلق متجدد إزاء العلاقة بين السلطة والعنف وتعكس غطرسة القوى العظمى فى عصرنا الراهن.

وفى عالم المسرح، تجسد مسرحية صموئيل بيكيت ( Waiting for Godot فى انتظار غودو) حالة من الانتظار حيث تعيش الشخصيات فى حالة من اليأس المستمر، ما يعكس الإحباط الذى يعترى النفوس بعد الكوارث. فبينما ينتظرون مخلصاً لا يأتى، يدعو المؤلف الجمهور إلى التأمل فى عبثية الوضع البشرى بعد إزهاق الأرواح ودمار العمران.

أما العنف المستمر فى غزة وإسرائيل ولبنان مؤخراً، وسقوط ضحايا من كل الأطراف، فهو كالجرح النازف فى ضمير الإنسانية، يترك آثاراً وندوباً غائرة تتطلب التعبير عنها فى الفنون. ومع تكشف بشاعة أحداث هذه الحرب، يظهر سؤال ملح: هل يمكن أن تُلهم هذه الفظائع حركة أدبية جديدة لم نعهدها أوتعيد إحياء العدمية أو مسرح العبث؟

إن العدمية تتناغم مع سقوط المعانى واختلاط الأمور، فى حين يعكس مسرح العبث الطبيعة السريالية للحياة فى مناطق النزاع، حيث تتحول الحقائق بفعل العنف إلى مشاهد درامية تظهر تناقضات مؤلمة. وهذا ما قد يقدم للكتّاب والفنانين ما يحفزهم على أن يخلقوا أشكالاً جديدة تعبر عن مآلات هذه الحرب الآنية. وقد تمثل الفنون متعددة الوسائط، بما فيها التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى، منصة لأشكال من الشعر والفن البصرى والأداء المسرحى تترابط معا لتعكس مشاهد الموت والدمار، وتقدم بذلك عرضا مشتركا غنياً من التعبير عن مآسى البشرية.

يمكن أن تسهم الجهود التعاونية بين الفنانين من خلفيات متنوعة فى تقديم رؤى جديدة تعزز الفهم والتعاطف. فتكون هذه المشاركة وسيلة للاحتجاج والشفاء معاً، من خلال توفير مساحة للتفكير فى كيفية الخروج من دائرة الحرب الحالية. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحربين العالميتين تداعيات العنف القرن العشرين

إقرأ أيضاً:

"ديزيرت إكس".. فن عملاق يزهر في قلب صحراء كاليفورنيا

افتتح السبت مهرجان "ديزيرت إكس" Desert X للفن المعاصر، المعروف بعروضه الفنية الضخمة التي تعرض في قلب صحراء كاليفورنيا، والتي تجذب عشاق الفنون من جميع أنحاء العالم.

يتميز المهرجان، الذي يستمر حتى 11 مايو، بأعمال فنية خارجية مذهلة، مثل المرايا المعدنية المنحنية، والكتل الرخامية العملاقة، والأكواخ الطينية المطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد.

في دورته الماضية، استقطب المهرجان أكثر من 600 ألف زائر في وادي كوتشيلا، الواقع على بعد 150 كيلومترا شرق لوس أنجلوس، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بمثل هذه العروض الفنية الفريدة.

الفن يعكس الحقيقة في ضوء الشمس

من بين أبرز الأعمال في نسخة هذا العام، قدمت الفنانة الفرنسية الأميركية سارة ميوهاس عملا فنيا فريدا، يتألف من مرايا معدنية منحنية قليلا، تعكس ضوء الشمس على جدار جبصي بارتفاع أكثر من 100 متر، ليبرز عليه اقتباس يقول: "الحقيقة تصل من خلال الأشعة المائلة".

توضح ميوهاس رؤيتها لهذا العمل قائلة: "الحقيقة مفهوم مهم في عالمنا الحالي، وأحاول أن أصنع فنا لا يخدع الناس". تعكس هذه القطعة الفنية فلسفة الفنانة في استخدام الضوء والانعكاسات لإيصال رسالة ذات مغزى حول طبيعة الحقيقة والمعرفة.

كتل رخامية تزن 16 طنا.. فن يستحضر التاريخ

أما الفنان المكسيكي خوسيه دافيلا، فقد اختار الرخام كمادة أساسية لعمله الفني المسمى "التواجد معا"، حيث وضع كتلا ضخمة تزن 16 طنًا، مستخرجة من محجر في صحراء تشيهواهوان بالمكسيك.

يذكّر هذا العمل بمواقع أثرية صخرية مثل ستونهنغ في المملكة المتحدة، ويرمز إلى الصمود والتواصل بين الثقافات رغم التحديات السياسية.

ويقول دافيلا: "تذكرنا هذه الصخور بأن بعض الأشياء تبقى إلى الأبد، بينما تمر المضايقات في النهاية"، في إشارة إلى التوترات المستمرة بين الولايات المتحدة والمكسيك منذ انتخاب دونالد ترامب وفرضه رسوما جمركية على البضائع المكسيكية.

إحياء تقنيات البناء القديمة بتكنولوجيا حديثة

من جهته، قدم الفنان رونالد رايل مشروعه المبتكر "أدوبه أوازيس"، حيث استخدم ذراعًا آلية ضخمة لطباعة أكواخ من الطين والقش بتقنية ثلاثية الأبعاد، مستوحاة من أساليب البناء التقليدية في جنوب غرب الولايات المتحدة.

يرى رايل أن هذه المواد الطبيعية توفر حلا مستداما لمواجهة الحرائق، لا سيما بعد الدمار الذي أحدثته الحرائق الأخيرة في لوس أنجلوس.

ويوضح قائلًا: "الطين هو أقدم مادة بناء استخدمتها البشرية، ويمكن أن يكون بديلا أكثر أمانا للمباني المصنوعة من البلاستيك والمواد السامة".

الفن في قلب الطبيعة.. تجربة بصرية لا تُنسى

يمثل مهرجان "ديزيرت إكس" تجربة فريدة تربط بين الفن والطبيعة، حيث تتحول الصحراء إلى معرض مفتوح يعكس تحديات العصر ورؤى الفنانين المختلفة. فمن خلال الضوء والرخام والطين، يقدم الفنانون أعمالًا تستكشف القضايا البيئية والسياسية والثقافية، مما يجعل هذا الحدث واحدا من أبرز المهرجانات الفنية في العالم.

مقالات مشابهة

  • إير ان تنفي صلتها بأعمال العنف في سوريا: لم نقتل أحدا
  • ايها الجنوبيون اتحدوا واتركوا الحروب خلفكم.. ولكم محبة لا تغيب ولا تنطفئ
  • ضربة قوية جديدة.. ترامب يحرم أوكرانيا من معدات الحرب الإلكترونية
  • إسرائيل تصعّد في غزة.. خطة جديدة تضرب المساعدات وتعيد إشعال الحرب
  • "ديزيرت إكس".. فن عملاق يزهر في قلب صحراء كاليفورنيا
  • توكل كرمان تدعو في مؤتمر دولي إلى إنهاء الحروب المنسية في اليمن والسودان ومحاسبة مجرمي الحرب
  • لغز بلا أدلة.. الموت الغامض لأيقونة الفن.. من قتل سيد درويش؟
  • مؤسسة حقوقية:واقع المرأة الفلسطينية مأساوي ومرير بسبب المعاناة الناجمة عن الحروب على غزة
  • الثامن من مارس: والجالسات على أرصفة العدالة في السودان
  • خطط إسرائيلية جديدة للضغط على حماس وتعليمات بالاستعداد لعودة الحرب