علي بن سهيل المعشني 

asa228222@gmail.com

 

شهدت السنوات الأخيرة تحولات جذرية في المشهد الإعلامي العالمي؛ حيث تراجع تأثير الإعلام الرسمي بالتزامن مع صعود الإعلام الموازي، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الإعلام الرسمي على مواكبة التطورات المتسارعة. فهل شاخ الإعلام الرسمي فعلا، وأصبح الإعلام الموازي البديل الجديد الذي يلبي احتياجات الجمهور الحديث؟

الإعلام الرسمي، الذي تمثله القنوات الحكومية والمؤسسات الإعلامية التقليدية، حافظ لعقود على دوره المحوري في نقل المعلومات وتشكيل الرأي العام، إلا أن صعود الإعلام الموازي أصبح يشكل دائرة واسعة جداً من التواصل والتأثير.

ويعتمد الإعلام الموازي على المنصات الرقمية مثل إكس (تويتر سابقًا) وفيسبوك ويوتيوب، وغيرها من منصات التواصل العالمية، الأمر الذي أتاح للجمهور العادي فرصة أن يصبح منتجاً للمحتوى ومؤثرا في الرأي العام. هذه الوسائل تتميز بالمرونة وسرعة نقل المعلومات، مما أكسبها جاذبية لدى الأجيال الشابة التي تفضل استهلاك الأخبار من مصادر غير تقليدية. كذلك، يعكس الإعلام الموازي نبض الشارع بطريقة آنية ويسمح بطرح قضايا لا يتطرق إليها الإعلام الرسمي، مما يعزز مكانته كوسيلة اتصال حرة.

لا يعني الحديث عن شيخوخة الإعلام الرسمي انتهاء دوره؛ بل يشير الى تحديات تتعلق بقدرته على التكيف مع واقع إعلامي جديد يتطلب السرعة والتفاعل الفوري. في الوقت ذاته، لا يزال الإعلام الرسمي يحتفظ بمكانته في تقديم الأخبار الموثوقة في الأزمات الكبرى، نظرا لاعتماده على مصادر دقيقة وخضوعه لقواعد تحرير صارمة. لكن استمرار اعتماده على الأساليب التقليدية دون الانفتاح على الأدوات الرقمية الحديثة قد يزيد من الفجوة بينه وبين جمهور بات يفضل استهلاك المحتوى عبر الإعلام الموازي.

الإعلام الموازي لا يخلو من مشكلات، أبرزها انتشار الأخبار الزائفة وسهولة التلاعب بالمعلومات. في ظل غياب الرقابة التحريرية الصارمة، قد يصبح هذا النوع من الإعلام ساحة لتداول الشائعات والتضليل. ومع ذلك، يشكل الإعلام الموازي فرصة لتعزيز حرية التعبير وتوفير منصات بديلة للتواصل، بعيدا عن قيود المؤسسات التقليدية.

وبدلا من اعتبار صعود الإعلام الموازي تهديدا للإعلام الرسمي، يمكن النظر إلى هذه الظاهرة على إنها فرصة للتكامل بين المؤسسات الإعلامية الرسمية والرقمية

لا يمكن القول إن الإعلام الرسمي قد شاخ بشكل كامل أو أن الإعلام الموازي سيكون بديلا مطلقًا له؛ بل إن الواقع الإعلامي اليوم يتطلب تحولا في الأدوار وأساليب العمل، حيث يجب على الإعلام الرسمي تبني أدوات الإعلام الرقمي لتعزيز حضوره، بينما يتعين على الإعلام الموازي الالتزام بأخلاقيات النشر للحد من فوضى المعلومات. في النهاية، التحدي الأكبر يتمثل في بناء بيئة إعلامية متوازنة تستفيد من إمكانيات الإعلام، الرسمي والموازي، بما يخدم الصالح العام ويعزز الوعي المجتمعي.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تنظيم شركات الصرافة.. هل بدأ ترويض السوق الموازية؟

أعلن مصرف ليبيا المركزي عن فتح باب التقديم الإلكتروني لطلبات الحصول على الموافقة النهائية لإنشاء شركات ومكاتب صرافة جديدة، وذلك من خلال موقعه الرسمي.

وكان مصرف ليبيا المركزي قد أعلن في منتصف أكتوبر الماضي فتح باب تقديم طلبات إنشاء شركات ومكاتب صرافة جديدة، وذلك لمن حصلوا على الموافقة المبدئية من قبل المصرف.

وبين المصرف المركزي أن هذا الإجراء يأتي في إطار تنظيم عمليات بيع وشراء النقد الأجنبي عبر الجهات القانونية والمرخص لها بالتعامل بالنقد الأجنبي.

كما أشار المركزي إلى أن هذه الخطوات اتخذت لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والقضاء على ظاهرة التشوه في سوق النقد الأجنبي، والتحكم في سعره واستقراره.

ويشهد السوق الموازي تقاربا كبيرا بين سعر الصرف الرسمي والموازي للدولار عند حدود الستة دنانير، وذلك منذ حلحلة أزمة المحافظ وبدء الإدارة الجديدة مهامها، وسط إعلان المركزي خطة لضخ سيولة قدرها 15 مليار دينار في المصارف.

المصدر: مصرف ليبيا المركزي

الصرافةرئيسيمصرف ليبيا المركزي Total 0 مشاركة Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • التخلص من الكربون بالهيدروجين يثير الجدل.. وهذه البدائل أقل تكلفة
  • نصية: السوق الموازي ضعيف وهش ويتأثر بالمعلومات الكاذبة
  • تنظيم شركات الصرافة.. هل بدأ ترويض السوق الموازية؟
  • المنظمة البحرية الدولية IMO تزور المركز الإقليمي البحري في عدن للاطلاع على نشاطاته
  • الحلبي: أي تحرك للامتناع عن مباشرة التعليم سيلحق ضررا بالغا في التعليم الرسمي
  • رابطة المتعاقدين في الأساسي الرسمي: لبدء العام في موعده
  • عودة التعليم الرسمي والاثنين المقبل على المحكّ
  • أمانة الاتصالات بـ"مستقبل وطن" تبحث خطة قياس جودة الشبكات على مستوى المحافظات
  • تحذير من غضب الشارع: هل سيكون قانون العفو فرصة للفاسدين؟
  • تعظيم إدارة السمعة في الأزمات