مشاهد من خلف أسوار "بيت المتوني"
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
حمود بن علي الطوقي
لم أتوانَ عن تلبية الدعوة عندما طرح أحد الإخوة فكرة زيارة زنجبار، والتعرف على معالم وآثار الوجود العُماني في جمهورية تنزانيا، وزنجبار على وجه الخصوص، وزيارتي لزنجبار وتنزانيا تعتبر الثانية؛ فالزيارة الأولى كانت في عام 2019 ضمن وفد غرفة تجارة وصناعة عُمان.
زرتُ وقتها دار السلام العاصمة السياسية وزنجبار؛ حيث الوجود العُماني الأبرز في هذه الجزيرة التي ما زالت محافظة على الآثار والإرث العُماني.
أعود إلى زيارتي الحالية برفقة الإخوة الأعزاء، فمنذ الوهلة الأولى وما أن تطأ قدماك أرض زنجبار يمكنك أن تحكم على صلابة ومكانة الوجود العُماني في أرخبيل هذه الجزيرة. وقد زرتُ برفقة إخواني كل من المدن التنزانية مثل إقليم تانجا ومحافظة أروشا وولاية لوشوتو ومحمية جوروونجور؛ حيث يمتد الوجود العُماني في كل شبر من تنزانيا.
لا يحتاج الزائر لتنزانيا إلى جهد كبير لاكتشاف الوجود العُماني في أرخبيل زنجبار، فإذا اخترت مقر إقامتك ليكون في "ستون تاون" سترى الحضور العُماني بارزًا وأنت تتجول في الأسواق وبين الأزقة في منطقة شانجاني والفرضة ويطلق على الفرضة باللغة المحلية (فرضاني). ويمتد تاريخ الوجود العُماني في زنجبار إلى قرون مضت، وتحديدًا في القرن السابع عشر عندما بدأت سلطنة عُمان بمد نفوذها إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، وبرز دور زنجبار كجزء من الإمبراطورية العُمانية. وتطورت العلاقة العُمانية بزنجبار مع انتقال السلطان سعيد بن سلطان، حاكم عُمان، إلى زنجبار عام 1832؛ حيث جعل منها عاصمة لإمبراطوريته على الساحل الشرقي لأفريقيا. تحت قيادته، تحولت زنجبار إلى مركز تجاري مهم يربط بين الشرق والغرب، وساهم في تعزيز الوجود العُماني في المنطقة من خلال تمكين وتشجيع التجارة والثقافة.
تشير المصادر العُمانية لمساهمة العُمانيين في تطوير زنجبار على الصعيدين الاقتصادي والثقافي؛ حيث كان لهم الفضل في جلب التقنيات الزراعية الجديدة وعرفت زنجبار زراعة القرنفل التي أصبحت فيما بعد من أعمدة اقتصاد زنجبار. كما شارك العُمانيون في التجارة البحرية؛ إذ كانت زنجبار محطة مهمة لتجارة العاج والتوابل، مما أدى إلى زيادة ثروات الجزيرة وازدهارها.
كون الوجود والحكم العُماني في زنجبار يهتم بالجوانب التجارية والثقافة فقد أثرت هذه السياسة والاستراتيجية بعمق في الحكم العُماني في زنجبار، كما أخبرني أحد الإخوة العُمانيين الذين التقيت بهم في زنجبار؛ حيث حدثني عن كثيرٍ عن العادات والتقاليد العُمانية التي شكلت جزءًا كبيرًا من الحياة اليومية في الجزيرة. وما زالت هذه العادات متوارثة بين الأجيال، على الرغم من أن عددًا كبيرًا لم يَزُر عُمان بسبب عدم حصوله على الجنسية، إلّا أن هؤلاء العُمانيين مُلتزمين بالمحافظة على هذا الإرث العُماني، وأيضا يحرصون على تعلم اللغة العربية من خلال جمعية الاستقامة العُمانية التي أنشأت مدارس ومعاهد ومدارس لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية وعندما تتجول في الأزقة في منطقة شنجاني ستشاهد انتشار العمارة العُمانية في المباني والأسواق. هذا التداخل الثقافي انعكس في المجتمع الزنجباري الذي يحتفظ حتى اليوم بعناصر من الثقافة العُمانية في اللغة والعادات وحتى في الطعام.
وعلى الرغم من الغزو التنجانيكي الغاشم الذي أدى الى إنهاء الحكم العُماني عام 1964 ورغم التحولات السياسية، ولكن ما زال الوجود العُماني حيًا في زنجبار من خلال التأثيرات الثقافية العميقة والعلاقات التاريخية التي تربط الشعبين العُماني والزنجباري.
المطلوب الآن أن نكثف جهود تعزيز مستوى هذه العلاقات بين البلدين، ونعمل على دعم التجارة البينية وتسهيل انتقال الإخوة في زنجبار من الوصول إلى عُمان بعدما تقطَّعت بهم السبل وظلوا في ذلك البلد، فقد رأيناهم مُلتزمين بالتمسُّك بعاداتهم العُمانية؛ فهؤلاء يقودهم الشوق والحنين لزيارة أهاليهم والتعرف على بلدهم الأم سلطنة عُمان، وفهذه الأمنية هي مطلب الجميع ممن ظلوا في زنجبار ولم تُتح لهم فرصة العودة إلى عُمان الحبيبة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ملتقى الأعمال العُماني السعودي يناقش تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية
مسقط - العُمانية
تنظم غرفة تجارة وصناعة عُمان ممثلة بمجلس الأعمال العُماني السعودي بمسقط يوم الأربعاء المقبل ملتقى الأعمال العُماني السعودي المشترك، ويستمر يومين.
وسيتم خلال الملتقى، مناقشة سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية، إلى جانب بحث فرص زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين، لا سيما في المشاريع القائمة.
وأشار الشيخ علي بن حمد الكلباني رئيس الجانب العُماني في مجلس الأعمال العُماني السعودي إلى أن الملتقى يعكس حرص قيادتي البلدين على تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود، من خلال وضع رؤى واضحة لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين الشقيقين.
وأوضح أن الملتقى يأتي في إطار التنسيق المستمر بين القطاع الخاص في البلدين لاستكشاف الفرص الاستثمارية المجدية، واستعراض متطلبات تعزيز التجارة البينية، بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة ودعم مسيرة النمو الاقتصادي في البلدين.