الجونة السينمائي 2024| أثر الأشباح.. وثنائية العدالة والانتقام
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في فيلمه الروائي الطويل الأول "أثر الأشباح"، والمشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة السينمائي في نسخته السابعة، يطرح المخرج جوناثان ميليه، أسئلته حول ثنائية العدالة والانتقام، هل القوانين والمحاكم قادرة على إخماد نيران المقهورين .. أم أن القصاص الفردي من الجلادين هو الخلاص الوحيد؟ وهل لابد وأن يأتي الانتقام مصحوبًا بالدماء والقتل أم أن هناك سبيلاً آخر بلم فتات ما تبقى من إنسانيتنا المبعثرة؟ كلها رهانات ومعادلات أخلاقية تمزق روح حميد، تمامًا كما مزقت الحرب السورية أوصال جسده المنهك.
من خلال سيناريو (مستوحى من أحداث حقيقية) كتبه ميليه بالاشتراك مع فلورنس روشا، يضعنا المخرج الفرنسي أمام شخصية حميد (آدم بيسا)، الذي نجا من موت محقق في سجن "صيدنايا" بريف دمشق، ليجد نفسه أمام آخر أشد قسوة بعدما ألقاه مجموعة من الجنود السوريين في الصحراء هو ومجموعة أخرى من المعتقلين يشقون طريقهم نحو المجهول. وبعد عامين، نكتشف أن حميد لا يزال على قيد الحياة ويعيش في مدينة ستراسبورغ الفرنسية محاولاً كسب رزقه كعامل بناء رفقة مجموعة من المهاجرين، وبعد انتهاء دوامه يتجول هائمًا بين مجموعات من اللاجئين السوريين بحثًا عن قريبه الذي فُقد في الحرب، لكنها محاولات تتكلل بالفشل في كل مرة.
سرعان ما ندرك أن ما يبحث عنه حميد ليس قريبه كما يَدعي، ولكنه مجرم حرب سيء السمعة يُدعى حرفاز (توفيق برهوم)، فر إلى أوروبا تحت اسم مستعار وذاب وسط المجتمع الأوروبي، بعدما ترك لحميد خريطة من الندوب تملأ ظهره، ناهيك عن الجروح النفسية التي قد لا تلتئم أبدًا.
إحدى عناصر قوة النص السينمائي، هو عدم انشغال ميليه باستدعاء الماضي فيما يخص علاقة حميد وحرفاز في المعتقل، فكل ما ارتكبه هذا الجلاد من شرور يبدو حاضرًا على وجه حميد دون أن ينطق بكلمة واحدة. كما أن المخرج الفرنسي لا ينخرط كثيرًا في تأطير مشاهده بلقطات المطاردات السريعة كحال هذه النوعية من الأفلام، بل يحاول أن يبقي الصراع هادئًا على الشاشة لكنه متأججًا داخل نفس حميد، ليخلق واقعًا أكثر رعبًا مما كان عليه داخل سجن صيدنايا أو كما يُطلق عليه "المسلخ البشري".
إن حالة اضطراب ما بعد الصدمة التي يمر بها حميد، تصيبه بحالة من الشلل والجمود المهني والعاطفي تجعله يصد محاولات يارا للتقرب منه. "أتمنى لو تقابلنا في حياة أخرى"، هكذا تخبره يارا. ولكن كل يوم يقضيه حميد في مطاردة جلاده يقربه خطوة من العدالة، ويبعده آلاف الخطوات عن المضي قدمًا في حياته. وهذا نلاحظه بأحد المشاهد عندما ينجح أحد الأصدقاء بتأمين وظيفة له بأحد الجامعات، فيطلب منه حميد أن يتطلع إلى وجهه "هل هذا شخص يستطيع تدريس الأشكال الشعرية الآن".
عندما نقابل حرفاز وجهًا لوجه لأول مرة خلال مشهد المطعم المصمم بعناية وبصياغة ذكية، نرى شخصًا لا ينضح بالشر الصريح بل يجسد مزيج من الضعف وخيبة الأمل والندم والغضب المكبوت. يخبر حرفاز حميد بأن "جميع السوريين في أوروبا يتحدثون عن الوطن، والموت، والمشاكل. لا يمكنك أن تبدأ حياة جديدة إذا كنت تضيع وقتك في التفكير في الماضي". بالتأكيد نتفق مع وجهة نظره، وإن كان من الصعب تقبل هذه النصيحة الثمينة من مجرم حرب، ولكن ما فشل حرفاز في إدراكه هو أنه عندما تُنتزع منك حياتك يصبح الحديث عن الأمل دربًا من الوقاحة والخيال.
إن تطور العلاقة ما بين حميد وحرفاز، في المشاهد اللاحقة، ما هي إلا صورة مصغرة عن الانهيار الإنساني والأخلاقي الذي تخلفه الحروب، والتي كانت سببًا في تحول شخص كـ حرفاز من نموذج ناجح ظن أن بلده ستستفيد من علمه إلى وحش بشري، وكادت أن تدفع بالآخر نحو حافة الجنون.
إن الرهان الأخلاقي الذي وضعه ميليه على ذلك البطل الهش، ربما سيكون بمثابة مكافأة للجمهور في نهاية الفيلم، لكنه يُبقي القوس مفتوحًا أمام العديد من الأسئلة المعلقة حول ما آلت إليه مسارات حميد في النهاية. إن أشعار قباني ودياب ومفرداتهم العذبة الرقيقة والمتأرجحة حول أحلام الوطن والغربة تطارده وتحاصره طوال الفيلم - تمامًا كما تفعل أشباح الماضي – كي تذكره بما كان عليه يومًا ما وما الذي يجب أن يكونه الآن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مهرجان الجونة السينمائي أثر الأشباح المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة السينمائي
إقرأ أيضاً:
ناشئات الأهلي يفزن على الجونة بدوري الكرة النسائية
نجح فريق الناشئات لكرة القدم مواليد 2006 بالنادي الأهلي ، في الفوز على مضيفه فريق الجونة، بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، في المباراة التي أقيمت بين الفريقين اليوم على ملعب جمعية أحمد عرابي بمدينة العبور، ضمن منافسات بطولة الدوري.
واصل الفريق انطلاقته القوية بالمسابقة، محققًا انتصاره السابع على التوالي، ليصل إلى النقطة ٢١ محافظًا على صدارته لجدول ترتيب الدوري، وذلك بعد الفوز على إنبي في الجولة الأولى بثلاثية نظيفة، وعلى الطيران بأربعة أهداف مقابل هدف، وعلى مركز شباب الجزيرة بنتيجة 11-0، وعلى سنزو بسباعية نظيفة، وبالنتيجة ذاتها على المطرية، وعلى السكة الحديد بتسعة أهداف دون رد، مسجلًا 44 هدفًا فيما تلقت شباكه هدفين فقط.
خاض الأهلي المباراة بتشكيل مكون من: وفاء ربيع، رودينا عبد الرسول، شهد حمدي، ليلى سامي، ريم عمرو، ملك ماهر، أشرقت عادل، كاميليا الديب، هاجر ماجد، مريم جمال، مريم خميس.
وجلس على مقاعد البدلاء كل من: نورة هاني، شهد صبري، بسملة رضا، ماريل عماد، جنى حسين، حبيبة عصام، حبيبة عمر، سارة حسام، نور وائل، وشاركت حبيبة عصام بدلًا من ليلى سامي، وحبيبة عمر بدلًا من هاجر ماجد، وماريل عماد بدلًا من ريم عمرو، وجنى حسين بدلًا من مريم خميس، وبسملة رضا بدلًا من ملك ماهر.
تقدم فريق الجونة بهدف من ركلة ركنية في الدقيقة الثامنة من عمر الشوط الأول، ونجحت مريم عفيفي في إدراك التعادل في الدقيقة 50 من عمر المباراة من انفراد صريح بالمرمى، وبعد مرور خمس دقائق على هدف التعادل تقدم الأهلي بهدف عن طريق اللاعبة مريم خميس بعد متابعة لإحدى الكرات المشتركة بين مريم عفيفي وحارسة الجونة.
وفي الدقيقة 60، ومن مجهود فردي خالص، نجحت حبيبة عصام في تعزيز التقدم للفريق بإحراز الهدف الثالث بعد مرور رائع من بين الدفاعات لتسدد كرة أرضية قوية على يمين مرمى الجونة، ويفوز الأهلي بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد.