الإعلام الرسمي في مواجهة البدائل الموازية
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
علي بن سهيل المعشني
asa228222@gmail.com
شهدت السنوات الأخيرة تحولات جذرية في المشهد الإعلامي العالمي؛ حيث تراجع تأثير الإعلام الرسمي بالتزامن مع صعود الإعلام الموازي، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الإعلام الرسمي على مواكبة التطورات المتسارعة. فهل شاخ الإعلام الرسمي فعلا، وأصبح الإعلام الموازي البديل الجديد الذي يلبي احتياجات الجمهور الحديث؟
الإعلام الرسمي، الذي تمثله القنوات الحكومية والمؤسسات الإعلامية التقليدية، حافظ لعقود على دوره المحوري في نقل المعلومات وتشكيل الرأي العام، إلا أن صعود الإعلام الموازي أصبح يشكل دائرة واسعة جداً من التواصل والتأثير.
ويعتمد الإعلام الموازي على المنصات الرقمية مثل إكس (تويتر سابقًا) وفيسبوك ويوتيوب، وغيرها من منصات التواصل العالمية، الأمر الذي أتاح للجمهور العادي فرصة أن يصبح منتجاً للمحتوى ومؤثرا في الرأي العام. هذه الوسائل تتميز بالمرونة وسرعة نقل المعلومات، مما أكسبها جاذبية لدى الأجيال الشابة التي تفضل استهلاك الأخبار من مصادر غير تقليدية. كذلك، يعكس الإعلام الموازي نبض الشارع بطريقة آنية ويسمح بطرح قضايا لا يتطرق إليها الإعلام الرسمي، مما يعزز مكانته كوسيلة اتصال حرة.
لا يعني الحديث عن شيخوخة الإعلام الرسمي انتهاء دوره؛ بل يشير الى تحديات تتعلق بقدرته على التكيف مع واقع إعلامي جديد يتطلب السرعة والتفاعل الفوري. في الوقت ذاته، لا يزال الإعلام الرسمي يحتفظ بمكانته في تقديم الأخبار الموثوقة في الأزمات الكبرى، نظرا لاعتماده على مصادر دقيقة وخضوعه لقواعد تحرير صارمة. لكن استمرار اعتماده على الأساليب التقليدية دون الانفتاح على الأدوات الرقمية الحديثة قد يزيد من الفجوة بينه وبين جمهور بات يفضل استهلاك المحتوى عبر الإعلام الموازي.
الإعلام الموازي لا يخلو من مشكلات، أبرزها انتشار الأخبار الزائفة وسهولة التلاعب بالمعلومات. في ظل غياب الرقابة التحريرية الصارمة، قد يصبح هذا النوع من الإعلام ساحة لتداول الشائعات والتضليل. ومع ذلك، يشكل الإعلام الموازي فرصة لتعزيز حرية التعبير وتوفير منصات بديلة للتواصل، بعيدا عن قيود المؤسسات التقليدية.
وبدلا من اعتبار صعود الإعلام الموازي تهديدا للإعلام الرسمي، يمكن النظر إلى هذه الظاهرة على إنها فرصة للتكامل بين المؤسسات الإعلامية الرسمية والرقمية
لا يمكن القول إن الإعلام الرسمي قد شاخ بشكل كامل أو أن الإعلام الموازي سيكون بديلا مطلقًا له؛ بل إن الواقع الإعلامي اليوم يتطلب تحولا في الأدوار وأساليب العمل، حيث يجب على الإعلام الرسمي تبني أدوات الإعلام الرقمي لتعزيز حضوره، بينما يتعين على الإعلام الموازي الالتزام بأخلاقيات النشر للحد من فوضى المعلومات. في النهاية، التحدي الأكبر يتمثل في بناء بيئة إعلامية متوازنة تستفيد من إمكانيات الإعلام، الرسمي والموازي، بما يخدم الصالح العام ويعزز الوعي المجتمعي.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
العراق يواجه ازمات الاقتصاد بـ"الدينار الرقمي".. السوق الموازي مهدد بـ"الزوال"
الاقتصاد نيوز - بغداد
يستعد البنك المركزي العراقي، اطلاق الدينار الرقمي، للانتقال الى التحول الرقمي في إدارة العملة المحلية. والدينار الرقمي، هو عملة رقمية يصدرها البنك المركزي، تكون جزءًا رسميًا من النظام النقدي في الدولة، ويماثل الدينار التقليدي في قيمته، لكن يتم تداوله إلكترونيًا عبر محافظ رقمية أو تطبيقات مالية معتمدة، ويتميز بسهولة التحويلات المالية الفورية داخل الدولة أو عبر الحدود وتخفّف من الأعباء اللوجستية لإصدار العملة الورقية أو المعدنية، وتمكّن فئات أوسع من الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية. ويأتي هذا المشروع في ظل تحديات اقتصادية كبيرة يواجهها العراق، مثل الاعتماد الكبير على النقد الورقي، وظاهرة الاكتناز، ويهدف الدينار الرقمي إلى معالجة هذه التحديات من خلال توفير بديل رقمي آمن وفعال للنقد الورقي. وذكر محافظ البنك المركزي علي العلاق، في وقت سابق خلال كلمة القاها في مؤتمر ومعرض المالية والخدمات المصرفية، إن "النظام المالي والمصرفي، سيشهد تحولات جوهرية منها انحسار العملات الورقية لتحل محلها المدفوعات الرقمية للبنوك المركزية"، مبيناً أن "البنك المركزي يتحرك لإنشاء عملة رقمية خاصة به، لتحل تدريجياً محل العملية الورقية كما يجري في بعض البنوك المركزية في العالم". مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والمصرفية، والذي كان يشغل منصب نائب محافظ البنك المركزي في سنوات سابقة، مظهر صالح محمد، بين اهمية الدينار الرقمي وعلاقته بأسعار صرف الدولار في الاسواق المحلية. محمد وخلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز"، اكد أن الدينار الرقمي هو اتجاه عالمي في تطور نظم المدفوعات ولاسيما في توصيف الوحدات النقدية التي ستأخذ حقوقا رقمية تحمل قوة الابراء القانونية نفسها الصادرة عن السلطة النقدية والتي تحملها الاوراق النقدية في ابراء الذمم بكونها وحدات حساب وتبادل وخزن للقيم داخل المجتمع الاقتصادي الرقمي و عبر نظام معلومات شديد التطور والسرعة والدقة. وأضاف، سيجري التعامل بتلك الوحدات النقدية بشفافية عالية لتغطية مختلف المعاملات الحقيقية من السلع والخدمات فضلاً عن تسوية الالتزامات الصغيرة والكبيرة، لافتا الى أن العمليات التبادلية ستسجل جميعها بشكل شفاف بين المتعاملين لغاية شراء رغيف الخبز وتحت اشراف السلطة النقدية وبذلك تنهي الاستعمالات الغامضة او غير القانونية للنقود الى الابد. وبشأن علاقة الدينار الرقمي بأسعار الصرف، بين مستشار السوداني، ان سعر الصرف الرسمي سيكون هو السعر السائد والوحيد وهو سعر الصرف الرقمي الذي تعتمده السياسة النقدية وستختفي السوق الموازي بشكلها الحالي؛ لأنه من الصعب اختراع سوق ثانوية رقمية تجري عملياتها خارج سيطرة السلطة النقدية الرقمية ولكن قد تظهر اسواق رقمية ربوية بين المتعاملين انفسهم. واشار الى أن النظام النقد الرقمي يوفر للجهاز المصرفي السيولة الرقمية النقدية الكافية لمنح القروض دون التحفظ بمشكلات مخاطر السيولة داخل الأسواق المصرفية وهو امر يشجع المستثمرين على الاقتراض بيسر ويرفع من مستويات النمو الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة، فضلاً عن سهولة الوصول الى التبادلات الرقمية العالمية في التسديد والتسويات العالمية. "ادخال العملة الرقمية يحتاج امرين"، بحسب مستشار رئيس الوزراء، موضحا أن الامر الاول يتمثل بوجود ثقافة عالية في النظام النقدي الرقمي من جانب الجمهور، اما الثاني فيرتبط بتوفر بنية تحتية متطورة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتقنية البيانات تتطور بمرور الزمن دون توقف. واشار الى ضرورة وجود بنية تحتية قانونية تحمي المعاملات بالنقد الرقمي لاسيما في حماية حقوق المتعاملين في دخولهم وثرواتهم وهو ما يوفره الأمن السيبراني ازاء اية اختراقات رقمية خطرة". وتطرح الكثير من التساؤلات حول الدينار الرقمي واختلافه عن العملات المشفرة، وهو ما يجيب عنه الخبير بالشأن الاقتصادي زياد الهاشمي. ويشير الهاشمي الى "فرق كبير" بين العملات الرقمية والعملات المشفرة: "الأولى تصدر وتُنظم من قبل البنوك المركزية مثل الدولار الرقمي والدرهم الرقمي، بينما العملات المشفرة مثل "البتكوين" لا تخضع لأي جهة رسمية وتعتمد قيمتها على العرض والطلب، ما يجعلها شديدة التقلب". وقال، أن البنك المركزي العراقي في حال أصدر الدينار الرقمي سيكون هو الجهة الوحيدة التي تتحكم في إصدار وتوزيع العملة الرقمية، ما يسهل عمليات الرقابة ومنع الجرائم المالية، على عكس العملات المشفرة التي تعمل بنظام لا مركزي يصعب التحكم فيه. واشار الى أن الدينار الرقمي سيكون مدعوماً بالكامل من البنك المركزي وله قيمة مستقرة نسبياً، مثل العملة الورقية، لكنه سيتداول إلكترونياً فقط عبر الحسابات والمحافظ المصرفية، ما يساهم في تقليل استخدام النقد الورقي، وتحقيق الشمول المالي، فضلاً عن طريق تقليل الاعتماد على الدولار في التعاملات اليومية. ونبه الهاشمي إلى أن الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو التخلص من ظاهرة الاكتناز النقدي، حيث يحتفظ المواطنون بمبالغ كبيرة خارج المصارف بسبب ضعف الثقة بالجهاز المصرفي، الأمر الذي يعيق حركة الأموال ويؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي. وإذا تم تنفيذ المشروع بشكل جيد، يمكن للدينار الرقمي أن يساهم في سحب السيولة المكتنزة وتنشيط حركة الإقراض والائتمان.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام